خمسون شمعة لكتاب سوريا


أحمد جرادات
الحوار المتمدن - العدد: 6419 - 2019 / 11 / 25 - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


في خريف هذا العام، وفي أتون سنوات الحرب الهمجية الثماني على سوريا، احتفلَ الكتاب والمثقفون السوريون بالعيد الذهبي لتأسيس اتحاد الكتاب العرب في سورية، بل اتحاد الكتاب العرب جميعاً (1969-2019). وقد اطَّلعتُ على سلسلة مقالات افتتاحية في جريدة الأسبوع الأدبي كتبها رئيس الاتحاد ورئيس تحرير مجلة الموقف الأدبي الأستاذ مالك صقور، احتفاءً بهذه المناسبة الكبرى، حول تاريخ الاتحاد والدور المنوط بالكتاب والمثقفين السوريين على الجبهة الثقافية من الحرب الإمبريالية-الصهيونية- الرجعية العربية الراهنة في كشف الفكر التكفيري الوهابي وتنمية الوعي عند أصحاب العقول المحتلة والأدمغة المغسولة. وفي هذه المقاربة سأحاول أن أمدَّ خيط ضوء لإظهار التناقض في المواقف بين الكتاب والمثقفين العرب في حقبتيْن. (وسأُضمِّن متن هذا المقال مقتبسات وردت في مقالات الأستاذ صقور بدون وضع إشارات في الهوامش تجنُّباً للتكرار).
في البداية أشار الأستاذ صقور إلى ما جاء في بيان تأسيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا قبل خمسين عاماً من أن الاتحاد سيمثِّل"نقطة انطلاق حقيقية لانتعاش أدب عربي تقدمي يبدعه الكاتب العربي الحر الملتزم بقضايا أمته المصيرية" (لاحظْ أنه أُريد لهذا الاتحاد منذ تأسيسه أن يكون نقطة انطلاق لانتعاش أدب عربي، وليس أدباً سورياً فحسب، يبدعه الكاتب العربي، وليس الكاتب السوري فحسب) . وقال إن الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا يقتضي من الأبناء الوفاء للآباء المؤسسين الذين غرسوا الغرسة الجميلة القوية الجذور بإحياء ذكراهم وتعريف الجيل الجديد بفضلهم وبإنتاجهم الفكري والأدبي. كما أنه يقتضي الوفاء لمؤسسي "اتحاد الأدباء والكتاب العرب" الذي عقد مؤتمره في بلودان في الفترة بين 20 إلى 27 سبتمبر/ أيلول 1956، وذلك بإلقاءالضوء على ذلك الحدث الثقافي المهم للغاية الذي احتضنته سوريا، وربما لا يعرف به كثيرون من الكتاب والمثقفين العرب ممن وُلدوا بعد ذلك التاريخ، والذي التقت فيه نخبة من أعلام الكتاب العرب من سوريا ولبنان والأردن والعراق والسودان والسعودية ومصر ومراكش واليمن، ومن بينهم طه حسين ويوسف إدريس وحسين مروة وفؤاد الشايب، الذي رأى في ذلك الملتقى "تظاهرة أدبية عبَّرت عن شبوب الحركة الثقافية التي تتمخض عن أحداث إبداعية وشيكة الميلاد، وتظاهرة قومية متحفزة وضعت الأديب أمام تبعاته في معركة النضال التي تخوضها أمته في سبيل الحياة والحرية." وقد أُقيم حفل الافتتاح في 20 أيلول على مدرج الجامعة السورية، وافتتحه وألقى كلمة فيه رئيس الجمهورية السورية حينئذ شكري القوتلي، الذي أعرب عن أمله وثقته بأننا "في طريقنا إلى وحدة عربية شاملة لا تقف أمامها عقبة ولن تثنينا عن عزمنا شدة".
واختُتم مؤتمر بلودان للأدباء والكتاب العرب بتوصيات عدة من أبرزها التأكيد على "مهمة" الأديب العربي القومية، والتضحية في سبيل وحدة أمته وحريتها وعزتها وكرامتها، والاهتمام بالتراث العربي، والالتزام بقضايا المجتمع، وإطلاق حرية الأدباء، والحفاظ على اللغة العربية في جميع مراحل التعليم في جميع الأقطار العربية، وإلغاء القيود والضرائب على الإنتاج الفكري وغيرها، وهي توصيات يرى الأستاذ صقور بحق أن مؤتمرات الكتاب العرب ما زالت تنادي بها، ولا من سميع مجيب.
