الفصــــل العــــــــــاشر والعكـــــــــاكيز الــنقــــــــابية
إبراهيم العثماني
الحوار المتمدن
-
العدد: 7368 - 2022 / 9 / 11 - 04:41
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
مقـــــــــــــــــدّمة:
ممّا لاشكّ فيه أنّ للقضايا الخلافيّة أنصارا وخصوما في آن واحد، أنصارا يدافعون عنها ويردّون هجمات المناوئين لها ويبرزون إيجابيّاتها، وخصوما يكشفون ما يرونه عيوبا ويتوسّلون بشتّى الحجج لتدعيم مواقفهم وتفنيد آراء الآخرين. يقودنا هذا التّقديم إلى "بيت القصيد" ونعني بذلك الجدل الدّائر حاليّا حول الفصل العاشر [يحدّد النظام الداخلي في هذا الفصل عدد الترشّحات لعضويّة المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بدورتين فقط] وكيفيّة تناوله واختلاف وجهات النّظر بشأنه. وسنركّز في هذا المقال على ردود خصوم هذا الفصل. فكيف رفضت بعض الأقلام هذا الفصل؟ وبم برّرت رفضها؟
I - جريدة "الشّعب" والرّهانات الفاشلة:
لمّا فتحت أسرة" الشّعب" الجريدة أمام القرّاء ليناقشوا أهمّ القضايا المطروحة أمام النقابيين والشغالين (نظام التّقاعد، الصّناديق الاجتماعيّة، هيكلة الاتحاد....) قوبلت هذه الدّعوة بفتور كبير تترجمه المساهمات القليلة الّتي نُشرت إلى حدّ الآن وتعكسه الكتابات الهزيلة باستثناء الدّراسة المعمّقة والقيّمة للجيلاني الهمّامي (انظر "الشّعب" عدد 1102 / السبت 27 نوفمبر 2010 /ص 12/13). وسننظر في هذه الكتابات لتدعيم ما قلناه.
1 – الفصل 10 باطل وما بني على باطل فهو باطل للمنصف بلحولة، النقابة العامّة لعملة التّربية، جريدة "الشّعب" عدد 1097،23 أكتوبر 2010 ص 19.
بدأ المنصف بلحولة مقاله باستعراض مسيرته النقابية التي تزيد عن 36 سنة من بينها 10 سنوات وهو مقرّر اللجنة الوطنية للنّظام وكأنّه يريد أن يقنع القرّاء بأنّه الخبير الأوّل بشؤون الاتحاد والعارف لخفاياه. فهو نقابي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي نقابي تنطق به التّجربة الطّويلة والدّراية العميقة بأوضاع الاتحاد. وبعد هذه التّوطئة الّتي تفوح منها رائحة النّرجسيّة والادّعاء والغرور يدخل السيد منصف بلحولة إلى صلب الموضوع ويقدّم قراءته الخاصّة للظّروف الّتي أفرزت الفصل العاشر فيقول:"وجاء مؤتمر جربة الاستثنائي سنة 2002 ولابدّ من تقديم جرعة دواء أو "حربوشة" لإسكات الأصوات المعارضة وترضيتهم في خضمّ الأزمة الّتي استفحلت ويجب إيقاف نزيفها".
إنّ ما يُفهم من هذا الكلام هو أنّ إقرار الفصل 10 منّة من قيادة الاتحاد تكرّمت بها على أبنائها الغاضبين المتنطّعين "لتلطيف" خواطرهم وترضيتهم حتّى يخفّفوا من انفعالهم، ولعلّه يريد أن يقول إنّه آن الأوان لاسترجاع هذه "الحربوشة" بعد زوال حالة الغضب ونسي أنّ الفصل 10 يحيل إلى مسألة الديمقراطيّة النقابية التي تعدّ من أعقد المسائل في تاريخ الاتحاد منذ أكثر من نصف قرن لأكثر من سبب:
أ –طُرحت مسألة الديمقراطية النقابية منذ سنة 1956 أي منذ أن رفضت السّلطة الحاكمة مقررات المؤتمر السّادس (ديسمبر 1956) ودبّرت انقلابا على القيادة الّتي أفرزها المؤتمر ودعت إلى مؤتمر استثنائي انعقد يوم 22 سبتمبر سنة 1957 وعوّضت أحمد بن صالح بأحمد التليلي. وبذلك كرّست السلطة هيمنتها على الاتحاد وتدخّلها في شؤونه الدّاخلية فصار هيكلا تابعا لها منذ تلك اللّحظة ففقد استقلاليّته وغابت عنه الممارسة الديمقراطية.
