أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - هايل نصر - -إصلاح- و-حوار-















المزيد.....

-إصلاح- و-حوار-


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 3410 - 2011 / 6 / 28 - 04:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


خلال نصف قرن لم يسمع المواطن العربي كلمة اسمها إصلاح و أخرى اسمها حوار, ولم ينطق بهما وكانّ لفظهما كان عصي على اللسان العربي. فجأة وفي الشهرين الأخيرين من عامنا الحالي, وتزامنا مع الاحتجاجات والثورات الشعبية على الطغاة والمتلاعبين بالكلمات, أصبحت الكلمتان على كل لسان تنزلقان انزلاقا, وبسهولة التزلج على الجليد, وكأنهما حلتا محل العبارة المستهلكة بعمرها الأربعيني "بالروح بالدم". كلمتان ترددهما المحطات الفضائية والأرضية, وكل وسائل الإعلام, بتواتر يشبه التوتر العالي, وباتساع يتعدى الوطن ليصل إلى خارجه ـ وهما أساسا موجهتان للخارج كتعويذة وقاية من الضغوط والتشهير والتلويح بالحصار والأمور الكبار, خاصة وان الخارج هو من يُعمّد ويمدد ويُنصّب ويخلع ــ.
وبات السؤال, إذا كان الحكام قبل المحكومين يرددون صباحا مساء: إصلاح اصلاح. حوار حوار. فلماذا لا يرى أحد على ارض الواقع لا إصلاحا ولا حوارا؟. ولماذا حين يُطالب المواطنون بتحويل الأقوال إلى أفعال تُدمر البيوت وتقتلع الأشجار؟. ولماذا يستعمل الرصاص الحي ويقتل الآلاف وتلاحق الدبابات المواطنين "العصابات" حتى إلى خارج الديار؟. هل لأنهم غير إصلاحيين أو اصلاحيين زيادة؟. أم هي طريقة حضارية في التعامل لدعوتهم مكرمين إلى طاولات الحوار, أم لجزائهم على ابتكارهم أو تقليدهم الآخرين من العرب , جزاء سنمار؟.
ضرورة الإصلاح لا يختلف عليها اثنان. الخلاف كل الخلاف على المعاني والمقاصد التي يراد لهذه الكلمة أن تحملها أو تعبر عنها. قبلها أو تظاهر بقبولها الكثير من الطغاة في زنقتهم الأخيرة, التي لم يسبق أن زنقوا مثلها طيلة تاريخهم الثقيل بالمآسي. القبول هنا لم يكن اعترفا بوجوب إصلاح في بنية الطغيان والاستبداد, ولا في أسباب ورموز الفساد, ولا في وسائل رد الكرامة والحرية للإنسان ولا في إخراجه من التابعية إلى المواطنة وحقوق المواطنية. إصلاح في مثل هذه الأمور يُخرج النظام عن طبيعته ويطيح نهائيا بأسسه. إصلاح لا يجوز استدعاؤه من قبل “العصابات" والمندسين, والخارجين على القانون, "قانونهم بطبيعة الحال" والمخربين, والعملاء, والمرتبطين بالخارج, والسلفيين, ومتعاطي ومروجي المخدرات, والمهربين ( كان ابلغ من صنفهم هو عميد الزعماء العرب, فهم جرذان سيجري في كل مكان لشدهم).
كلمة الإصلاح زاودت بطرحها وسائل الإعلام الكاذبة الموضوعة تحت تصرف الحكام, فوصفوا هؤلاء بأنهم اصطلاحيون حقيقيون وسادة الإصلاح. فكروا به وعملوا سرا له منذ زمن بعيد, ولكن الظروف والتآمر والاستهداف طيلة 50 عاما لم تترك لهم فرصة إخراجه من النوايا إلى الأفعال !!!. (استهداف دام نصف قرن ولم يستطع إسقاط أو حتى إيذاء مُستهدف واحد من المستهدفين !!!. يا لعظمة ومناعة المستهدفين !!!. ويا لغرابة وهزال المؤامرات والمتآمرين !!!. ويا للقلق المزمن والدائم للأمريكيين والغربيين !!!.)
إذن لا حاجة للشعوب أن تطالب بإصلاح وتستعجله فالحكام أكثر منهم حرصا وإصرارا عليه. المشكلة مشكلة استهداف بثياب إصلاح, والمسالة مسالة وقت. هل نصف قرن في عمر الشعوب يعني شيئا؟.. يا لروعة الإعلام في "زنقة" الحكام !!!.
