أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إلهامي الميرغني - دروس النكسة العربية ( 4 ) إشكاليات الوعي العربي















المزيد.....

دروس النكسة العربية ( 4 ) إشكاليات الوعي العربي


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 537 - 2003 / 7 / 8 - 02:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ سقوط بغداد توقف الشارع العربي عن الانتفاض والتظاهر وجلس يبكى صامتاً يتجرع مرارة النكسة العربية الجديدة وسقوط العراق في قبضة عصابة الأوغاد الدوليين ( وفق تعبير الصحاف ) .بينما تتواصل المسيرات والمؤتمرات في العالم من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى الصين واليابان وأوروبا. والفرق الرئيسي بين شعوبنا وشعوبهم أو بين طليعتنا وطليعتهم إننا تحركنا لمناصرة العراق بمنطق العواطف والمشاعر وليس بمنطق العقل والمصالح الذي يحرك المنظمات والشعوب في باقي بلاد العالم ، فالقضية تتعلق بالفرق بين الوعي والعفوية.
لقد وقعت غالبية القوي السياسية العربية في فخ المشاعر والإثارة رغم ضخامة حركة الشارع العربي عند بداية العدوان ، وإذا تأملنا مواقف بعض ابرز القوى السياسية وسنأخذ الحالة المصرية كمثال معبر عن إشكالية الوعي العربي من خلال مواقف مختلف القوى السياسية الفاعلة على الساحة نجد الآتي .
 
1 ـ حركة الأخوان المسلمين :
رغم كونها أكبر الحركات السياسية المصرية وأكثرها قدرة على حشد الجماهير إلا أنها تعتمد على الشعارات العاطفية وتعتمد على إثارة المشاعر والعواطف أكثر من اهتمامها بخطاب العقل، يتضح ذلك جلياً في شعارهم السياسي ( الإسلام هو الحل ) حيث انه شعار عاطفي فضفاض وهو خالي من المضمون  و لا يبلور أي رؤية يطرحها الأخوان لبناء الدولة المستقبلية ووضع الأقليات والموقف من الحريات وهكذا ، وبذلك لا يطرح الأخوان رغم كونهم أكبر القوى الإسلامية رؤية واضحة وبرنامج متكامل للتغيير ويعتمدون على الولاء المطلق وحشد الجموع التي تتحرك وفقاً لتوجيهات مكتب الإرشاد باعتباره أعلى سلطة داخل الجماعة .
ووفق هذه الرؤية العاطفية العفوية حشد الأخوان الآلاف من المصريين باعتبار أن العدوان على العراق حملة صليبية جديدة تستهدف الإسلام والمسلمين فقط ، رغم أن تحركات المسيحيين بل وبعض اليهود في العالم فاقت جميع تحركات المسلمين وبما ينفى عن العدوان صبغته الدينية التي تعمل على تزييف القضية وبناء عدو كاذب وإغراق الوعي العربي بعشرات المقالات عن المسيحية الصهيونية وتزمت بوش الابن ، وبالتالي أصبحت القضية مزايدة على من أكثر أصولية ورجعية نحن أم بوش وعصابته من العلوج.
الخطأ الثاني الذي وقع فيه الأخوان هو التحرك المشترك مع الحزب الحاكم حزب الفساد والاستبداد والتبعية فيما عرف بمظاهرات الأستادات الرياضية التي بدأت بما سمي مظاهرة المليون في استاد القاهرة ثم امتدت لبعض محافظات الدلتا في شمال مصر وغابت عن الصعيد ( جنوب مصر ) المهمش اقتصادياً وسياسياً . و لا أعرف كيف بررت قيادات الأخوان لقواعدها التحالف مع الحزب المزور الذي وقف ضد دخولهم البرلمان وجمد النقابات المهنية التي يسيطرون عليها وحاكمهم أمام المحاكم العسكرية . ولكن القضية أنهم أوهموا قواعدهم بأن المعركة تستهدف الإسلام وبذلك نتحالف مع الشيطان المسلم للتخلص من الشيطان الصليبي وسقط العراق وسقطت معه الحركة الجماهيرية للإخوان. 
 
2 ـ التيار القومي : 
يعتمد التيار القومي وفى القلب منه التيار الناصري على إثارة العواطف والمشاعر دفاعاً عن العروبة ومن المعروف أنه التيار عالي الصوت محدود الفاعلية ، وقد سقط التيار القومي في نفس الفخ الأخوانى باعتبار المعركة عدوان صليبي على الأمة يجب التصدي له واختلطت الأوراق . وخرجت جموع الناصريين والقوميين تهتف لبيكى بغداد وفى نفس الوقت ترفع صور الطاغية الفاسد صدام حسين باعتباره المدافع عن القومية والأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة. ولذلك مع سقوط صدام وبعثه سقطت الجماهير القومية والناصرية.
لم يفرق التيار القومي بين صدام وبعثه وبين القضية العراقية فقد صمت التيار القومي عندما وقع صدام اتفاق مع الشاه باع به شط العرب لإيران ، وصمت عندما حارب الدولة الإسلامية في إيران ثم عندما جر الجميع للمستنقع بغزوه الكويت عام 1990،ولم يرى أن العراق هي تجسيد للدولة القطرية وضد المشروع القومي بدليل عجزها عن التقدم الوحدوي حتى مع الجارة سوريا ،  ولم يوجه انتقادات جادة للممارسات البعثية التي كان يقودها صدام حسين ضد شعب العراق بدعوى أن التناقض الرئيسي مع الاستعمار وترديداً لمقولة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ( لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة ). وأن صدام سيصمد وينتصر ويدحر الغزو الاستعماري وستكون نهاية أمريكا وبريطانيا على يد الأخ القائد صدام حسين المختفي لا أعاد الله أيامه.
 
