شيخوخة القهر لدى النساء


عدوية السوالمة
الحوار المتمدن - العدد: 5707 - 2017 / 11 / 23 - 17:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

شيخوخة القهر لدى النساء
الاحساس بالشيخوخة حالة نفسية نقع تحت تأثيرها نحن النساء عادة بتأثير العديد من العوامل منها الاحساس المشبع بهزائم الحياة لنا والذي كثيرا ما نقابله بصمت للتنعم بسلام مجتمعي زائف الشكل والمضمون فيدخل في مساماتنا يعمل فيها الهدم والتخريب ويظهرها في وجوهنا كألف سنة مما تعدون , وينخر في صحتنا فيرفع نسب الاصابة بالامراض المزمنة . فلا شيء يفنى ولا شيء ينعدم لابد أن يتحول لأشياء أخرى .
نسبة السعادة وتحقيق الرضى عن انجازاتنا هي المحدد لشيخوختنا النفسية , فالاحمال لاتتعاظم الا اذا كانت غير مرضية عندها قد نتجاوز المائة في اعمارنا النفسية .
التعاطي مع الوقائع الخارجية مرهون بتصوراتنا حول ذواتنا فكلما ارتبطت الصورة بشكل سيكولوجي معقد التركيب كلما ذهب تعاطينا بهذا الاتجاه وكلما كانت الصورة أكثر وضوحا واشراقا كلما ارتحنا مع هذا التعاطي . وعليه فإن التقدم بالخبرات وشكل ادراكها الانفعالي مرتبط بنمو نفسي إما أن يقدمها بشكل مشوه مربك يضغط على نظامنا النفسي ليعالجها بآليات الدفاع الهشة والمشوشة فتهدم احساسنا بالأمان وتصوراتنا حول السعادة المفترضة .أو يقدمها لنا بصورة موضوعية تتيح لنا المضي قدما في الحياة بخبرات تصقل نضجنا النفسي , لا أن ندفن تحت وطأة عدم التوافق معها.
الشيخوخة يمكنها أن تحل في المرحلة العشرينية حين يتمكن الاحباط من قتل رؤيتنا للمستقبل فتنتهي أحلامنا المحصورة أساسا في رجل مناسب يصنع هذه الاحلام لنكتشف أنه أيضا مقتول الاحلام في مجتمعنا الخالي من الفرص والنابذ للعمالة الشبابية .
اكتشاف هذه الحقيقة مازال يأتي متأخرا للأسف الشديد لدى النساء حين يطاردها المجتمع بتهمة مطلقة . وحين يضغطها العبء المادي بأطفالها المتخلى عنهم ماديا من قبل الاب وفي أفضل الحالات نفقة أشبه بعدمها .
مطاردة الخروج من الازمة غير مضمونة النتائج في كثير من الاحيان . قد تفضي بارتباط جديد لعدم القدرة على تجاوز تجربة الاحباط , ولعدم القدرة على صنع أحلام جديدة أكثر توافق مع الحياة التي قد تكون بحاجة فقط لرؤية نفسية أكثر وضوح حول ذاتنا وحول واقعنا بدل الاصرار على تحقيق أحلام وصلتنا بالتوارث الثقافي عبر الاجيال .أحلام لجيل نسائي سابق وكابوس للجيل النسائي الحالي . صناعة حلم جديد هو كل ما تحتاجه النساء حاليا يتوافق مع واقع مليء بالضغوط والتناقضات يرزح تحت وطأتها مجتمع بأكمله على جميع المستويات وبجميع الاعمار .
قد يكون المخرج أحيانا بالهروب في توعكات الجسد , واحتضاره ربما هروب من المواجهة وربما عدم قدرة على تبين الأسلوب المناسب للمواجهة والضياع في انعدام الحلول الموهوم ليعلن الجسد عن عدم قدرته على المواصلة ويصبح المرض المخرج الوحيد للانعتاق من صراعات الذات .
في العشرين قد تنتهي الحياة النفسية لنمارس دورا يلائم عمر الشيخوخة الحقيقية التي تحل عندما لا يطيعنا جسدنا في تحقيق المزيد من الاحلام التي من المفروض أننا طاردنا معظمها وحققنا الكثير مما نصبو اليه في أعمار سابقة عندها يمكننا أن نتطلع برضى لانجازاتنا ونتجاوز الأزمة النفسية الأخيرة بحسب رؤية أريكسون .
في العشرين الكثير من نسائنا قد بلغنا المرحلة الأخيرة من الازمات النفسية دون القدرة على تجاوزها بدون الادراك أن الوقت لصالحهن لتجاوز شيخوخة القهر والانطلاق من جديد في الحياة باكمال التعليم , أو بحرفة جديدة , أو بالسفر .
مهم جدا الايمان بالقدرة على المواصلة وبصنع أحلام جديدة نحن أبطالها بعيدا عن رهن تحقيقها بسماح الآخرين أو رفضهم .