أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود نزال - ضياع














المزيد.....

ضياع


محمود نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 10:53
المحور: الادب والفن
    


عذرا يا وطن، لم اعد افرق بين مسميات الزمن، ففي كل يوم لا اتالم به برؤيتك، وكل ساعة تمر دون أن تغرسي سهامك في قلبي، اشعر انه نهاية لي ولهذا التاريخ الحافل بالسهام، ها أنا الآن أحاول أن اجري قراءة سريعة لتاريخي المفعم بالآلام والذكريات القبيحة، أحاول فقط التركيز على ما يعرف ويقاس بعامين من الزمن فانا كما قلت سابقا لا أميز بين العام أو اليوم أو الساعة أو الشهر، كل ما اذكره هو انه قبل حوالي عامين تعرفت عليك، أتذكرين؟! يومها فقط قررت الآلهة عدم الاجتماع مع البشر، وبما أني من البشر رفضت الآلهة الاجتماع بي، رغم مناجاتي المتكررة، رغم إلحاحي وإصراري المتكررين وإخباري هذه الآلهة بضرورة الاجتماع بها ولكن عبثا.
انقضى أعوام من الزمن وقلبك قاحل كالصحراء. تناثرت الأقاويل أنا وأكثرت التساؤل. لقد أصبحت بالنسبة لي غصة، في حياتي عبء، في نقاء هذا الجو الملوث أصلا ضباب، في هدوئي وأنا احتضر توتر وإزعاج.
على مدار أيام أو أعوام معرفتي بك كنت ابتهل وأتذلل لأصحاب الحل والربط. أحاول أن أدير وأتعامل مع ضغط الأيام، اهرب من البشر تجنبا لرصاصات ألسنهم. حتى أني اذكر أن في احد الأيام ذهبت إلى الأضرحة وناجيت الموتى، فهم تماما مثلي ولكن الفرق بينهم وبين الكثيرين مثلي أننا موتى بلا قبور، لم يردوا علي حالهم كحال الآلهة التي رفضت اللقاء معي أو الاجتماع بي، مللت فذهبت إلى الأولياء والمشعوذين قالوا انك ربما مصابة بالعين، قصوا لي الحكاية من وقت تعارفنا فوجدوا أكثر من سبب، واقترحوا علي أن استخدم الحجب ولكن عجبا ما نفعت التيمات لقتل أو كبح أي سبب.
احتارت نفسي، اجتنبت الناس ابتعادا عن تساؤلاتهم. نظرات عيونهم غير مريحة، تساؤلاتهم تستفزني وتفجر غضبي، ااتركك يا وطن بعد أن دخت في حبك؟! ااتخلى عن حبك؟! ااتخلى عن التي يسرح وجداني كلما تأملت بها؟! بعد كل هذا الاندماج والتالف والذوبان العاطفي؟! أمعقول يا سيدتي؟! اهو غدر الأيام وخيانة القلوب، أم فعل العقل.؟!
ها أنا ارفض التشاؤم، أقاوم سوداويتي، التزم بالامل، أناجي أحلامي، أواسي نفسي بالصبر، وانتظر الحدث الممتنع، انتظر هذا الحلم الذي لا يجيء.
أخاطب نفسي الصبر ثم الصبر فاحتار، إلى متى الصبر؟ الصبر سلاح المؤمن.هل أنا مؤمن؟؟ أخاف أن أخسرك وهل أسوا من الإحساس بالخسارة ؟!
تتتابع الأيام، تصغر وتكبر الأحلام، يتجدد الألم، يتبدد واستبدله بالأمل، اخط وارسم الأمنيات، يستفحل اليأس، أعود إلى الأمل، استعين بالصبر، انتصر على اليأس... فانا بالتالي من البشر و هذه طبيعة ونتيجة حتمية للنفس البشرية، فالنفس البشرية كما تعرفين يا وطن مترددة، متقلبة، تخدع نفسها بما يسمى بالأمل وخاصة عندما يكون حالها كحالي معك أي عندما لا يبقى لي سلاح سوى الأمل، ها أنا الآن ضائع، أتسائل عن نصيبي وقدري، ترى ماذا يخبئ لي القدر؟! هل سيكون فرجا ويسرا بعد كل هذا العسر؟! هل سنندمج يا وطن؟! إن لم يكن اندماجا، هل من الممكن التعايش معا؟ هل ستتوقفين عن غرس سهامك؟
عامان كاملان لا اعرف كيف أمضيتهما. ما أطول ايامهما؟! حتى الصبر عجز عن صبري وأصبح علقما خلالهما. أتذكرين عندما قلت لي بأنك غير جديرة بحبي؟! أبديت لي الأسباب الكثيرة منها ما أقنعني ومنها ما استفزني، يومها رفضت كلامك ووبختك وأبديت واثبت لك عشقا جعلك في حيرة من أمرك، يومها شعرت بالنقص والتقصير، ورغم هذا الشعور السيئ إلا أني أظهرت حبي وطمأنتك، وقتها ارتحت لعواطفي وجددت في نفسك الأمل، ولكن عجبا سرعان ما تبدد املك، فذهبت وخاطبت الجان لان الآلهة ما زالت ترفض اللقاء بالبشر، قالوا لي انك خائفة ومرعوبة، عندها احترت وحاولت أن اربط بين الخوف وتصحر قلبك القاحل، سالت نفسي هل يستمر الخوف كل هذه المدة؟! قال لي الجان انه لن يزيل رعبك إلا أمر واحد ألا وهو معجزة من عند الله، أنا أؤمن بالمعجزات تماما مثلك، ولكن هذا لا يمنع أن أتساءل عن كيفية هذه المعجزة ووقتها، هل سأنتظر أكثر؟! إن الوقت يمر ولا وقت لدي، كما تعرفين يا وطن أن المر أه حين يتقدم بها العمر تصبح كالزهرة الذابلة. فكري مشغول بك ليل نهار، تعذبيني، أتعبني الأمل، ولكني لا أستطيع أن أعيش بدونك، ارتاح لحبك وقربك، احتضر بدونك، اكره النوم خوفا من أن احلم وان لا أراك في حلمي، اشعر بحلاوة العدالة ومرارة الظلم عندما تسكنيني، أنت بالنسبة لي كالماء بالنسبة للسمك، ااتخلى عنك؟؟!
يتجدد اليأس من جديد، أتذكر أني لم اذهب إلى الشياطين بعد، أهرول بسرعة وأنا في حيرة من أمري، أقابل كبير الشياطين، أقص عليه حكايتنا، يبتسم بسخرية، ابتسامة صفراء كادت أن تقتلني، هزني صوته المزوج بالثقة العالية بالنفس والمتجبر الشامت بي وبحبي، كم أنت غبي يقول لي، حبيبتك وطن تحمل لك من المشاعر ليس اقل مما تحمل لها، وربما أكثر بكثير الكثير، حبيبتك تبتهل وتناجي ربها أن يبعد السيئ من الأقدار، وان يطيب خاطرك بعد كل هذا الأمل والألم والصبر الطويل، ولكن أتعرف ما هي خطيئتها؟! من الأفضل لك أن لا تعرف.......



#محمود_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوقفوا ثقافة الموت والكراهية قبل أن يلعنكم التاريخ وتبصق علي ...
- تنمية الموارد البشرية ودور التعليم في رفع فعاليتها في الأراض ...
- حراك اجتماعي أم عراك ثقافي؟!
- اهذا هو الوطن؟!
- صفد وعين اذار


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود نزال - ضياع