أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد فؤاد - الروائي المغربي حفيظ بوعزّة يحصد -البومة الذهبية-: هولندا وطني والهولندية هي لغتي















المزيد.....

الروائي المغربي حفيظ بوعزّة يحصد -البومة الذهبية-: هولندا وطني والهولندية هي لغتي


عماد فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 1936 - 2007 / 6 / 4 - 04:36
المحور: الادب والفن
    



الكاتب المغربي الأصل حفيظ بوعزة (من مواليد 1970)، هو الآن أمين معلوف اللغة الهولندية بعدما فاز بجائزة "البومة الذهبية" المهيبة عن روايته الجديدة "بارافيون" التي صدرت لدى دار نشر Prometheus في أمستردام. وتعتبر هذه الجائزة أهم الجوائز البلجيكية للرواية المكتوبة باللغة الهولندية (قيمتها 25 ألف يورو). إلى جوار بوعزة العديد من أسماء الكتّاب ذوي الأصول العربية في الأدب الهولندي المعاصر، تصدروا الترشيحات لغالبية الجوائز الأدبية الرفيعة التي تمنحها هولندا أو بلجيكا. لكن يمكن القول إن حصوله على "البومة الذهبية" الرفيعة، إنما يضع الأدب الهولندي الراهن في موقف يدفع الكثيرين إلى القول إن إحياء الأدب الهولندي سيكون على أيدي هؤلاء الكتّاب الجدد من ذوي الأصول الأجنبية.


ولد حفيظ بوعزة في قرية صغيرة على الحدود الجزائرية - المغربية، لوالدين مغربيين، ورغم صغر سنه يمتلك حضوراً متميزاً منذ سنوات في المشهد الثقافي الهولندي، حيث قدم أعمالاً جعلته في الصدارة، منها القصة القصيرة والرواية والمسرح والترجمة من اللغة الهولندية وإليها، إلى مقالاته الأسبوعية في الصحف الهولندية. من أبرز أعماله مجموعته القصصية الأولى "قدما عبدالله" (1996)، وروايتا "مومو" (1998) و"سالمون" (2002)، وله في المسرح "أولين" (1998). شهرته الآن تطبق الآفاق الأدبية الشبابية في هولندا، "فهو استطاع أن يمزج بين خصائص الثقافتين العربية والهولندية ليصنع نسيجاً جديداً على الأدب الهولندي لم يسبقه إليه أحد".





في "بار افيون"، يرصد الكاتب هجرة أسرته من المغرب إلى هولندا عندما كان عمره سبع سنوات. الرحلة قطعها بصحبة أمه وستة من أشقائه. بتؤدة يحسد عليها، يرسم عالماً خيالياً، من خلال رصده قرية في الشمال الإفريقي يرحل عنها جميع رجالها إلى بلد أجنبي غير مسمّى، ولا يتبقّى فيها سوى طفل وحيد هو "بابا بالوك". من خلال شخصية هذا الطفل ومع المضي في عالمه الروائي الساحر، نكتشف شيئاً فشيئاً أن الكاتب ينصب لقرائه فخاً، فهو إنما يتخذ من حياة هذا الصبي متكأ لرصد حياة ثلاثة أجيال: الأب والجد والحفيد. الثلاثة لدى بوعزة يحملون الاسم نفسه: "بابا بالوك". كأننا نطالع سيرة حياته، ولا سيما إذا عرفنا أن الوجود العربي الراهن في هولندا يمتد الى ثلاثة أجيال، وأن بوعزة وأقرانه يمثلون الجيل الثاني لهذه الهجرة إلى هولندا.


يمكن أن نزعم أيضاً أن "بار افيون" رواية عن هجرة الجيل الأول من العرب إلى هولندا، ورصد لحياة الجيل الثاني فيها، وتشديد على ذوبان الجيل الثالث في هذا المجتمع، الذي أصبح مجتمعه الذي لا يعرف سواه. هذا كله في قالب سحري تحرص عليه روايته التي استمد عنوانها من سوء تفاهم يقع فيه أبطاله، حين يظن أهالي القرية العربية التي يحكي عنها، - والتي لا يحدد الكاتب موقعها، بل يشير فقط إلى كونها من قرى الشمال الإفريقي - أن كلمة "بار افيون" التي تحملها مغلفات رسائل الرجال الذين هجروا القرية، ما هي إلا اسم البلد الذي هاجروا إليه، من دون أن يجدوا من ينبههم إلى الخطأ الذي وقعوا فيه. كلمة "بار افيون" في أصلها الفرنسي تعني "بريد جوي". ومن هنا ينسج بوعزة عالمه المبني على سوء تفاهم، من خلال تقنيات سحرية تذكّرنا أحياناً بقصص "ألف ليلة وليلة"، حيث يسافر رجال القرية إلى "بار افيون" - والتي نستطيع اعتبارها معادلاً موضوعياً للعاصمة الهولندية أمستردام - فوق بسط سحرية طائرة، وهي المعادل الوحيد الذي يتفق مع ما هو كامن في عقول أهالي القرية الريفيين عن الترحال من مكان إلى آخر.


