أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم الجوهرى - الأمن القومي المصري ودور الحاضنة الفكرية الرافعة















المزيد.....

الأمن القومي المصري ودور الحاضنة الفكرية الرافعة


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 6375 - 2019 / 10 / 10 - 11:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن الأمن القومي قد يظن البعض أن محدداته محسومة ومستقرة في الدراسات الإنسانية والعسكرية والتاريخية، إلا أن تلك قناعة في حاجة لمراجعة ونقاش بعض الشيء، فالأمن القومي في حقيقة الأمر هو فكرة ثقافية بالأساس تتمدد وتنكمش ما بين الضعف والازدهار، لتمد لنفسها أسوار الحماية على الأرض وقد تضيق الأسوار على أهلها أو تتسع بهم وتَرْحَبُ، ولا يحدث اختراق للأسوار إلا إذا اخترقت الفكرة قبلها، أو غفل القائمون عليها في الانتباه للمتغيرات المحيطة بها أو توقع مساراتها.
من هنا يكون الأمن القومي دائما في حاجة لحاضنة فكرية تعمل كبيت خبرة له، وكتيبة استطلاع فكرى وليس فقط كتيبة استطلاع عسكري، لتعمل هذه الحاضنة الفكرية وتجدد مفاهيمه وتحدد نطاقات عمله وتطرح أمامه احتمالات المستقبل وتستشرف مآلاتها وفق تصورها لـ "مستودع هويتها" وأولوياته في كل مرحلة، وأعتقد أن ما ينقص الجماعة المصرية حاليا هو غياب تلك الحاضنة الفكرية التي تصنع الصلة بين "مستودع الهوية" التاريخي وبين الطرق الانية للعبور للمستقبل، والقادرة على استشراف المتغيرات المحيطة به وطرح السيناريوهات على الحوار المجتمعي وأمام الإدارة السياسية للبلاد.
هناك دائما مفاصل تعبر من عليها الأمم في لحظات التحول التاريخية وتعمل كرافعة لها نحو المستقبل، وإذا اعتبرنا الأمن القومي هو في الأساس يرتبط بتصور الجماعة البشرية عن نفسها ومكوناتها الثقافية الخاصة بها ومستودع هويتها، لقلنا أن الأمن القومي هو مبحث ثقافي بالأساس خاصة في عالم تتدافعه عناصر الهوية المختلفة ما بين الذاتي والوافد، ما بين الاستلاب للآخر والتمسك بما هو خاص وموروث، وأصبحت فكرة البقاء في عالم متغير تتطلب ضرورة الاستثمار في بناء المراكز الثقافية، التي تعمل أبحاثها في نطاق التدافع الحضاري وتستشرف طرق بقاء الجماعة المصرية وازدهارها، في ظل إقليم مشتعل بالتدافعات الثقافية الإقليمية والدولية.
الأمن القومي في حده الأدني يرتبط بتأمين الموارد الطبيعية اللازمة لاستمرار جماعة بشرية في الحياة وتأمين مقومات وأبنية هذه الجماعة والدفاع عنها وعن تلك الموارد، وفي حده الأقصي يتحول لفكرة التمدد الحضاري والحركة في أشكال التمدد والتوسع وتبادل السيطرة بين الأمم والجماعات المتجاورة.. هناك شق يمكن تسميته بالجانب الصلب للأمن القومي، والشق الثاني يمكن تسميته بالشق الناعم للأمن القومي، الشق الثاني هو الذي يرسم المسارات ويحددها لكي يشغلها الشق الأول، أبرع الاستراتيجيات العسكرية لا يمكن لها أن تضمن البقاء إلا إذا صاحبها استراتيجية للاحتواء الثقافي والحضاري، وكذلك أمهر التصورات الثقافية لا تستطيع تأمين بقائها في جماعة ما، إذا لم تتوفر لها الحماية الصلبة في مواجهة مساعي فرض االرأي بالقوة، من هنا لا يسقط الأمن القومي لجماعة ما إلا إذا حصل الشقاق بين بنيته الصلبة وبنيته الناعمة.
لا تحدث هزمية صلبة/ عسكرية للأمن القومي لجماعة بشرية ما، إلا إذا وقعت غفلة لبعدها الناعم/ الثقافي وأخطأ في استشراف وقياس أنماط التدافع الحضاري المحيطة به، أو أخطأ في تأويلها ، أو أخطأ في الاتغماس في تفاصيل صغيرة وسقط منه سهوا الالتفات للصورة الكبيرة، من هنا تكون أهمية الوعي والمعرفة العميقة والدراسة الجادة لأشكال التحول والتدافع التاريخية بين الأمم، لربط ما هو تاريخي بما هو مستقبلي استشرافي، مصر تفتقد لحواضن فكرية رافعة تطرح السيناريوهات والاحتمالات أمام الحوار المجتمعي والإدارة السياسية للبلاد.. مصر تفتقد للمفكر الحضاري القادر على قراءة أنماط التدافع التاريخية، واستشراف محددات وجود أنماط التدافع المستقبلية واحتمالتها.
