أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمية العثماني - تلخيص مبسّط لكتاب كارل ماركس رأس المال والعمل المأجور (الجزء الأول)















المزيد.....

تلخيص مبسّط لكتاب كارل ماركس رأس المال والعمل المأجور (الجزء الأول)


سمية العثماني

الحوار المتمدن-العدد: 6595 - 2020 / 6 / 17 - 19:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ما هيّ الأجرة؟ وكيف تحدّد؟
سننطلق في تلخيصنا هذا من نفس المثال الذي انطلق منه ماركس في كتابه؛ إذا سألنا عددا من العمال عن مقدار أجورهم، لأجابنا أحدهم: ”إني أقبض من ربّ عملي عشرون درهما في اليوم“، وأجابك الثاني ”إني اقبض ثلاثون درهم“، وهكذا... يذكرون مختلف المبالغ المالية التي يتقاضاها كل منهم من رب عمله لقاء القيام بعمل معين، ورغم تنوع أجوبتهم فإنهم متفقون بالإجماع حول نقطة واحدة: الأجرة هي مبلغ المال الذي يدفعه الرأسمالي لقاء وقت محدد من العمل أو لقاء القيام بعمل معين
الرأسمالي يشتري إذن (كما يبدو) عمل العمال بالمال؛ والعمال يبيعون عملهم مقابل المال.
لكن الأمر ليس كذلك إلا ظاهريا, لأنّ ما يبيعه العامل في الواقع للرأسمالي لقاء المال، إنما هو قوة عمله؛ فالرأسمالي يشتري قوة العمل هذه ليوم واحد، لأسبوع، لشهر... ومتى اشتراها، استخدمها بتشغيل العامل خلال الوقت المتفق عليه؛ وهذا المبلغ الذي اشترى به الرأسمالي قوّة عمل العامل كان بوسعه أن يشتري به كيلوغراما من الطحين أو كيلوغرامين من السّكر أو أي بضاعة أخرى... فـ قوة عمل العامل إذن هي بضاعة شأنها شأن البضائع الأخرى, وكذلك العامل عندما يقبض أجره (مبلغ من المال) فكأنّه قبض قدرا معيّنا من السكر أو الطحين... بعبارة أخرى بضاعة العمال ، أي قوة عملهم ، يبادلونها ببضاعة الرأسمالي ، أي بالمال .
مثال:
مقابل 8 ساعات من العمل يأخذ العامل 50 درهما, هذه ال50 درهم تمثّل جميع البضائع الأخرى التي يستطيع شرائها بهذا المبلغ؛ وهكذا بادل العامل إذن بضاعة، هي قوة العمل ، ب بضائع متنوعة , هذه ال 50 درهم إذن تعبّر عن النسبة التي يتم بموجبها تبادل قوة العمل ببضائع أخرى، أي أنّها تعبّر عن القيمة التبادلية لقوة العمل.
- القيمة التبادلية لبضاعة معينة، مقدرة بالمال، وهي بالضبط ما يسمونه سعرها.
- الأجرة ليست إذن سوى الاسم الخاص الذي يطلق على ثمن قوة العمل المسمى عادة ثمن العمل، ليست إذن سوى الاسم الخاص الذي يطلق على ثمن هذه البضاعة الخاصة التي لا يوجد منها إلا في لحم الانسان ودمــه.
لنأخذ مثالا آخر:
عامل يعمل حائكا, الرأسمالي يقدم له النول والخيطان... ثم يشرع الحائك في العمل وتصبح الخيطان قماشا؛ يأخذ الرأسمالي القماش ويبيعه بعشرين درهما مثلا.
