أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صباح كنجي - ..الدفان والغجرية














المزيد.....

..الدفان والغجرية


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 11:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


رقصة الحرية ... والزمن الضائع في جوف تابوت .... في روايــــة الدفان والغجرية.

الدفان والغجريه رواية صادرة عن دار المنفى في السويد عام 1997 للكاتب النصير حمودي عبد المحسن- أبو كاظم- وهي ثاني رواية له بعد روايته الأولى التي كتبها باللغة السويديه.
وهي في مائة واربع صفحات من القطع المتوسط يشكل عنوانها بحد ذاته تلخيصا ً لمكونات الروايه واحداثها التي نسجها بلغة وصفها جنان جاسم حلاوي بأنها لغة برية ودغلية واطلق عليها تسمية اسطورة ، وهي في الحقيقة رواية يمكن تصنيفها ضمن سياق ما يعرف بالأدب الواقعي فقصتها ليست استثناء ً وتحدث في كل زمان ومكان وتجسد تحولات انسانيه لشخص يعمل دفانا ً في مقبرةٍ مقدسة قد تكون في كربلاء أو النجف أو أية بقعه فيها قبور لأئمه ورجال دين معظمّين عند بسطاء القوم من السواد ، ممن يربطون حياتهم ودنياهم بالهالة المقدسة التي تفيض من هذه المواقع ، وما اكثرها ، في العراق ، ويبقون مخلصين لقناعاتهم التي تتحول إلى عرف اجتماعي يفرض نفسه مع الزمن كقيود ثقيلة ومملة يصعب الركون لها بالمطلق ، فتحدث حالة من التمرد التي تنمو لتتحول إلى طاقه تدفع الأنسان في اتجاهات جديدة تحرره مما يطوقه من قيود واعراف باتت لا تتلائم مع متطلبات الحياة وغرائز البشر الطبيعيه .
في الصفحات التي تشكل ربع قوام الرواية تسير الأحداث ببطىء ، يستغرقه الكاتب في وصف حالة الدفان ، وتداعياته الذاتيه ،وهو ما عبر عنه الحلاوي بلغة دغلية وبريه ، ومع قرب لقاء الدفان بالغجريه في الصفحات ما قبل الثلاثين يحدث تحولا ً في سرد القصة وتداعياتها تتحول اللغة إلى انسياب شفاف يحكي تقلبات النفس البشريه وإنتقالها من الميل السريع لممارسة القسوة التي تجسدت بصفع الدفان للغجرية إلى التساؤل والميل للملاطفة في محاولة للتوقف إمام الذات التي تبحث عن نفسها وسط زمنين ، يتمحور الأول حول العمل في المقبرة كدفان وهي كناية عن رتابة في الحياة تعبر عنها الروايه (تختبىء في روحه القاهره اطياف سود ، واشباح السنين ، وابتسامات شاحبة مثل وجوه الموتى ) ، و( الميدان المشبع بالحزن والصمت الموحش ، والأزقة التي لا تصلها الشمس ، وطرقات الباب التي تدعوه لأستقبال ميت جديد وهي حاله حولته لكي يشعر انه ينام في القبر، ويسمع انين الجرحى والقتلى ونداءات تصرخ مذبحة مذبحة ، ويُعّرفُ المقبرة ،بالمكان الذي يزرع فيها الموت ، ويتعجب من كون الأموات لا يقاومون ، ويشهد أن موتهم حزين فهو يستخدم تعبير حزن الموت ، وكل هذا يحوله إلى مزيج شيطاني من موت وعتمه وفرار مصحوب بالتأمل والتساؤل، الصمت الذي يمتد لعصور الأجداد وازمنتهم الغابرة ، ازمنة الحروب والطاعون والطوفان ، حتى الجدول لا يصدر خريرا ولا الهواء يحرك غصنا ولا الطير يغرد .

هكذا كان الدفان يتامل الجدول والأشجار والأغصان المتشابكه أثناء الليالي المقمرة مع جمال البدر ، وروحه المحمله بثقل عذابات السنين واعباء وايمان القيم المقدسة ، سرعان ما تتداعى في الزمن اللاحق الذي هو ( زمن جديد قادم إليه يبدو انه صعب ، وصعبٌ هو أيضا ً التراجع عنه سوف يصعد دون أن يخاف الحرام ) لأنه صمم َعلى المواجهة وقد اتخذ قراره هذا في لحظة خروجه من ماء النهر الذي يكفل غسل الروح والجسد ، معبرا عن انقطاعه بكل ما يربطه بالماضي لكي يسعى لأيقاف نزيف القمر ، حينما يتحول اللقاء مع الغجريه إلى حب لا يمكن اخماد شعلته ولا يمكن النجاة منها الا بالتقدم للأمام وتحدي الليل والجدول والخوف ومن خلال هذا الحب يكتشف الدفان معنىً جديدا ً للحياة يربطه بمفهوم الحريه هذا الشعار الأزلي الذي احاط بالبشريه منذ نشأتها وما زالت الأجيال تنشده ُ ، ويتجسد في ثنايا الرواية من خلال الأنفصال الذي شكل حالة انسلاخ من واقع ماضوي كان يكره الغجرييين ويعاملهم بأحتقار وقسوة ، وهو في ذات الوقت تخلص من قيم وعادات كانت إلى الأمس تفرض على الدفان سماتها ويتوجس من المكان المقدس ، الذي تداعى أمام حالة الحب والعناق وممارسة الحب مع رقصة الحرية في الهواء الطلق وعلى الأرض المقدسة وعلى ضفاف النهر وأثناء العوم والسباحة ليؤكد في النهاية انتصار الحريه المطلق بعد أن قرر الدفان والغجريه مواصلة الحياة والتمتع بجمالها لكنهم يفاجؤن بمن يبحث عنهم ويتعقبهم ، وهنا يقرر الكاتب انهاء روايته ليقول لنا بلا كلمات في النهاية... حيات الدفان والغجريه في خطر! طالما كانت حريتهم في خطر، وقد نبهنا الكاتب قبلها إلى من يسعى لمعاقبة الحلم، ومن خلال ذلك نستتنج إن قيمة الحياة هي بمقدار ما نملكه من حريه ذلك ماقاله حمودي عبد محسن في روايته الجميلة والشيقة أنها بحق رقصة للحرية في مواجهة رقصة الموت ،ودعوة هي للتمتع بقراءة الرواية .



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجه الآخر للأنفال
- قَمَرُ العراقُ
- مع مرشد اليوسف في كتابه الذي يبحث عن جذور الديانة الكردية ال ...
- حذار ٍ إنهم من البعثيين المقنعين
- عن الكتابة بلغة من نار
- ابعاد ودلالات...لغة بعشيقه وبحزاني
- بعض المرادفات اللغوية والميثولوجية المشتركة بين المعتقدات ال ...
- الأيزيدية... محاولة للبحث عن الجذور.. الموسيقى في الديانة ال ...
- رسالة مفتوحة الى السيد حسن نصرالله
- رسالة مفتوحة إلى السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب في ا ...
- حكاية جيل
- من بطولات الشيوعيين العراقيين
- اوراق ... من ذكريات محمود خضر
- هدية للشيوعيين في السجن
- ولبناني كان بعثيا ًً
- ذلك المصري الشجاع
- تأوهات الإله تموز
- سجن ابو غريب المركزي
- مع كاظم حبيب في جولته بين الأيزيدية
- حسون والكباب


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صباح كنجي - ..الدفان والغجرية