وفي نهاية المؤتمر، أطلق المشاركون نداء مهيباً ذا أبعاد وطنية وقومية وإنسانية إلى أدباء وكتاب العالم، حرص الأستاذ صقور على إيراده في أحد مقالاته لأهميته:
" نحن الأدباء المجتمعين في مؤتمرنا الثاني في بلودان ( المؤتمر الأول عُقد في بيت مري قبل أسبوع من ذلك التاريخ)..
"باسم أمتنا العربية التي أسهمت في بناء الحضارة ورفْع مشعلها في أحلك عصور التاريخ"... والتي "أضاف أدباؤها وعلماؤها وحكماؤها قيماً واكتشفوا علوماً وأنشأوا فلسفات وأصبحوا جزءاً من التراث الإنساني المشترك الخالد.. وباسم المواطن العربي الذي يسعى إلى تجديد حياته ويتطلع اليوم بمحبة ورجاء إلى عالم أفضل تسوده الرفاهية والتعاون بين البشر جميعاً.. نهيب نحن الأدباء العرب بأدباء العالم وكتابه ومفكريه أن يقفوا إلى جانبنا في قضايانا العادلة التي نناضل من أجلها". وتحدَّث البيان عن اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها من قبل الصهاينة، وعن العدوان الثلاثي على مصر، وعن الاحتلال الفرنسي للجزائر وعن بقية أجزاء البلاد العربية التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار وعدوانه، وأضاف:
" إننا في بلادنا نحب السلام، فمنها انبثقت الأديان جميعاً وفيها عاشت الحكمة والفن والفلسفة، ولا نستهدف غزواً أو عدواناً، ولكننا لا نتردد في حمل السلاح دفاعاً عن أمتنا وثقافتها وأرضها وسيادتها. وفي صفوف المناضلين نقف نحن الأدباء العرب، مدركين أننا بهذا لا نحمي أمتنا وتراثها واستقلالها فحسب، بل نحمي تراث العالم وأمنه."
إن هذه الإضاءات المهمة على جانب من تاريخ "اتحاد الكتاب العرب في سوريا"، ولا سيما توصيات مؤتمره التأسيسي الذي عُقد في دمشق عام 1969، و"اتحاد الأدباء والكتاب العرب"، وخاصةً النداء الذي أصدره مؤتمره الثاني الذي عُقد في بلودان في عام 1956، دفعتني إلى المقارنة بين مواقف المثقفين والكتاب العرب إزاء العدوان والاحتلال والاستعمار قبل ستة عقود خلتْ وبين مواقف العديد منهم ومن منظماتهم إزاء الحرب العدوانية الضروس على سوريا الدئرة حتى الآن.
وقبل الدخول في تفاصيل مواقف بعض الكتاب والمثقفين العرب في الوقت الراهن من الحدث الراهن، أود التذكير بما سُمي "مانيفستو بودابست"- ربما بسبب التشابه بينه وبين بياناتهم- وهو البيان الذي أصدره الكتاب المجريون ضد النظام الاشتراكي في بلادهم في عام 1956، وطلبوا فيه التدخل السريع والنجدة العاجلة من الدوائر الإمبريالية.