سؤال: هل أجرة الحائك، في هذه الحال، هي حصة من القماش، من العشرين درهما، من منتوج عمله ؟
الجواب: كلا. لقد تقاضى الحائك أجرته قبل أن يباع القماش بزمن طويل فالرأسمالي إذن لا يدفع هذه الأجرة من المال الذي حصل عليه من القماش، إنّما يدفعها من المال المكدس لديه سلفا. الأجرة ليست إذن حصة العامل في البضاعة التي أنتجها, إنّ الأجرة هي قسم من بضاعة موجودة سلفا يشتري بها الرأسمالي كميّة معينة من قوة عمل منتجة.
قوة العمل إذن بضاعة يبيعها مالكها، الأجير للرأسمالي.
لماذا يبيعها ؟
ليعيش .
العمل، بشكل عام هو في الحقيقة النشاط الحيوي للعامل، أي أنها ظاهرة حياته بالذات, هذا النشاط الحيوي الذي شرحنا من قبل أنه هو ما يبيعه العامل للرأسمالي، لكي يؤمّن لنفسه وسائل العيش الضرورية, لهذا فهذا نشاطه الحيوي ليس، بالنسبة له، سوى وسيلة تمكنه من العيش. فهو يعمل ليعيش. والعمل، بنظره، ليس جزءا من حياته، إنما هو بالأحرى تضحية بحياته. إنه مجرّد بضاعة باعها لشخص، كما أنّ نتاج نشاطه ليس هو هدف نشاطه. فما ينتجه لنفسه، ليس الحرير الذي ينسجه، وليس الذهب الذي يستخرجه من المنجم، وليس القصر الذي يبنيه... إنّ ما ينتجه لنفسه، إنّما هو الأجرة . ويتحول الحرير والذهب والقصر بالنسبة له إلى كمية معينة من وسائل العيش، ربما إلى قميص من القطن، أو إلى بعض النقود النحاسية، أو إلى منزل في قبو البناية. والعامل الذي يحيك طوال الـ12 ساعة أو يغزل أو يثقب أو يبني أو يحفر أو يحمل الأثقال الخ؛ أتراه يعتبر هذه الساعات الـ12 من الحياكة أو الغزل أو الثقب أو البناء أو الحفر... ظاهرة من ظاهرات حياته، أتراه يعتبرها حياته ؟ بالعكس، إنّ الحياة تبدأ بالنسبة له حيث يكف هذا النشاط، عند المائدة، في الحانة، في النوم على السرير... أمّا ساعات العمل الـ12، فإنها لا تعني إطلاقا بنظره الحياكة والغزل والبناء الخ؛ إنما تعني كسب ما يمكنه من الأكل وإلا مات جوعا.
بعد أن أجبنا على التساؤل الأول ورأينا، أنّ الأجرة إنّما هي ثمن بضاعة معينة، قوة العمل .
سننتقل للإجابة عن التساؤل الثّاني كيف تُحدّد الأجرة؟ أي سنتحدّث عن القوانين ذاتها التي تحدد ثمن أية بضاعة أخرى، باعتبار أن قوّة العمل هيّ بضاعة أيضا؛ السّؤال إذن هو: كيف يتحدد سعر البضاعة ؟
ما الذي يُحدِّد سعر بضاعة ما ؟
إنّها المزاحمة بين المشترين والبائعين، النسبة بين العرض والطلب، بين الطلب وتلبيته هي التي تحدد سعر بضاعة ما.
- هناك مزاحمة بين البائعين: عندما تكون هناك بضاعة يعرضها مختلف الباعة, الذي يبيع بضائعه هذه بأرخص الأسعار يكون واثقا من إزاحة سائر الباعة من ميدان المعركة وتأمين أكبر تصريف لبضائعه. الباعة إذن يتنازعون حول تصريف البضائع. كل منهم يريد أن يبيع، أن يبيع أكثر ما يمكن، أن يبيع وحده إن أمكن، دون سائر الباعة. ولهذا، فإن أحدهم يبيع بأرخص مما يبيع الآخر. فتقوم بالتالي مزاحمة بين الباعة فينخفض سعر البضائع التي يعرضون.
