صلاح الأنصارى
الحوار المتمدن-العدد: 1950 - 2007 / 6 / 18 - 11:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
من اوراق روزا لوكسمبورج حول الاضرابات
فى مايو 1891 قام حوالى 125 الفا من عمال بلجيكا باضراب جماهيرى , مطالبين بادخال تغييرات الى النظام الانتخابى . وفى ابريل 1893 , انفجر اضراب أخر ضم حوالى ربع مليون عامل , هبواى من أجل مطالب مشابهة . كانت الاستجابة لهذه الاضرابات عامة وشاملة . كان حق الانتخاب مصانا للجميع الا ان اصوات العمال والفلاحين ( أى تضرب بـ 2أو 3 ) بعد هذا التارخ من تسع سنوات نفذ اعمال اضرابا أخر مطالبين هذه المرة بتبديل كامل للدستور .
تركت هذه الاضرابات أنطباعا رائعا عند روزا لوكسمبورج , وعلى الأثر كتبت مقالتين حولها " التجربة البلجيكية " , نشرت أنذاك فى الأزمنة الحديثة فى أبريل عام 1902 و " مرة ثالثة عن التجربة البلجيكية " , نشرت أيضا فى نفس المجلة فى مايو من عام 1902 . أشارت روزا من خلال مقالتيها السابقتى الذكر الى الطبيعة الثورية للأضراب السياسى الجماهيرى ووصفته بسلاح الطبقة العاملة الخاص فى النضال . كما أعتبرت الاضرابات الجماهيرية , السياسية والاقتصادية منها , تشكل عاملا أساسيا فى النضال الثورى من أجل وصول الطبقة العاملة الى السلطة .
أنتقل حماس روزا لوكسمبورج وفهمها لهذا الأسلوب الى بعد جديد وذلك مع اندلاع الثورة الروسية عام 1905 ( فى الثورات البرجوازية السابقة , حيث كانت الأحزاب البرجوازية تتعهد التربية السياسية للجماهير وقياداتها الثورية , اقتصرت المهمة الثورية فى اسقاط الحكومة وكانت المعركة الصغيرة خلف المتاريس هى الشكل المناسب للنضال الثورى . أما اليوم وفى الوقت الذى يجب قيه على الطبقة العاملة تعليم وتنظيم وقيادة نفسها للسير فى طريق النضال الثورى , أصبحت الثورة موجهه ليس ضد سلطة الدولة القائمة فحسب , بل ضد الأستغلال الرأسمالى أيضا . برزت الأضرابات الجماهيرية كطريق طبيعى لتحريك فعل الشرائح البروليتارية العريضة بأتجاه التثوير والتنظيم الذاتيين . وهى فى الوقت نفسه أسلوب يتم بواسطته اضعاف واسقاط سلكة الدولة القائمة وكبح الأستغلال الرأسمالى ... ولكى نضمن مشاركة الطبقة العاملة ككل فى اى عمل سياسى مباشر , يجب أن تنظم الطبقة العاملة نفسها , وهذا يعنى قبل كل شىء طمث الغاء الحدود بين العملين الصناعى والحرفى وبين العملين الفكرى والعضلى .
يجب أن تترفع هذه الطبقة عن الخلافات بين ورش الحرفيين , التى تعتبر بمثابة نير عبودى يومى , يساعد الرأسمالية فى السيطرة عليهم . لهذا يعتبر الأضراب الجماهيرى الشكل العفوى الطبيعى لكل عمل بروليتارى ثورى عظيم . وكلما زادت أهمية دور الصناعة فى الأقتصاد أقترب دور الطبقة العاملة ليصبح دورا رئيسيا , وكلما أحتد الصراع بين العمال ورأس المال , أصبحت الأضرابات الجماهيرية أقوى وأشد حسما . تعتبر الأشكال المبكرة للثورات البرجوازية ( المعركة من خلف المتاريس , المواجهة المفتوحة مع سلطة مسلحة ) بمفاهيم الثورة اليوم , عبارة عن فصل واحد فى مجمل عملية الأضراب الجماهيرى للبروليتاريا .