مانيفستو بودابست
في عام 1956، اندلعت ثورة مضادة في المجر للإطاحة بالنظام الاشتراكي بدعم من الغرب الإمبريالي وفي إطار خطة مكافحة الشيوعية والقضاء على الاتحاد السوفييتي بقيادة الولايات المتحدة. ولدى دخول الجيش الأحمر العاصمة بودابست لمساعدة النظام الاشتراكي، أصدر اتحاد الكتاب المجريين، بطلب من منظمة الحرية الثقافية التابعة لوكالة المخابرات المركزية، "مانيفستو" عاجلاً لا يليق مضمونه ولا حتى صياغته بالعملاء الصغار من غير المثقفين. وقد استنجدوا فيه بجميع الكتاب والعلماء والمثقفين في العالم (طبعاً العالم الغربي ومن يدورون في فلكه) وتوسلوا إلى المنظمات الثقافية الدولية (وطبعاً التي تأتمر بأوامر منظمة الحرية الثقافية) للتدخل العاجل في بلادهم، لأن الوضع باعتقادهم لم يكن يحتمل التأخير. وقد أُذيع البيان من راديو بودابست:
"انتباه، انتباه، انتباه، أعزاؤنا المستمعون، سنذيع عليكم الآن بيان اتحاد الكتاب الهنغاريين:
"هنا اتحاد الكتاب الهنغاريين، إلى جميع الكتاب في العالم، إلى جميع العلماء، إلى جميع اتحادات الكتاب، إلى كافة الجمعيات العلمية، إلى نخبة المثقفين في العالم، إننا نناشدكم المساعدة والدعم. لم يعد لدينا وقت، وأنتم تعرفون الحقائق. لا حاجة لأن نقدم لكم تقريراً خاصاً، ساعدوا هنغاريا، ساعدوا الشعب الهنغاري، ساعدوا الكتاب والعمال والفلاحين الهنغاريين، ساعدونا نحن الانتلجنسيا. النجدة! النجدة! النجدة!"(فرانسيس ستونر سوندرز، مَن الذي دفع للزمار؟ وكالة المخابرات المركزية والحرب الثقافية الباردة، دار غرانتا بوكس للنشر، لندن، 2000).

حدثَ مثل هذا وأكثر بين الكتاب والمثقفين العرب والسوريين ومنظماتهم الثقافية فيما يتعلق بموقفهم من العدوان الإمبريالي- الصهيوني- الرجعي العربي وأدواته من جحافل الإرهابيين:
مثقفون سوريون "ضد عالم اليوم"
في 15 سبتمبر/أيلول 2016 أصدر عدد من المثقفين والكتاب والفنانين والصحفيين السوريين، من بينهم أسماء معروفة، بياناً ضد بلدهم يعجُّ بالأكاذيب والتضليل والرطانة الثقافية، لكنه مُموَّه بعنوان "ضد عالم اليوم" لإضفاء صبغة ثقافية فكرية على خيانة الوطن، ويرتدي عباءة الديموقراطية والعلمانية لإخفاء علاقة الموقِّعين عليه بالدول الراعية والمموِّلة للإرهاب الإسلاموي. وعمد البيان إلى المساواة بين روسيا والولايات المتحدة ووصفهما بأنهما "دولتان إمبرياليتان متدخلتان في الشأن السوري، وأدانهما "بأقسى العبارات". كما وصف البيان ما عُرف باسم "اتفاق الكيماوي" الذي نزع فتيل ضرب سوريا من قبل الولايات المتحدة بأنه "صفقة مشينة وخسيسة حلَّت مشكلات الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا والنظام، ولم تعالج أية مشكلة للشعب السوري" (والشعب السوري بالنسبة لهم هو جيش الإرهابيين المتعدد الجنسيات).
ووصلت الفهلوة السياسية بالموقعين إلى حد الإعراب عن غضبهم ورفضهم لتواطؤ الأمم المتحدة مع "النظام"، وعن اعتقادهم بأن "ثورة السوريين تحطَّمت على الجدار الصلب للنظام الدولي". تصوَّروا أن الأمم المتحدة بكل مواقفها اللئيمة والمعادية لسوريا طوال السنوات الثماني كانت متواطئة مع "النظام" ضد "المعارضة"! يا له من كذب صراح!
انظر الرابط: https://www.alaraby.co.uk/culture/2016/9/15/150-%D9%85%D8%AB%D9%82%D9%81%D8%A7-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B6%D8%AF-%D9%84%D8%A7-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9

كتاب ومثقفون فلسطينيون: قلوب تتقطع على "الثورة" السورية!