ولع حفيظ بوعزة بعوالم السحر هو على قوله "ابن شرعي لتأثري الشديد بكتاب "ألف ليلة وليلة". فعندما بدأت القراءة بالهولندية فوجئت بأن جميع الكتاب الأثيرين لديّ متأثرون بهذا الكتاب السحري العربي القديم، وكان أول كتاب عظيم شغفت به ونبهني الى أهمية "الليالي" هو "كتاب الألف" لبورخيس. عندما قرأته وجدت حكاية ابن طارق الذي يملك مرآة يرى فيها العالم كله. وقتذاك لم أكن أفهم كلمة واحدة في اللغة العربية، لأني تعلمت الهولندية أولاً، فكنت أذهب إلى إحدى المكتبات المجاورة لمنزلي في أمستردام وأترجم كل كلمة من "ألف ليلة وليلة" إلى العربية، وساعدتني شقيقتي الكبرى فضيلة في تعلم النحو والصرف. وهكذا صرت أترجم كل ما أقرأه بالعربية إلى الهولندية لكي أفهمه. فتعلمت العربية، التي درستها بعد ذلك في جامعة أمستردام عاماً واحداً، ثم وجدت الولع نفسه لدى كتّابي المفضلين الآخرين كورتاثار ونابوكوف وماركيز وسواهم.


يمزج حفيظ بوعزة تفاصيل عدة من الثقافتين العربية والهولندية في "بار افيون"، مما يشكل روحاً متداخلة في نصه المثير للجدال، إضافة إلى تأثيرات واضحة من الثقافة اليونانية القديمة، ونبذات تاريخية ترصد تطور المجتمع المغربي المعاصر خلال الأعوام الثلاثين الماضية. ورغبة منه في صنع شخصية خاصة ومتفردة لأبطال عمله، يضع على ألسنة شخصياته عبارات من اللغة الهولندية القديمة، مما يشكل تجاوراً غير مسبوق في المزواجة بين القديم والجديد في الأدب الهولندي المعاصر، إلى جوار العادات العربية التي نقلها الكاتب بحرفية عالية وجعلها ضمن النسيج الحياتي الراهن في أوروبا المعاصرة. عن ولعه بالبحث عن مفردات هولندية قديمة وتضمين النص بها، يقول بوعزة: "شيء طبيعي أن يبحث كل كاتب عن لغته التي تخصّه وتخصّ أبطال أعماله. ولأن قراءاتي الأولى في الهولندية كانت لكتب قديمة تعود إلى العصور الوسطى، اكتشفت الثراء الحقيقي في اللغة الهولندية، ثراء لا يمكن أن تجده في اللغة التي يستخدمها الهولنديون الآن في الشارع والصحافة والإعلام. فاللغة كائن حي، تتطور بتطور الإنسان، وما دمت امتهنت الكتابة، فعليّ انتقاء ما أراه حياً من مفردات هذه اللغة التي أكتب بها، حتى لو رأى الآخرون أن هذه المفردات ميتة، لأن مهمة الأدب الجيد إعادة الحياة للكلمات التي يظن البعض أنها ماتت".





لا يعرف بوعزة الكثير عن الرواية العربية المعاصرة، فقراءاته تقتصر في مجال السرد على الأدب العربي القديم حتى جيل نجيب محفوظ. أما الشعر فيقرأه بدافع الترجمة، و"ذلك بسبب إقامة مهرجان سنوي في أمستردام للأدب العربي، ينظمه المثقف المغربي عبد الرزاق السبيتي صاحب مكتبة "الهجرة" في هولندا، وهو يكلفني أحياناً كثيرة ترجمة قصائد الشعراء العرب الذين يدعوهم سنوياً للمشاركة في المهرجان. هكذا تعرفت إلى شعراء من لبنان وسوريا ومصر والأردن والمغرب والخليج العربي. وأخيراً كلفتني ناشرة هولندية ترجمة مختارات من قصائد أدونيس بسبب احتمال حصوله على جائزة نوبل".