تُعقد للإصلاح الندوات البينية بين السلطة وحزبها وأعوانها وجبهتها,( ويُستجلب للتنظير له كوادر من الإخوة اللبنانيين الذي فرغوا لتوهم من كل الإصلاحات عندهم, ولم تقعد بهم الهمة وتمنعهم من نقل تجاربهم لنا !!!. ومع ذلك, ومن باب العتب, لا ندري بأي حق يُخونون السوريين ويسفهون مطالبهم, وكيف يسمح لهم بذلك دعاة الوطنية السورية وعلى أجهزتهم الإعلامية !!!, قد يكون لهم "مونة" حتى ولو أنهم الأخ الأصغر, أو لأننا أبناء أمة عربية واحدة) ولا يتم الاكتفاء بهذا ولزيادة إثبات المصداقية وسلامة الطوية الإصلاحية, يتم الاستشهاد بكلمات وشهادات قيلت ـ بعد إخراجها من سياقها ــ في صحف أجنبية, وبشكل خاص روسية, أو صينية, أو إيرانية , عالية الموضوعية والمهنية والمصداقية, وخاصة إذا تعلق الأمر بالإصلاح في مجال الإنسان وحقوق الإنسان.
الإصلاح لا يكون إصلاحا إذا كان تنزيلا واصطفاء, أو كان مجرد نوايا وتسويفا, هدفه الوحيد إخراج النظام من أزمته ثم العودة إلى نقطة البداية. لعب ورقة مثل هذا الإصلاح, في الوقت الضائع, كل من بن علي ومبارك وما زال يلعبها القذافي ويناور بها سيد الإصلاحيين ورجل المبادرات اليومية عبد الله صالح, فكانت النتائج المنافي أو السجون أو ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية. أو المستشفيات أو الاختباء حتى عن عيون من كانوا بالأمس من الأصدقاء.
كيف يمكن بناء إصلاح حقيقي وجذري قادر على نقل الدولة من الاستبداد إلى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان, بعقول رجال أدمنوا الاستبداد فدخل في تركيبتهم الفسيولوجية والذهنية؟. كيف يمكن الإصلاح باليات عفا عليها الزمن وأصبحت عبئا على الحضارة والتطور والحداثة؟. كيف يمكن الإصلاح إن لم تُنزع القدسية عن الزعيم ويرجع إلى مواطنيه إنسانا عاديا قابل للانتخاب أو الرفض أو العزل. قابل للمساءلة وتحمل تبعات الإخلال بالمسؤولية؟. الرئيس الإنسان الذي لا يختلف عن غيره إلا بشغله للوظيفة المنتخب لشغلها.
الحوار كالإصلاح لا يرفضه احد إن لم يكن:
ـ حوار الذئب مع الحمل.
ـ حوار القوي مع من لا حول له ولا قوة.
ـ حوار بين سلطة غاشمة وأفراد من الرعية لم يجلسوا يوما لحوار, ومن نطق به سابقا دفع الثمن غال من حريته وكرامته ومعيشته.
ـ حوار وفي كل شارع دبابة وقناص, وتحليل سفك الدماء.
ـ حوار بين مواطنين وطنيين بامتياز, وأنصاف مواطنين بوطنية منقوصة, مجرد رعايا في إمبراطوريات الرعب.
ـ حوار أصحاب السلطة والجاه والثروة مع من لا سلطة لهم أو ثروة أو اعتبار وجاه.
ـ حوار تديره أجهزة الأمن من خلف الستار.
ـ حوار مموه وباسم مستعار.
ـ حوار لا يغير من طبيعته دعوة مناضلين لم تنل السجون والمعتقلات من شكيمتهم, بهدف فعل ما لم تفعله السجون بهم من إفقاد للمصداقية وشق للمعارضة الوطنية والثورة الشعبية, حوار يتم الإشادة الكاذبة برعايا الداخل وشيطنة إخوانهم في الخارج.
الحوار الحقيق هو الحوار بين متساوين, أو حوار راع لراع, كما يقول الفرنسيين. الحوار الهادف والصريح, الذي تُطرح فيه الأمور بكل صدق ووضوح. حوار بين من يمتلكون الحس الديمقراطي ويقبلون بالغير وبالندية.
قد يقول أحدهم أن مثل هذا ليس حوار في السياسة ولا فيه فن الممكن, انه من المثاليات, ويدخل في باب علم الأخلاق والآداب والعظات. قد يكون هذا صحيحا إن كان موضوع الحوار تسوية قضية عادية, أو وضع حل لمسألة بسيطة خلافية. أو لإسناد بطولة مسلسل لممثل دون غيره ــ باعتبار غالبية المدعوين للحوار وعصبه فنانون ممثلون ومنتجون ــ. أما الحوار في إعادة بناء الدولة فهو غير ذلك, ولا بد أن يكون الشعب نفسه هو سيد الحوار وراعيه ومديره دون منازع, فهو المعني أولا وأخيرا, وان دخلته السلطة لا تدخله بامتيازات السلطة, إلى حين الاتفاق على طبيعة الدولة ومهامها واختصاصات كل سلطة. الحوار أيها السادة لا يستقيم إلا إذا كان بين متساوين في السيادة والمواطنة والحقوق والواجبات.