في 8 حزيران/يونيو 2011، أي في وقت مبكر من اندلاع ما أسموه بالانتفاضة الشعبية السلمية، أصدر عدد من الكتاب الفلسطينيين بياناً لدعم الشعب السوري (المقصود الثورة المضادة)، زعموا فيه أن "أعمال القتل وحصار وقصف المدن والبلدات والقرى وتجويعها تتواصل، وحملات الاعتقالات والتعذيب والتصفيات الجسدية تتصاعد، مخلِّفةً مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين." نلاحظ هنا أن الموقعين يزعمون أن كل هذه الفظائع المذكورة ارتُكبت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وقوع الأحداث، وأنها وقعت "وسط الصمت الرسمي العربي والتلكؤ البائس للمؤسسة الثقافية العربية". تأمَّلوا هذه الفريةالمكشوفةحول "الصمت" الرسمي العربي و"تلكؤ" المؤسسات الثقافية العربية، مع أن العالم بأسره، وبخاصة مَن تآمروا على سوريا، يعلم أن "الكلام" الرسمي العربي المعادي لسوريا والداعم للثورة المضادة، سواء من جانب الدول العربية وجامعتها أو أحزابها ومنظماتها أو إعلامها وإعلامييها أو مثقفيها وكتابها تدفَّقَ مِدراراً منذ اليوم الأول للأحداث بأعلى صوت وبشتى الأشكال والوسائل. أما فِرية "تلكؤ" المؤسسات الثقافية العربية فإنها لا تقل سخفاً عن سابقتها. وما هذه البيانات والمواقف المشار إليها في هذا المقال سوى عيِّنة لا تُذكر من أطنان البيانات والمقالات والآداب والفنون والمسلسلات والأفلام المتهافتة التي "صُنعت" خصيصاً ضد سوريا منذ البداية.
ورفض الموقعون على هذا البيان من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين "رفضا مطلقا الزج باسم فلسطين وقضيتها والمتاجرة بدم أبنائها لتبرير عقود طويلة من اضطهاد السوريين ومصادرة حرياتهم، وهذا الموقف يأتي استئنافاً على الإرث الثقافي الفلسطيني المنحاز للحريات عبر روافعه التاريخية، بما يليق به كمشروع تحرري حملتْه وأغنتْه وعمَّقت جوهره أسماء مثل إدوارد سعيد وغسان كنفاني ومحمود درويش."
هكذا استنكر الموقِّعون على هذا البيان "المتثاقف" قيام سوريا "بالزج" باسم فلسطين والقضية الفلسطينية في خطابها واعتبروه تدخلاً بغيضاً ومتاجرة بالدم الفلسطيني، في الوقت الذي لم ينفكُّوا يلومون "الأشقاء" العرب على تقصيرهم وتخلِّيهم عن قضيتهم ويرددون مقولة أبي عمار الشهيرة "يا وحدنا!"
ولعل من الجدير بالإشارة هنا أن هذا الرفض لتدخل سوريا في الشأن الفلسطيني جاء في الوقت الذي أقدم بعض الشبان الفلسطينيين الجَسورين من سكان مخيم اليرموك على اجتياز الحدود عبر الجولان المحتل في محاولة لتحقيق حلم العودة إلى وطنهم فلسطين المحتلة، بينما كان مقاتلو حركة حماس في مخيم اليرموك يحفرون الأنفاق لإدخال الإرهابيين إلى المخيم وتسليمه لهم وحمل السلاح إلى جانبهم ضد رفاقهم من أبناء شعبهم وضد البلد الذي احتضنهم ورعاهم ودفع أرواحاً ودماءً في سبيل قضيتهم. لا عجب! ففلسطين المحتلة ليست في عجلة من أمر تحريرها، والأولوين الآن لإسقاط سوريا.
والأغرب من ذلك أنهم استندوا في موقفهم هذا إلى الإرث الثقافي الفلسطيني التحرري وإلى إدوارد سعيد وغسان كنفاني ومحمود درويش. والحقيقة أنني لم أفهم سبباً "للزج" بأسماء هؤلاء االراحلين الثلاثة الكبار في بيانهم، اللهمَّ سوى التمسُّح بهم وربما الإيحاء للجمهور المستهدَف بأنهم-أي الراحلون- في عداد الموقعين عليه.
