أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - توفيق أبو شومر - إحراق الكتب في فلسطين















المزيد.....

إحراق الكتب في فلسطين


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 1851 - 2007 / 3 / 11 - 13:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



قال ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء
زار الوجيه المبارك دار الكتب بالمأمونية ، وكان خازنها أبا المعالي ( أحمد بن هبة الله) فذُكر أبو العلاء المعرِّي ... فقال هبةُ الله للوجيه المبارك :
كان عندي كتابٌ من تأليفه أي من تأليف أبي العلاء المعري فغسلته! ... يقصد أتلفته .
فقال المبارك ؟
وأي شيء كان هذا الكتاب ؟
فرد أحمد بن هبة الله :
في نقض القرآن الكريم !
فقال المبارك :
أخطأتَ في غسله... فلا يخلو أن يكون هذا الكتاب ، إما مثل القرآن أو خيرا منه ، أو دونه .
فإن كان مثله أو خيرا منه ، وحاشا لله أن يكون ، فلا يجب التفريط به .
وإذا كان دونه... فتركُهُ معجزةٌ للقرآن !
فسكتَ ابن هبة الله ( معجم الأدباء جزء 17 ص 65-66)
وقد حفظ لنا التاريخ قصصا كثيرا عن حرق الكتب، غير أنها كانت قصصا طارئة على أمة العرب ، فقد تواردت قصص كثيرة عن حرق مكتبة الصاحب بن عباد على يد محمود الغزنوي .
ويذكر الكاتب محمد ماهر في كتابه المكتبات في الإسلام : "
أحرق المرابطون كتب الغزالي .. وفي زمن الموحدين كانت الكتب ترد على ظهور الجمال وتحرق ، كما أحرقت مكتبة ابن عمار في طرابلس الشام في القرن الخامس عشر "
ومما يؤسف له أن كتابا كثيرين ذكروا بأن الفاتحين المسلمين أحرقوا مكتبة الإسكندرية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ويحكون القصة التالية :
أسس بطليموس فيلادلفوس مكتبة الاسكندرية ، ولما فتُحت مصر على يد عمرو بن العاص ، أرسل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رسالة يسأله فيها عن كتب مكتبة الإسكندرية :
ماذا نفعل في كتبها ؟
فرد عمر بن الخطاب :
إن كانت كتبها توافق ما جاء به كتاب الله، ففي كتاب الله غنى عنها .
وإن كانت كتبها تخالفه ، فلا حاجة لنا بها .
ففرقها عمرو بن العاص على حمامات الإسكندرية ليشعلوها في المواقد !!
وينصفنا المستشرق إدوارد جيبون حين يدحض الرواية السالفة ويقول :
أحرقتْ مكتبة الإسكندرية أولا قبل الفتح الإسلامي .
وثانيا لا صحة لتوزيع كتبها على حمامات الإسكندرية ليشعلوها في مواقدهم ، لأن كتب مكتبة الإسكندرية كانت مصنوعة من الجلود التي لا تصلح للإحراق .
وقد نسي كثيرُ من العرب والمسلمين بأن فخرنا الحضاري كان مؤسسا على الثقافة المكتبية ، فخلال تاريخنا العربي والإسلامي الطويل ظلتْ مفخرة [ تأسيس المكتبات] تعتبر إحدى ركائز تثبيت دعائم الحاكم العربي .
فالمنصور والمأمون كان يشترطان عند الانتصار في المعارك على المهزومين أن يسلموا ما لديهم من مخطوطات ، لم تُترجم إلى العربية !
كما أن بناة حضارتنا العربية ، توسعوا في إنشاء المكتبات ونوَّعوها ، فظهرت عندهم مكتبات المساجد ، والمكتبات الخاصة في البيوت ، يزورها طالبو العلوم والثقافة ، حتى أنهم كانوا سبّاقين إلى تأسيس مكتبات في المقابر ، ودور الاستشفاء . وشجع الحكام العرب الترجمة فظهرت عائلة حنين ابن اسحق وغيرها .
كيف ولماذا
كيف تقوم فرقةٌ أو شخصٌ أو جماعةٌ أو حزبٌ بالاعتداء على أهم أسسنا الحضارية ، وهو الأساس المكتبي ؟
إن هذا يحدث في فلسطين اليوم على يد [ كهنة المقابر] حين يطاردون كتابا يسرد حكايات تراثية فلسطينية قديمة منذ ثلاثة آلاف عام أو أكثر .
كتاب [ قول يا طير ] جمعه الأستاذ شريف كناعنه ، وهو أستاذ في جامعة بير زيت ، والأستاذ إبراهيم مهوي من جامعة أدنبرة في أسكتلنده ، ... يضم الكتاب خمسا وأربعين حكاية سومرية وبابلية وأكّادية وفرعونية
صدر الكتاب باللغة الإنجليزية عام 1989 ، ثم تُرجم إلى الفرنسية عام 1997 .
وأخيرا ترجم إلى العربية ..
الحكايات الواردة في الكتاب جُمعت كما تُحكى ببراءة اللفظ ونقاوة النقل .
إن ما حدث لهذا الكتاب هو جزء من التدمير المخطط له للثقافة الفلسطينية .
كتبتُ منذ سنوات عن بداية توالد تيار [ كهنة الكتب] وهم يشبهون دود القبور التي تموت في الشمس ولا تحيا إلا في العفونة والرطوبة .
كنتُ قد أشرتُ إلى أن بعض أمناء المكتبات يمارسون دور الرقيب كأمين مكتبة المأمونية (أحمد بن هبة الله) أي يقومون بغسل الكتب الواردة إلى المكتبات العامة ... فقد سألني ذات يوم أحد أمناء المكتبات العامة أثناء خروجي من المكتبة وكان يعتقد بأنني سأقدم له قائمة من الكتب الخارجة عن المعتاد :
هل هناك كتبٌ تستحق الإبعاد ؟
ولما أعلنت دهشتي قال : المخزن مملوء بالكتب التي لا تناسبنا ..
فأنا أقوم بفرزها أولا ، ولا أعرضها على الرفوف ، ولما سألته عن آلية عمله قال : كل كتاب أشك فيه أُبعده عن الأرفف ، وأضعه في السجن الكبير حتى تأكله الأرضه !!
برافو ... يا أمين المكتبة العامرة !