ترجم بوعزة للكثير من الشعراء العرب القدامى إلى الهولندية، بينها قصائد ماجنة لأبي نواس وابن خفاجة وأبي تمام وابن الخياط وابن الرومي وبشار بن برد وابن الحجاج وابن المعتز، وصدرت عام 2002 تحت عنوان "قصائد من الإيروتيكا العربية الكلاسيكية"، وهو يستعد لإصدار سلسلة سنوية معنية بترجمة الشعر العربي القديم، ويقول عن هذا المشروع: "السنة المقبلة سنصدر أول كتاب في هذه السلسلة وسيكون لابن المعتز، وكنت قد جمعت عدداً من قصائد هؤلاء الشعراء في كتاب واحد، لكني أرى أن من حق القارئ الهولندي الذي لا يعرف أي شيء عن الأدب العربي القديم، أن يطّلع على الشعراء العرب القدامى، كل على حدة، وليس ضمن أنطولوجيا شاملة. الهولنديون، ويا للأسف، يعتقدون أنهم يعرفون الأدب العربي القديم، وهذا غير صحيح لأنهم يظنون أن انجازات هذا الأدب العظيم لا تختلف عن حكايات "ألف ليلة وليلة" التي قرأوها بترجمات رديئة جداً".


يعتبر حفيظ بوعزة أن الهولندية لغته الثانية بعد العربية، لكنه في الوقت نفسه يعتبر نفسه كاتباً هولندياً، وعن هذه المفارقة يقول: "أكتب باللغة الهولندية وأفكر بها، لأني تعلمتها قبل أن أتعلم العربية، وحين بدأت أقرأ العربية كنت في السادسة عشرة أو السابعة عشرة، أؤكد دائماً أني كاتب هولندي لأني لا أريد للحركة النقدية في هولندا أن تنظر إليّ على أني كاتب مغربي يكتب بالهولندية، فأنا لا أكتب رواياتي بالعربية ثم أترجمها إلى الهولندية. أفكر باللغة التي أكتب بها، وجنسية الكاتب هي اللغة التي يكتب بها وليس الأرض التي جاء منها. من السهل أن يقول عني الهولنديون إني كاتب مغربي يكتب بالهولندية، لكني في قرارة نفسي أعتبر حفيظ بوعزة كاتباً هولندياً، فكل ما أريده أن تكون شخصيتي ككاتب متوحدة مع ما أكتبه، بصرف النظر عن شخصية الإنسان الذي أكونه. شخصية الكاتب هي أسلوبه واللغة التي يكتب بها. وشخصيتي مزيج من المغرب وهولندا، ولدت لأسرة مغربية هاجرت إلى هولندا، لكني عشت وتربيت في هولندا التي لا أعرف لنفسي وطناً سواها. دائماً أواجَه بهذا السؤال في وسائل الإعلام الغربية، وأحياناً كثيرة لا أعرف كيف أردّ، لأني مزيج من الثقافتين، ولا أستطيع أن أحدد أي الأجزاء بداخلي من المغرب وأيها من هولندا".
عماد فؤاد



#عماد_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبعة وسبعون عاماً من الكتابة والجنون والولع بالنِّساء.. هوغو ...
- النساء في لوحات جبر علوان قصائد ملوّنة
- عذراء فلاندر.. المسرحية التي كادت أن تثير فتنة في بلجيكا
- لا اهتمام في بلجيكا لأجنحة مكسورة
- في الذكرى المئوية لبابلو نيرودا: عودة مالفا مارينا نيرودا إل ...
- يوميات لص لجان جينيه بالعربية: كلما كبر ذنبي في عيونكم.. صار ...
- جورج حنين: الشَّاعر المصري الذي خرج على المألوف
- ماريو بارغاس يوسّا: كنت أحاول أن أذكِّر نفسي بأن ما أراه هنا ...
- روائي مغربي هولندي يصدر -رسائل من مدينة محاصرة-: اليوم أدركت ...
- عين بلجيكية على العراق: حين تصور العدسة ضحايا الديموقراطية
- حركة ترجمة الأدب العربي إلى الهولندية: ثغر لا تحصى والإسلامي ...
- حرير .. المجموعة الرَّابعة لعماد فؤاد تصدر في بيروت
- في الظِّل الغامق لامرأةٍ لا تشبهنا
- ديوان تقاعد زير نساء عجوز


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد فؤاد - الروائي المغربي حفيظ بوعزّة يحصد -البومة الذهبية-: هولندا وطني والهولندية هي لغتي