أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد المجيد - العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال















المزيد.....

العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 07:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو احتاج العراقيون لعدة أشهر فقط لتوديع آخر جندي أمريكي ينتظره أهله حيّاً قبل أن يأتيهم في نعش خشبي ملفوف بعلَمِ قطب العالَم الأقوى والأوحد، فإنهم يحتاجون الآن إلى نصف قرن لازالة كمية الكراهية التي كانت أكثر قسوة وتدميرا من كل الأسلحة التي استخدمها المتصارعون والمقاومة الشريفة والقوى الارهابية وقوات الغزو وحلفاء أمريكا وكل من أشعل فتيلا في أرض الرافدين.
الجنون العراقي لا مثيل له، والطائفية ستثبت الأيام القادمة أن طائفية اللبنانيين التي أنهت حياة مئة ألف شخص في الحرب الأهلية ليست إلا فتح شهية أمام مستقبل أسود ينتظر العراقيين بشتى طوائفهم وعقائدهم ومذاهبهم، ولن يُمَيّز الموتُ بين عاشق العراق وكارهه، أو بين المحتل الأجنبي والمحتل الوطني.

عندما تلجأ جماعة إلى التاريخ تبحث فيه عن أخطاء خصومها، وجرائم أعدائها الوطنيين فإن إبليس يحتفل عندئذ بيوم فالنتاي، ويشرب نخب الحمقى والأغبياء الذين استعانوا بصفحات ماضية لتسويد حاضر وترويج صناعة الموت.

كل العراقيين حمقى ومن ينفي صفة الحماقة فعليه أن يقف في سوق شعبي أو ينتظر انفجار سيارة في أهل بلده الشيعة وهم يخرجون من المسجد بعد أداء الصلاة، أو يتفقد أشلاء جثث أطفال وعجائز بلده السُنّة وهم يحتمون ببيت الله فتطاردهم كراهية الشيعة.

العراقيون سقطوا في فخ لن يخرجوا منه مع استمرار الاحتلال أو خروج المحتل، والمشهد العراقي لم يعد فقط تلك السيارات التي تحصد الأبرياء والأطفال والنساء والمعاقين وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا، لكن الاستعانة بالمقدس لترجيح كفة طرف على آخر تعني ربط السماء بالأرض عن طريق نهر من الدماء لا تدري إن كان الغارقُ فيه من أهل النار أم من أهل جهنم.

عشرات الآلاف من المواقع على الانترنيت والمنتديات والفيديو كليب فَتَحَتْ المزاد للجميع لحمل نعش العراق والعراقيين وكتابة شهادة وفاة لأعرق شعوب المنطقة وحامل وحامي حضاراتها المتعاقبة.

لماذا اعترفت الدول العربية بالحكومة الطائفية في العراق؟

هل هناك فارق بين حكومة فيشي الفرنسية خلال الاحتلال النازي وبين حكومة بغداد التي تتلقى التوجيهات من قائد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق؟


ومع ذلك فاللغز العراقي الذي صنع خليطاً عجيباً من المقاومة الشريفة والارهاب الأعمى يظل عَصيّاً على الفهم؟

إنه يمنحك الفرحة والحزن في نفس الوقت وبنفس القدر، هجوم على رتل من القوات الأمريكية يعقبه انفجار سيارة في سوق مكتظة بباعة مساكين وسيدات أرامل وأطفال يحتمون بأمهاتهم.

لكن السيارتين تنطلقان من نفس المكان، وربما ( وهذا غير مؤكد ) تأتمران لأمير واحد يرسل مجنونا بحب وطنه في السيارة الأولى، ومجنونا بكراهية أهل بلده في الثانية!

وكلا المجنونين يحلمان بالجنة والحور العين وأنهما عند ربهما يرزقان!

المحللون والمثقفون والمتفلسفون والفضائيون أصبحوا أكثر من الاستشهاديين وأقل من الانتحاريين، وهم يبررون قطع وطن إلى أجزاء، وتمزيق هذه الأجزاء إلى أشلاء، ثم الحديث عن انحياز العلي القدير إلى أحد الفرقاء، وكأن الدخول إلى جنة الخلد مشروط بشهادة موثقة من مستشفى أمراض نفسية وعصبية تؤكد أن صاحبها مختل العقل والنفس والروح!

لغزُ الكارثة العراقية يجمع كل المتصارعين على أن يلتزموا الصمت المطبق حتى آخر قطرة دم عراقية ليتم الاعلان عن نهاية عملية ابادة شعب بيد المحتل وبأيدي أبناء الوطن.

أين كانت تلك الكراهية مختبئة طوال عقود؟

لماذا اكتشف أغبياء السُنةِ الشيعيَّ الكافرَ، وتعرف بلهاءُ الشيعةِ على السُنّي الكافر؟

لو كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيننا الآن لوقف في قلب بغداد وقال للعراقيين: كلكم في جهنم، وكل من يتمذهب أو يعلن ولاءه لطائفة دون الاسلام ككل يجب أن يتبوأ مقعده من النار.