وعند متابعتي للأمر اتضح لي بأن هناك طائفةً من أدعياء الدين تشتغل بمهمة متابعة أمناء المكتبات ، وتزورهم في شكل مجموعات من الواعظين ، وحيث أن كثيرا من الأمناء ليسوا مثقفين ولا مهنيين ، وهم يخشون ما تؤول إليه الأمور ، لذلك فهم سرعان ما ينفذون طلبات الأدعياء وينصاعون لتوجيهاتهم .
حتى أن مكتبة عامة سمحت لأحدهم بأن يعرض فيها كتبه الخاصة المهداة إليها ، بحيث لا تدخل ضمن التصنيف العشري للمكتبة ، ولم تأخذ موافقة الهيئة المختصة المشرفة ، وهذه الهيئة بالمناسبة غير موجودة . والمكتبة العامة تعرض الكتب غير المفيدة في وسطها مثلما أراد صاحبها ، وبالكيفية نفسها التي وضعها فيها .
هل سيكون كتاب[ قول يا طير] بداية مرحلة جديدة من مراحل دولة مخابرات الضمائر والنفوس والثقافات في فلسطين ؟
وهل هو جس نبض للخطوات التالية التي تتبع ذلك ؟ أم أنه سيكون وخزة للمثقفين والمؤسسات الثقافية لكي تستيقظ من سباتها ، وتغادر غرف نومها الوثيرة متجهة إلى الشارع الغارق في وحل الجهالة ؟
أم أن ما حدث وما سيحدث سيكون أيضا جزءا من الخطة الجاري تنفيذها ، وهي تفريغ العقول ، وحقنها بجرعات من الجهالة حتى يسهل تطويعها ؟
إن رقباء الأفكار وقضاة محاكم تفتيش النفوس ، ومخابرات المؤلفات والمطبوعات يؤدون أروع الخدمات لنظرية [ الإرهاب] الإسلامي ، فهم يرسخون ذلك في عالم اليوم ويؤسسون البنية التحتية للإرهاب الفكري الذي سيكون بمثابة الزلزال الذي سيطيح ببنائنا الحضاري الفلسطيني التقليدي الذي بنيناه بدمائنا وتضحياتنا خلال السنوات الطويلة .
والنتيجة الكارثية التي سيرددها كثيرون في عالم اليوم أنهم سيقولون :
من يحرق كتابا في التراث الفلسطيني ، فإنه بالطبع لا يستحق الشفقة والمعونة والدعم ، وهو من باب أولى لا يستحق وطنا !

9/3/2007م



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - توفيق أبو شومر - إحراق الكتب في فلسطين