أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - صلاح الأنصارى - رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الأولى















المزيد.....

رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الأولى


صلاح الأنصارى

الحوار المتمدن-العدد: 1946 - 2007 / 6 / 14 - 08:13
المحور: الصحافة والاعلام
    


على مدار اربع حلقات تحاور الصحفى وائل عبد القتاح بجريدة الفجر مع الأستاذ / يوسف درويش
فى شهر أكتوبر 2005

حكايات يوسـف درويش من عصر السلطان حسين إلي زمن حسنـي مبارك


ظل يوسف درويش يطاردني سنوات..

أقصد اسمه.

تسمع عنه في حكايات كثيرة..اسم بلا تفاصيل.. رمز أشياء لها تقدير.. واحترام.

وعنوان حكاية مثيرة تختلط فيها اليهودية بالإسلام.. بالشيوعية.. بالسجون والاتحاد الاشتراكي.. بعبد الناصر.. وإسرائيل .

بين الاحترام والإثارة كان اسم يوسف درويش يظهر ويختفي.

وعندما قابلته وجدتها كلها حكايات ناقصة.

أجمل ما فيها الحكايات الصغيرة جدا.

هو شخصية كبيرة ..لعب أدوارا أسطورية من وجهة نظر عشاق ومريدين تكتشفهم كلما اقتربت من عالمه، لكن الممتع أن نكتشف كيف يعيش..؟! وكيف ينظر إلي العالم بعد حياة حافلة؟!

فكرت أن اقترب من زاوية مختلفة.. أري كيف تعيش أفكار يوسف درويش في 3 أجيال.

هو المولود في سنة 1910 عندما كان حاكم مصر هو السلطان حسين.

وابنته "نولة" ..الباحثة والمترجمة.. والمهتمة الآن بحقوق المرأة (عضو مؤسس في جمعية المرأة الجديدة..) شغلتها السياسة هي الأخري وذابت مع حركة الطلاب الشهيرة في 1972، السنوات الانتقالية من عبد الناصر الي السادات.

و الثالثة.. ابنتها.. حفيدته.. "بسمة" التي لم تعرف سوي حسني مبارك.. وهي مذيعة ثم ممثلة نجحت في التليفزيون والسينما رغم انها ليست من "استايل" النجومية المعتاد في السنوات الاخيرة.

حكاية ممتدة عبر 3 أجيال.. كل منهم خارج النمط التقليدي.. عرضت الفكرة علي نولة درويش ووافقت، لكن في اليوم التالي اجتاحت قوات جورج دبليو بوش بغداد، وتأجل الموعد.. والفكرة.

في نهاية شتاء 2004 حكي لي زميل صحفي (مصطفي السعيد) عن مشروع تصوير مجموعة أفلام تسجيلية.. سيبدأها بيوسف درويش.. وتحدث بالتفصيل عن الأيام الأولي للتصوير.. أبديت اهتماما بالاسم.. فقال لي مصطفي: "تحب تشترك في الفيلم.. ستخرجه عرب لطفي.. ويمكن أن تكتب التعليق".. ابتسمت.

كنا وقتها نعد لإصدار "الفجر" .. ونبحث عن أفكار جديدة.. مذكرات أو شخصيات لم تحرقها الصحافة.. ووجدتني اقترح من جديد: مذكرات يوسف درويش.. أقدم سياسي في مصر.

وأيضا أكلت الأعداد الأولي الوقت والأفكار التي تؤجلها لكي تتعامل معها بإتقان أكثر.

حتي سمعت باستضافة يوسف درويش في برنامج مني الشاذلي "الساعة العاشرة".. وعرفت بعدها أن هناك فيلما تسجيليا (يشترك فيه الزميل سيد محمود والمخرج عمرو بيومي) ومن إنتاج شركة العدل جروب.. عاد الحماس من جديد بعد أن تصورت أن الاقتراب من يوسف درويش سيضاف إلي الأحلام المؤجلة.

وبحثت عن رقم تليفون يوسف درويش.




«الحديدي»

أسمه الحركي أطلقه زملاء التنظيم بعد «صموده» في المعتقل قضي فيه 11 سنة متقطعة» وهذا ما جعله حكاية كبيرة في أساطير حركات اليسار في مصر.. أشهر محامي عمال من الأربعينات.. ومؤسس تاريخي لتنظيمات العمال والفلاحين.. ومهندس خلايا سرية.. وأب روحي لحركات يسارية جديدة تتمرد علي متاحف اليسار القديم والتقليدي المستقر في تحالف مع السلطة والمستريح تحت مظلة الماضي المجيد.