ب – ظلّت قيادات الاتحاد تناهض كلّ نفس ديمقراطي ناقدا سلوكها ومواقفها طوال عقود متعاقبة ملتجئة إلى التّشويه والتّجميد والتجريد والتواطؤ مع السّلطة والزّج بالنقابيين في السّجن والتّشفّي منهم (فترات السبعينات والثمانينات والتسعينات).
ج – عرف الاتحاد في فترة إسماعيل السحباني في التسعينات منعرجا خطيرا إذ غاب أيّ نفس ديمقراطي وكادت القيادة تجهز على أي نفس نضالي وضاعت استقلاليته نهائيّا واختلس الأمين العام ماليّته وانتهى به الأمر إلى السّجن.
د – الفصل العاشر هو إذن مطلب نقابي قاعدي وتعبير عن رغبة النقابيين بصفة عامّة ومؤتمري جربة بصفة خاصّة في دمقرطة منظّمتهم الّتي فداها حشاد بروحه والتي أصبحت مرتعا للانتهازيين من أمثال إسماعيل السحباني وأضرابه. إنّ الغاية من إقرار الدّورتين هي قطع الطّريق أمام العناصر التي تعمر طويلا في المسؤولية فتكتسب خبرة في تخريب الاتحاد، وهي أيضا تكريس لسنّة التداول على تحمّل المسؤولية واستجابة لشعار "التّصحيح النقابي" الّذي رُفع في تلك الفترة ومدخل إلى تكربس الاتحاد استقلاليته تدريجيّا. فالقضيّة أعمق من "جبر الخواطر" كما فهم بلحولة الأمر.
ويشير السيد بلحولة إلى" أنّ الفصل 10 يحدّ من طموحات الكوادر النقابيّة الّتي تمرّست في المسؤولية النقابية واكتسبت الخبرة في معالجة بعض الملفّات ولا تزال قادرة على العمل والفعل". نعم الفصل 10 سيحدّ من طموحات عناصر تريد أن تحافظ على كراسيها مدى الحياة لا لمعالجة الملفات الحارقة وتقديم الإضافة المرجوّة إلى العمل النقابي والدّفاع عن الحريات الفردية والعامة والوقوف إلى جانب المنظّمات المستقلّة والمقموعة الآن مثل الرابطة وجمعية القضاة ونقابة الصحافيين والاتحاد العام لطلبة تونس بل لمزيد تحقيق مصالحها الفردية وتدجين المنظمة وتشويه العمل النقابي وخدمة مشاريع السلطة الحاكمة. وماذا ينتظر النقابيون من بيروقراطية متكلّسة أفرغت الاتحاد من نضاليته وديمقراطيته وحوّلته إلى جهاز إداري؟ ثم لماذا نحصر العمل النقابي في مجموعة قليلة دمّرت العمل النقابي طيلة عقود وتواطأت مع إسماعيل السحباني وفعلت ما فعل؟ وهل خلا الاتحاد من عناصر مناضلة ونزيهة وقادرة على إفادة الاتحاد؟ أليست المسؤوليّة تداولا وتفاعلا بين الأجيال والمناضلين وتشجيعا للطاقات الشابّة؟ ورغم بؤس هذه القيادة الجاثمة على قلوب النقابيين منذ عقود يفتي السيد بلحولة ليطيل عمرها.
ولا يكتفي بذلك بل نجده يؤكّد أن الفصل 10 باطل لأنّه أقرّ في مؤتمر استثنائي ليس من صلاحيّاته تعديل قوانين الاتحاد. هكذا يختزل المسألة في جانبها الشّكلي ويهمل أهمية هذا الفصل الّذي سيكون مدخلا إلى استقلالية المنظّمة واستعادة نضاليتها المفقودة.
وتستوقفنا فقرة كتبت بلغة تستعمل عادة لتأبين الموتى ومن ثمّ تحوّلت هذه المساهمة إلى مناحة ونديب. يقول"المنظّمة النقابية التونسيّة لها رجالها ومناضلوها ولا يمكن أن تتنكّر لمن يعمل بصدق. فالوفاء النقابي للمناضلين الصّادقين والمخلصين لا يحدّده فصل مثل الفصل 10". لا يدري القارئ هل يعي صاحب المقال ما يكتب؟ فهذا الكلام يقال عند إحياء ذكرى مناضلين ولا يقال عند الحديث عن الأحياء. والغريب في الأمر هو أنّ صاحبنا يمارس العمل النقابي منذ 36 سنة وهو لا يفرّق ، إلى حدّ الآن، بين الرّثاء والمدح.
