|
الباحثون عن التنوير
عقيل عيدان
الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 00:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الباحثون عن التنوير (1-2) (1) في أحد الأيام كان هناك عفريتان قضيا النهار بطوله يتناقشان ويختصمان حول صندوق وعصا وزوج أحذية . مرّ بهما أحد الأشخاص وسألهما : لماذا تتخاصمان حول تلك الأشياء ؟ أيّ قوة سحرية تملكها بحيث تتخاصمان حولها ؟ شرح العفريتان للرجل قائلين إن الصندوق يمكن أن يحقق جميع الأمنيات كالطعام والملابس أو الكنوز ، وبالعصا يمكن التغلب على جميع الأعداء ، وبالحذاء السحري يمكن الطيران في الهواء . عندما سمع الرجل ذلك قال لهما : ولِمَ الخصام ؟ لو ابتعدتما دقائق أستطيع التفكير بقسمة عادلة لهذه الأشياء بينكما . ابتعد العفريتان . وحالما ذهبا قام الرجل بلبس الحذاء وحمل الصندوق والعصا واختفى طائراً في الفضاء . إن العفريتين يمثّلان الإنسان ذا الأفكار الشريرة . والصندوق يعني العطايا التي تقدّم من البر والإحسان ، إذ أن الإنسان لا يدرك حجم الكنوز التي يمكن أن يجنيها من الإحسان ، أما العصا فإنها تعني ممارسة التركيز الذهني . إن الإنسان لا يدرك أنه بممارسة التركيز الروحاني يستطيع فهم جميع الرغبات المرتبطة بالعالم . أما زوج الأحذية ، فيعني التكرّس النقي للمُثُل والقيم والسلوك والتي يمكن أن تحمل الإنسان فوق جميع الرغبات والأهواء . ودون معرفة ذلك فإن الإنسان يبقى يصارع من أجل صندوق وعصا وحذاء . (2) في أحد الأيام كان هناك رجل غني ، ولكنه أحمق . وعندما رأى بيت أحدهم المكوّن من ثلاثة طوابق دبَّ الحسد في قلبه وقرّر أن يبني بيتاً مثله . ونادى النجار وأمره ببناء البيت ، وافق النجار وبدأ على الفور بوضع الأسس للطابق الأول ، والطابق الثاني ومن ثم الطابق الثالث ، وشاهد الرجل الغني ما يفعله النجار فقال له : " لا أريد قواعد للطابق الأول أو الثاني ، أريد طابقاً ثالثاً جميلاً فقط لذا سارع بالبناء " . الأحمق يفكر فقط بالنتائج ويفقد صبره دون أي محاولة للوصول إلى النتائج الجيدة . لا يمكن الوصول إلى الجودة دون جهود مضنية ، كما في المثال السابق ، حيث لا يمكن الوصول إلى الطابق الثالث دون الأسس والقواعد للطابقين الأول والثاني . (3) كان هناك فنان فقير ، ترك بيته وزوجته بحثاً عن الثراء ، وبعد ثلاث سنوات من العمل الشاق استطاع أن يجمع ثلاثمائة قطعة ذهبية ، وقرّر العودة إلى بيته . وفي طريقه مرّ بأحد المعابد حيث كان يقام احتفال لجمع التبرعات . تأثَّر الفنان جداً بذلك الاحتفال وبقي يسائل نفسه : كيف غاب عني أن أفكر بالمستقبل ؟ لقد أشغلتني الدنيا عن التفكير في المستقبل . لذا تبرّع بجميع ما لديه من مال قائلاً : يتوجّب عليّ أن أستفيد من المال لأبذر بذور المستقبل . عند وصوله المنزل سألته زوجته عمّا إن كان جلب معه بعض المال . أجابها بأنه استطاع أن يوفر بعض المال ، لكنه وضعه في مكان آمن . عندها ضغطت عليه ليطلعها على مكان المال ، فاعترف لها قائلاً بأنه قد تبرع به للمعبد . غضبت الزوجة غضباً شديداً وراحت تعنّف زوجها ورفعت الأمر إلى القاضي . وفي المعبد قال الفنان : لقد تبيّن لي بأنه المكان المناسب لوضع المال ، وعندما ناولت القائم على المعبد المال أحسست بأني قد تخلصت من الجشع والقذارة من ذهني وأدركت بأن الثروة الحقيقية ليست المال ، ولكن الذهن . تأثَّر القاضي بكلام الفنان وباركه ، وقام كل من سمع بقصة الفنان بمساعدته ، وبذلك حصل الفنان وزوجته على ثروة جيدة دائمة . (4) في أحد الأيام قامت إحدى النساء الجميلات وهي مرتدية ملابس أنيقة بزيارة أحد البيوت . سألها صاحب البيت عمّن تكون ؟ أجابت أنها ربّة الثراء . سر صاحب البيت بها وراح يعاملها برقة متناهية . بعد وقت قصير جاءت امرأة أخرى وكانت قبيحة المنظر ترتدي أسمالاً . سألها صاحب البيت عمّن تكون ؟ أجابت بأنها ربّة الفقر . ذعر صاحب البيت وحاول طردها من داره ، غير أن المرأة رفضت الخروج قائلة : " إن ربة الثراء هي شقيقتي ، وهناك اتفاق بيننا بأن لا ننفصل عن بعضنا ، فإذا طردتني فإنها سوف تخرج أيضاً " . وحالما خرجت المرأة القبيحة ، كانت الأخرى قد اختفت . إن الولادة تتزامن مع الموت ، والثراء مع الفقر ، والحظ مع سوء الحظ . والأشياء السيئة مع الجيدة . وعلى الناس فهم ذلك . إن الحمقى يزدرون سوء الحظ ويسعون خلف الحظ ، غير أن أولئك الباحثين عن التنوير عليهم أن يتحرّروا من كل ذلك ومن جميع الأهواء الدنيوية .
#عقيل_عيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقيدة في حياة الإنسان
-
الثقافة أو الدور المتبقي لنا
-
حرب العقول .. من العقل التنويري إلى العقل المحاصر
-
أي حوار ديني نريد؟
-
هل من طبقية بين البشر؟
-
النقد وتأسيس العقلانية
-
الوعي الاجتماعي وعناصر الزمن الثلاثة
-
الجامعة فضاء النشاط التنويري
-
ما هي العدالة ؟
-
في العلاقة بين الشرق والغرب - في ذكرى انا ماري شيمل
-
حدود الحرية
-
التسامح الديني مطلب إنساني
-
في مفهوم الثقافة العربية
-
الاجتهاد .. وراهنية التغيير
-
تأسيس المجتمع المدني .. وصراع المجتمع والدولة
المزيد.....
-
قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ
...
-
أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ
...
-
قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ
...
-
صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
-
تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با
...
-
السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
-
-الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د
...
-
منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا
...
-
بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة
...
-
بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|