مقاومة النّقابات الفاشيّة


إبراهيم العثماني
الحوار المتمدن - العدد: 7137 - 2022 / 1 / 15 - 00:34
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

[انعقد المؤتمر الثّالث للأمميّة النّقابيّة الحمراء بموسكو في شهر جويلية سنة 1924 وعالج جملة من المسائل منها المهام المباشرة للحركة النقابيّة الثّورية، والنّضال في سبيل وحدة الحركة النقابيّة الأمميّة، وإستراتيجية الإضرابات، ومسائل اجتماعيّة مثل" النّضال في سبيل يوم عمل بثماني ساعات كحدّ أقصى، ومسائل أخرى عديدة ومتنوّعة وعلى درجة كبيرة من الأهمية في تلك اللّحظة. وقد ارتأينا أن ننقل للقارئ العربي المسألة المتعلّقة بالنّقابات الفاشيّة والموسومة ب La lutte contre les syndicats fascistes . وقد اعتمدنا الطبعة الفرنسية الصّادرة عن مكتبة العمل Librairie du travail. ويقع النّصّ بين ص 62-66. [إبراهيم العثماني]
-----------------------------

الفاشيّة ظاهرة برزت بعد الحرب لا يجب الخلط بينها وبين الأشكال التّقليديّة للرّجعية البورجوازيّة.
يمكن اعتبار الفاشيّة تنظيما مسلّحا للبورجوازيّة يبحث عن قاعدته في تجنيد الطّبقات الوسطى لمّا أصبحت الحرب الأهليّة ضروريّة.
الفاشيّة والدّيمقراطيّة هما شكلا الدكتاتورية البورجوازيّة الّتي لا يمكن دحرها إلاّ بالحركة الثّوريّة العامّة المفضية إلى دكتاتورية البروليتاريا.

1- الشّروط المسبقة لوجود الفاشية تكمن:
أ‌- في الأزمة العامّة للنّظام الاقتصادي الرّأسمالي
ب‌- في كون البروليتاريا لم تنجح في الاستيلاء على السّلطة لمّا كانت الظّروف سانحة لذلك
ج- في تردّد الاشتراكيّة الدّيمقراطيّة وخياناتها وفي سياستها الخاطئة تجاه البورجوازية الصّغيرة وبالخصوص الفلاّحين.

2- تعتمد الحركة الفاشيّة أساسا على:
أ‌- البورجوازية الصّغيرة الفلاّحية والصّناعيّة، وموظّفي الدّولة، والموظّفين وجزء من العمّال غير المختصّين وغير الواعين.
ب-ضبّاط الجيش النّشيط المسرّحين بعد إعلان الهدنة وكلّ الطّغمة العسكريّة الّتي وجدت نفسها محرومة من امتيازاتها بعد إحلال السّلم.
ج-المنظّمات القوميّة للمكافحين القدامى والطّلبة.
د- النّزاعات القوميّة داخل البلدان.

3- إنّ أنجع وسيلة لمقاومة الفاشية تتمثّل في تقويض الأسس الّتي تقوم عليها والّتي تمّ تعديدها في الفقرة الثالثة.
أ‌- دعم، بواسطة منظّمات نقابيّة صًلبة، المطالب الاقتصاديّة للفلاّحين والعملة الفلاحيين الّتي قد لا تُلبّى إلاّ بالوحدة الوثيقة بين الرّيف والبروليتاريا الصّناعيّة في النّضال لتقويض الرّأسمالية.
ب‌- دعم المطالب الاقتصاديّة للموظّفين وتجميعهم في المنظّمات النّقابيّة الطّبقيّة.
ج-الدّفاع عن مصالح العمّال والبورجوازيّة الصّغيرة المجمّعين في جمعيّات المكافحين القدامى.
د- التّطبيق الحازم لقرارات أ.ن.ح.المتعلّقة بضرورة الوحدة النقابيّة وذلك بالتّغاضي عن الاختلافات القوميّة ( تشيكسلوفاكيا، يوغسلافيا، بولونيا...إلخ).
هـ-تنظيم العاطلين عن العمل، والدّفاع القويّ عن مصالحهم، تجنّب ابتعادهم عن نقاباتهم، فعلى أنصار أ. ن. ح. أ ن يعملوا بكلّ ما أوتوا من قوّة على تطبيق المقرّرات المتّصلة بالعاطلين عن العمل المصادق عليها في مؤتمرات أ.ن. ح.

