أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - الصحيح والعقلاني














المزيد.....

الصحيح والعقلاني


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6076 - 2018 / 12 / 7 - 21:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصحيح والعقلاني :
===========
أزمتنا ليست فيما يتوفر لنا من ممارسات صحيحة أو ممارسات خاطئة ، وليست فيما يصدر من قرارات يراها البعض سحيحة ويراها الآخرون خاطئة ، أزمتنا لاتكمن أبدا في المسافة بين الخطأ والصواب ، وإنما هي خارج هذا الاعتبار تماما ، لأن الخطأ وارد وواقع رغم أنفنا أحيانا ، وأحيانا يحالفنا الصواب دونما قصد أو تدبير ، والمشكلة هنا هو تصورنا أننا نقع في الخطأ لأننا أغبياء ، أو نصنع الصواب هكذا بالفكاكة أو بالفهلوة أو لأننا أذكياء بلا حد ، والحقيقة أن الأمر لا يعود إلي الغباء أو للذكاء ، وإنما تتسبب مجموعة من العوامل من ضمنها الغباء أحيانا في وقوعنا في الأخطاء بشكل متوالي ويتلخص تاثير الغباء في هذه الحالة في عدم تنبهنا إلي أن الخطأ هو وليد حالة ظرفية في زمن معين محكوم بظروف محددة ، وليد مجموعة من العوامل البيئية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية ومستوي الوعي السائد ونوعيته وقت وقوع الحدث أو القرار أو أي ما كان ، ولكي نصحح هذا الخطأ ينبغي لنا أن نغير تلك الظروف جميعها دفعة واحدة.
إذن أزمتنا ليست في مدي ما يشوب حياتنا من أخطاء ، ولا في مدي حاجتنا الماسة لتسيير حياتنا في الاتجاه الصحيح ، أزمتنا العميقة هي فيما هو عقلاني في حياتنا أو لا يتفق مع العقل علي الاطلاق فقد يكون الصحيح في حياتنا غير عقلاني بالمرة وحينذاك نكون متجهين لا محالة نحو الاصطدام بالحائط التي يؤدي الاصطدام بها إلي الخروج تماما من مسيرة الحضارة الإنسانية وأعتقد أننا في سبيلنا الآن للوصول إلي هذه الكارثة إذ تأخذنا نخبتنا الدينية والثقافية والسياسية نحو الاصطدام الدراماتيكي بالحائط بخطوات متسارعة .
منذ ما يزيد علي الألف عام ونحن نسير خلف ما يقال إنه الصحيح ، نتلمس خطاه ، ونتذاكر معانيه ، ونتناقلها جيل بعد جيل ، ولم نتوقف ولو للحظة واحدة لنفكر ، ونتساءل هل هذا الصحيح عقلاني أم أنه مفارق لكل عقل مفارقة تامة؟ .
ثم إننا لم نفكر مرة ولم نسأل أنفسنا ولا مرة ، هل يجوز للصحيح الذي نشأ في زمن فائت وظروف بيئية وثقافية ومعرفية واجتماعية وسياسية واقتصادية معينة أن يكون صحيحا أيضا في ظروف مغايرة تماما ومفارقة تماما للظروف التي نشأ فيها هذا الصحيح؟؟.
طوال مسيرتنا الألفية الميمونة ونحن لا نسأل سوي سؤال واحد لا غير : هل هذا صحيح أم غير صحيح ؟ ، بينما الأمم التي فارقتنا حضاريا وتركتنا في ردغة الطين كلما حاولنا توحلنا كانت تنقب في تاريخها وتراثها وحضارتها عما هو عقلاني حتي لو كان خاطئا ، لأن الخطأ العقلاني يمكن تصحيحه باجراءات عقلية غاية في البساطة ، إجراءات يسمونها تطوير ، أي أن الخطأ العقلاني يمكن تطويره فيصبح صالحا للدهشة من شدة ما فيه من عقلانية قديمة وحديثة معا ، لكن الصحيح الغير عقلاني كلما مر الوقت وكلما تغيرت ظروف نشأته أكثر كلما زاد الشك فيه ، وزادت غرابته ، وقلت قابلية النفس الانسانية له ، فضلا عن دور هذا الصحيح في عدم بروز صحيح آخر ، أي فضلا عن دوره في وأد النقاش ، وتثبيت عجلة الحياة ، ومن ثم توقف عمليات التطور الفكري ، إذ كيف تناقش أو تنتقد شيئا أجمع العلماء ( كما يسمونهم ) علي صحته؟؟ ، كيف يمكنك تعديل اتجاه الحياة نحو أي حالة تطور فكري أو ثقافي أو إنساني في الوقت الذي حدد فيه هذا الصحيح كل الاتجاهات وأغلق كل الأبواب التي كان من الممكن استغلالها لتقديم حالة معرفية جديدة ، أو تعديل في نوعية الوعي الذي أرسي هذا الصحيح قواعده وثبتها ومنع قيام أي محاولة للخروج عن هذه القواعد؟؟.