هو شاب رغم العصا الخاصة التي تحافظ علي توازنه أثناء المشي، توقعت أنها بسبب العمر، وعرفت أنها الأثر الباقي من حادثة غامضة.. حكاها بشكل سريع: ".. أثناء رحلة المشي اليومية المعتادة من البيت إلي النادي الأهلي مرورا بالأوبرا ..في طريق العودة و بعد أن عبرت حديقة الأندلس.. فوجئت بسيارة بوليس تسير عكس السير.. باتجاهي ومن الصدمة و جدتني علي مقدمتها.."

"فسرها كما تشاء"..

أنهي الحكاية بملاحظة مهمة: "تعرف طبعا ان هذا الشارع اتجاه واحد".

المدهش أن هذا حدث بعد عودته من إقامة طويلة خارج مصر (الجزائر من 1973 إلي1980 .. ثم تشيكوسلوفاكيا إلي 1986).. وفي توقيت قريب من حادثة أخري لا تقل غموضا.. انهت حياة زعيم يساري آخر هو زكي مراد (وهو غير والد المطربة الشهيرة ليلي مراد ).

هل هي حادثة مدبرة ..؟!

أخاف طبعا من نظرية المؤامرة، لكن تبدو الصدفة مثيرة للانتباه صدفة توقيت الحوادث الغامضة لزعماء تنظيمات يسارية ..خبراء في التنظيم ولهم جاذبية الاستمرار في النضال خارج صفقات السلطة.. كما أن يوسف درويش حكي لي أنه كون خلية سرية وهو في الجزائر.. كما أنه حافظ علي اتصال بتنظيمات تمد الصلة بين اليساريين في القاهرة وباريس.

ستجد اسم يوسف درويش أيضا علي أغلب بيانات حركات المعارضة الجديدة.. "كفاية" الحملة الشعبية من أجل التغيير" ..فهو علي رأس الحالمين بمصر جديدة.

أساله: "كيف تري حياتك...؟"

لا ينتظر تكملة السؤال: "..شوف أنا عشت أيام عبد الناصر.. حقق إنجازات عظيمة.. الاستقلال.. وتاميم قناة السويس.. والسد العالي.. والصناعات الكبيرة.. لكن كل هذا ذهب مع الرياح، لأنه كان بلا ديمقراطية.. لم يدافع أحد من أصحاب المصلحة عن هذه الإنجازات.. لأن الشعب كان غائبا عما يحدث.. ولهذا وصلنا إلي الكارثة التي نعيشها.."

مازال يوسف درويش يحلم بديمقراطية حقيقية.. تفصل بين السلطات.. ويقول:"أنا لست ضد ما يحدث في الشارع الآن من مظاهرات لكن كل هذا لن يأتي بثمار، إذا لم يحدث وعي في أرض الواقع بين العمال والفلاحين وسكان المدن والقري.. ساعتها سنضمن وجود الديمقراطية.."

كان يتحدث بحرارة.. رفعت عندي درجة الحذر: هل سيحول كل الكلام إلي قضايا عمومية.. كلما أساله عن شيء خاص.. سيدفعه إلي قضايا في السياسة.. كيف إذن سأفتح معه ملفاً حساساً مثل أصله اليهودي.

هل من المفروض أن أتحدث عنه..؟!

هل أبحث عن إثارة بالنبش وراء موضوع نتحدث عنه دائما بشكل مريب..؟!

هناك مدخل سهل وهو الحديث مع يوسف درويش باعتباره: "يهودي ضد إسرائيل".

و هذه حقيقة.. لا مبالغة فيها فهو منذ اللحظة الأولي رفض إقامة إسرائيل، لأنها دولة عنصرية سرقت أرض شعب.. وطردته من بلاده.. قال هذا في لجنة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة جاءت إلي مصر سنة 1947 ..: "كانت تقيم في فندق شبرد.. وذهبت إليها أنا وواحد صديقي.. وقلت لهم إنني ضد إسرائيل.. وقتها كنت أوزع منشورات ضد الصهيونية في شارع عماد الدين عند جروبي..".

إنه مدخل سهل جدا.. خاصة أن يوسف درويش كان ضد "كامب ديفيد" أيضا.. لأنها لم تحقق العدل.

والعدل من وجهة نظره هو :دولة علمانية واحدة تجمع كل سكان فلسطين مسلمين و ومسيحيين ويهوداً.

اذن سينتهي الكلام عند هذا الحد.