• أشارت روزا الى أن جميع الاصلاحيين يظنون أن هناك سورا صينيا بين النضالات الجزئية من أجل الأصلاح الأقتصادى والنضال السياسى للثورة , الا انه فى المرحلة الثورية يتطور النضال الأقتصادى ليصبح نضالا سياسيا والعكس صحيح . لا تسير الحركة فى أتجاه واحد فقط من نضال أقتصادى الى نضال سياسى بل تسيير أيضا بالأتجاه المعاكس . فبعد أن يصل كل فعل سياسى جماهيرى هام الى قمته , ينتج عنه سلسلة من الأضرابات الجماهيرية الأقتصادية وهذه القاعدة لا تنطبق على الأضراب الجماهيرى المنفرد فقط بل على الثورة بشكل عام ومع أستمرار وضوح وتكثيف النضال السياسى لا يمكن لمعركة النضال الأقتصادى أن ترتد , بل على النقيض من ذلك , ستزداد أنتشارا وستصبح أكثر تنطيما وتركيزا . وهناك علاقة تأثير متبادل بين هذين النضالين .ان كل نصر حديث للنضال السياسي هو رزمة جديدة من القوة للنضال الاقتصادى , وفي الوقت نفسه يتسع بذلك المجال امام العمال لتحسين ظروفهم وتقوية نبضهم , الشىء الذى سيعزز خصالهم القتالية . وبعد كل موجة سمو لحدث سياسي , نحصل علي مجال خصب ملائم يتفرع عنه الاف من النضالات الاقتصادية . والعكس صحيح تماما . يقدم نضال العمال الصلب ضد راس المال دعما كبيرا لهم في كل مرحلة من مراحل النضال السياسي . والنضال الاقتصادي يشكل خزانا لا ينصب ، يستقي منه النضال الطبقي دائما قوى جديدة .
• يقود النضال الاقتصادي البروليتاري المريح كل دقيقة الي تثوير الصراعات المعزولة هنا وهناك , وسوف تتمخض الاخيرة , بشكل غير متوقع , عن نضالات سياسية ذات نوعية عالية وعلي نطاق واسع .
• باختصار , يمكن القول , ان النضال الاقتصادي يشكل عاملا دافعا للحركة من سياسة محرقية الي اخري .اما النضال السياسي فيخضب وبشكل دوري ارضية النضال الاقتصادي . وفي كل ثانية تتبادل السبب والنتيجة الادوار . لهذا نري ان العاملين الاقتصادي والسياسي لم ينفصلا عن بعضهما البعض خلال فترة الاضرابات الجماهيرية في روسيا , ولا يجوز الحديث عن احدهما دون التطرق الي الاخر , كما يقترح اصحاب البرامج المتحذلقة . ان الانتفاضة المفتوحة , هي الذروة المنطقية للاضراب الجماهيري ,التي يمكن ان تتحقق نتيجة عدد من الانتفاضات الجزئية , التي تهيأ الأرضية المناسبة واذا لم تستغل بالشكل المناسب يمكنها ان تؤدي الى هزائم , واذا حصل ذلك , يبدو للعيان كأنها حدثت في وقت غير مناسب او ولدت قبل أوانها .
• ما هي الأثار الفعلية , التي تبرز في ضمير الطبقة العاملة نتيجة الضرابات الجماهيرية " يعتبر النمو الروحي للبروليتاريا هو الأمر الأثمن والأثبت في مراحل المد والجذر الحاوية للموجة الثورية . يقدم التقدم السريع لمكانة البروليتاريا الفكرية ضمانا حقيقيا لتطورها المستقبلي البعيد في النضالين الاقتصادي والسياسي
• ما الذي تصنعه المثالية في عقول العمال ! تضع جانبا تلك الأفكار , التي تدعوهم الى دعم وحماية انفسهم وعائلاتهم , في مرحلة استمرار الصراع . وتدعوهم الى عدم التساؤل عن الاعدادات الفنية التمهيدية : وحالما تبرز مرحلة جديدة من الاضرابات الجماهيرية الحقيقية الجديدة , تصبح جميع " العمليات الثمينة " متشابهة لكيل المحيط بواسطة دلو . وما هذا الا محيط او بحر من المصاعب والحرمنات المتعبة للبروليتاريا – هذا هو الثمن الثابت لكل ثورة . ان تقديم الدعم المادي للاضرابات وتوليد مقدار كبير من المثالية بين الجماهير لتصبح منيعة وصامدة في وجه الحرمنات المخيفة , هو الحل الذي تأتي به المرحلة الثورية .
ان ما اثبت راي روزا , هو لمحة روح المبادرة والتضحية بالنفس التي التقي اليها العمال خلال الثورة .
*********
من أوراق روزا لكوسمبورج
#صلاح_الأنصارى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