لذلك عندما سقطت بغداد دون مقاومة تبخر الخطاب القومي وعجز عن تفسير ما حدث وكيف سقطت بغداد دون أي مقاومة وبدأت التحليلات التي تتحدث عن الخيانة والحرس الجمهوري الذي باع صدام والبعض يتحدث عن المؤامرة أو الصفقة الخ التحليلات التي تسعى لتفسير ما حدث وصدام الذي اختفى ليقود المقاومة السرية ، وسيطر الإحباط على الجماهير القومية وجلست تجتر الآلام وتتذكر يونيو 1967 وما يحمله من ذكريات أليمة .
 
 
 
3 ـ التيار الشيوعي :
لقد بدء غزو العراق والحركة الشيوعية المصرية تعيش منذ سنوات أزمة خانقة متفرقة لا توجد شعارات ناظمة موحدة للحركة حيث تتفرق بين كوادر نشطة داخل منظمات المجتمع المدني وأخرى داخل حلقات متفرقة تبحث في جذور الأزمة أكثرهم تواجداً منظمة الاشتراكيين الثوريين . أما حزب التجمع الوطني اليساري فهو يعانى العزلة وتقلص نفوذه الجماهيري رغم محاولاته لكسر الحصار خلال التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية أو في مواجهة قانون العمل الموحد.كما ابتدعت بعض عناصر التيار الشيوعي أشكال جديدة في العمل الجبهوى مثل اللجنة الشعبية لمناصرة الانتفاضة الفلسطينية أو المجموعة المصرية لمناهضة العولمة ، ولا زالت هناك العديد من الخلافات حول تطوير هذه التنظيمات وأسلوب إدارتها بين المحافظين والمجددين ، وحول حدود العلاقات مع منظمات الدولة في الداخل ومع المنظمات الدولية المناهضة للحرب والعولمة في الخارج. لكننا لا نجد شعارات موحدة من قبل التيار الشيوعي بل أن بعض المغامرين من المراهقين اليساريين دعوا لاحتلال السفارة الأمريكية في القاهرة في أعقاب الغزو بما يعكس الحماقة والاندفاع العاطفي الذي يشارك به الشيوعيين المصريين التيارات الأخرى الإسلامية والناصرية.
 
ولقد ظل قطاع عريض من الشيوعيين المصريين منذ نكسة حزيران يركز على أن القضية الوطنية هي قضية القضايا ومحور الصراع الرئيسي وتتراجع باقي قضايا الحريات الديمقراطية والاستقلال الاقتصادي أمام بريق القضية الوطنية التي كانت تجد المدد في وجود إسرائيل ومسيرة التسوية التي قادها النظام الساداتي أو من خلال تداعيات التسوية على القضية الفلسطينية . حتى غاب الخطاب الشيوعي واختفى وسط رسوخ التسوية وامتداد العمالة للاستعمار لتشمل جميع الأنظمة العربية إضافة إلى الاستبداد السياسي المنتشر من المحيط إلى الخليج. كما خلط بعض الشيوعيين خطابهم الماركسي بالخطاب القومي مما أفقدهم تميزهم وأوقعهم في نفس الفخ القومي العاطفي وسمعنا البعض يحدثنا عن صمود بغداد وتشبيه العراق بفيتنام جديدة. لذلك أصيب الخطاب الشيوعي بنفس الإحباط الذي أصاب باقي التيارات السياسية .
وبقيت مهمة فصل التداخل في الخطاب السياسي بين التيار الشيوعي والتيار القومي وطرح رؤية جديدة للتغيير تطرح برنامج شامل للتطور الديمقراطي الاجتماعي لأنه بدون الحريات السياسية وبدون وجود حركة حقيقية للتطور الاجتماعي ودفاع مختلف الفئات والطوائف عن حقوقها يصبح الحديث عن التحرر الوطني مجرد طبل أجوف لا معنى له ، كما يجب السعي لتحقيق الربط بين الحركة العالمية المناهضة للعولمة الرأسمالية المتوحشة وبين الحركة المصرية.  لهذا نجد أن تحرير فلسطين وتحرير العراق لن يبدأ قبل تحرير القاهرة وتحرير مختلف الأقطار العربية وسقوط باقي التماثيل الجاسمة فوق أنفاسنا وبناء دول ديمقراطية حديثة هي التي تقود البناء الاقتصادي المستقل والتحرر الوطني الرديكالى ، وبدون ذلك سيظل الشعب المصري أسير الخلط في الخطاب السياسي ويظل تحركه العواطف بينما واجبنا أن نجعله يتحرك بعقله ووعيه من اجل مصالحه ومن اجل مستقبل أكثر حرية وأكثر عدالة لتلتحم عندها حركة شعوبنا العربية مع الحركة العالمية من اجل صنع مستقبل أفضل للبشرية .
 
 
 
إلهامي الميرغني
1/5/2003      

 



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس النكسة العربية ( 3) دور المثقفين في صناعة الطغاة
- دروس النكسة العربية (2) فن صناعة الطغاة
- دروس النكسة العربية من عبد الناصر .. إلى صدام
- شيزوفرانيا الديمقراطية
- مستقبل الطبقة العاملة في ظل الكوكبة
- تجوع مصر المصونة .. ولا تأكل بالمعونة


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إلهامي الميرغني - دروس النكسة العربية ( 4 ) إشكاليات الوعي العربي