الحوار الذي يثار الكلام عنه هذه الأيام, المنادى به والمنادى عليه بلغة فوقية متعالية وعقلية استبدادية حتى قبل الإعداد والترتيب له, ليس فيه أية صفة من صفات الحوار الجدي والفعال, لا يُرى فيه ولا يُشتمّ منه إلا حوارا للخروج من "الأزمة", خداع وتهدئة لإعادة الأمور لنصابها وإعادة "هيبة" السلطة الممرغة إلى هيبتها. ونسيان الدماء المسفوحة والكرامات المهانة والمدن المستباحة, ومحاولات لإسكات الداخل والخارج عن الأهوال والفظائع. أي لا يهدف إلا إلى استرداد للقوة القمعية وإعادة إخضاع من تحرر من الخوف إلى الرعب المستديم.
مثل هذا, وإن سُمّي حوارا, لا يمكنه أن ينهي الاستبداد والقهر والفساد, ولا يمكن لعقلية شمولية تحكمية سادت نصف قرن أن تنقلب فجأة إلى حضارية حوارية. ولا لثقافة شمولية أن تتحول إلى ثقافة الإصلاح والحداثة والحوار. وعليه ليس مستغرب من رجالات سلطة يطلبون نسيان قارة كاملة, حتى ولو كانت القارة العجوز, بأنها موجودة على الخريطة, بان يطلبوا من المتحاورين حين تلاءم الظروف إن ينسوا بان كان هناك حوار ومتحاورين ونتائج للحوار.
هل عرف التاريخ طغاة تحولوا يوما إلى دعاة لمفاهيم الحرية, والى احترام الكرامة الإنسانية, والى تبني الديمقراطية, والى السعي لخراب دولتهم لبناء دولة القانون والمساواة والعدالة والمؤسسات, وكل ذلك بالحوار الحضاري وحده, الحوار في الوقت الضائع, وبعد ارتكاب الفظائع.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميراث للتصفية.
- ليسوا عصابات , ليسوا مندسين ولا متآمرين.
- الخارج. المغتربون, المهاجرون, والمهجرون.
- نشدت حوران المجد. فدان المجد لها.
- حين تنطق بقايا النظام العربي.
- سُعار السلطة 2
- العالم العربي. تحول عصر
- نساء من وطني
- الثورة من اجل الحرية والديمقراطية
- السياسة فن الممكن
- إلغاء مبكر لحالة الطوارئ.
- المحاكمة. ساعة الحقيقة.
- الشعب يريد اسقاط النظام كل النظام
- سموا الاشياء باسمائها
- إصلاحات ما قبل الرحيل
- محامو السويداء. للحق وقفة. اعتصام وحداء.
- سُعار السلطة
- في محاكمة بيتان مارشال فرنسا هل يفلت طغاتنا من المحاكمة ؟
- ميادين التحرير. اسقاط أنظمة ورقابة شعبية 2
- ميادين التحرير. إسقاط أنظمة ورقابة شعبية .


المزيد.....




- أمريكا تعلق على إعلان أوكرانيا عن إحباط محاولة لاغتيال زيلين ...
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- مصر.. الأزهر يدين الاقتحام الإسرائيلي لمعبر رفح ويطالب المجت ...
- -هآرتس-: شركة أمن أمريكية خاصة ستتولى إدارة معبر رفح الحدودي ...
- البنتاغون يعلن إنجاز الجيش الأمريكي لبناء الميناء العائم قبا ...
- الملك عبد الله الثاني يؤكد من الولايات المتحدة على ضرورة منع ...
- الولايات المتحدة تطلق مناورات عسكرية واسعة في أوروبا
- أمير الكويت في تركيا لبحث قضايا المنطقة
- استخباراتي أمريكي سابق يكشف طريقة لإرسال قوات الناتو إلى أوك ...
- وكالة الطاقة الذرية تدعو إيران إلى اتخاذ -إجراءات ملموسة وعم ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - هايل نصر - -إصلاح- و-حوار-