النموذج الياباني في الحد من انشار كورونا


رائد مهنا
الحوار المتمدن - العدد: 6541 - 2020 / 4 / 18 - 00:09
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات     

مع انتشار وباء كورونا (كوفيد -19) في جميع أنحاء العالم، حققت بعض الدول نجاحاً ملفتاً لاحتواء هذا الوباء. ومن ‏تلك الدول تأتي في مقدمتها اليابان. ‏

على الرغم أن مقومات انشار الوباء في اليابان موجودة مثل النسبة الكبيرة لكبار السن وعدد السكان والمساحة الصغيرة ‏مقارنةً بعدد السكان. كما أن العاصمة طوكيو تعد مركزاً نشطاً تجارياً ما بين اليابان والدول الأسيوية الجارة مثل الصين ‏وكوريا الجنوبية اللتان انتشارا فيهما الوباء بصورة كبيرة. ‏
وفي أحدث الاحصائيات حتى تاريخ 15-4 سجلت اليابان: 8100 حالة مؤكدة (119 عدد الوفيات)، وهذا الرقم مقارنة ‏ما بين اليابان ونظيراتها من الدول المتقدمة يعد رقماً ضئيلاً جداً.‏
وبالعودة إلى تاريخ انتشار الوباء في اليابان حيثُ سجلت الحالات الأولى من الإصابة بفيروس ‏COVID-19‎‏ في ‏منتصف يناير. وكانت هذه الحالات لمواطنين يابانيين عائدين من الصين وتحديداً من مدينة يوهان التي تعد بؤرة ‏المرض. ‏

بعد تأكد السلطات المحلية في اليابان من الإصابات بالفيروس تصرف سريعاً حيث أغلقت المدارس فوراً بالإضافة إلى ‏المراكز التجارية والأسواق الشعبية والشركات العامة. ويجدر الإشارة هنا إلى ان السلطة الفلسطينية اتخذت نفس التدابير ‏التي اتخذتها اليابان وبنفس سرعة ردة الفعل، فمنذ ان اكتشفت وزارة الصحة الفلسطينية الحالات الأولى للإصابة ‏بالفيروس أصدر فخامة الرئيس محمود عباس قراراً فورياً بإعلان حالة الطوارئ في دولة فلسطين والتي بموجبه أغلقت ‏المدارس والمساجد والأماكن العامة فوراً مما حد بشكل كبير من انتشار الوباء في فلسطين.‏
وتمتاز اليابان بتوفير خدمات صحية عالية الجودة وخاصةً في مجال علاج الالتهابات الرئوية بل أن نظامها الصحي ‏يعد واحد من أفضل الرعاية الصحية في العالم. واعتمدت اليابان نظاماً صحياً يتم بموجبه رعاية كبار السن في جميع ‏الظروف وهذا كان معتمداً قبل الوباء.‏

يعتبر سكان اليابان من الشعوب الأكثر حضارة وانضباطاً وحرصاً على نظافتهم الشخصية في جميع الأوقات، حيثُ يعد ‏مجال النظافة في اليابان من المجالات ذات المستويات العليا ويظهر ذلك جلياً في ثقافته اليابانيين من حيثُ نظافة ‏المنزل وتعقيمه ونظافة اليدين في جميع الأوقات. وأولت الحكومة اهتماماً كبير في نظافة المرافق العامة والشوارع ‏والمراحيض العامة والمدارس ... الخ.‏
كما لليابانيين ثقافة ارتداء الأقنعة في أوقات المرض، حيثُ يعد هذا السلوك معيار اجتماعي لليابانيين. حيثُ يعتبر ‏اليابانيين أنه من الواجب لبسهم للأقنعة في حالة المرض. يزداد عدد الأشخاص المقنعين في شوارع المدن اليابانية خلال ‏الحساسية الموسمية. كما وتستخدم الأقنعة أيضًا في اليابان للحماية من أشعة الشمس في الصيف. مثل هذه العادات ‏أدت إلى حد كبير من انتشار الوباء ومن عملية انتقال العدوى. ‏

يجدر الإشارة هنا أن المصافحة ليست من التقاليد الثقافية في اليابان، فإلقاء التحية في اليابان عبارة عن انحناء فقط ‏دون ملامسة. فالعناق سلوك غير مقبول حتى بين أفراد الأسرة. ‏
بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليابانية أدت إلى ردود فعل متباينة في العالم. حيثُ لم تقم اليابان بإجراء ‏فحوصات موسعة على سكانها خلافاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية، وعلى سبيل المثال تقوم كوريا الجنوبية بفحص ‏‏6 ألف شخص من كل مليون شخص. بينما اجرت اليابان فقط 118 فحص لكل مليون شخص. واوضح المعهد ‏الوطني الياباني للأمراض المعدية أنهم اختاروا نظام الاختبار هذا من أجل "تركيز الموارد الطبية المحدودة على أولئك ‏الذين يحتاجون حقًا إلى المساعدة." ومما لا شك فيه أن معظم اليابانيون موافقون على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة.‏

ونجحت اليابان فعلاً بهذا النموذج بالحد من انتشار الوباء، ويمكنني القول هنا وبعيداً عن العواطف أن النموذج ‏الفلسطيني أيضا يمثل نموذجا ناجحا دولياً في الحد من انتشار الوباء وبإشادة منظمة الصحة العالمية بالإجراءات ‏المتخذة في فلسطين، وعلى الرغم من قلة الإمكانيات الطبية والمالية إلا ان الحكومة الفلسطينية اتبعت إجراءات ومعايير ‏عالية الدقة والحزم في الحد من انتشار الوباء في فلسطين.‏