ثمّ ينتقل من الرّثاء والبكاء إلى تقديم النّصح والموعظة للقطع "مع الممارسة الانتخابيّة المتخلّفة الّتي غالبا ما تعتمد الجهويّة والقبليّة المقيتة". مسكين السيد بلحولة فكيف لا يعلم أنّ من يدافع عنهم بحماس لا نظير له ويريد تأبيدهم في الاتحاد هم الّذين كرّسوا الجهوية والقبلية والولاء الشّخصي منذ عقود وآخر إبداعاتهم في مؤتمر المنستير هو تقسيم النّقابيين إلى جهتين هما الشمال والجنوب.
ونختم قراءتنا لهذا المقال بالتّوقف عند أسباب اختلافه مع المتمسّكين بالفصل العاشر. يقول:"فربّما لا يوافقونني الرّأي في ما سأذكر لأنّ غايتي الأساسيّة هي المحافظة على منظّمتنا الاتحاد العام التونسي للشّغل شامخة وفاعلة وقادرة على البقاء والصّمود أمام طوفان العولمة وما يحاك للطبقة الشغيلة في العالم من مؤامرات". ترى هل أصبحت الديمقراطية النقابية خطرا يهدّد الاتحاد بالتّلاشي والذّوبان لذا ينتصب السيد بلحولة مدافعا عن بقائه صادّا المؤامرات التي تحاك ضذّه. وهل نحافظ على الاتحاد بهذه الأساليب البالية التي أثبتت فشلها خلال عدّة عقود؟ إن الحصانة الوحيدة لبقاء الاتحاد شامخا بعد هذه الانتكاسة الطويلة التي يمرّ بها تكمن في دمقرطة هياكله ولتكن البداية مع المكتب التنفيذي ثمّ البقيّة تأتي.
هذا المقال خليط جامع شامل فيه كلّ شيء ماعدا الحديث عن أهمية الديمقراطية في المنظّمات الجماهيريّة مثل الاتحاد.
ويبدو أن السيد المنصف بلحولة فتح الباب للهذيان والثّرثرة من خلال كتابات أخرى.
2 – نقابيو المعاش والسّياحة بصوت واحد لا لاختصار تاريخ الاتحاد في الفصل العاشر(جريدة"الشعب" عدد 1101، السبت 20 نوفمبر 2010، الصّفحة الأولى) :
كتب هذا العنوان بالخطّ الكبير ونشر في الصفحة الأولى لإثارة انتباه القرّاء. ويعكس هذا الموقف، من خلال العنوان، إجماع عمال السياحة والمعاش على رفضهم الفصل العاشر لأنّه يختزل تاريخ الاتحاد في فصل يتيم. هو اختزال يعبّر عن قصور في فهم من يتبنّاه في حين يمتلك عمال السياحة والمعاش رؤية أشمل وأعمق لهذه المسألة. فهل كان هؤلاء العمال مجمعين فعلا على هذا الموقف؟
عندما نتصفّح الجريدة وندقّق النّظر في تغطية أشغال الهيئة الإدارية (ص6/7) نتبين مفارقة كبيرة بين ما جاء في الصفحة الأولى والصفحتين 6 و7. ذلك أنّ عضوين فقط تعرّضا للفصل العاشر. فالأمين الحميدي ( جهة مدنين) اعتبر الفصل العاشر"فصلا عاديا أراد بعضهم تضخيمه بحثا عن زعزعة كيان الاتحاد العام التونسي للشّغل" (ص6). أمّا فاروق العياري (جهة تونس) فقد قال:" إنّ الاتحاد العام التونسي للشغل مدرسة كبيرة في النضال لا يمكن اختزال تاريخها الطويل في الفصل 10 وما أثاره من فعل ولغو زائد" (ص 6). وهكذا يصبح الصوت الوحيد الذي تحدّث عن الفصل العاشر صوت الجميع ويتسبّب حرف الجرّ الملعون "ب" [بصوت واحد] في مغالطة كبيرة وتزييف إرادة أعضاء الهيئة الإدارية واستغلال جريدة "الشعب" لتوظيفها لخدمة مصلحة المركزية النقابية. وفي الحقيقة هناك فرق كبير بين صوت واحد وبصوت واحد. ثم هل يمكن اختزال تاريخ الاتحاد في الفصل العاشر؟
إنّ تاريخ الاتحاد شيء والفصل العاشر شيء آخر. فالفصل العاشر أي الديمقراطية النقابية آلية لتسيير شؤون الاتحاد وحمايته من التّسلّط الدّاخلي والتدخل الخارجي والانحرافات الخطيرة التي رافقت مسيرته منذ نصف قرن والأزمات التي أضعفت أداءه وقلّصت من إشعاعه. أمّا تاريخ الاتحاد فالمقصود به هذا المسار الطّويل والمعقّد الّذي تشابكت فيه جملة من العناصر تتراوح بين الوطني والاجتماعي والسياسي والنقابي أي علاقة الاتحاد بالنقابات الفرنسيّة وعلاقة النضال الاجتماعي بالنضال الوطني.
