أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الخميسي - حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش















المزيد.....

حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 503 - 2003 / 5 / 30 - 04:52
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

يقول نعوم تشومسكي في حوار معه : " لو كان لدي الولايات المتحدة أدنى قدر من الصدق والشرف والاستقامة لقدمت التعويضات عن العقوبات التي فرضتها على العراق".  لكن أمريكا لم تقم بهذا . الأكثر من ذلك أنها بعد أن دمرت العراق ، تعتزم الآن -على حساب الشعب العراقي – إعادة تعميره لتعتصر الأرباح الخيالية. بل واستطاعت أمريكا أن تنتزع قرارا دوليا بشرعية احتلالها للعراق ، وهو القرار رقم " 1483 " الذي صدر عن مجلس الأمن بالإجماع بعد تخلف سوريا عن التصويت قليلا ثم عادت لتعلن موافقتها علي القرار . وهكذا اجتمع مجلس الأمن - أعلى هيئة في النظام الدولي – وأقر على مرأى ومسمع من العالم كله بحق أمريكا وبريطانيا التصرف في ثروات العراق  دون الرجوع إلي رأي الشعب العراقي صاحب تلك الثروات . وهكذا أعطى من لا يملك ، من لا يستحق . وجاء القرار اعترافا دوليا صريحا بالاحتلال وحق الاحتلال في النهب والتصرف المطلق في ثروة العراق وعائداته النفطية . دون وضع الشعب العراقي ولو شكليا في الاعتبار . وبذلك ناقضت الدول التي وافقت على القرار " 1483 " منطقها السابق المعلن الذي رفضت الحرب على أساسه ، كما أشاحت بوجهها عن الضمير العالمي الذي دان الحرب . وخطورة ذلك القرار أنه يمثل وثيقة رسمية تعترف بشرعية الاستعمار الجديد ،  وبعقيدة " الحرب الوقائية " التي أشار إليها تقرير استراتيجية الأمن القومي الأمريكي في سبتمبر العام الماضي وهي العقيدة التي تبيح لأمريكا ضرب أي بلد ترى فيه – من وجهة نظرها - خطرا محتملا علي هيمنتها أيا كانت الأسباب . وبذلك دفن القرار " 1483 " الأمم المتحدة المريضة ومجلس الأمن ، وكل قواعد العلاقات الدولية التي استقرت بعد الحرب  العالمية الثانية . وجسد القرار حالة الضعف الأوروبية ، والصينية ، والروسية ، في مواجهة مخططات الهيمنة الأمريكية التي تسعى من موقعها الجديد في العراق للتحكم في مخزون النفط  في منطقة الخليج والذي يمثل أكثر من ثلاثة أرباع الاحتياطي العالمي ، والتواجد على مشارف الصين للسيطرة على مصادر الطاقة التي تحتاجها الصين لتطورها الاقتصادي ، ووضع روسيا تحت مجهر المراقبة الأمريكية لكي لا تصبح قوة مناوئة  في المستقبل . وفي الوقت ذاته فإن الوجود الأمريكي في العراق سيضمن للولايات المتحدة القدرة على الحركة العسكرية السريعة في اتجاه إيران وسوريا ولبنان وغيرها وتقديم  الدعم من أقرب نقطة لإسرائيل وغيرها من القواعد العسكرية .

     لكن تنفيذ مخطط الهيمنة الأمريكي هذا ، يظل بحاجة – ليس فقط لحروب وقائية عسكرية ، لكنه يظل بحاجة أيضا إلي حروب وقائية فكرية ودعائية لتدمير كل إرادة للمقاومة . تظل الحاجة الأمريكية ماسة إلي تصفية مخزون العداء الشعبي للسياسة الأمريكية الذي يمثل عندنا أكثر من ثلاثة أرباع الاحتياطي العالمي من هذا الشعور . ومن هنا تبرز أهمية شغل الأنظار عن واقع احتلال العراق بمناظر وأحاديث أخرى . ولذلك يطلق الرئيس بوش ، وكتابه ، ومؤلفوه ، حكايات لا تنتهي ، أقرب إلي قصص ألف ليلة وليلة ، مثل حكاية السرداب السري الذي فر عبره الدكتاتور صدام حسين ، وصناديق الذهب والثروة التي يجدها البعض بالمصادفة السعيدة ، وحكاية المقابر الجماعية المدهشة حتى للعراقيين ، وحكاية الخيانة التي قام بها الوزير جعفر في  قصر هارون الرشيد ، وهناك – في جعبة  الرئيس بوش – حكايات عن جزر المرجان ، والأسرى الذين يظهرون بغتة على سطح الأرض بعد ثلاثين عاما كاملة من ظلم السلطان الجائر ، وأخيرا حكاية صدام حسين الذي يعيش في باخرة فاخرة عائمة على أمواج البحر الأبيض يأكل الجمبري مع سلاطة هندية.

