أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - راني خوري - بيكاسو ....والزرقاوي!!!















المزيد.....

بيكاسو ....والزرقاوي!!!


راني خوري

الحوار المتمدن-العدد: 1855 - 2007 / 3 / 15 - 08:34
المحور: المجتمع المدني
    


كلاهما غني عن التعريف!! فـ "بابلو بيكاسو" أسطورة إسبانية قدمت للعالم أكثر الأعمال الفنية شهرة في مجالي الرسم والنحت، وقدمت للعالم مدارس فنية جديدة أهمها المدرسة التكعيبية التي بدأ "بيكاسو" بإخراجها مع صديقه "جورج براك". و"بيكاسو" شخصية إنسانية بكل معنى الكلمة، تحرك الأحداث داخلها مشاعر مختلفة، فيستجيب الإحساس والملكات الفكرية بتعبيرات معينة لتتفاعل مع وسطها وتطلق صيحات فرح أو حزن أو غضب وذلك حسب الحدث.

في 26 أبريل – نيسان – 1937 وفي خضم الحرب الأهلية الإسبانية، قامت 24 قاذفة من سلاح الجو الألماني النازي - بهدف دعم القوات القومية التابعة للجنرال الأسباني فرانكو آنذاك وكبح جماح مقاومة أهل اقليم الباسك، بقصف مدينة "غيرنيكا Guernica" الأسبانية، وسوتها بالأرض ماحية المدينة عن بكرة أبيها، فقد اختارت هذه القوات أن تقصف المدينة في اليوم الذي اعتاد فيه أهلها وأهل القرى المحيطة بها التجمع للتسوق، حيث اكتظت الساحة الرئيسية بالآمنين من السكان، فقد علمت هذه القوات متى تستطيع أن تحدث الأذى الأكبر، واستمرت لأكثر من ثلاث ساعات بإلقاء أكثر من مئة ألف رطل من المواد المتفجرة والحارقة، وهو الحدث الذي روّع العالم بأسره لوحشيته وفظاعته، خاصة أن القصف آنذاك خلف قرابة الـ 1600 قتيل والعديد من الجرحى الأبرياء، فكيف لا يروع هذا الحدث ابن إسبانيا؟!! فعلا روعه الحدث وعلى الفور وجد "بيكاسو" فكرته في التعبير والدفاع عن وطنه، واستغل لذلك طلب الحكومة الإسبانية الجمهورية آنذاك منه أن يقدم عملا يزين السرادق الأسباني في معرض باريس الدولي عام 1937، فسارع إلى رسم لوحته الجدارية الأكثر شهرة والتي أسماها باسم المدينة التي قصفتها الطائرات النازية ... "غيرنيكا Guernica" وهي المدينة التي لم يعرفها ولم يزرها طوال حياته، وصور من خلالها – بالرموز الفنية التي أضافها باللوحة كالجماجم والثور والفرس والخنجر والقتلى – وحشية الحرب ولا إنسانيتها وهمجيتها. فاستل بذلك "بيكاسو" سلاحه الأمضى والباقي لحد الآن لتصوير الحدث وتذكير العالم أجمع بما قامت به هذه القوات آنذاك من جرائم ضد الإنسانية، وقد قامت بلدان عديدة باستضافة هذه اللوحة في معارضها لأهداف مختلفة من أهمها جمع التبرعات لضحايا هذه المدينة وإعادة بنائها من جديد، ولمتابعي الأخبار على شاشات التلفاز، يمكنهم أن يروا نسخة عن هذه الجدارية في رواق الأمم المتحدة أثناء اللقاءات الصحفية العاجلة التي يعقدها ممثلو الدول مع مراسلي وكالات الأنباء والصحفيين.

