أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس آدم - قصة قصيرة : النائم بعين واحدة














المزيد.....

قصة قصيرة : النائم بعين واحدة


بولس آدم

الحوار المتمدن-العدد: 1809 - 2007 / 1 / 28 - 07:44
المحور: الادب والفن
    



هو رجل متقاعد فارق الطموحات الأستثنائية ، عينه المغمضة من الخد الغائر في عجينة الوسادة ، عينه
الثانية ، تحدق في الجدار القريب من انفه بعد منتصف الليل .. عجوز لم يتخلى ابدا عن النوم بعين واحدة ، عين
مفتوحة احترفت الحذر ، تسكب دمعا ، ليس حزنا بل تصفية حساب ! تتملى ببلاهة في عرض الجدار في الظلال الباردة ، رسائل اقاص عتيقة ، عينه تماثل التحدب والتكوير الفطري المستفز في رؤوس التماثيل السومرية ، عينه التي ترى نقشة على الجدار تستضاف هناك في لوحة ظل وضوء مربعة ، عرموطة المصباح قبالة النافذة في الشارع تطل معلقة براس عامود ترسل ضوءا يصادف اوراق شجرة يخترق النافذة ، ويضع بهدوء لوحة خيالات الظل كاشكال مسننة في لوحة الجدار رغم انفه، تتفحصها بخوف ، عين المستشار المتقاعد النائم بعين واحدة .
لعبة له يلهو في قراءة قلقها ، عنفها المرمز ، ترعبه ، تستل الأخافة وتهدده ، تعيد له جدولة كدس الأسرار
والحيطة ازاء دسائس قادمة ، ذلك المستقبل القريب ، هو جزء من ماض بعيد وان كانت العين تتوهم زمنه ، طيلة السنوات المنصرمة ، الماضي .. ماضيه ، يوم كان الهام لوظيفته وحيوية مناوراته وسحب البساط من تحت اقدام خصومه .
النائم بعين واحده ، ركن على الرف ، عجوزا تقتات ايامه على مهملات خرفه .
تخلوا منذ زمن بعيد حتى عن فكرة قتله ! طالما جمد في بلاد بعيدة ، والرصاصة التي قيل بانها ولدت معه لتقتله لم تستقر ابدا على جبينه بين عينيه ، تركوها له ، عينه الجاحظة بيقضتها وادمانها ، في سنوات الفعالية
لعبت دور تميمة وتورية مدح لبراعته في دهاليز الحكم ، في التعبير عن بارود جوفه ، مط المتغير ليشكل حضورا
لابد من وهمه ، ترسخ في اي منصب ، تمت ترقيته ، واطلقت عليه مجلة الساعة ، اسم اشتهر به هو ..
الرجل النائم بعين واحدة .
عين حمراء دامعة دوما ، لم يفته تركيب عدسات لاصقة لها بالوان تناسب شؤون الساعة !
عينه ، حبيبته ، خفيرة على حياته ، هادية لوضعه ليستمر كجزء لابد منه في ماكنة ، رفيقته في لياليه وهو يراقب الظلال الراقصة بلؤم على الجدار في مربع صغير امام عينه كاللعنة .. ستستمر تلك العين السحلية في حمقها ، مناوبة الوقاحة بين الحذر ومورد الشجاعة ، رغم ان ذلك لم يعد ضروريا ، الا انه ابن بار لعاداته وتراث لولا عينه لما كان ، ابى الا ان يكون النائم انى كان بعين واحدة ، رغم عذاباته اثر ضمور قدرته في التفريق بين الصحو والنوم او لحظة الخرف من عدمها .
تساله زوجته ان كان عطشا ؟! يجيبها كانه يكلم شخصا في الجدار :
- هل مازال المليون في البنك والمسدس في الثلاجه ؟!
تغادر العجوزة سرير المستشار ، تدير نور الغرفة.. يطلق صرخة ممجوجة ..
- هل اطفئ النور يا.. ؟
- انا لااجيد لعبة الدومينو !
- هل تبولت قبل النوم ؟!!
- بلغي افراد الحماية لأستئصال العرموطة !!
.. زوجته التي قامت بدور الحامي الساهر باتت رمزا اثريا يتحرك كالخيال لسلطة منقرضة امام عينه المزمنة ..
ترى عينه السحلية في وشم الظلال على الجدار مالايمكن ان يراه اخر في العالم .. يظهر شرخ بطول سنتيم
بين نجيمات اوراق الشجرة الظلية على الجدار ! يتعامد عليه ويقاطعه كعلامة X شرخ اخر ، من نقطة التقاطع
يخرج شكل يستطيل خارج وجه الجدار ، هو اصبع ! لم يكن اكثر من سبابة شهرت واهتزت في وجهه ، كانت له
اهانة قديمة تعود عليها لاحقا :
- انت ؟ من يتقن اخفاء جرائمه ، احذر !
يومها ، كان الذي يعرف بهزة راس وعينه المفتوحة الساخرة كيف يمتص النقمة ،
- اهدا ، ما اثقلها من مزحة !
ذلك الأصبع يتبعه كف مضموم وذراع تجاهد في التخلص من زنزانة الجدار ، وهي جزء بالضرورة من نصف جسد
يخرج الآن من الجدار الذي بلحظة خارج التوقيت المالوف لفظ رجلا يعرفه المستشار جيدا ، هو الآن في غرفته
بين عينه القاتلة والجدار ، قال في سره :
- ثلاثة في الغرفة ، نحن الآن .
قالت زوجته في سرها الفاقع :
- نعم ، هو الرب ثالثنا !
قال رجل الجدارية في سره المرير :
- انت يامن فكر بكل شئ يؤدي الى نجاته ، عجبي ، انك لم تمد يدك لأنتشالي من جدارك وانقاذي !
في الواقع هز اصبعه ولم يقل شيئا اخر بقدر التاكيد على كسر ذا معنى لمبارزة عينه مع عين المستشار وهو
يعرف خلود صنفها ، ذلك الرجل كان بحجم لعبة اطفال ! عاد بخطوتين الى الوراء وبلعه ثانية مقص الشرخين
واختفى في نقطة التقاطع X ثانية .



#بولس_آدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحملان الوردية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس آدم - قصة قصيرة : النائم بعين واحدة