أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رجاء بن سلامة - حقّ الإنسان في أن يكون لاأدريّا أو لادينيّا أو ملحدا















المزيد.....

حقّ الإنسان في أن يكون لاأدريّا أو لادينيّا أو ملحدا


رجاء بن سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 1703 - 2006 / 10 / 14 - 11:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحلقة المغيّبة
حقّ الإنسان في أن لا يعتنق أيّ دين من الأديان، فيكون لاأدريّا أو لادينيّا أو ملحدا، من الحقوق التي تتضمّنها المادّة 19 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وهي : "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود."
ورغم ما تضمّنه الميثاق العربيّ لحقوق الإنسان من نقائص، فإنّه يكفل مبدئيّا هذا الحقّ للمواطن العربيّ، فالمادّة 30 منه تنصّ على ما يلي :
1- لكل شخص الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين، ولا يجوز فرض أية قيود عليها إلا بما ينص عليه التشريع النافذ.
2- لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده أو ممارسة شعائره الدينية بمفرده أو مع غيره إلا للقيود التي ينص عليها القانون والتي تكون ضرورية في مجتمع متسامح يحترم الحريات وحقوق الإنسان، لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
هذا من حيث الحقّ، أمّا من حيث الواقع، فإنّ اللاّأدريّين، واللاّدينييّن والملحدين من أصول إسلاميّة موجودون وكثيرون في مجتمعاتنا. إلاّ أنّهم في زمن الظّلمات الذي نعيشه اليوم، لا يجهرون بمعتقداتهم أو يلجؤون إلى التّعبير عنها بوضوح في بعض المواقع الألكترونيّة، وقلّما يمضون مقالاتهم وبياناتهم بأسمائهم الحقيقيّة.
وهذا هو المؤشّر الحقيقيّ لمدى التّسامح وقبول الاختلاف، فالملحد من ذوي الأصول المسيحيّة أو اليهوديّة أو البوذيّة يمكنه أن يجهر بإلحاده دون أن يخشى طائلة رجال الدّين المسيحيّ أو اليهوديّ أو البوذيّ أو المؤمنين العاديّين بهذه الأديان، أمّا الملحد أو اللاّأدريّ أو اللاّدينيّ ممّن ولد في أسرة إسلاميّة، فهو لا يجرؤ على الجهر بمعتقده والتّعبير عنه في الفضاء العموميّ، لأنّ حكم الرّدّة سيلاحقه في البلدان التي تعمل بنظام الشّريعة، وسلطان شيوخ الإفتاء يمكن أن يعرّضه إلى القتل أو النّفي أو حياة التّشرّد، ويمكن أن يعرّضه المؤمنون المتطوّعون للبحث عن كباش الفداء إلى اللّجم والتّهديد، فيحوّلون حياته إلى جحيم.

والنّتائج التي نخرج بها من هذا التّقديم، ونودّ الإسهام بها في الجدل الرّاهن حول التّسامح وحوار الأديان وحرّيّة التّعبير هي التّالية :
1- يمكن للإنسان أن يولد مسلما، وأن يكون لاأدريّا أو لادينيّا أو ملحدا، ويبقى مع ذلك مسلما بانتمائه الثّقافيّ والحضاريّ، وهذا ما صرّح به الكاتب الجزائريّ المرحوم جمال الدّين بن الشّيخ في الثّسعينات، وكان آنذاك يدرّس الأدب العربيّ في الجامعة الفرنسيّة. فقد نشرت له مجلّة فرنسيّة حوارا يحمل عنوان "أنا مسلم ملحد"، ولا أذكر أنّه اضطهد لذلك أو اضطرّ إلى حياة التّشرّد، بل أذكر فقط أنّ إحدى الحكومات العربيّة أجبرت الطّلاّب الذين كان يشرف على أطروحاتهم بأن يتملّصوا من إشرافه ويوجدوا لهم أستاذا آخر. فهل كانت "قوانين الجمهوريّة" تحميه بما فيه الكفاية، أم أنّ مدّ الإسلام التّكفيريّ والجهاديّ لم يكن مستشريا كما هو الحال اليوم؟
ومن بين الأهداف التي أنشئت "جمعيّة بيان الحرّيّات" بفرنسا من أجلها هو التّمييز بين الإسلام والإسلام السّياسيّ، والتّمييز بين الإسلام باعتباره دينا والإسلام باعتباره حضارة أو ثقافة. وللتّذكير، فإنّني أسوق العبارة الأولى من البيان الأوّل الذي أصدرته مجموعة بيان الحرّيّات سنة 2004 قبل أن تتحوّل إلى جمعيّة، وكان لي شرف إمضائه وترجمته إلى العربيّة : " نحن النّساء والرّجال الموقّعين على هذا البيان، من ذوي الثّقافة الإسلاميّة وفينا من هو مؤمن ومن هو لاأدريّ ومن هو ملحد، نعلن إدانتنا بكلّ شدّة ..إلخ." فرجال الدّين لا يمكن أن يمثّلوا مجتمعاتهم، لا لوجود تعدّد للأديان داخل الدّولة الواحدة، بل لوجود سبل مختلفة في الانتماء إلى الإسلام أو المسيحيّة أو غير ذلك.

