أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سامي العامري - خَرْمَشاتٌ حول المرأة تنفعُ هذا وتضرُّ ذاك !















المزيد.....

خَرْمَشاتٌ حول المرأة تنفعُ هذا وتضرُّ ذاك !


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 14:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



كونٌ يراقبُنا ضَجِراً من نَفسهِ ومنّا
وأرضٌ نتراشقُ على سطحِها بالآثام
أُحسُّ أنَّ شيئاً ما يوشك أن يحصل , شيئاً كبيراً كالحقيقة ولكنهُ بعيدٌ عن الحقيقة الى درجة الخيال !
وهنا بعضُ غَصّاتٍ وخلجاتٍ هي حياتي , وصحوُها المُمِضُّ وأحياناً الذاهلُ , لم أفكِّرْ أبداً من اين وكيف أبتدئ وأقول لنفسي : لا تجهدْ نفسك يا هذا , فليكنْ كلَّ شيءٍ او لا شيئاً إطلاقاً , وطبيعةُ الكتابة الحيَّة – اذا كنتَ تطمحُ لها - تتجلّى في كونها تُقرأُ من عِدَّة وجوهٍ وما انت بالصائغ الحريص على تَلأْلؤ جواهرهِ بشكلٍ دائم ,
وفي هذه الاثناء وبينما انا أسجلُّ بعض ذكريات الماضي المتناثرة باحثاً عن قرائنَ ! او سِكَكٍ تربط فيما بينها نوعاً ما , بَرَقَ في خاطري اسمٌ كنتُ أحسبهُ من تهويمات حلمٍ يعود الى ليلة الأمس , ولكنَّ الأمر لم يكنْ كذلك , الإسم كان نوال السعداوي , وقبل أيامٍ كان يوم المرأة العالمي وبما أنَّ الذكرى التي دعتني للكتابة عنها كانت أنثويةً أيضاً من حيث لا أدري فقد سرحتُ :
السعداوي هذه الثائرة التي تُحسُّ أنها ليستْ امرأةً فرداً وإنما جيلٌ بكاملهِ ,
وكتابُها المُهمُّ ( أُبصقُ عليكم ) وهو واحدٌ من مؤلَّفاتها التي تُرْجِمتْ الى عدة لغاتٍ منها الألمانية كان فضيحةً وإدانةً وكشفاً مريراً لطبيعة العقلية العربية المريضة التي تظلم المرأةَ وتُضلِّلُ بسطاءَ الناس باسم المُقدَّس , هذه المرأة هالتْني باسلوبِها وصراحتِها وتمزُّقِها حتى كتبتُ عنها قبل أكثر من عشر سنواتٍ مقالاً مُطوَّلاً نشرتُهُ في إحدى الصحف العراقية .
إنَّ تمزُّقات السيدة السعداوي كامرأةٍ عربية حريصةٍ أمرٌ مفهومٌ تماماً ويستحقُّ الإحترام
ولكني لستُ مثلَها في تَحَمُّلِ فترة الغوص الطويلة في قاع التخلُّف والإنحطاط العربي تعريةً وتحليلاً دون أن يمدَّني أحدٌ بأوكسجين
فهل كانتْ تتنفَّسُ الهواءَ المُذابَ في الماء ؟!
لا شكَّ أنَّ يوم المرأة العالمي هو مناسبةٌ أَهلٌ للإحتفاء بها وتكريمها ,
وممّا نلاحظهُ أنَّ العالمَ يُجلُّ هذه المناسبة ويُعزِّزُها سنوياً بشتّى الفعاليات والدعم المادي والمعنوي حتى باتَ يُخشى على حقوق الرجُل من الإنحدار الى مهاوي النسيان !
وأفكِّرُ أحياناً فأقول :
قد يدفع التطوُّرُ البشريُّ الجينيُّ بالمرأة الى حَدِّ الإستغناء عن الإتصال الجسدي بالرجل من أجل حفظ النوع , بطريقة ما , بأية طريقة , فَقِوى الحياة مليئة بالإمكانات بل إنَّ هذه الإمكانات كما يخبرُنا علماءُ البايلوجيا والعضويات لا نهائيةٌ لذا فلا عَجَبَ أنْ يتمَّ التكاثرُ البشَريُّ مستقبلاً عن طريق الإنشطار مثلاً !
حينما كنتُ يافعاً قالتْ لي زوجةُ أخي الأكبر وهي حينَها معلِّمةُ مدرسةٍ إبتدائية وكانت قد مضتْ فترةٌ قصيرةٌ على زواجها من أخي , قالت : أتمنّى لو أنني ولِدتُ ذَكَراً .