4- تستجيب النّقابات الفاشيّة للضّرورة كلّما وجدت البورجوازيّة نفسها[مضطرّة] إلى منع كلّ حركة جماهيريّة، وكلّ عمل، ونشاط بروليتاري منظّم.
شعار أنصار أ.ن.ح. يجب أن يكون:
"تقويض النّقابات الفاشيّة"
وهذا الشّعار قد يتحقّق بالنّضال المسلّح المباشر وبإعادة بناء النّقابات الطّبقيّة.
وسيتحقّق النّضال المسلّح المباشر بتكوين مركزيّات عمّاليّة وبالتّنظيم العامّ للدّفاع الذّاتي والهجوم البروليتاريين.
وللحصول على إعادة بناء النّقابات الطّبقيّة يجب:
أ – رفع شعار:"غادر النّقابات الفاشيّة والتحق بالنّقابات الطّبقيّة..."
ت‌- ساند في جميع البلدان، مثل إيطاليا، حيث تسمح الظّروف بذلك، تأسيس نقابات مستقلّة، كمرحلة انتقاليّة بين مغادرة النّقابات الفاشيّة والانضمام إلى س.ج.ت.
ث‌- ادفع النّقابات الفاشيّة في مسار الصّراع الطّبقي بواسطة عمل الجماهير، دعّم هذه الأعمال واستفد منها حتّى وإن كانت تقودها النّقابات الفاشيّة.
د- كثّف عمل النّويات الثّوريّة داخل النّقابات الفاشيّة، وعناصر هذه النّويات ستحاول بالخصوص الحصول على [حقّ] انتخاب الأجهزة المسيّرة على جميع الأصعدة ومشاركة الجماهير النّقابيّة في جميع تظاهرات الحياة النّقابيّة. وعندما نكون قد منحنا النّقابات الفاشيّة حياة نقابيّة تكون هذه النّقابات قد عاشت...
هـ-محاولة تحقيق، في النّقابات الفاشيّة حيث تساهم البورجوازيّة الصّغيرة في الحياة النّقابيّة، مطالبها ضدّ الملاّكين الكبار وضد الدّولة.

5- إنّ تفكّك الطّبقة العاملة وضع من أفضل الأوضاع الملائمة لتطوّر الفاشيّة. وهذا الانقسام تشجّعه الاشتراكيّة الدّيمقراطيّة الّتي لا تعرف إلاّ تكتيك الدّفاع السّلبي والنّضال الجزئي والتّعاون [ الطّبقي] المكشوف أو المقنّع. ولهذا السّبب يجب أن تنصبّ كلّ الجهود على تحقيق وحدة جبهة الطّبقة العاملة، دون أن نستثني لخوض النّضال، العمّال الفاشيّين أنفسهم.

6- إنّ إحدى الوسائل الأكثر فاعليّة لتحقيق وحدة البروليتاريا وتجنيد جماهير العمّال ضد الفاشيّة والإصلاحيّة تتمثّل في إنجاز عمل مكثّف لفائدة لجان المصانع، وبالخصوص عندما نقوم بعمل فعّال في صلب الطّبقة العاملة وفي أماكن العمل نفسها سنصل إلى النّهوض بنقابات الصّراع الطّبقي الّتي دمّرتها الفاشيّة.
وإن أصبح الانتماء الإجباري إلى النّقابات الفاشيّة والاعتراف بها من حيث هي أجهزة قانونيّة أمرا تفرضه الدّولة فإنّ واجب أنصار أ.ن.ح. هو تنظيم العناصر الثّوريّة تنظيما قويّا ،من الدّاخل، لتقويض هذه الأجهزة. وعلى أنصار أ.ن.ح. أن يولوا تنظيم العمّال المهاجرين عناية خاصّة للتّصدّي للدّعاية الفاشيّة.
يلحّ المؤتمر على ضرورة جمع المواد المتّصلة بالفاشيّة والقيام بحملة تحرّك واسعة مناهضة للفاشيّة.
إنّ الوسيلة الأكثر فاعليّة للدّعاية هي طبع منشورات صغيرة مثيرة للانتباه وفيها ستُدان جرائم الفاشيّة لإثارة وعي البروليتاريا الأممي.