![]() |
غلق |
![]() |
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: حميد طولست |
رمضان ليس للتجويع ولكن لإعادة رمجة النفوس وإعدادها !
الإيمان لا يقاس بالزمان و لا بالمكان و لا بالمظاهر، فهو أمر باطني بامتياز ، لا يستطيع غير الله التمييز بين المؤمن من الناس وغير المؤمن ، فلا العمائم المنتفخة يمكنها أن تصنع المؤمن الحق ، ولا الخلابيب القصيرة ،ولا اللحى الطويلة ، ولا زبية الصلاة البارزة ، ولا نقاب وجه المرأة ، ولا شدة سواد غطاء شعر رأسها ، ولا حتى صيام يومي الإثنين والخميس والاعتكاف في المساجد ، وغيرها كثير من مظاهر التعبد الرمضانية المبالغ فيها ، بقادرة على استشعار المرء بحقيقة الإيمان ، غير الإحساس الإنساني النابع من رقي معاملة الأغيار ، والتحضر في التعامل معهم واحترام مشاعرهم ، بدليل "الدين المعاملة" والتي هي من أهم صور الإيمان وأبرز مداخله التي ألزم الله عباده بها نحو بعضهم البعض ، والتي نجد أنها مع الأسف، اختفت بشكل كامل من حياة غالبية المسلمين ، وبرزت بالمقابل ، وبجلاء تام، في سلوكيات الغربيين الحضارية وتعاملاتهم المتحضرة مع غيرهم- حتى المخالفين لهم في الرأي والفكر والعقيدة- السلوك الذي ينم عن تشبعهم بمنظومة أخلاقية راقية ومتكاملة ، والتي يدعي الكثير من دهاقنة رجال الدين وشيوخه وفقهائه ودعاته ، بأنها صناعة إسلامية ، ويتبجحون بالقول - وما أظنه إلا مجرد قول- بأن الغربيين تعلموها من المبادئ والقيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام لتربية الإنسان المسلم على الفضائل، وتهذيب سلوكه، وتليين نفسه ، وتطهير روحه ، وتنقية قلبه ، وتقوية ضميره ، وتعليمه كيف يلتزم الأدب والذوق في أقواله وأفعاله نحو نفسه وغيره ، والتي فشلت الغالبية العظمى من المسلمين في تعلمها والتحلي بها ، رغم تضمن جل العبادات لروحها وفلسفتها ، وعلى رأسها الصيام -الذي نعيش هذه الأيام أجواءه المتميزة - وما تقدمه مدرسته من دروس عملية في التربية الدينية والنفسية والاجتماعية، وبناء وتطوير المجتمعات وبناء الأمم واستمراريتها ، والتي عجز المسلمون عن استثمارها لتحقيق ما يبغيه الشارع الإسلامي من أغراض الصيام الحميدة، التي تختزل كل مقاصد وأهداف الشريعة الإسلامية ، في فلسفته ومقاصده الجزئية ، ببعديها الداخلي ، الذي يجرد النفس من هواها ، ويخلص الباطن من شوائب الشرك والخضوع لغير الله ، والخارجي المتجسد في وربط بجوع الصائم ، في ذروة شهر رمضان ، بفعل الخير والصلاح والعطاء والإحسان والإطعام الذي يشمل البؤساء والجائعين وكل من ضاق ذرعاً من شغف الحياة وكدورتها ، وذلك ابتغاء لوجه الله تعالى ، ووفاءً لحق الإنسان على أخيه في الوطن، مسلما كان أو غير مسلم ومن أي بلد كان حول العالم . الأمر الذي يدفع للحيرة والتساؤل لماذا لم يحدث ذلك ؟ ومن المسؤول على تحريف الصيام عن سمو أهدافه ورفعة غاياته ، حتى تحول لمجرد إمساك عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص ، كأي عمل غريزي أعمى وأجوفَ لا قيمة له، يُنتظر التخلص من ألمه البدني وشقائه الجسدي ، شوقا للعودة إلى مألوف التشرذم والتنابذ والتناحر والتباغض والتكاره والضغائن والأحقاد والانقسام والتلاعن والتكفير والشتائم والسباب، كما عبر على ذلك الشاعر بقوله :
|
|
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
|||
|
نسخة قابلة للطباعة
![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |