العنصرية ضد الطبقة العاملة في العراق.


نادية محمود
الحوار المتمدن - العدد: 6292 - 2019 / 7 / 16 - 00:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ا
يردد البعض من محافل العاطلين عن العمل، اتحادات تابعة لاحزاب الدولة، و اخرى غير مرتبطة بالدولة، اتحادات طلابية، خريجي الجامعات، بان سبب البطالة وانعدام وجود فرص عمل عائد بسبب وجود ايدي عاملة اجنبية، وانه من اجل حل مشكلة البطالة في العراق...يجب " طرد العمالة الاجنبية، والتي اصبحت عبئا يتحمله الخريج العراقي". لقد كتب الشاب الشيوعي المتدفق نشاطا حمودي عبد الجبار في معرض تقريره عن ما وصفه باكبر مظاهرة لخريجي وطلبة الادارة والاقتصاد في صباح يوم الخميس 11تموز امام مباني المحافظات في العراق- عدا محافظة بغداد" واورد سواء عن نفسه او نيابة عن المتظاهرين مطلب " طرد العمالة الاجنبية"ّ!
قد يكون مفهوما ان ينطلق هذا التحليل وهذا الحل من شخص يوصف نفسه بانه قومي، او وطني، لكن ان ينطلق من اشخاص يعلنون انهم شيوعيون وماركسيون و امميون، يجب التوقف عنده والرد عليه. حتى نبقى نتحدث في نطاق واطارالماركسية ولا نحيد عنها.
ان ارجاع سبب البطالة الى وجود " عمالة اجنبية" هو حرف مقصود وممنهج ومنظم وواعي للانظارو الاذهان ن العلة الحقيقية لوجود البطالة، والتي سببها الاول والاخير هو وجود نظام رأسمالي في العراق مثله مثل اية دولة اخرى في العالم اليوم. واذا كان المقصود والهدف هو توفير مجتمع يتمكن فيه الانسان من اشباع حاجاتة الاساسية والترفيهية، يجب انهاء النظام الرأسمالي برمته وليس طرد" العمالة الاجنبية" ان هذا يشكل الف باء الماركسية. وساوضح الاسباب هنا.
اولا: اننا نعيش في نظام وعلاقات انتاج رأسمالية، في كل دول العالم، والعراق جزء من هذا النظام الرأسمالي العالمي، القوانين الاقتصادية التي تسري في العالم الرأسمالي تسري في العراق ايضا دون اي استثناء.
ثانيا، تشكل قوة عمل الانسان في هذا النظام الرأسمالي سلعة قابلة للبيع لمن يشتري. صاحب هذه السلعة، اي العامل، يتجول باحثا عن مشتر لهذه السلعة، لا يهم ان كان المشتري في بنغلاديش او العراق او الصين او اليابان. العامل يريد ان يبيع قوة عمله من اجل ان يعيش. ومايملكه العامل هو فقط وفقط قوة عمله. لذا، حري بنا كشيوعيين، ان لا ننظر الى مصالح عمالنا فقط، بل الى مصالح العمال في كل بقعة من بقاع العالم، والا دخلنا بكامل جلجلتنا الى عالم "القومية والوطنية". اي العامل المولود في البقعة الجغرافية التي اسمها العراق يحق له ان يبيع قوة عمله في العراق، والشخص غير المولود في هذه البقعة الجغرافية، له الحق ايضا ان يبيع قوة عمله في هذا المكان ايضا. انه تنافس في السوق على بيع قوة العمل. ان اولى مبادئ الشيوعية هو فهم هذه الحقيقة. لقد قالها ماركس، لا وطن للعمال. ان وطنهم هو المكان الذي يستطيعون فيه تامين معاشهم وحياتهم. ان يجدوا عملا ويؤمنون حاجاتهم.
ثالثا: وجود البطالة هو جزء لا يتجزء من وجود العلاقات الاقتصادية الرأسمالية، التي يستحوذ فيها شخص او قلة قليلة من اشخاص على شركات كبرى وعلى عوائد ارباح تلك الشركات، مقابل تشغيلهم لايدي عاملة اقل، لساعات اطول، باستخدام تكنلوجيا متطورة اكثر وبحقوق متدنية، وتهديد مستمر بفقدان فرص العمل، وكامل التوليفة الرأسمالية التي تستهدف محاربة حقوق العامل، والابقاء فقط على قوة عمله من اجل ان ينتج وان يخلق لها اكبر ما يمكن من الارباح باقل ما يمكن من حقوق للعمال.ليس وظيفة الحكومات ولا اصحاب الاعمال او الشركات تشغيل العمال، او ايجاد فرص عمل للناس لكسب معيشتهم. ان الدولة الرأسمالية والراسماليون ليسوا منظمة خيرية، بل ناس يبحثون عن ارباح، وهدفهم هو تقليص الايدي العاملة وليس تشغيل العمال. أنهم يشغلون العمال بقدر حاجتهم اليهم للعمل والانتاج. اذا لا توجد هنالك حاجة لهم للعمل وللانتاج لن يقوموا بتشغيلهم. ووجود بطالة كان على الدوام يخدم الرأسماليين، لانه يوفر جيش عاطل يشكل ضغطا على الايدي العاملة، حيث بالامكان احلال ايدي عاملة جديدة، محل العاملة في الانتاج، في حالة مطالبة الاخيرة باية مطالب او حقوق.
رابعا اصبح واضحا للجميع باننا نعيش في زمن " العولمة" الامر الذي يعني ان كل سلعة تصول وتجول في العالم دون حدود باحثة عن سوق للبيع، باحثة عن مشتري. ليست هنالك حدود امام وصول عدد غير متناه من السلع والتي يستخدمها الخريج والعامل والنقابي والطالب من اللابتوب، و الموبايل، والسيارات والمكيفات، وهكذا هو الامر مع قوة عمل الانسان، هي تتحرك دون حدود، حيث تم القبول بحركة السلع، وبحثهاعن اسواق، ستبحث قوة عمل الانسان، طالما هي سلعة، مضطر مالكها وصاحبها الى البيع، ستبحث عن مشتري، عن سوق.
حين نعرف حقيقة النظام الرأسمالي، وماهي المصائب التي يتركها للبشر من عوز وفقر وبطالة، يجب ان لا تنطلي علينا اوهامه واكاذيبه. ان اتحادا عماليا مرتبطا مع احزاب السلطة، يشيع بان سبب البطالة هو العمالة الاجنبية ويجب محاربتها، انما يحرف الانظار عن المسبب الحقيقي للبطالة.
ولكن ان نقول ان تحقيق اشباع حاجات الانسان مرتبط بانهاء النظام الرأسمالي، الذي ليس معلوما تاريخه الان، فهو خاضع لاوضاع وشروط عديدة، ولكن الى ذلك الحين، ماالعمل؟ بالتاكيد لابد من تحميل الدولة مسؤولية توفير فرص العمل، او توفير دخول كافية للرجال والنساء من اجل اشباع حاجاتهم الاساسية في تأمين مسكن وطعام وعلاج وتعليم. وتحمل الدولة هذه المسؤولية، وليس طرد العمالة الاجنبية.