حكايات لا تنفد ، بؤرتها كلها في الماضي ، لمجرد شغل الأبصار ، وليس للإفادة من دروس الطغيان السابق ، لأن تلك الإفادة تعني ضمنا أن نتعلم كيف نكافح الطغيان الاستعماري الجديد . ويشارك في كتابة هذه الحكايات مؤلفون ، وصحفيون ، ومقدمو برامج تلفزيونية ، ومحللون سياسيون ، ورؤساء تحرير ، ومراسلو وكالات أنباء ، يضيف كل منهم لمسة خاصة إلي كتاب " ألف ليلة وليلة " الذي يؤلفه الرئيس بوش وإدارته بخياله الخصب ، وذكائه الباهر ، الذي يضوي في عينيه حين يضيقهما محدقا في قاعة المنصتين لخطاباته .

     هناك روايات أخرى كثيرة ، لكن الصحف لا تحتفي بها ، لأنها للأسف ليست مسلية . من ذلك قصة الشكوى التي تقدم بها ستة عشر مواطنا عراقيا في بروكسل لمحاكمة الجنرال فرانكس قائد قوات الجيش الأمريكي في العراق للتحقيق معه بتهمة ارتكاب جرائم   الإبادة العرقية في العراق ، وهي الشكوى التي تبناها المحامي ديرك أدريانسن . وهناك قصة التصريح الذي أدلى به جيفري هون وزير الدفاع البريطاني حين قال :" ستقوم الأمهات العراقيات بشكري على استخدام القنابل العنقودية " ! هناك أيضا المشهد الذي اقتحمت فيه الدبابات البريطانية مؤخرا منزلا عراقيا آمنا ، فوقفت صاحبته مذهولة تصيح  : " اقتحموا حتى غرفة نومي . ألم تعد كرامة أو حرمة من أي نوع ؟! " . هذه الروايات وهي كثيرة جدا كلها لا تستوقف انتباه وسائل الإعلام ، لأنها تعري الحاضر وتسلط الأضواء على الجريمة . وينتقل الرئيس بوش – في حكايات ألف ليلة – إلي قصة الاعتذار الذي يطلبه من كل الذين وقفوا ضد الحرب على العراق ، مع تحريك عمليات الاغتيال المعنوي بالشائعات ، لكل أولئك . الاعتذار مطلوب بدءا من عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس ، وانتهاء برئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رفاران الذي أعلن صراحة : " ليس على فرنسا أن تقدم اعتذارا عن موقفها حيال الأزمة العراقية " .

. أصبح الاعتذار مطلوبا من صحف ، وجماعات ، وكتاب ، ومثقفين ، ودول . لأن الهيمنة الأمريكية بحاجة إلي تصفية كل الأقلام والمواقف الشريفة ، وبحاجة إلي شغل الأنظار بتلك القصص عما يحدث الآن . لكن الشعب العراقي الذي طهر أرضه ذات يوم عام 1958 من قوات الاحتلال البريطاني ، قادر على قراءة الحاضر ، وطرد الغزاة الجدد ، دون أن تشغله عن ذلك " ألف ليلة وليلة " الأمريكية .

 



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شموع على كف حوار متمدن
- 1948 الفرصة الضائعة
- الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا
- الوطنية والديمقراطية في العراق


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الخميسي - حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش