أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - مجتمع بلا خرائط















المزيد.....

مجتمع بلا خرائط


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 11:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد نحو اربعين عاماً من حكم البعث التصحيحي " القائد " . وبعد تطبيق ثماني خطط خمسية مترادفة بقيمة آلاف المليارات من الليرات السورية ، يطلق الاعتراف رسمياً ، أن المجتمع السوري ، باستثناء المجال الأمني ومجال الإثراء غير المشروع ، هو مجتمع بلا خرائط . وهذا الاستثناء من عندنا ، بدلالة نجاح أهل الحكم في هذين المجالين .. بل والإبداع فيهما ، وبدلالة فشل كل الخطط الخمسية المتتالية في نهوض وازدهار البلاد ، وكأنها وضعت عمداً لأهداف معاكسة

في مؤتمر تفعيل الاستراتيجية العربية للحد من الفقر ، المنعقد مؤخراً في دمشق بحضور ممثلي 18 دولة ، قدم وكيل وزوارة الشؤون الاجتماعية السوري المداخلة " الاعتراف " قال فيها : أنه لم يكن لدى الوزارة إلى وقت قريب أية درا سة لخريطة وطنية للفقر وقياسات لمعدلاته وخصائصه وتحديداً للفئات الفقيرة . وبعدما ا ستعرض الحالة الفقْرية السورية والأرقام الصادرة عن جهات أخرى مشكوك تاريخياً في مصداقيتها ، التي حددت الحجم النسبي للفقراء في المجتمع ، ممن يعانون الفقر الشديد و " غير الشديد " وحددت التوزع النسبي لهذين المستويين المعبر عنهما رقمياً ب ( 5،3) مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الأعلى ، أ شار إلى أن الخطة الخمسية العاشرة " التي بوشر العمل بها " والحادية عشرة " التالية " التي ستولد بعد خمس سنوات أخر ، ستسعيان ل " تخفيض " نسبة الفقر ممن يعشون في فقر شديد إلى مستوى ما كان عليه الوضع عام 1977

وهذا ما يوضح ، أنه مثلما هي الحال ، لدى درا سة ومعالجة المسائل في المستويات الأخرى ، من قبل هيئات حكومية مشهورة بتقاليدها الانتقائية والتزويرية والانحيازية ، قد تمت درا سة ما زعم أنها الخريطة الوطنية للفقر ، بهدف تغطية ما يجري في الضفة الأخرى في المجتمع . وما قدم على أنه الخريطة الوطنية للفقر لايعدو أنه دراسة مبسترة وفق معايير تكنوقراطية مقتبسة من مجتمعات أخرى . بمعنى أنها لم تكن دراسة ميدانية علمية حية هادفة للتعاطي مع الفقر بعلاقته وتمفصله مع خرائط اجتماعية أخرى ذات صلة بالخريطة التنموية الاجتماعية عامة ، إذ أنها جاءت مجردة عن العلاقة مع الخريطة الوطنية للإثراء غير المشروع ، وعن بنية الاقتصاد السوري المشوهة بالفساد والاحتكار السياسي والنهب والتهرب الضريبي والتمييز الوظيفي السياسي ، وعن تمفصل الفقر مع مفاعيل أخرى زادته اتساعاً وعمقاً مثل الغلاء المبرمج والبطالة والاغتراب ومعاناة الطفولة وانتقاص حقوق المرأة وانتهاك حقوق الإنسان ، ومجردة عن الواقع السياسي الاستبدادي ، واقع حكم الطواريء والأحكام العرفية ، الذي يغلق الآفاق تعسفياً أمام ملايين المواطنين غير الموالين للنظام ويهمشهم عمداً ويدفعهم إلى خانة الفقر والبطالة والأزمات ، بدلالة أنها تجاهلت كافة مكونات الفقر , فلم تضف إلى رقم ( 5،3 ) مليون يعانون من الفقر ملايين أخرى من المواطنين ، الذين يكابدون البطالة " أكثر من مليون عاطل عن العمل " ونحو مليون مهاجر سوري في لبنان يمارس معظمهم أعمالاً شاقة ومهينة ، ومئات آلاف العمال السوريين في دول الخليج وغيرها يخضعون لظروف وأعمال شاقة ومذلة وبعضها أ شبه بالعبودية ، ونحو ( 600 ) ألف طفل يعملون في شروط غير إنسانية . ولم تعر اهتماماً لمعدلات البطالة من الفئة العمرية من 15 -24 سنة ، التي وصلت إلى معدلات مفجعة هي 73% . وإلى أن كلفة الحد الأدنى للحياة تفوق ستة أضعاف الحد الأدنى للأجور . ولم تدخل في أزقة وكهوف أحزمة الفقر حول دمشق وحلب ، التي يسكن فيها أكثر من مليوني شخص معظمهم بلا عمل ولاأمان ولاأمل . ولم تذكر الدرا سة أن معدلات الفقر تصل إلى 60 % في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية التي تضم نصف سكان سوريا وهي الأغنى في الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومحاصيل زراعية ، وأن الأفقر على المستوى السوري هم سكان ريف حلب الذي وصل مستوى الفقر هناك إلى ثلاثة أضعافه في المناطق الحضرية ، كما لم تتعرض الدراسة إلى ما يعانيه مئات آلاف من المواطنين الأكراد المشمولين ظلماً بجغرافيا " الخط الأخضر " وبالأحرى الخط الأسود ، الذين يعانون من فقر الانتماء والمواطنة إضافة إلى خصائص الفقر الأخرى

