أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عارف علي العمري - سؤال هز كياني وزلزل مشاعري














المزيد.....

سؤال هز كياني وزلزل مشاعري


عارف علي العمري

الحوار المتمدن-العدد: 2920 - 2010 / 2 / 17 - 10:56
المحور: المجتمع المدني
    


( 1 )
انه الداء العضال, والشر الوبال, الذي ابتليت به المجتمعات اليمنية دون غيرها, وأصبح علامة بارزة في ثناياها, فلا تذكر القبيلة اليمنية إلا اخذ هذا الداء مكانه الشاغر في أسرارها الداخلية, انه داء أذاق القبيلة بكل أطيافها, وتوجهاتها السياسية, كل معاني البؤس والشقاء , الذي خيم عليها – ولا زال – أزمنة عديدة, ففرق صفوفها, وشرد رجالها , وأصبحت المراءة هي ربة المنزل بدل الرجل, داء جعل الطفل يصطلي بنيران القسوة والجفوة من الآخرين, ولا يملك إلا أن يلعن مجتمع جعلت منه العادات والتقاليد, خصماً للرحمة, ونداً للتسامح والتصالح, وعدواً للإنسانية , مجتمع أتقن كل تقاليد الجاهلية, فجعل من دائه ( اللعين ) على كل خد دمع, وفي كل بيت نائحة .
( 2 )
لم يكن احمد ذو العشر السنوات يستطيع أن يميز بين كثير من الأشياء , فهو طفل لا تزال براءة الطفولة ترتسم فوق خديه, ومعالم الفطرة التي ولد عليها تفرش معالمها على كل تفاصيل جسده النحيل, اخذ يتفرس بعيناه الصغيرتان, معالم الأبوة بين عشرات الرجال الذين زاروا منزل والده لا ول مرة, أعاد النظر مرة تلو أخرى, وأنا ارقبه, وارصد تحركاته, انتقل معه في كل حركة, يتحركها, كنت أقراء في عيناه شيء, لا يستطيع أن يعبر عنه إلا بدموعه التي تنزل على خده كالجمان, وهو يركض يمنة ويسرة منتظراً صوت أبيه الجهوري يناديه ( ها أنا ذا يا حبيبي ), - وهو لا يعلم أن هؤلاء الرجال الملتفون حوله – يلقون نظرة الوداع الأخيرة على والده, - رآني اسمر عيناي الغارقتان بالدموع نحوه, فهرول نحوي يسالني سؤال اقشعر له بدني, وأقام به شعر راسي, سؤال هز كياني , وزلزل مشاعري , وأربك تصرفاتي , وأدخلني في عالم الغيبوبة , لقد اخذ يُرددُ أين بابا ؟؟؟ أين بابا ؟؟؟ حينها اكتفيت بان ضممته إلى صدري, وابتعدت به عن جريمة من أبشع جرائم القتل , جريمة حولت أبيه إلى أوصال متقطعة, بعد أن كانت بضع وستون رصاصة قد اخترقت جسده , لتحوله إلى جثة هامدة في عداد الموتى , الذين جعل منهم ( الثأر ) لوحة سوداوية, بين مئات اللوحات السوداوية في بلاد السعيدة .
( 3 )
لم يكن ذالك المقتول , شخصاً مجرما, ولم يحرض يوماً من الأيام, على قتل أولئك الذين وجهوا فوهات بنادقهم نحو صدره الطيب, ولم يتحيز يوماً من الأيام مع قبيلته, التي راح ضحيتها, بل كان عائشاً للحق ومع الحق, وكان دائماً ما يردد قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِين ) وكان ينم ذلك عن عقلية الإنسان المثقف, الذي أراد أن يكون مفتاحاً للخير, مغلاقاً للشر, لكن هيهات هيهات, أنى يكون ذلك, والقبيلة اليمنية على مدار تاريخها الطويل, لا تعرف إلا مثلها الشعبي القائل ( إذا ما وجدت الغريم وجدت ابن عمه ) , ولم تعرف أن النفس بالنفس والجروح قصاص , وان عرفت فهي متمادية في غيها, سادرة في ظلالها, وخصوصاً في ظل أنظمة تسم الخلي بسمة الولي, وتؤزر أبناء الحرام بثياب الإحرام, وتخلع على الصعاليك ألقاب الملوك , أنظمة صنعت الثارات القبلية, لتشغل الآخرين بأنفسهم, وتعيش حياة الرغد والرخاء وتتنعم بثروات البلاد, لتجعل من فوارق النفط مزارع عملاقة, أو قصور شاهقة, وتعيد المواطن إلى العصور الوسطى التي كان يستخدم فيها كعبدٍ لا يمتلك من معاني الحياة, وقيم المواطنة شيء .



#عارف_علي_العمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلاميون ورسالة الاعلام
- ارتياح محلي وترحيب دولي بإيقاف الحرب السادسة في شمال اليمن
- الثار في اليمن هل سيكون سبب في انحراف السلوك الاجتماعي اليمن ...
- الحوثيون احلاماً تتبخر في سماء صعده
- صعده وشيء من تفاصيل الحرب
- حرب صعده .. ازمة قياده ام ازمة ثقة
- الجيش اليمني يودع ابرز قادته خلال عملية الارض المحروقة
- اقرار جرعة جديدة ابرز نتائج مؤتمر لندن بشان اليمن
- حرب صعده يوميات متفرقة
- هل سينجح الحراك الجنوبي في انتزاع مطالبة من حكومة صنعاء؟
- هل سيقود مؤتمر لندن الى ضمانات اقتصادية ام الى وصاية دولية؟
- بن شملان الرحيل في احلك الظروف
- البيضاء والعامري التناسق والتناغم
- يوميات الحرب في اليمن بين الجيش والحوثيين وبين الحوثيين والس ...
- مائة يوم من الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية
- كيف اصبح اصطفاف المشترك في مواجهة الحوثي مستحيل
- حرب صعدة من اول شرارة حتى اخر قذيفة
- موقف احزاب اللقاء المشترك من حرب صعدة
- اليمن بعيون خارجية
- صعدة مستنقع الدم ومخزن البارود


المزيد.....




- الأونروا تتحدث عن شاحنات تنقل جثثا من إسرائيل إلى غزة
- إسرائيليون يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل للأسرى
- رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد الجنائية الدولية بإجراءات إذا ...
- احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات اعتقال إسرائيل ...
- هل تصدر الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو؟
- المفوض السامي لحقوق الإنسان: إجراءات الشرطة الأمريكية تجاه م ...
- رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد الجنائية الدولية بإجراءات إذا ...
- نتنياهو يناشد زعماء الغرب منع مذكرات اعتقال لقادة إسرائيل
- توقيف مؤثرة كاميرونية وسط خيم المهاجرين الأفارقة يثير ضجة في ...
- الاتحاد الأوروبي سيعلن عن مساعدات للبنان لوقف تدفق اللاجئين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عارف علي العمري - سؤال هز كياني وزلزل مشاعري