لكنني اريد مستوي اخر من الكلام عن يهودي في مصر..اريد اكتشاف الجزء المنسي من حكايتنا ..سألته:" هل رأيت فيلم "انس بغداد ..".

نظر بدهشة..وقال لي :"..لا "

وحكيت له .."انس بغداد " .




كانت الراقصة المرحة تطل من الجانب الأيمن للصورة. في الخلفية صوت محمد فوزي بالمرح نفسه ثم عشرات من راقصات خفيفات ..الكاميرا تتأمل جسد الراقصة الرئيسية وتركز علي الأجزاء الرشيقة..علي يسار الصورة رجل عجوز يحكي رحلته من بغداد إلي إسرائيل .

هكذا انتهي فيلم "إنس بغداد" بحلم أن تعود الحياة كما كانت في الفيلم الشهير " فاطمة وماريكا و راشيل".

ربما أدهشتني الأمنية الرومانتيكية لفيلم يدخل منطقة شائكة هي الصراع بين العرب والإسرائيليين .ومن مدخل معقد هو اليهود المهاجرين من العراق إلي إسرائيل في الثلاثينات والأربعينات. كما أنه لا يعتمد علي المشاهد المألوفة للحرب اليومية في فلسطين . بل علي قلق شخصي يحرك المخرج للبحث والاكتشاف عبر الصورة. ومنها تتكون حكاية تعيد رواية ما نعرفه بطريقة جديدة و صادمة . أو تكتشف فيما نعرفه ثغرات و فجوات تختفي فيها قصص منسية من تاريخنا الحديث.

هذا ما فعله سمير.وهو اسم المخرج الذي اختار أن يوقع بدون لقب عائلي .مولود في بغداد عام 1955 وهاجر مع عائلته إلي سويسرا. اسمه بالكامل : سمير رياض جمال الدين . أي أنه من عائلة مسلمة وهو ما يعطي لمحاولته في البحث مذاقا مثيرا . يحكي سمير أنه أثناء حرب الخليج شاهد علي شاشة ال"سي أن ان" عائلة إسرائيلية تضع أقنعة غاز واقية خوفا من صواريخ صدام حسين و خيل له أنهم يتحدثون العربية ..وتذكر علي الفور حكايات أبيه عن رفقاء له في الحزب الشيوعي العراقي كانوا من اليهود ..هنا بدا أول خيط . سافر سمير ليبحث عن أبطال حكايات الأب . كلهم لم يتذكروا أباه لكنهم تذكروا معه التفاصيل المنسية.

يوسف درويش مختلف..لأنه لم يسافر اسرايل.

لا هو ولا احد من عائلته .

لكن حكايته هي جزء من تفاصيل منسية ..نهرب من مواجهتها ..ونخاف من الاقتراب منها..و نتعامل معها بريبة وحساسية تفقدها متعة العثور علي الاجزاء الناقصة من الصور القديمة.




يوسف موسي يوسف درويش.

مكان الميلاد: القاهرة

تاريخ الميلاد :2 اكتوبر 1910

المهنة : محام.

هذه هي بيانات جواز السفر .

وهي لا تقول طبعا ان يوسف درويش يهودي لم يغرق في اسطورة اليهودي المضطهد او صانع المعجزات او الاسطورة التي لا تقهر. لم يحبس نفسه في اصل لم يساهم في اختياره. يتحدث عن تفاصيل ما يعرفه عن اليهودية بشكل مريح . كنت اتصور انه سيشعر بالتوتر في هذه المنطقة الحساسة من حياته . لكنه تكلم بشكل بسيط ادهشني ...بل و اربكني احيانا، لأنه مع كل حكاية كان يقول لي :"..انا لا اعرف الكثير عن اليهود..".

اي ان الكلام معه حول فكرة اليهود هو مصاحبته في رحلة اكتشاف شخصية .

حكي مرة بحماس :"..اترجم الان كتاباً مهماً جدا ..اسمه اليهود علي ضفاف النيل ..اعرف منه معلومات جديدة علي تماما ...عرفت ان اليهود كانوا وزراء ومسئولين من الفراعنة و حتي الآن...عرفت ايضا انه كانت لهم مناصب في الدولة المصرية..و المفاجأة انني لاول مرة اعرف ان السلطات في مصر القت القبض علي 300 يهودي بعد 1967 ..انه كتاب سيغير كثيراً من الحقائق المستقرة عن اليهود في مصر.سأعطيك نسخة عندما انتهي من ترجمته .."