إنّ المسألة الديمقراطية جزء من هذا المسار الطويل والفرع لا يمكنه أن يتحوّل إلى أصل إلاّ في أذهان من احترفوا التّشويه والمغالطات وإن اتهام المدافعين عن الفصل العاشر باختزال تاريخ الاتحاد في هذا الفصل هو كلام باطل وتهمة سخيفة لا تغني ولا تسمن من جوع. ومثل هذا الكلام يعكس محدودية تفكير جزء كبير من النقابيين. وهو ما يتجلّى مرة أخرى من خلال مساهمة ثالثة.
3 – عن الهيكلة والفصل العاشر بقلم لطفي الفقير كاتب عام سابق للفرع الجامعي للكهرباء والغاز("الشّعب" عدد 1103، السبت 4 ديسمبر 2010، ص19). كاتب عام سابق متى وأين؟
خصّصت جريدة "الشّعب" للسيد لطفي الفقير ما يقارب الصّفحة ليتحدّث عن كلّ شيء ثمّ ليلتفت في آخر المقال إلى الفصل العاشر. فقد تحدّث عن الدّور الرّيادي للاتحاد داخل تونس وخارجها وأزمات المنظّمة وعلاقتها بالسّلطة ومساندتها القضايا القومية والموقف من ملف التّأمين...إلخ ثم توقف عند مشروع الهيكلة ولا يعرف القارئ ما هو هذا المشروع الذي يشير إليه واختلافه مع ما جاء فيه، وعدّد نقاط الاختلاف. ثم ركّز على مقال الجيلاني الهمامي ليردّ على جملة من النّقاط تضمّنها هذا إن اعتبرنا كلامه ردّا.
أ – رأى في كلام الجيلاني الهمامي تجنيا واستهدافا للأخ علي بن رمضان. مسكين الأخ علي بن رمضان أصبح في وضع يثير الشّفقة ويحتاج إلى من يدافع عنه، ولطفي الفقير هو واحد من جنوده المجنّدين للقيام بذلك. ولكن لا أعتقد أنّه قادر على القيام بهذه المهمّة !!. إلاّ أنّ السيد لطفي الفقير لا يبيّن لنا كيف استهدف الجيلاني الهمامي علي بن رمضان وكيف تجنّى عليه.
ب – وبلغة ركيكة وتراكيب غير سليمة وتعابير غير عربية يتحوّل الردّ إلى هذيان والكلام إلى طلاسم والرّأي إلى ألغاز يعجز حتّى سيبويه عن تفكيك رموزها. فكلام من هذا القبيل لا يفهم: "وتجني على الأخ علي بن رمضان....بل تجاوز عن تخوّف النقابيين من إعادة الهيكل ستصبح كلمة حق يراد بها باطل واستخدامها غطاء لضرب المكاسب الديمقراطية على محدوديتها.." ثم يقول "فلماذا كلّ هذا الإجحاف والجحود على الاتحاد العام التونسي للشغل." فكيف سيدافع السيد لطفي الفقير عن علي بن رمضان وهو عاجز عن كتابة جملة سليمة وتبليغ فكرة واضحة (نقترح عليه الاستعانة مستقبلا بأساتذة مختصين في اللّغة العربية وإلاّ لا فائدة في الكتابة).
ج – نلاحظ أنّ السيد الفقير يمعن في المغالطات واختلاق الأخبار. يقول:"لابدّ أن نقبل بقرار الأغلبية فمن رفض إعادة الهيكلة هم نواب مؤتمر جربة وليس علي بن رمضان". لعلّ الأخ الفاضل أخذته سِنة أثناء انعقاد المؤتمر لذا يدعونا الواجب إلى تذكيره بأنّ نواب مؤتمر جربة هم الّذين طالبوا بإدخال إصلاحات على النظام الداخلي.