تغرق البلاد في تفاصيل وصراعات صغيرة وتهمل الكليات والبحث في مصير الجماعة المصرية أو ما أصبح يسمى بالأمن القومي، الجناح الصلب (العسكري والمادي عموما) أو الجناح الناعم (الثقافي او الفكري عموما) يحتاج حاليا لإعادة تقديم حجته أمام العالم وكسب التأييد لها قبل أي حراك، مصر في حاجة لاستعادة وجودها الأساسي في دوائر انتماءاتها المتعددة وفق مستودع هويتها.
خاصة في ملفات مثل ملف المياه تحديدا أمام الدول الأفريقية والصين، وكذلك أمام الهند وروسيا واليابان وأمريكا اللاتينة والدول الأوربية ذات النفوذ، يجب أن يحظي الاختيار المصري ناعما أو صلبا (وللترتيب دلالة جوهرية) بالحجية أمام الرأي العام الأفريقي والعالمي، نحن في حاجة لحشد خطابات الحاضنة الثقافية وطرح سيناريوهات المشهد أمام الحوار المجتمعي، ثم عرض حجيتها بالأخص أمام أشقاء القارة السمراء ودولها الرئيسية، وأمام الأدارة السياسية المصرية قبلا ليكون أمامها أفق الاختيار من متعدد وإمكانية التعرف على البدائل وما يتطلبه كل بديل.
الأمن القومي الصلب/ العسكري/ المادي، دون حاضنة ثقافية/ ناعمة/ فكرية رافعة، له سيفقد البوصلة.. القوة في حاجة لمبرر ونظرية وحجة للوجود، هناك نقص في الطروحات الفكرية أمام الإدارة السياسية المصرية لضبط مسار الأمن القومي المصري الصلب، وفق نماذج تطبيقية واقعية على الملفات الحاضرة الآن أمام الدبلوماسية المصرية، عموما تفتقد الحاوية المصرية لمساحات التفكير الكلي/القومي، وانغمس المعظم في تدافعات وتقاطبات التفكير الجزئي/ السياسي، وعلت اصوات الاحتجاج على أصوات طرح البدائل.
الظواهر الاجتماعية/ النفسية التي صاحبت ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وأثرها على النخب المصرية في حاجة لدراسة متأنية، يبدو أن النخب الفكرية المصرية وقعت في العديد من سمات عامة الناس، بما تضمه من ميل للتعبير والكتابة الانطباعية الظرفية للتنفيس لا أكثر.
الجماعة المصرية في حاجة لاستعادة الكثير من قيمها الأساسية، القيم القومية الأساسية بعيدا عن التدافعات السياسية الظرفية الراهنة التي ستنتهي عاجلا أو آجلا، وبنية المؤسسات الثقافية/ المعرفية في حاجة للاهتمام بإنشاء الحواضن الفكرية أو مراكز الأبحاث المستقبلية، القادرة على وضع السيناريوهات للعبور للمستقبل واستكشاف احتمالاته، في ظل الوجود في إقليم يتعرض لعمليات تدافع حضارية شديدة ما بين التمدد الحضاري والهيمنة الوجودية والتنافس داخل "مستودع الهوية" الواحد.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكرار فجوة الخطاب الأيديولوجي مع الحراك الاجتماعي
- فجوة الخطاب الأيديولوجي المصري مع الحراك الاجتماعي
- الموقف المصري من ثورة السودان وأثره على سد النهضة
- الأمن القومي وخطورة تغييب الثقافة الذاتية
- النمط الاجتماعي المصري وبطل محمد رمضان وبطل السقا
- الدعوة لزيارة القدس والنماذج المعرفية التطبيقية
- النموذج التفسيري للصهيوينة الماركسية واليسار الأممي والقومي ...
- مفاجأة التصريح الرئاسي بالمرجعية الدولية للقضية الفلسطينية
- العبور الجديدة وولاية قانون التصالح في المباني
- مفهوم المقاومة وزيارة القدس: كشف ورقة المفاوض المصري الأخيرة
- زيارة القدس.. شرعنة الاحتلال وتجميل لوجهه
- ثورة الفلاشا: اليهودي الأبيض أم اليهودي الأصفر
- صفقة القرن وتيار الاستلاب للصهيونية/الغرب
- مرجعية مفهوم السلب الوجودي لصفقة القرن
- دولة ما بعد 30 يونيو: كيف يضبط السياسي الأمني أو العكس؟
- مصر وإعادة تدوير المتاح الثقافي
- الجزار يرد على حملة خليها تعمر بمدفن قمامة
- نمط الحرب الأمريكي: الصفقة وصدمة الوعي
- ميلاد لحظة التحديث بين ثورتي العرب وأوربا
- التوصيف الوظيفي والعاصمة الإدارية الجديدة لمصر


المزيد.....




- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم الجوهرى - الأمن القومي المصري ودور الحاضنة الفكرية الرافعة