من المؤلف :"..صديق لي مات منذ سنوات قليلة ...يهودي مصري هاجر الي فرنسا ..كان يزورني هنا في البيت ..اهداني كتابه في واحدة من زياراته..لم اهتم به في البداية ..تصفحته ..لكنني عندما عدت اليه اكتشفت انه كتاب مذهل..المؤلف اسمه جاك حسون ..". " ياه ..جاك حسون .."

صرخت بفرح ..ادهشه :"..هل تعرفه؟! "

قلت له :"..انه بطل خلوة الغلبان .."

وحكيت له عن القصة التي كتبها الاديب ابراهيم اصلان عن رجل كان يجلس بجواره في دعوة عشاء ضمن وفد الأدباء المصريين في باريس..وقال له:"..انا مصري .."

وعرف انه من قرية قريبة من المنصورة اسمها " خلوة الغلبان " الاسم اعجب ابراهيم ..وقرر ان يكتب رواية باسمها ..اخبره ان اباه طلب منه ان يأتي بحفنة تراب من مصر و ينثرها علي قبره ..وفي شيء من الأسي قال ، دون ان تختفي ابتسامته ، انه لم يلحق، ثم اتسعت هذه الابتسامة و هو يضيف انه استطاع ان يلحق امه ..عندما ماتت و نثر التراب الذي احضره من مصر علي قبرها.. حكي له عن بيت العائلة.. وعن العطفة التي مازالت تحمل اسم عائلته"حسون" في شامبليون.. وفجأة ضرب بيده علي المائدة وانتابته حالة من الهياج الحقيقي و صاح :"مصر..مصر الجميلة "

وملأ الكوب لابراهيم اصلان وقال إن " اسرائيل هي التي افسدت كل شيء.."

" اقول لك هذا الكلام مع انني يهودي .."

فوجيء اصلان و اصابه ما يشبه الوجل و ظل صامتا حتي قال الي اقرب اذن :"..علي فكرة الراجل اللي قاعد جنبي يهودي ..".

كانت هذه صدمة اللقاء الاول مع يهودي حتي ولو من مصر..صدمته جعلت ابراهيم أصلان يتهرب من جاك حسون و من دعوته ..وبعد ان عاد الي القاهرة ظلت الحكاية تشغل ذهنه :"..كنت اشعر بشيء من الذنب وانني مدين له بالاعتذار ..".

وفكر في انه في اول زيارة لباريس سيبحث عنه ..هذا قبل ان يفاجأ بخبر موته بالسرطان عام 1999 ..وعرف منه انه من مواليد 1936 وانه واحد من علماء النفس المشهورين في باريس ( عرفت من كتاب الدكتور محمد ابو الغار عن اليهود في مصر انه كان مهتما بانقاذ المقابر اليهودية في البساتين ).

يوسف درويش كانت له طريقة اخري غير طريقة جاك حسون ..الذي هاجر مع عائلته الي فرنسا 1954 .

هو الان مسلم لم تتغير حياته بعد انتقاله في الاوراق الرسمية الي دين الاغلبية.ربما كان الانتقال هو نوع من الاندماج في مجتمع يمر بفترات هستيريا تدفعه الي التفكير بمنطق القطيع و القبيلة الواحدة.لا يحتمل الاختلاف لا في لون و لا دين او تفكير ..او حتي في تصور للعالم غير التصور المعتمد و الجاهز في ذهن الاغلبية .

لم يهتم يوسف درويش في حكاياته باللعب علي هذا الانتقال ..وبدا ان الانتقال اجراء روتيني لانه في الاول و الاخير.." انسان..".

هكذا قال لي عندما سألته سؤالا اراه الان مستفزا: كيف تري نفسك الان..يهودي ..مسلم ..ام ..؟!

"انا انسان.."

تخيلــــت في المــــرة الثالثـــــة ان يوســـــف درويش يصرخ.




"هل تعرفني..؟!"

سالني يوسف درويش فجأة.

كنت اجلس بالقرب منه علي كرسي بلاستيك ابيض.. في صالة الشقة 44 بالعمارة رقم 5 شارع يوسف الجندي .

هنا يعيش يوسف درويش منذ 50 سنة.

الكرسي الابيض هو احدث شيء اضيف الي موديل الاثاث الذي بدا لي انه اختير منذ 30 عاما مثلا ..ليناسب ذوق اصحاب البيت الانيق و البسيط بلا فخامة مزعجة.

لم ينتظر اجابتي ..اكمل معي الحوار ..و توقف عند اشارات ذكرتها له من معلومات سابقة عن حياته....فقال بدهشة اجتهد في ان يخفيها :"..انت تعرفني اذن..".

في المرات التالية سألني نفس السؤال.