ويبدو أن هذا المسؤول النقابي القديم لا يفهم اللّغة العربية وقد قاده ذلك إلى قراءة خاطئة وتأويل مغرض لبعض الفقرات من نحو أن الجيلاني الهمامي يتهجّم على كافة النقابيين بداية بجهة بن عروس في حين قال الجيلاني الهمامي إنّ الهيئة الإدارية التي انعقدت ببن عروس نشرت في جريدة "الشعب" لائحة داخليّة لا يسمح بنشرها في الصّحف.
ويختم السيد لطفي الفقير ردّه بالتّعبير عن رأيه بكلّ وضوح وصراحة. فهو يرفض إعادة هيكلة الاتحاد ويطالب بإرجاء تطبيق الفصل العاشر ومراجعته من طرف المجلس الوطني القادم دون أن يعلّل رأيه. ونحن بدورنا نطرح جملة من الأسئلة. كم سيدوم هذا الإرجاء؟ ومتى سيطبّق هذا الفصل؟ وكيف سيطبّق؟
أمّا المسرحيّة الّتي تنبّأ لها (والاستعمال الصحيح هو تنبّأ بها) الجيلاني الهمامي حسب تعبيره فلم يبيّن لنا طبيعتها (هل هي هزلية أم تراجيديا) ولا الممثلين الرئيسيين والثانويين وأين ستمثّل؟ كلّ ما في الأمر هو أنّ السيد الفقير يرفض هذه المسرحية باسم المصلحة العليا للمنظّمة والعمّال. تُرى ما هي هذه المصلحة العليا؟ ومهما يكن من أمر فهذا الكلام يصنّف في خانة الدّمغجة و"الشقشقة" الفارغة.
إنّ المطّلع على هذا المقال يستنتج أن السيد لطفي الفقير هو فعلا فقير في فهمه ضعيف في تحليله ضحل في استنتاجاته، وهو عاجز عن إقناع نفسه فما بالك بإقناع الآخرين، وكان عليه ألاّ يقحم نفسه في معركة تتجاوز قدراته الذّهنيّة وثقافته النقابية ومعارفة الاجتماعية. فمن ينصّب نفسه مدافعا عن الآخرين يجب أن يكون بالضّرورة قادرا على أداء هذه المهمّة وإلاّ ورّطهم من حيث لا يدري.
II - إنّهم "لمحامون" فاشلون:
إنّ ما نستطيع أن نختم به هو قولنا: هذه عيّنات سيّئة من الكتابات الرّافضة للفصل العاشر والمناهضة للدّيمقراطية النقابيّة. وهي كتابات تعكس ولاء أصحابها للبيروقراطيّة النقابية ودفاعهم عنها بدون قيد أو شرط، ومحدودية فهمهم للمسألة المطروحة وتشويههم للعمل النقابي والإساءة إليه من حيث لا يدرون. وفعلا إنّ المناهضين للديمقراطيّة النقابية هم عكاكيز نقابية كلّما اتّكأ عليهم أحد بان ضعفهم فسقطوا جميعا. وهذه النوعيّة السيّئة من النقابيين تربّت بين أحضان هذه البيروقراطية المقيتة فتشبّعت بتفكيرها وأساليبها في مجادلة الآخرين أي عدم مواجهة القضايا المطروحة بكلّ جرأة والالتجاء إلى الأساليب الملتوية واللّف والدّوران.
إنّ هذه العكاكيز أضرّت من تدافع عنهم أكثر ممّا نفعتهم ممّا يعني فشلها في الجولة الأولى من هذه المعركة. ومن الضّروري أن يدفع هذا الانتصار الثّمين النقابيين الديمقراطيين إلى إعداد العُدّة لإفشال السيناريوات الّتي قد تفاجئ بها قيادة الاتحاد أعضاء المجلس الوطني المزمع عقده في شهر فيفري 2011، والتّصدّي الحازم لبدعها الغريبة مثل المؤتمر الاستثنائي أو المؤتمر غير الانتخابي[كذا !!] وإعداد دراسة قانونية لإبطال مثل هذه الدّعوات حتّى لا تلتجئ هذه القيادة إلى القيام بمغامرة غير محمودة العواقب.
خاتــــــــــــــمة:
إنّ معركة الديمقراطية بدأت فعلا وهي معركة شاقة وتحتاج إلى طول النّفس، و"إنّ في بني عمّك لرماحا"، وهي أيضا مدخل أساسي إلى الاستقلالية والنّضالية. فمنظّمة تسيّرها بيروقراطيّة متكلّسة لا يُرجى منها أيّ خير.
2010