البحث عن صكوك الغفران في يوم المرأة العالمي


عدوية السوالمة
الحوار المتمدن - العدد: 4741 - 2015 / 3 / 7 - 15:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

البحث عن صكوك الغفران في يوم المرأة العالمي

عادة في يوم المرأة العالمي وعلى غرار ما يجري في الأيام الأخرى الممنوحة صفة القداسة والحماية العالمية (مثل اليوم العالمي ليتامى الايدز واليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب واليوم العالمي للكائنات المهددة ...........) يملأ الاعلام حواسنا المرئية والسمعية بأخبار الفعاليات التي نظمت في هذا اليوم لصالح المرأة , على وقع تصفيق جماهيري لقادة هذه الفعاليات من الشخصيات الذكورية , وبمشاركة شخصيات نسائية قررت الطغمة الذكورية الحاكمة منحها صك الغفران , لتدخل به معترك المجالات الحياتية المتنوعة (وليس الجنة طبعا) من بابها الواسع. مسلحة بدرجة قربى تربطها بأحد ذكور القبيلة يضمن لها انطلاقة ذات هالة كأنثى محمية . وهو مصطلح عرفه سير ويليام بلاكستون في تعليق على قوانين انجلترا عام 1750 بأنه يعني أن الكيان القانوني للمرأة يتعطل أو يندرج ضمن كيان الزوج ويتحد معه . لأن الزوجة تفعل كل شيء تحت جناحه وحمايته وغطائه .
في ذاكرتي الفلسطينية _على الأقل _ لم تستطع النساء تجاوز قانون الحماية العام وليس شقه القانوني فقط , وان وجدت تجربة خرقت هذا القانون ستبقى خرق للقانون المجتمعي العام تشبه في ثوريتها تحدي الجاذبية .
نتساءل هنا هل فكرة الحماية وجدت كمسلمات الطبيعة ؟ وطبعا هنا مسلمة تبيح وتفسر قدسية فكرة الاستعباد السيكولوجي للنساء . والتي يبدو أنها دائما غير منتهية الصلاحية , يحرض على وجودها الدائم وحمايتها الرجل . للحقيقة كتعبير أعتقد أنه قوي جدا ليتضمنه التفكير الذكوري الشرقي لسبب بسيط هو أن البنى الفكرية في الشرق لم تمارس في العموم فنون التفكير الخلاقة كالتحليل والنقد والابداع . وهو ماتبنيه ثقافة تؤمنها مرجعية معلوماتية مصدرها القراءة والمتعمقة منها . في حين ان المجتمعات العربية تأتي في المراتب الأولى في عدم امتلاك هذه المهارة . لذا الأمر لايتعدى كونه تبني صيغ جاهزة للتكيف مع البيئة الشرقية , تورث مع المنظومة السلوكية المنظمة لامتلاك وتوزيع الادوار .
الاشكالية تكمن في عدم مناقشة اشكالياتها ولا تعريفاتها ولا آليات علاجها من قبل المتضرر منها وهو المرأة في الدرجة الاولى . وبالتالي المجتمع ككل حين يحرم من الانتاجية المثلى لأحد العناصر المؤسسة لوجوده .
فكرة الحصار بالحماية تدفع دائما باتجاه الانغلاق وعدم التفكير بالمبادرة , والسير على جنبات الحائط , وعدم القدرة على الابتعاد عنه , وهو مصدر أمان الرجل وثقته بالامتلاك الابدي , وضمان أزلية التصنيفات البشرية كما ناقشها جون ستيوارت ميل الذي لم يستثني من تبنيها عظماء الفكر البشري مشيرا إلى أرسطو الذي كان يعتقد جازما بوجود طبائع للأحرار , وطبائع للعبيد . وأن اليونانيين من ذوي الطبائع الحرة , وأن الآسيويين من ذوي طبائع العبيد , موضحا ستيوارت أن هذه التفرقة أقيمت على الأساس نفسه الذي يقام عليه عادة سيطرة الرجال على النساء .
تكثيف الملاحظة حول ضرورة خلق حالة انعتاق نفسي لابد من دراسته . وتقديم آلية عمل تدعم وجوده لرسم ملامح نسائية حرة , يمكنها تبني مواقف أكثر صلابة وأقل خضوع . والكف عن البحث عن صكوك الغفران يمضيها الرجال -للعلم بحالات كثيرة باشمئزاز - أو بشفقة وعطف المانح .وبالتالي الطاقة المهدورة على الارضاء تهدر في بناء صيغ عمل ومواقف أكثر ايجابية وفاعلية تجاه النفس والبيئة الخارجية .
ومن المؤكد أن الصيغة التربوية المتضمنة لفكرة حماية الاناث يجب أن يعاد تقييمها , واسناد الصيغ التربوية الاسرية بآلية عمل جديدة , تدعم مفاهيم الذات المستقلة وليست التابعة ,تحرض الاناث على تبنيها . تحضنها وتنميها المناهج المدرسية , ويرفدها تدقيق في المحتوى والشكل للمادة الاعلامية المقدمة لجمهور التلفزيون , خاصة وأن غالبيته من النساء . بحيث يضمن رسائل على مستوى الوعي واللاوعي تدعم النضال من أجل الاعتماد على الذات وتربط بينه وبين الوعي باحترام الذات .