أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - انعتاق














المزيد.....

انعتاق


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1716 - 2006 / 10 / 27 - 10:41
المحور: الادب والفن
    



ربما كانت الواحدة أو بعدها بقليل حين قرر الإفلات من شراكها .. كثيرة هي الشراك التي تنصب للروح .. مضي وقت طويل عرفت خلاله أنها يجب أن تتركه لكل الأشياء التي كان يتخذها ذريعة حتي لا يقع في فخاخها .. ربما لم تحكم الفخاخ جيداً .. لذا استطاع المخاتلة والهروب .. قال لها ساخراً :
ـ روحي لا تطيق الأغلال
عرفت ساعتها أن الوقت قد حان لتنسحب .. كانت واثقة من رغبتها في تمضية بقية العمر معه .. ذهبت إليه في مرسمه .. في الحقيقة لم يكن مرسماً بالشكل المتعارف عليه .. اتخذ هذا المكان المتواضع أعلي سطح منزل قديم بالقرب من قصر المسافر خانة منزلاً ومرسماً .. اعتاد السكان علي فكرة النساء اللاتي يزرنه في مسكنه .. بعد حروب طويلة مع صاحب المنزل والجيران استطاع تمرير فكرة زيارة البنات اللاتي يرسمهن .. وبعدها أصبح من العادي أن يخرج ويدخل مرسمه الأصدقاء والصديقات دون اعتراض من أحد .. حزام الروب الحريري ينزلق .. تمد يدها لتضم الروب علي جسده .. تفنخ في يديها لتدفأهما وتتعجب من عدم إحساسه بالبرد .. صوت الماء علي البوتجاز يغلي .. تقوم تصب الشاي وتعود إليه .. أمسك بالفرشاة يضع لمسات نهائية علي لوحته التي شغلته شهوراً .. تجره بعيداً عن اللوحة .. يجلس علي الكنبة التي تتوسط الحجرة .. جلست بين يديه تتأمل ملامح وجهه التي تشبه ملامح صياد عجوز ملّ الفرائس الكثيرة التي استطاع الإمساك بها .. قبلت أطراف أصابعه وقالت في صوت حاولت أن تحمله بكل الانفعالات اللازمة للتأثير فيه .. عشيقاتك القدامي كيف يواصلن الحياة بعدك ، كيف يغمضن عيونهن ولا يجدنك هناك واقفاً ترقبهن وتبتسم ؟ ، فقال لها : أشياء تحدث هكذا بحكم العادة ، واصلت حديثها وهي تمسك بأطراف أصابعه ، تتملي فيهم ، ثم تقبلهم قبلة سريعة وتقول ساهمة : كيف يمكنني أن أقبض علي روحك ، وأدفسها في قلبي وأنام .. ضحك ضحكة رائقة ، ومد يده ليزيل خصلات شعرها التي تدلت من تحت الإيشارب الحريري التي تضعه علي رأسها .. ردد لها مقولته التي يحفظها كل المحيطين به .. روحي لا تطيق القيود .. كل النساء اللاتي عرفهن استطاع تحديد شكل العلاقة منذ بدايتها ... لا زواج ... لا ارتباط نفسي .. لا التزام من أي نوع ... عقد اتفاق معلن بينه وبينهن .. من يدفعه الشوق للبحث عن الآخر يأتي بدون أفكار عظيمة عن أي شيء .. ميثاق شرف كتبه بخط كبير ، وعلقه علي جدار غرفته بجوار لوحة لامرأة تجلس علي ركبتيها وتتجه بوجهها لأعلي وكفيها مضمومتان أسفل ذقنها .. داومت علي سؤاله لمن تتوسل هذه المرأة ، فيبتسم ولا يرد ، فتضيف في شغف لا بد أنها تبتسم لحبيب يستعصي عليها ، فيعاود الابتسام ولا يعلق علي كلماتها المحملة بالشوق .. في المرة الأولي التي ذهبت معه ، بعد سهرة جمعتهما في حفل أقامه له أحد الأصدقاء بعد آخر معرض له ، أوقفها أمام ميثاق الشرف وقال جاداً وبنبرة أوقفت الاعتراض في حلقها :
ـ بنود هذا الاتفاق مقدسة ، إما أن تقبليها وإما أن أوصلك إلي المكان الذي تريدين الآن .
وبنظرة رومانسية ليست حالمة تماماً وافقت ، كانت تؤكد لنفسها في كل مرة تقرأ ميثاق الشرف أنها يوماً ستمزقه ، وهو راض تماماً .
كثيراً ما تساءلت هل أحب ..؟ هل شعر بالشغف والعشق نحو امرأة يوماً ؟
نساء كثيرات أقام علاقات معهن ، لكنه لم يشعر واحدة منهن بالإهانة يوماً .. دائماً يتعامل معهن بإنسانية واحترام يليق بواحد مثله ، كما كان كريماً معهن ، يعطي دون حدود أو حساب ، عطاؤه متنوع ، فالواحدة منهن وهي تجلس بين يديه تشعر كأنما ملكت العالم ، تشعر كأنه لها وحدها دون غيرها ، لا تجد مسألة الميثاق شيئاً مهماً يستحق الوقوف أمامه ، تكتفي الواحدة منهن بالعطف والحنان ، تشعر كأنها ملكة علي قلبه ، تتساءل إحداهن عن مدي حبه لها ، فيبتسم دون تعليق . لم ينف يوماً أنه يحبها ، ولم يؤكد هذا الحب أيضاً .
لما بلغ الشوق منها مبلغاً ، حضرت إليه لتقيم معه بصفة دائمة ، ضمها إلي صدره وصمت ، لما أصرت علي انتزاع وعد منه بالالتزام ، نظر إليها نظرة حزينة ، تختلف كثيراً عن النظرة الحيادية التي ينظر بها إليها ، عرفت لحظتها أن وقت الفراق الآن ، لملمت حاجياتها ، ودستها في حقيبتها الصغيرة ، وقالت ما يقتلني كيف سأواصل حياتي دونك ، قالت جملتها ونظرت في ساعة يدها ، وقالت : الساعة الآن الرابعة بعد ظهر الاثنين ، علينا أن نؤرخ لهذه اللحظة ، لحظة انعتاق أحدنا عن الآخر .. قالتها بشكل كاريكاتيري وأضافت ، عموماً إن استطعت إغماض عيني دون أن ألمحك هناك واقفاً تنظر إلي وتبتسم لن أعود ، بعد أنهت جملتها ، أغلقت الباب ، وسارت بخطوات مرتعشة وقاومت النظر للوراء ، تمنت كثيراً أن يفتح الباب ويناديها .. تسمعت لكل حركة قد تبدر منه .. ساعتها ستعود إليه نادمة .. ولن تطالبه إلا بما يريد .. لكنه لم يفعل ، فسارت في طريقها بخطوات سريعة وحاسمة .



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الأضداد وبداية الإعلام غير المحايد
- الأستاذ منصور
- الموسيقي الكلاسيكية / عصر الباروك
- هو يحب الموسيقي ، لكنه ليس حالما تماما
- المرأة الحزينة
- عادل السيوي يمارس لعبة المرايا المتقابلة
- ريهام


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - انعتاق