فضيحة الستر والحرمان من الايزو


عدوية السوالمة
الحوار المتمدن - العدد: 5315 - 2016 / 10 / 16 - 19:01
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

العنف ضد النساء أمر يثير الكثير من القضايا الشائكة أثناء معالجته .
انسانيا ونفسيا لايجب ان تفلت الامور من بين ايدينا لتصل العلاقة الى هذا المستوى البدائي في التعامل مع الاخرين .خاصة في العلاقات التي يكون التراحم والتعاطف اساسا في بنائها .
لاننكر ظاهرة ارتفاع مستويات العنف في العالم ككل , وبالأخص العنف الموجه ضد الفئات المهمشة والضعيفة . مما يعني حصول المرأة على نصيب الاسد فيه وهو ما يطالبنا كأفراد وكمجتمعات التصدي له بدعم الجهود القانونية والنفسية والاجتماعية الهادفة لتحسين وضع المرأة .
في العالم العربي تعنيف النساء يأخذ طابعا مختلفا عن العالم المتحضر .فاذا ارتبط بالغرب بعدم السواء النفسي لشريكي العلاقة في حالة تمتع الطرفين بالرضى عن هذا النوع من العلاقات .بمعنى ارتباط شخص ذهاني بشخص عصابي قد يؤمن صيغة مناسبة للعيش في اطار علاقة مكملة تحقق مكاسب نفسية لكليهما . نراه لدينا مرتبط بشرعية مجتمعية يبيحها القانون والمجتمع ضمنيا برغم همجية الفعل التعبيري عن عدم الرضى . فلو تناولنا الموضوع من وجهة نظر المرأة المعنفة نجده يناقش في الكثير من الحالات على انه حق للذكور اصحاب السطوة في البيئة العائلية مما قد يعني عدم خضوع السلوك اصلا للنقد من قبل المرأة , وهو ما يمكنه ان يوجهنا نحو انفلات القيمة الذاتية من منظومة مفهوم الذات المشكل لديها. ويأخذ العنف طابع السلوك السوي لاثبات رجولة من وجهة نظر المرأة ذاتها . وللأسف الشديد وجهة موروثة كطقس عائلي سابق التشكل .
في الحالات الرافضة لهذا الطقس تواجه المرأة بعنف الطحن بين فكي الرفض والقبول .فإما قبول يمنحها مباركة مجتمع كشهادة ايزو على حسن سلوكها . وتمنح البركات والشفقات اللازمة وعندها حتى استغلالها من قبل مانحي الشفقات والبركات يصبح اسهل طالما انها تخشى الفضيحة.وإما الرفض والاستعداد لمواجهة تبعاته من حيث فقدان شهادة الايزو المجتمعية لكونها أنثى صابرة وابنة أصول ترفض توجيه اللوم للمعنف ذوي السطوة الذكورية في وسطها العائلي .الضغوط تمارس بشدة من المقربين وان تجرأت وأقدمت على التبليغ الرسمي تكرس الجهود لثنيها وتخويفها من الفضيحة من قبل القائمين على تنفيذ القانون ان ارادت المضي قدما في الاجراءات القانونية لردع المعنف .
التشريعات القانونية وجدت لحماية الضعفاء اولا , فإذا كانت الجهة الكافلة لحماية هذه التشريعات متواطئة ضمنيا ضد تنفيذها بدعوى الستر فيما يتعلق بحماية النساء , فإننا سندهش من التعارض الواضح بين ما تم الاتفاق عليه بين المشرعين على أنه حق وبين ما يؤمن به القائم على تطبيقه . ولا بد عندها أيضا من مراجعة المقصود بعملية الستر هذه , اذ أنها أصبحت هنا مرادفة للاذلال والانكسار , مرادفة للتهميش والتخلي عن الكرامة الانسانية , مرادفة أيضا للتخلي عن حق الدفاع عن الذات .
مشاعية الحياة الخاصة بفعل الفوضى الحاصلة بفعل التعنيف المتكرر , والهروب من المنزل وتشتت الابناء ان كنا في اطار الخلافات الزوجية , حدث فضائحي بحد ذاته لا علاقة له بالستر ولابد من وضع حد لتكراره .
الستر في هذه الحالة ليست سوى كلمة جوفاء يتم ترديدها دون فهم معناها .نشعر فيها بخوف من تسلم المرأة لمفاتيح حياتها وضياع فرصة تمكين الرجل من فرض سلطة متبقية بعد تجريده من سلطه بفعل القمع السياسي الممارس عليه . على أي حال , لابد من العمل على ايجاد آلية معينة لنشر الوعي بحقوق الانسان اولا لدى النساء في مجتمعنا العربي , ومن ثم المطالبة برفد التشريعات بقوانين تضمن حياة كريمة لهن .مازالت المرأة في اوساطنا العربية تتمتع بفكر ساذج حول حقوقها ورؤية ضحلة حول ذاتها , وهو ما يطالبنا برسم سياسات نفسية توعوية تحسن من الرؤية النفسية حول الذات وحول العالم لديها , بحيث يمكن بعدها تقبل فكرة تحمل المسؤولية بدون الاحساس بعبء نفسي يعيدها للبحث عن من يتحمل مسؤولية وجودها.