العقلاني يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب ، لكن الصحيح صحيح وحسب لا خطأ فيه ولا يجوز لك أن تناقش أو تجادل في صحته ، العقلاني نسبي ، متغير ، يتطور ، يتواري بسهولة ويسر عندما تدحضه حقائق جديدة ، لكن الصحيح أبدي ، ثابت ، لا يتطور حتي أن فهمك لمحتواه لا يمكنك أن تغيره ، والصحيح لا يزول أبدا ولا يقبل ظهور حقائق جديدة وهو يدحض كل معرفة جديدة وكل وعي مختلف ويسمي كل محاولة للخروج عليه بدعة والبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
في الحياة التي لا يجوز فيها تغليب العقلاني علي ما هو مُجمع علي صحته عليك أن تقبل فهم العلماء لما هو صواب أو خطأ مهما كانت المسافة الزمنية بينك وبين هؤلاء العلماء ، إن قالوا لك إن تارك الصلاة يُقتل فلا يجوز لك أن تناقش هذا الفهم فما بالك إن حاولت تقديم فهما جديدا لنص من النصوص؟؟!!
وإن حدثوك عن الرجم أو عن إرضاع الكبير أو نكاح الصغيرات فليس لك إلا أن تسمع وتطيع ولا تحاول حتي أن تفكر مجرد أن تفكر في إنكار ما حدثوك عنه ، غير مقبول منك أن تقدم فهما جديدا تحاول به إزاحة فهم الأولين ، ليس غير مقبول وحسب وإنما تصبح هذه المحاولة تجديفا وكفرا صريحا وقد تكون نتيجة هذه المحاولة هي ذبحك مثلما تُذبح الشاة.
الصحيح عند أنصاره صحيح تماما ولا يمكن أن يكون غير ذلك أبدا مهما كانت نتائج هذه الصحة التي أحيانا ما تكون كارثية ، لكن العقلاني عند أنصاره مجرد خطوة نحو الوصول إلي ما هو أفضل ، وهذه النقطة بالتحديد هي التي وسعت مساحة الفوارق الحضارية والانسانية بيننا نحن أتباع الصحيح وبين أتباع العقلاني الذي ربما حسب فهمهم قد لا يكون صحيحا بالمرة....!!
لك أن تنظر فيما يقدمه العقلاني عن المرأة من حيث كونها من العناصر الفاعلة في المجتمع والتي تؤدي أدوارا متساوية تماما مع أدوار الرجل ، ثم لك أن تنظر بعد ذلك فيما تقدمه المفاهيم الصحيحة في مجتمعاتنا عن المرأة باعتبارها شريكة الشيطان وحليفته في إغواء الرجل ودفعه دفعا نحو ارتكاب الآثام ، وقس علي ذلك كثيرا من المفاهيم التي لا تقبل أي نوع من المناقشة.
أزمتنا إذن هي أننا نعيش حياة كل شيء فيها يقيني وصحيح صحة مقدسة ، بينما يخطو العالم من حولنا خطوات واسعة في مجال التقدم والرقي وهم يبحثون عن ذلك الشيء الذي يمكن اعتباره صحيحا فلا يجدون ذلك أنهم يعيشون حياة عقلانية الصحيح فيها مؤقت سرعان ما يزول ليبرز صحيح آخر قابل للزوال لأنه عقلاني تماما.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الكهنة هذه ليست لغتنا
- المرجعية واحدة
- كتاب الشعب وكتاب الدولة
- الحصار من كل الجهات
- المال والرأسمال
- التطوير بين التلفيق والترقيع
- المرأة ، والحب والزواج وكثير من الأكاذيب والجرائم


المزيد.....




- القضاء التونسي يصدر حكمه في جريمة قتل بشعة هزت البلاد عام 20 ...
- -بمنتهى الحزم-.. فرنسا تدين الهجوم على قافلة للصليب الأحمر ف ...
- خلافات بسبب تعيين قادة بالجيش الإسرائيلي
- تواصل الحراك الطلابي بعدة جامعات أمريكية
- هنغاريا: حضور عسكريي الناتو في أوكرانيا سيكون تخطيا للخطوط ا ...
- تركيا تعلق معاملاتها التجارية مع إسرائيل
- أويغور فرنسا يعتبرون زيارة الرئيس الصيني لباريس -صفعة- لهم
- البنتاغون يخصص 23.5 مليون دولار لشراء أسلحة لكييف ضد أجهزة ا ...
- وزارة العدل الأمريكية تتهم سيناتورا من حزب بايدن بتلقي رشوة ...
- صحيفة ألمانية تتحدث عن سلاح روسي جديد -فريد ومرعب-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - الصحيح والعقلاني