انظر الرابط:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=262463

كتاب ومثقفون أردنيون:الصمت لا يمثِّلنا
في 5 يونيو/حزيران 2011 وقَّع 74 كاتباً ومثقفاً أردنياً من التياريْن الرئيسييْن في رابطة الكتاب الأردنيين-تيار القدس والتجمع الثقافي الديمقراطي- على بيان شجبوا فيه رفْض عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للرابطة وبعض أعضاء تيار القدس تأييد "الثورة" وإدانة سوريا، وأعلنوا فيه أن"الصمت الذي يعتصم به هؤلاء عن جرائم "النظام" ضد الشعب السوري لا يمثلهم، ولا يمثل عموم أعضاء الرابطة، ولا يمكن تفسيره إلا باعتباره انحيازاً للنظام الذي يتلطَّى خلف شعارات “الممانعة والمقاومة” البراقة ولكن الفارغة من المحتوى الحقيقي." وحذَّر الموقعون من أنهم لن ينتظروا حتى يصل عدد الشهداء إلى مئة ألف كي يعلنوا موقفاً صريحاً مما يجري في سوريا. كما أنهم لن ينتظروا صوراً أخرى كصورة الشهيد الطفل حمزة الخطيب الذي سيبقى تعذيبه وصْمة عار، ليست في جبين النظام السوري فقط، بل في جبين كل من تقاعس عن إعلان موقف واضح من هذه الجريمة النكراء." (أكَّدت الباحثة المستقلة فينيسيا بيلي في مقابلة مع فضائية الميادين أن عائلة الطفل حمزة دحضت الرواية برمَّتها.)
وفي وقت لاحق، نظَّم مؤيدو الثورة المضادة من الكتاب والمثقفين الأردنيين اعتصاماً أمام مقر الرابطة في جبل اللويبدة بعمان احتجاجاً على عدم تأييد "الثورة" وضد سوريا.
انظر الرابط:
https://www.alquds.co.uk/%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D9%91%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84/

مثقفون عرب ضد الإعلام المصري
لم يكتفِ الكتاب والمثقفون العرب المتحمسون بإعلان مناهضتهم لسوريا، بل امتدت حماستهم الجامحة لتطاول بعض الإعلاميين ووسائل الإعلام المصرية بسبب موقفهم من السوريين والفلسطينيين المناهضين لسوريا والمؤيدين لحكم الإخوان المسلمين في مصر، فأصدروا بياناً في 21 يوليو/تموز 2013 حملَ مئات التواقيع من مختلف البلدان العربية:
"إنّنا إذ نستنكر حملة الكراهية البغيضة هذه، ونبرأ من رموزها ومنابرها والمحرضين عليها، لندعو جميع المثقفين العرب عامة، والمصريين على وجه الخصوص، إلى الوقوف بحزم ضد هذه الحملة البشعة التي تنال من الشقيق العربي، ولا تخدم إلا العدو القومي لنا جميعاً." (بدون تحديد من هو العدو القومي). ومن اللافت أن هذا البيان صدر في أعقاب الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر في 30 يونيو/حزيران 2013، وجاء في إطار مناهضة إسقاط حكم الإخوان رئاسة الدكتور محمد مرسي، صاحب الصيحة السماوية المجلجلة في أرجاء الستاد الرياضي على الهواء: "لبيك سوريا!"
انظر الرابط: https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2013/07/21/416868.html

وختاماً،
كيف حدثَ ذلك في بلادنا؟ أين الانتليجنسيا؟ ما الذي يفعلونه؟ ما هو دورهم الثقافي والحضاري؟ ما هي المهمات التي يضطلعون بها في المتراس الأخير للدفاع عن أوطانهم وشعوبهم وغيرها الكثير من الأسئلة؟ لعلنا نلتمس الإجابات من الدكتورة ناديا خوست بالمختصر المفيد:
"لا توجد ثقافة بدون مجتمع؛ ولذلك تُنْجد الثقافةُ الوطنَ؛ ولذلك يخترقها العدو أو يُسدِّد عليها النار."
ويبدو أن العديد من مثقفينا يتعاطون مع ثقافة لا علاقة لها بالمجتمع. ونظراً لأن الثقافة الوطنية التقدمية هي التي تُنجد الوطن وتصنع له درعاً يحميه، فقد صوَّب العدو رصاصاته على قلبها كي يصيبها في مقتل.
بيد أن الكتاب والمثقفين السوريين الوطنيين والتقدميين الذين ثبَتوا في المتراس الثقافي للدفاع عن استقلال سوريا ووحدة أراضيها وسيادتها ووحدة نسيجها الاجتماعي في مواجهة الحلف النيوليبرالي- الوهابي، تمكَّنوا من تحصين أنفسهم ضد رصاص العدو الثقافي بدرع الثقافة الوطنية التقدمية، فاستطاعوا بذلك نجدة وطنهم.
فلنُشعلْ خمسين شمعة لكتاب سوريا، ولنُشعلْ الأصابع العشرة للحبيبة سوريا.