والشخصية الأخرى أيضا غنية عن التعريف!! "فأبو مصعب الزرقاوي" ابن مدينة الزرقاء في الأردن، شخصية تتفاعل أيضا مع الأحداث وتحرك الأحداث داخلها مشاعر مختلفة، وهذه الشخصية روعت بالغزو الأمريكي الغاشم للعراق، (وهي جريمة لا يمكن أن ننكرها بأي مقياس ومنطق وعقل). بدأت عملية غزو العراق في 20 مارس 2003 من قبل ائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت عليه تسمية ائتلاف الراغبين، وهي جريمة راح ضحيتها الآلاف من أبناء العراق الأبرياء، أفلا يستجيب الزرقاوي الذي لم يعرف العراق، لنداءات أهل العراق؟! بلى وألف بلى!! فقد استل "أبو مصعب الزرقاوي" وجماعته (ومن على شاكلتهم من التكفيريين والأغبياء، من السنة والشيعة) سيوفهم البتارة وخناجرهم الماضية، ولفوا حول خصورهم أحزمتهم الناسفة، وأعلنوا جهادهم ضد الغزاة – الصليبيين!!؟ - وابتدءوا أول ما بدؤوا بقطع رؤوس الأمريكان والمتعاملين معهم، ثم فجروا الحسينيات والكنائس وفجر الآخرون الجوامع، فردوا بتفجير الأسواق ومراكز الشرطة العراقية. فرد الآخرون بتفجير الأحياء السكنية وتهجير المواطنين الأبرياء – من كل الديانات – واغتصب الطرفان الأعراض والأموال وكفر كل طرف الآخر، فكانت النتيجة أكثر من ستمائة ألف قتيل عراقي – ناهيك عن الجرحى وأصحاب العاهات المستديمة – وأسس طرف إمارة العراق الإسلامية ودعى آخر لتقسيم العراق وثالث لفيدراليته وكل على ليلاه يغني. ويقف العالم بأسره مذهولا أمام غباء في السياسة وعته وبلاهة في الوطنية وانعدام للإنسانية، فلا طرف شريف يمثل العراق ولا طرف يصعب عليه هدر دماء العراقيين!!

إن الحادثين يبينان وبوضوح الريشة الفنية لكل من الشخصين وقضية كل منهما، والأهم من ذلك، القيم والأخلاق والمبادئ والفكر الذي يجري في رأس كل منهما، وما "بيكاسو" و "الزرقاوي" إلا أبناء ثقافة المجتمع الذي رباهما وعلمهما وغزا عقليهما، فهما صورتان حقيقيتان لمجتمعيهما كل يعبر عن تفاعله مع الأحداث بطريقته وحسب الأفكار والمشاعر التي ترعرع عليها، مصيبتنا أن الثاني هو من يمثل مجتمعنا!!. بيكاسو كان عبقريا لتصويره بشاعة الموت والقتل في الحرب، ورمز للشراسة والقتل بـ "ثور" نظرا لحبه للدماء والعداء، ورمز للنبل والشهامة بـ "فرس" يتألم من خنجر الغدر الذي أغمد في ظهره غدرا، أرى الزرقاوي وأمثاله في لوحة بيكاسو معبرا عنهم وبعبقرية...بالثور!!

الرابط التالي يحوي صورة لجدارية "بيكاسو" فهي ما يمكن عرضه للزوار في موقع كالحوار المتمدن، أما أعمال الآخر وأمثاله، فنستميحكم عذرا عن عدم عرضها لعدم صلاحيتها لبني البشر والإنسان.

http://www.artchive.com/artchive/p/picasso/guernica.jpg

قال "يشوع" المسيح حسب متى الإصحاح الثاني عشر:

33اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّداً أَو ِاجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيّاً لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. 34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. 35اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْبِ يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ.

ملاحظة:
في 12 مايو 1999 أعلنت صحيفة النيويورك تايمز أنه بعد مرور واحد وستين عاما، وفي تصريح تم اعتماده في 24 أبريل 1999 قام البرلمان الألماني بالاعتذار رسميا لأهالي وسكان "غيرنيكا Guernica" للدور الذي قام به فيلق النسور الألماني في قصف المدينة، ووافقت الحكومة الألمانية على تغيير أسماء بعض الثكنات التي حملت أسماء بعض قادة فيلق النسور. وعلى النقيض من ذلك، فلم يصدر أي اعتذار رسمي للمدينة وأهلها من قبل الحكومة الأسبانية لأي دور لعبته أثناء القصف. هل ستعتذر الحكومة العراقية ( وخاصة أنها تمثل كامل طيف قتلة الشعب العراقي، لا الشعب العراقي ) للشعب في العراق يوما ما؟! وهل ستفعل باقي الحكومات العربية ذلك لشعوبها يوما ما؟! أراها ستقتدي بالحكومات الاسبانية المتعاقبة!!!



#راني_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيكاسو...والزرقاوي!!!.
- مشكلة عقل وليست مسألة حجاب
- قبر يسوع ، سفينة المال الغارقة الجديدة!!
- عبدالكريم نبيل سليمان...الكتابة في الدين والسياسة خط أحمر!!.
- وفاء سلطان والمتخلفين عقليا!!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - راني خوري - بيكاسو ....والزرقاوي!!!