فاعتبرتُ نفسي وقتَها لسذاجتي محظوظاً لأني ولِدتُ ذَكَراً وبما أنَّ الزمنَ مضى ويمضي وقد كبرتْ هي في السنِّ بما يكفي فمن المؤكَّد أنها قد وضعتْ إصبعَها الآن على الداء وعَرفَتْ أنَّ الخللَ لا يكمن في كونِها أُنثى وإنما الجرح ينزف في مكان آخر .
أريد أن أروي حكايةً طريفةً ومحزنة من حوادث كثيرة مرَّتْ في حياتي :
في سنوات تشَرُّدي في المانيا والتي استمرَّتْ عشر سنوات وكان تشرُّدي طوعيّاً إنْ صحَّ التعبير إذْ انني بسبب تجربتي القاسية مع نظام صدام وتجارب أخرى وصلتُ الى مرحلة من اليأس واهتزاز الكثير من القناعات وهو ما أوصلني الى نوعٍ صعبٍ من الإدمان على الخمر , كنتُ يوماً جالساً في حديقة عامة أعتدتُ المجيءَ اليها حيث التقي مع العديد من المشرَّدين الأصحاب وكان لديَّ شعورٌ قاسٍ بالوحدة في ذلك اليوم فلا أحد في الحديقة العامة ما عدا فتاة لا أعرفها كانت تجلس قريباً مني وفي يدها زجاجة نبيذٍ وكان هذا في مدينة فرانكفورت ,
رغبتي في التحدُّث الى شخصٍ ما – والخمرُ أحياناً تجعل المرءَ اجتماعيّاً أكثر - دَفَعَتْني الى النهوض والجلوس بدون مقدِّماتٍ الى جانب الفتاة , كانت طيبةً وساذجة , وذكرى الكلامِ المؤلم لزوجةِ أخي حول أُمنيتِها كانت ما تزالُ في بالي ,
سألتُ الفتاةَ مباشرةً : هل تتمنّين لو كنتِ ذَكَراً أي شابّاً لا شابّةً !؟
أجابتْ بدون إبطاءٍ : نعم , أتمنى هذا !
سألتُها : ولماذا ؟
أجابتْ : لأنني هنا مثلاً مُضْطَرَّةٌ الى الذهاب عدَّة مراتٍ في الساعة الى المرافق العمومية أمّا الرجل فأنهُ يذهب بكلِّ بساطة ويقف خلف أية شجرة وتنتهي المشكلة !
قلتُ لها : إنّها لَمأساةٌ فعلاً !
إنَّ الفتاةَ هنا ليس لديها ما تحتجُّ عليه من القوانين الإجتماعية لبلدِها وإنما تنتظر حصول المعجزة او المستحيل على أحرِّ من الجمر !
وهنا حكايةٌ آخرى فَمِن الأفلام المصرية في زمن الصِّبا وما أكثرَها ! فلمٌ تظهر فيهِ امرأةٌ سمينة كثيرةُ الخصام مع الناس وخاصةً الرجال منهم وفي إحدى اللقطات حصلتْ لها مُشادَّةٌ كلامية مع رجلٍ لسببٍ ما وتطوَّرتْ المُشادَّة فما كان من المرأة السمينة تلك إلاَ أنْ ضربتْ رأسَها برأس الرجل بشِدَّةٍ أي نطحَتْهُ او بالتعبير العراقي ضربتْهُ ( كَلَّهْ ) في موقفٍ شديد الفكاهة , فسقط الرجل مَغميّاً عليهِ !
لا أدري لماذا لا أنسى هذه اللقطة رغم مرور ما يقرب من ثلاثين عاماً عليها حتى أنني أحياناً وبدافعٍ طفوليٍّ أستعيدها او بتعبير أدقَّ هي التي تفرض نفسها على عقلي وخيالي
كلَّما ارى مشهداً في الحياة قريب الصِلة يذَكِّرني بها فأضطرُّ لوضع يدي على فمي أحياناً
لأخفي ضحكي عندما أكون وسط الناس سواء في الشارع او في القطار وأحياناً أفتح ما في يدي كتاباً كان ام جريدةً مُدَّعياً أنني أقرأُ موضوعاً ساخراً في حين أن بالي يدور حول تلك المرأة السمينة المُمَثِّلة فلا أتوقَّف عن الضحك ,
أريد أن أقول : من الواضح أن الكثير من الرجال العرب لا تنفعُ معهم الكلمةُ الطيبة بصدد تقديرهم لمعنى حقوق المرأة وقيمتِها وإنما على المرأة العربية أن تتقنَ فنون ( الكَلاّت ) وتمارسها معهم !
واقول مرَّةً أخرى : لا تنفع مع هؤلاء الكلمةُ الطيبة
فَهُمْ مُخدوعون على أحسن ما يكون عليه الخداع .
والمتنبي يقول :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقلهِ
وأخو الجهالةِ في الشقاوة ينعمُ