2- لا يكفي أن يعلن رجال الدّين الإسلاميّ ونساؤه، أو المسلمون المدافعون عن الإسلام، لا يكفي أن يعلنوا عن تسامحهم إزاء المسيحيّة واليهوديّة، بل لا يكفي أن يعلنوا عن تسامحهم إزاء الأديان الوثنيّة، فعليهم أن يقبلوا التّعايش مع هذه الفئات التي لا تعتنق أيّ دين من الأديان، وأن يسمحوا لهم بالتّعبير عن معتقداتهم وآرائهم، ويكفّوا عن أفعال اللّعن والاستعاذة، ويكفّوا عن نعت هؤلاء بالكفر، بل يسمّونهم بما يسمّون به أنفسهم، وتلك أولى قواعد الحوار.

3- وتبعا لذلك، فإنّ كلّ ادّعاء للتّسامح والحوار يكون ادّعاء كاذبا ما لم يقم شيوخ الإفتاء والمسؤولون عن الهيئات والمنظّمات الإسلاميّة الحكوميّة وغير الحكوميّة بالخطوة الضّروريّة التي هي الحدّ الأدنى للتّسامح، والشّرط الأوّليّ لإيجاد قواعد عيش مشترك، وهي إبطال حكم الرّدّة على المسلم، وهو ما دعا إليه مصلحون متديّنون كالتّونسيّ محمّد الطّالبيّ أو المصريّ جمال البنّا.

وعلى تنظيمات الإسلام السّياسيّ التي تعدّ حركة الإخوان المسلمين أبرزها أن تعلن إبطالها لهذا الحكم، وقبولها بوجود اللاّأدريّين واللاّدينيّين والملحدين إذا أرادت فعلا أن يصدّق النّاس رغبتها في التّغيير الدّيمقراطيّ، وفي قبول التّعدّديّة.

4- من حقّ كلّ كاتب ومبدع أن ينتقد الأديان، وينتقد منظوماتها اللّاهوتيّة ورجالها، وما على المعنيّين بالدّفاع عن الأديان إلاّ أن يردّوا الكلام بكلام، لأنّ أدنى قواعد الحوار والتّسامح هو أن لا نشهر السّيف في وجه من أشهر القلم.
والدّفاع عن المفكّرين المضطهدين يجب أن لا يتمّ على أساس الاستدلال على إسلامهم وصحّة عقيدتهم وبراءتهم من الكفر، بل على أساس حقّ كلّ إنسان في التّعبير، وحقّ كلّ إنسان في نقد الأديان ومؤسّساتها وتصوّراتها. فالقيود على حرّيّة التّعبير ليست الغاية منها حماية والمنظومات الفكريّة والميتافيزيقيّة والرّموز، بل غايتها حماية الأفراد الأحياء، ولذلك فإنّ هذه القيود لا تتعدّى في البلدان الدّيمقراطيّة الثّلب والتّحريض على العنف والتّمييز العنصريّ.

5-على الدّول العربيّة أن لا تكتفي بالإجراءات الأمنيّة الدّفاعيّة لتكفل حماية المفكّرين الذين تمّ تكفيرهم أو تهديدهم، بل عليها أن تستصدر القوانين التي تجرّم التّكفير والتّحريض على العنف بدافع دينيّ. نقول هذا ونحن ندرك صعوبة استصدار مثل هذه القوانين في الكثير من البلدان العربيّة التي يسيطر على برلماناتها ممثّلو الإسلام السّياسيّ، أو تنهج حكوماتها نهج المهادنة للإسلام السّياسيّ ولكن من حقّنا أن نأمل ونطمح ونطالب.

فالحرّيّة ليست شيئا نحصّله أو لا نحصّله في قبضة اليد، بل هي أفق نصبو إليه، ويجب أن نصبو إليه لأنّ اليأس أمر لاأخلاقيّ، ولأنّ الجبن والمواقف التّكتيكيّة الباردة لا يتغذّى منها سوى أعداء الحرّيّة، ولا تزيدهم إلاّ عزما على إرهاب حملة القلم بصراخهم وعويلهم وتهديداتهم.



#رجاء_بن_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه ليست تفجيرات 11 سبتمبر
- العنف ضد المرأة في ثقافتنا التقليدية هل سنكون برابرة العالم ...
- نحن وحزب اللّه والهذيان التّبشيريّ
- جريمة الدّفاع عن الإرهاب جرائم المثقّفين العرب
- ردود الفعل الكاريكاتوريّة على الرّسوم الكاريكاتوريّة
- دور المثقفين والإعلام في مقاومة الإرهاب
- الثّابت في -الثّوابت- العربيّة
- حول عبارة -ما يسمّى بالإرهاب- حول قسوة العرب على العراق الجد ...
- أكثر من مائة مثقّف يوقّعون بيانا ضدّ مصادرة حرّيّة الرّأي وا ...
- لم نعد في عصر الملّة
- كره الحبّ عند العرب خواطر بمناسبة عيد الحبّ
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (4 من 4 ...
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (3 من 4 ...
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (2 من 4 ...
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (1من 4) ...
- أيّ ديمقراطيّة يريدها لنا الإسلاميّون الدّيمقراطيّون؟
- العنف ضد المرأة في ثقافتنا التقليدية:هل سنكون برابرة العالم؟
- تقول له انظر أمامك.. فينظر إلى يدك
- لا يحرّمون ختان البنات بل يحرّمون نقل الأعضاء : فتاوى تزرع ا ...
- لماذا وقّعت البيان المجرّم لفتاوى الإرهاب


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رجاء بن سلامة - حقّ الإنسان في أن يكون لاأدريّا أو لادينيّا أو ملحدا