بكلام آخر ، إن الفقر في سوريا هو فقر مركب .. فقر غذائي معاشي .. وفقر قانوني ديمقراطي .. وفقر حرية ومواطنة ، غير أن فقر الحرية والمواطنة يتقدم على ما عداه من حالات الفقر الأخرى ، بل ويشكل حلقة مركزية سياسية - اجتماعية بامتياز في مركب الفقر العام . وإذا ما شملت الخريطة الوطنية للفقر هذه الخصائص مجتمعة في تحديد معدلات الفقر تصبح الأكثرية الساحقة من الشعب السوري فقراء

والخوف كل الخوف من اتساع معدلات الفقر بدل أن تنخفض ، وذلك حسب الخطة الخمسية العاشرة وشقيقتها الحادية عشرة القادمة بعدها ، والتي " بشّر " نائب رئيس الوزراء الاقتصادي القوى الشعبية أي الفقراء ، لدى تطبيقها ، بمزيد من الآلام الجتماعية .. أي بمزيد من معدلات الفقر وتنوعاته ومستوياته .. وحسب برنامج التقشف التعسفي في موازنة الدولة ، بتحميل القوى الشعبية عبء سد العجز المالي الحكومي ، وذلك برفع الدعم عن المواد التموينية الأساسية ومادة المازوت، وخصخصة قطاعات الدولة الانتاجية والخدماتية .. بما فيها الصحة والتعليم والمرافق العامة

وعلى ذلك مبرر القول ، أن دولة بهذه المواصفات .. دولة بلا خرائط هي دولة متخلفة ، وهي محكومة أن تعمل لصالح نظام ا ستبدادي يستأثر بثروات البلاد لصالح أهله وأتباعه ، وهي محكومة أن تضع خرائط أمنية واقتصاية فقط . خرائط أمنية لتدريع النظام ولسحق أي تهديد له . وخرائط اقتصادية لتوفير فرص الثراء لأهله وأتباعه . أما الآخرون في المجتمع فهم خارج الاهتمام الإنساني .. بينهم وبين العيش الحر الكريم جدار عزل من القمع المسلح

ومبرر القول ، أنه في هكذا مجتمع حيث تنعدم فيه الخرائط ، ويختزل التمايز الطبقي ، بين الأثرياء جداً والفقراء جداً ، محكوم بتفاقم الأزمات على كل المستويات التي تتضافر لتصبح أزمة وطنية شاملة ، تنوء تحت سقف الأطماع الخارجية ، وأنياب الفقر ، وأسئلة حقوق مواطنة مهدورة ، وحقوق أقليات قومية مشروعة

ومبرر القول أيضاً ، أن الحاجة إلى الإصلاح لم تعد واردة كحل وسط .. بل قد إنعدمت .. وتتركز الحاجة الملحة الآن إلى التغيير الجذري .. وإعادة بناء البلد ديمقراطياً.. وفق خرائط علمية وطنية على كل المستويات



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكثر من صرخة من أجل بيت حانون
- الجري وراء عدل مفقود
- فقراء البرازيل .. من دروب الجوع إلى دروب الأمل
- حجب غير متمدن .. للحوار المتمدن
- درس ديمقراطي أول
- السياسات والتقاطعات المشرفة
- قصة الجيش الأحمر السوري
- ليس حلفاً جديداً .. !! .. ؟
- بانتظار مبادرات نقابية وسياسية مناضلة شجاعة
- معركة الرغيف والكرامة والديمقراطية
- خمس سنوات إرهاب شامل
- نظام - الحزب القائد - .. !! .. إلى متى .. ؟
- حتى ينكسر الحصار
- السنديان العتيق
- التحالف الاشتراكي .. بداية جادة واعدة في حركة اليسار المصري
- أفول الأسطورة الإسرائيلية .. مهام متعددة في معركة واحدة
- لماذا ثقافة المقاومة .. ؟
- الوطنية الديمقراطية في زمن الحرب
- من هم أصدقاء أولمرت من الحكام العرب .. ؟
- حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي .. 2


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - مجتمع بلا خرائط