واجاب هو علي طريقته :"..انا سألت نفسي لماذا فجأة تهتم بي الناس..و عثرت علي اجابة ..الحقيقة انهم يقولون ان هذا رجل عمره 95 سنة ..ولهذا تأتون و تستمعون لي وتسألونني عن رأيي و ملاحظاتي .. تعرفون حكايات عن تاريخي .."

وابتسم اكثر :"..وانا فعلا رجل مروّح.. "




يوم الاحد 5 اكتوبر 2005..الساعة السادسة ..احتفل يوسف درويش بعيد ميلاده.. وصلت متأخرا كالعادة.

وبعد اقل من خمس دقائق التقطت صوت رنة موبايل.

بحثت عن صاحبه.لم يهتم احد سوي يوسف درويش..يده تحاول العثور علي الكائن الصغير ..حاول ان يرد ..طلب مساعدة "بسمة"..وظل مرتبكا حتي وصله صوت الطرف الثاني.

الموبايل هدية بسمة.

و علي الطرف الثاني جويل...حفيدته من ابنه " مجاهد " مهندس الالكترونيات الدقيقة الذي يدير 5 مصانع في شركة سواتش السويسرية الشهيرة...وفي نفس الوقت عضو اكاديمية العلوم هناك.

بعد دقائق اتصل سامي الابن الثاني .

نولة علقت بجمل قصيرة ..توازت مع مشاغبات بسمة.

كنت اقف علي الباب المؤدي لحجرة المكتب اكتشفت ان هذه هي المرة الاولي التي اتأمل فيها يوسف درويش بعيدا عن مقعده..وانني الأن في قلب عائلة يوسف درويش .

مجاهد ابنه من زوجته الاولي.

يحكي عنه بفخر شديد : "..ولد سنة 1942 ..في مستشفي في شارع فيني علي يد طبيب شهير وقتها اسمه ابراهيم باشا..خرجت من المستشفي منتعشا جدا ..قابلت سعيد خيال المحامي المعروف سالني عن سر سعادتي اخبرته فقال لي سمه مجاهد لانك انت..مجاهد فعلا .."

" نولة " لم تكن تسميتها بعيدة عن مزاج الحياة المختلفة للاب.

ولدت و هو في السجن 1949..من زوجته " اقبال حاسين " ..ذات الاصول المغربية و التي عاشت معه اكثر من 50 عاما ..صورها في اماكن كثيرة علي الحوائط او بجوار مقعده الدائم ..و هو يتحدث عنها بصيغة تبجيل" كانت رائعة جدا".

في الزيارة رأي يوسف درويش طفلته..و عرف ان اسمها جاء نتيجة صدفة عجيبة فالام لا تجيد العربية ..و بحثت في القاموس الفرنسي عن معني كلمة هدية ..ووجدت في الشرح انها " نولة" ..وكانت هي هدية يوسف لاقبال .

يخلط يوسف بين اسم بسمة ونولة..يقول لي " نولة كانت في التليفزيون .." و هو يقصد حواراً تليفزيونياً مع بسمة..وهو خطأ يعبر عن محبة ممتدة من البنت التي مازال الاب يتحدث عنها بفخر و انحياز.

اساله عن المطربين المفضلين فيقول :"..ام كلثوم ..و عبد الوهاب و منيرة المهدية و ليلي مراد و طبعا عبد الحليم حافظ.."

قلت له : " كل هؤلاء عاديين ..هم الذوق العام ....الم يكن لك ذوق خاص .."

يشرد :"..لا كنت اسمع هؤلاء..لكنني احب منير الآن ( نطق اسمه كما ينطقه المغرمين باغنيات محمد منير ) .."

ضحكت ..فاكمل :"..هناك ايضا مطرب دمه خفيف ظهر في فيلم "حريم كريم ".."

هتفت :"..تحب مصطفي قمر..لا هذا انحياز لبسمة ..لانها ظهرت معه في الفيلم وليس حبا في صوته.."

ضحك و قال :"..يمكن.."!!

سألته المذيعة:

"لماذا بقيت هنا..رغم ان عائلتك كلها هاجرت ؟!"

ضحك يوسف ليخفي الثقة من تأثير اجابته :"..لانك اختي .."



#صلاح_الأنصارى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انا بحبك يا مصطفى - مصطفى عبد الغفار درة فى تاريخ الحركة الع ...
- حلم واحد .. درب واحد
- الحركة العمالية المصرية ..الواقع و أفاق المستقبل
- من يحمى العمال


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - صلاح الأنصارى - رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الأولى