إنَّ موضوع المرأة وإحترام كيانها وحريَّتها كان وما زال بالنسبة للظلاميين من كلِّ الوانهم عدوَّاً يفوق تهديدُهُ لوجودهم تهديدَ عدوٍّ ضخمٍ يقف على ابوابهم بكامل جاهزيَّتهِ , ومشكلتهم هي أنهم أنفسهم ليسوا أحراراً , وحتى اذا افترضنا أنَّ الحرية بالنسبة الى وضْعِنا تُمنَح ولا تُنتَزَع فمن أين لأحدهم أن يمنحها ؟ إنهم يخافونها لأنَّ عقولهم التي لم ينبتْ عليها الريشُ بَعْدُ تُصَوُّرُ لهم الحريةَ واحداً من إثنين : إمّا الفوضى او الإلحاد في حين أنها هي ما يكفلُ النظامَ ويمنح الإيمانَ تعبيراتهِ , وهكذا نرى أنَّ مشكلتهم مُرَكَّبة .
وقد لفظتُ كلمةَ الحرية هنا بدون تحفُّظ بينما الكثير من المفكِّرين يتحدَّثون عمّا يسمونهُ هامش الحرية ولكني عنيتُ بها الشعورَ بالوجود وبكونِكَ تحيا وتُشارك وهذا الشعور داخليٌّ قريبٌ من التوهُّج , وهو لا يتمُّ بدون حصول المرء على أساسيّاتِهِ التي فُطِرَ عليها ومنها حقُّ الإختيار بمعناه الواسع ضِمْنَ إمكانياتٍ تقترحُها الحياةُ عليك , واذا كان كلُّ شيءٍ في سُلَّمِ تطوُّرهِ سائراً سيراً حثيثاً وباصرارٍ نحو غايةٍ نُحسُّها فالعقيدة – أيةُ عقيدةٍ - ليستْ استثناءاً واذا اعترفنا بهذه النقطة بالذات نكون قد وضَعْنا الأساسَ الصحيح للأجيال القادمة كي تتقبَّل فكرة الدين فلا يعود الدين عائقاً وإنما بريقُ أملٍ مستمرٍّ يدفعُ الإنسان دائماً لفعل الخير ,
انا هكذا أفهم الدين وليس قائمةَ تابواتٍ ,
والشرورُ التي يُحذِّرُ البعضُ عندنا من اقترافها وكأنَّ لديهم قصبَ السبق في اكتشافها تُنبِّهُ وتُحَذِّرُ من مساوئها كلُّ الأديان والعقائد بل إنَّ الإنسان السَّويَّ يترفَّعُ عن أنْ يقترفَها سواء اكان عنده دينٌ ام لا ,
إننا نجعلُ من حياتنا سلسلةً لا تنتهي من القمع والحرمان واللا منطق
ونحن نفعل كلَّ هذا لأننا لسنا شُجعاناً إزاءَ حقيقة الموت وهذه المشكلة هي جوهرُ مشاكلِنا
والعالم اذا احتفل كلَّ عام من أجل المرأة فليس للمطالبة بحقوقها إنما في الغالب لتوكيد هذه الحقوق وترسيخها فهو يكاد أن ينسى أنهُ حقوقيَّاً وإنسانياً يتكوَّن من جنسيَن : إمرأة ورجل , فالفارق شبه معدومٍ ولا اقول هذا لأنني أعيش في بلدٍ أوروبيٍّ فليذهبْ أحَدُنا مثلاً الى أيةِ غابةٍ من غابات الدنيا لم يصلْها ظلُّ المدنية بعدُ وليتَحَقَّقْ من ذلك بنفسهِ , ولكنْ نحن العرب من دون كلِّ ثمرات الطبيعة عَصِّيون على النضج , فكلُّ ما هو فَجٌّ في حياتنا قائمٌ على ما لا أدري كم من الأقدام والسيقان لحدِّ أننا يجب أن نجعل الكثير من المناسبات المهمة منطلقاً للتذكير بحقوق المرأة عندنا وإلاّ فَحَريٌّ بالمرأةِ العربية أنْ تجعلَ من مناسبة عيدها السنوي يوماً للإضراب عن الحديث مع الرجل !

-------------
* فصلٌ من كتابٌ في السيرة ما زال غير مكتمل

كولونيا – آذار - 2007
[email protected]



#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآثار الكاملة : محمد الماغوط
- سلسلة : كتابٌ قرأتُهُُ - كتاب عن الدكتور كاظم حبيب


المزيد.....




- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...
- تطورات في قضية داني ألفيش -المتهم بالاغتصاب-
- رومي القحطاني.. أول سعودية تشارك بمسابقة ملكة جمال الكون 202 ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سامي العامري - خَرْمَشاتٌ حول المرأة تنفعُ هذا وتضرُّ ذاك !