أمام العراقيين حَلٌّ حالم وخيالي وحيد وهو أن يجتمعوا على كلمة سواء، وأن يطالبوا جميعا، من شيعة وسنة وأكراد وتركمان ومسيحيين، بخروج كل القوات الأجنبية من الأرض العراقية، وأن يتم الغاء الاعتراف بحكومة وضعها الاحتلال، وأن تلغى كل الأحزاب والانتماءات الطائفية والاشارة للدين والمذهب في بطاقة الهوية، وأن تصادَر كل الكتابات والوثائق والأحاديث التي تًسَفّه المذهبَ الآخر، وأن يمنع العراقيون غيرَ العراقيين مهما كانت جنسياتهم من العمل في العراق لمدة عشر سنوات لعلها تكون كافية للّمِّ شمل الشعب العراقي مرة أخرى.

معذرة، فقد تركت لخيالي العنان أن يحلم بأن يُصدر العراقيون قرارا جماعيا بانقاذ وطنهم قبل أن يصدر عزرائيل شهادة وفاة شعب بكامله.

هذا الحلم الساذج والعبيط والأكثر براءة من كل أنواع الجهل بالمشهد العراقي يساعدني في أن أمسك القلم، وأتخيل لبعض الوقت أن زمن المعجزات لم يعطنا ظهره بعد، وأن في العراق أناسا يمارسون مهنة الحلم بالزمن الجميل حتى قبل دقائق من انفجار سيارة في أطفال مدرسة وتناثر أشلاء أجسادهم الطرية والغضة والبريئة.

لكن الحقيقة أن خداع النفس وتصور اللون الأسود أبيضا لن يخفي عن المتابعين انهيار المعبد كله على العابدين داخله والحاملين أعمدته.

من أين تأتي كل تلك السيارات المفخخة؟

أجهزة تصوير دقيقة يعرف من خلالها الأمريكيون وقوات الحكومة الفيشية في بغداد كل ما يدور على سطح الأرض وفي باطنها، بل كل شخص يتحرك من موقعه، فما بالك بسيارة يتم شحنها بمتفجرات، وتخرج من مكان غير مجهول، وتنهب شوارع العاصمة أو أي مدينة أخر، ويراقبها أمريكيون وعراقيون وشيعة وسنة وأكراد وقوات تحالف، ثم تتوقف عند هدفها، وتتزلزل الأرض فتبدو كأنها مفاجأة، لكن العقل لا يستوعب المفاجآت إن كانت بهذه المهانة لأي تحليل تضعه أمام طفل لم يبلغ الحلم بعد!


إنني لا أتهم، ولكنني أضع آلافا من علامات الاستفهام ولا أحسبني أحتاج لاجابة فهي في بطن الشاعر، أعني في بطن القاتل، وكلهم قتلة.

وضعت عدة مرات من قبل هذا السؤال: إذا كانت المقاومة العراقية الشريفة التي تصطاد قوات الاحتلال ، وتستطيع أن تباغتهم في كل مكان وزمان وتحت كاميرات تلتقط صورة لنملة حائرة تحت صخرة في مكان ناء، فكيف لا تعرف تلك المقاومة القتلة والمجرمين والسفاّحين الذين يهاجمون الأبرياء والأطفال في المدارس والأطباء والممرضات في المستشفيات والخارجين من الصلاة بين يدي الله العلي العزيز؟

تنفجر السيارة وتختفي كل الآثار كأن عِفريتاً من الجن انتحر بها، ثم يتم افساح المجال بعد ساعات لسيارة أخرى تم رصدها ساتالاتياً منذ وضعِ المتفجرات فيها. ويصمت القتلة والشرفاء والأمن وحكومة فيشي العراقية وقوات الاحتلال وكأن الجميع على موعد مسبق مع جنازة وطن.

القوات الأمريكية على وشك الانسحاب مهزومة، فمن الذي سيحصد الانتصار على المحتل، وكيف سيترك الأمريكيون ألغامهم الطائفية والتقسيمية في العراق بعد مغادرته؟

ولا يزال السُنّة والشيعة يبحثون في بطون الكتب وهوامش التاريخ ومعارك زمن مضى عن السبب في الفتنة الكبرى، ويرفعون المصاحف فوق السيوف، ويعاهدون الشيطان على تجديد الفتنة في زمن أبو غريب!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التونسيون يتنفسون بأمر الرئيس
- محاولات لتخريب الشخصية المصرية
- لماذا أحلم بحبل المشنقة حول عنقك؟
- مدونة تجديد الدعوة للعصيان المدني في مصر
- المسلمون خصوم المسلمين، فكيف لنا أن نتحاور؟
- يا ولاد ستين ألف كلب
- الفلسطينيون يحققون أهداف اسرائيل
- القول السديد في بلاهة العقيد
- لماذا يخاف السوريون من السوريين؟
- دماء على أنياب الرئيس التونسي
- حوار بين كلب الشارع و ... كلب السلطة
- هل المصريون سعداء بالذل أم تعساء بالخوف؟
- العراق ... هزيمة كل المتصارعين
- متى يغضب السوريون على الرئيس بشار الأسد؟
- عانس سعودية تبث أوجاعها لقساة قومها
- محاولات مضنية للبحث عن الرئيس حسني مبارك
- البيان والتبيين في أوجاع مصر وأحزان المصريين
- المؤسسة الدينية السعودية تدعو لاغتصاب الأطفال
- مبارك يصنع المرشدين من صعاليك الإنترنيت
- طز في الشرفاء والأحرار و ... الوطنيين


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد المجيد - العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال