استنكار مجزرة الحويجة


ينار محمد
الحوار المتمدن - العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 09:23
المحور: حقوق الانسان     

كما كانت القوات الصدامية تفتح النيران بالضد من الانتفاضة في الجنوب والشمال والوسط اثناء وبعد حرب الخليج، وبنفس الوحشية قامت قوات المالكي بفتح النيران بالضد من معتصمي الحويجة يوم الثلاثاء 23 نيسان، بحجة تواجد بعض المسلحين داخل المتظاهرين. ولا يتطرق المالكي لمسألة كونه قد عبأ فرقة من الجيش العراقي مسبقاً وفرض حصاراً حول ساحة الاعتصام بالدبابات والهليكوبترات متهيئاً لقتل ومسح المتظاهرين عن بكرة ابيهم ان اراد. ولم تكن مفاجأة كبيرة عندما تم التنفيذ من قبل تلك القوات التي لا تأخذ اوامرها الا من القائد الاعلى للقوات المسلحة، وكان ان هجمت على المتظاهرين باطلاقات نارية قتلت 56 متظاهرا من المدنيين العزل فيما عدا مئات الجرحى. كما وانطلقت الهمرات التي دخلت الساحة بضرب ودهس المتظاهرين وسحق اجسام شخصين بالعجلات الى درجة جعل ملامحهم غير قابلة للتمييز لامتزاج العظم باللحم من تكرار الدهس. وقد هرب قسم من الجرحى الذين لم تكن اصابتهم قاتلة الى المزارع المحيطة، لكي يتم اغتيالهم لاحقا بواسطة رصاصات قريبة من اجسامهم وبنمط الاعدام-وحسب تقرير الطب العدلي.

في كل بلدان العالم، سواء التي تدّعي الديمقراطية ام لا، يكون للحكومة اليد العليا وهي التي تقرّر نوع تعاملها مع الجماهير ومقدرات المجتمع ويكون لها القرار الاول والاكبر في توزيع الثروات، احترام حقوق الانسان، فرض قوانين المساواة، ام فرض اوضاع التمييز على اساس العرق، والدين والطائفة والجنس. وليس للجماهير سوى ان تستجيب او تعترض او ترفض وتقاوم وطأة الظلم والتفرقة، وقد تضمنت بعض دساتير العالم مسألة حق الجماهير بمقاومة ظلم الحكومة وتنظيم الاعتراض والمقاومة ضدها. وذلك الحق مسألة انسانية طبيعية وحق يفرضه تطور بشرية القرن الواحد والعشرين، اذ ان حياة البشر قيمة مقدسّة لا تتجاوزها اية مقدسّات اخرى.

والمهزلة تكمن في ان المالكي وكتلته يتكلمون في الفضائيات ويتباكون بعبارات دينية حول ما يسمونه بـ"فتنة طائفية" وكأنهم ضحايا مساكين لعصابات اجرامية لئيمة غير مقدور عليها، بينما هم يتحكمون بجيش مليوني مسلّح بمثابة أداة قمع وسحق للجماهير. ويضحكون في قلوبهم وبمهارة الممثل البارع الذي تعلّم من معلميه الامريكان كيف يمارس تشويه الخبر اعلاميا بحيث يفرّق الجماهير مرة على اساس الجنس ومرة اخرى على اساس القومية ولكن في ذلك اليوم الاسود، اطلق حكم الاعدام الاجتماعي بالضد ممن يحتسبهم على اساس الطائفة الأخرى، مثبّتا لنفسه لقب البطل الأكبر للحرب الطائفية. ولعل مخطّطي الاحتلال الامريكي يحتفلون في هذه الايام في البيت الابيض لكون مخططهم لتقسيم العراق وبث اوضاع الفوضى والنهش الطائفي في العراق لما لا يقل عن عقد قادم قد تحقق.

تستنكر منظمة حرية المرأة النهج الاجرامي للتعامل مع المتظاهرين في المنطقة الغربية، وتطلب من حكومة المالكي الكفّ عن قمع الجماهير واعتماد ثقافة الكراهية ضد الاقليات، ولكن يبدو ان اتباع نهج انساني مساواتي ليس من مقدرة رؤوس وحكام الاسلام السياسي.

اما التشبث بمقولة ان هنالك متسللين مسلحين، فهي ذريعة للتغطية على مخطط جر العراق الى حرب اهلية؛ والا فهل يعقل ان تهجم طائرات مروحية بالرصاص على المتظاهرين العزّل، حتى ولو كان بينهم مسلحا- او ان يتم ضرب متظاهرين من مسافة قريبة بنمط الاعدام الجماعي، او دهس المتظاهرين بعجلات وسحقهم الى اشلاء لم نتمكن من تمييزها الا عن طريق تعرف اهاليهم على احذيتهم.

قامت السيدة خديجة حسين ممثلة منظمة حرية المرأة في الحويجة بتعبئة ما يقارب من مئة من النساء والتوجه بهن الى ساحة الاعتصام لغرض فك الحصار يوم الأحد السابق للمجزرة، الا ان قوات الجيش منعتهن من الدخول لثلاثة ايام، ومن ثم فتحت النار على المتظاهرين العزل. كما وقام المعاون الطبي السيد محمود عباس ومعه اطباء مستشفى الحويجة بمحاولة امداد المعتصمين بالأدوية. كما ويقوم ممثلونا في المنطقة الغربية-سامراء تحديدا- بزيارة الأهالي المحتسبين على طائفة اخرى لكي يوفروا لهم الحماية والدعم النفسي. ولا يزال لغاية الان هنالك 80 من المفقودين ومصيرهم مجهول لغاية الان، ولقد وجد الأهالي صبيا صغيرا منهم مقتولا صباح اليوم في المزارع القريبة من ساحة الاعتصام. ولذا نحمّل الحكومة مسؤولية اعادة كل المفقودين سالمين الى اهاليهم دون تعذيبهم او النيل منهم.

لن يهنأ جماهير العراق بالأمان وبأمل بمستقبل مشرق في ظل حكم الاسلام السياسي الطائفي، ولن يكون الحل سوى بدولة ودستور علماني وغير قومي، دولة تقر وتدافع عن الحريات والمساواة بعيدا عن اي تمييز ديني طائفي وقومي. دولة التوزيع المتساوي للثروات على كل الجماهير، وليس دولة الفساد والابادة الجماعية باسم الدين والطائفة.

عاشت جماهير الحويجة البطلة حرة ... وتظل اسماء ضحايا النضال من اجل الحرية خالدة على مر التاريخ

ينار محمد
منظمة حرية المرأة في العراق 29-04-2013