أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود نزال - فوضى إحساس














المزيد.....

فوضى إحساس


محمود نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


يتأجج ويجتاحني الشوق كل صباح ومساء، إعصار، بركان، هوس، جنون وبحر من الشوق واللهفة لرؤية ذلك المنظر الذي جسد قدرة الخالق في تعبيره عن الجمال والحب، فأكثر ما يرسخ في ذهني من أدبياتنا عبارتان تتلخصان في أن الله جميل يحب الجمال وتفاءلوا بالخير تجدوه، اذكرهما وأؤمن بهما إيمانا مطلقا منذ أن رأيت ذلك المنظر، ولكني الآن أحاول عبثا أن أرسل بصري صوب الأعماق، أحاول مرة تلو مرة أن أعود إلى الوراء ولو قليلا، استعرض الأحداث من جديد، يقتلني فشلي في استعادة تتابع الأحداث، يهتز السرير بعنف اعتراضا على التصاقي به لسويعات ارحل من خلالها إلى تأمل ذلك المنظر، ذلك المنظر الذي استحوذني وأصبح ملاصقا لقهوتي وسجائري والورود الجميلة التي أراها، هذا التلاصق هو حفر عميق في جدران زمن أطارد فيه نقطة صغيرة كانت بداية لإعصار وبحر كبير جدا يتوقع الفلاسفة أن يتشكل قرب مدينتي، الأشياء متداخلة ومبعثرة إلى حد يصعب فيه تذكر حدث صغير وتافه ربما لا يستحق عناء الذكر، النقاط كانت تتجمع تلو الأخرى حتى أصبحت تمنعني من تذكر موعد قهوتي أو بداية نهاري، ولكني رغم هزيمتي وهربي المتواصل من تذكر ذلك المنظر، اقر باني دخلت في مرحلة جديدة، مرحلة جديدة يتشكل خلالها البحر، ها أنا الآن عدت إلى الحياة، أتحرك وسط الزحام، ابحث عن سرير عريض يضمني أنا وما تبقي من جسدي النحيل كي اهرب بنفسي من نفسي، ها أنا الآن وحين يقترب الربيع أرتدي معطفي الأسود، امتطي فرسي صعودا إلى ذلك الجبل، ارفع رأسي وانحني للأشجار والصخور، أتوقف قليلاً عند ينبوع ماء تزيّن بالعصافير وبأعشاب أيار الهادئة، كم هي سعيدة هذه العصافير بالشمس والماء وما توفر من خير الأرض، حقول جميلة وأصوات فرحة تأتي من بعيد، يتخللها أشجار تسكنها ثعابين صفراء وحمراء وحجارة تخرج من بينها رائحة موت قديم أو ربما قادم.
الطريق إلى قمة الجبل طويلة وشاقة، مليئة بالشك والشوك ولكن يجب علي أن اصل إلى القمة كي أرى ذلك المنظر، ذلك المنظر الذي أيقظ قلبي المتعب، يومها فقط حلّقت على عصفورة ملونة لها جناحين كبيرين ملفوفين بالسواد، سابقت الريح فوق الغيمات، تهت عن أنفاسي الخائفة وتاهت هي عني، سافرت في حضن السماء، وقفزت فوق النجمات وحجارة الفضاء، تجادلت مع السكون، وبحثت عن بيوت الزجاج، تلونت بالذهب الدافيء، ليتها تبقى لوقت أطول.
ينتهي اللقاء تحت سهام الليل القاسية، أسقط عن ظهر العصفورة، بالقرب من شجرة الزيتون، يشدني الغروب إلى الخلف، أحاول الاقتراب، مرة اثر مرة، دون جدوى، أبقى انظر إليك من بعيد، يا الهي.. كم أنت جميل أيها المنظر؟!
ينتهي الليل، وتتفتح أزهار قلب طفل صغير، وتخرج ضحكته من صدره اليتيم، ويبدأ بناء ملجأه البسيط، لعلّه يحتمي من سهام الليل أو أقواس ذلك القوس الجميل.



#محمود_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارحل أيها الثلج
- ارحل أيها العيد
- ضياع
- أوقفوا ثقافة الموت والكراهية قبل أن يلعنكم التاريخ وتبصق علي ...
- تنمية الموارد البشرية ودور التعليم في رفع فعاليتها في الأراض ...
- حراك اجتماعي أم عراك ثقافي؟!
- اهذا هو الوطن؟!
- صفد وعين اذار


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود نزال - فوضى إحساس