-هناك مزاحمة أيضا بين المشترين: ترفع، من جانبها، أسعار البضائع المعروضة.
-وأخيرا، توجد مزاحمة بين المشترين والباعة ؛ فالمشترون يريدون أن يشتروا بأرخص الأسعار، والباعة يريدون ان يبيعوا بأعلى الاسعار. أما نتيجة هذه المزاحمة بين المشترين والباعة، فتتوقف على أية مزاحمة ستكون الأقوى – المزاحمة في جيش المشترين أم المزاحمة في جيش الباعة.
هنا نحن نتحدّث عن أهم قانون في الاقتصاد -قانون العرض والطلب- ونسجّل أنّه:
•إذا كان عرض بضاعة ما أقل من الطلب عليها، فليس ثمة إطلاقا أو تقريبا أية مزاحمة بين الباعة. وبقدر ما تخف هذه المزاحمة تنمو المزاحمة بين المشترين.
النتيجة : ارتفاع كبير في أسعار البضائع.
•إذا كان هناك فائض كبير في العرض عكس الطلب؛ تحدث مزاحمة عنيفة بين الباعة؛ وقلة في المشترين.
النتيجة: بيع البضائع بأسعار بخسة.
إذن فتغيُّر النسبة بين العرض والطلب يتسبب تارة بارتفاع الأسعار وطورا بهبوطها...
وبالتّالي فالسعر تحدده النسبة بين العرض والطلب، فما الذي يحدد النسبة بين العرض والطلب إذن؟ إنّها - نفقات الإنتاج -.
لنأخذ مثالا:
الرأسمالي إذا كلفه إنتاج البضاعة التي يبيعها 100 درهم، وباع هذه البضاعة بـ110 درهم – بعد سنة طبعا، - حصل على ربح متواضع، شريف، ملائم. واذا باعها بـ120، 130 درهما، حصل على ربح عال؛ وأخيرا، إذا باعها بـ200 درهم، حصل على ربح استثنائي، هائل.
إذن فالعامل الذي يستخدمه البرجوازي لقياس ربحه هو نفقات إنتاج بضاعته.
إلى ما يؤدي ارتفاع سعر بضاعة من البضائع؟
الرساميل ستتدفق بالجملة على الفرع الصناعي المزدهر، وهذه الهجرة للرساميل إلى الفرع الصناعي الناجح تدوم ما دام الربح في هذا الفرع لا يهبط إلى المستوى العادي أو بالأحرى حتى الفترة التي يهبط فيها أسعار منتجاته، بسبب من فيض الإنتاج، إلى ما دون نفقات الانتاج. فإذا هبط سعر بضاعة من البضائع إلى ما دون نفقات الإنتاج، انسحبت الراساميل من إنتاج هذه البضاعة. إنّنا نرى أن الراساميل في هجرة وتهجير بشكل دائم، متنقلة من فرع إنتاجي إلى فرع آخر, وإنّ ارتفاع الأسعار وهبوطها يؤديان إلى هجرة وتهجير شديدين جداً.
استنادا إلى كلّ ما سبق نسجّل:
•إنّ تقلبات العرض والطلب تعيد دائما من جديد سعر بضاعة ما إلى مستوى نفقات إنتاجها, السعر الفعلي لبضاعة ما هو حقا دائما أدنى أو أعلى من نفقات إنتاجها، ولكن الارتفاع والهبوط يتكاملان، حتى أننا إذا جمعنا حصيلة المد والجزر في الصناعة، في حدود فترة معينة من الزمن، تبين لنا ان البضائع تتم مبادلتها بعضها ببعض وفقا لنفقات إنتاجها، أي أن نفقات إنتاجها هي التي تحدد سعرها.
•نرى أن سعر بضاعة ما يتحدد بنفقات إنتاجها بصورة نجد معها أن الفترات التي يرتفع فيها سعر هذه البضاعة فوق نفقات إنتاجها تعوضها الفترات التي يهبط فيها دون نفقات الإنتاج، والعكس بالعكس. وهذا القول لا يصح على كل من المنتجات بمفرده، إنما يصح فقط على عموم الفرع الصناعي. وبالتالي فإن هذا القول لا يصح أيضا على صناعي بمفرده، بل يصح فقط على عموم طبقة الصناعيين.
•إن تحديد السعر بنفقات الإنتاج مماثل لتحديد السعر بوقت العمل الضروري لإنتاج بضاعة ما, أي أن هذه القوانين العامة عينها التي تتحكم عامة بسعر البضائع، تتحكم أيضا طبعا بالأجرة، بسعر العمل.
•أجرة العمل سترتفع تارة، وتنخفض طورا، تبعا للنسبة بين العرض والطلب، تبعا لحالة المزاحمة بين مشتري قوة العمل، الرأسماليين، وباعة قوة العمل، العمّال. وتقلبات أسعار البضائع بصورة عامة إنما تطابقها تقلبات الأجور. ولكن في حدود هذه التقلبات، يتحدد سعر العمل بنفقات الانتاج، بوقت العمل الضروري لإنتاج هذه البضاعة التي هي قوة العمل.
ولكن ما معنى نفقات إنتاج قوة العمل؟
إنّها النفقات الضرورية لإبقاء العامل بوصفه عاملا ولجعله عاملا.
مثال:
الصناعي الذي يحسب نفقات إنتاجه وعلى أساسها سعر المنتجات، يدخل في حساباته استهلاك أدوات العمل. فإذا كلفته آلة ما 1000 درهم، مثلا، وإذا كان سيستهلكها في عشر سنوات، فإنه يضيف كل سنة 100 درهم على سعر البضاعة لكي يتمكن من الاستعاضة بعد عشر سنوات عن الآلة البالية بآلة جديدة. وعلى النحو نفسه، ينبغي أن تشتمل نفقات إنتاج قوة العمل البسيطة على نفقات التناسل التي تُمكِّن جنس العمال من التّكاثر ومن إحلال العمال الجدد محل العمال المُستَهلَكين. وهكذا يؤخذ استهلاك العمال في الحساب شأنه شأن استهلاك الآلة.
إنّ نفقات إنتاج قوة العمل البسيطة تتألف إذن من نفقات معيشة وتناسل العامل. وسعر نفقات المعيشة والتناسل هذه تشكل الأجرة. والأجرة المحددة على هذا النحو تسمى الحد الأدنى للأجرة. هذا الحد الادنى للأجرة، شأنه شأن تحديد سعر البضائع بنفقات الإنتاج على وجه العموم، لا على الفرد بمفرده، فهناك عمال، ملايين العمال لا يحصلون على ما يكفي للمعيشة والتناسل؛ ولكن أجر الطبقة العاملة بأسرها يساوي هذا الحد الأدنى، ضمن حدود تقلباتها.
بعد أن تحدّثنا عن الأجرة وعن أعم القوانين التي تُحددها سننتقل إلى مستوى أعمق في النّقاش, بداية بطرح سؤال أساسي؛ ما هو الرّأسمال؟
يتألف الرأسمال من مواد أولية وأدوات عمل ووسائل معيشة مختلفة، تُستخدم لإنتاج مواد أوليّة جديدة وأدوات عمل جديدة ووسائل معيشة جديدة. وكل هذه الأجزاء التي تؤلف الرأسمال إنّما هي من إنتاج العمل، من العمل المكدس. فالعمل المكدس الذي يُتخذ وسيلة لإنتاجٍ جديد، هو رأسمال. هكذا يقول الاقتصاديون.
من هو العبد الزنجي ؟ إنسان من العرق الأسود. إنّ قيمة هذا التفسير يعادل حقا قيمة التفسير السابق. الزنجي هو زنجي, ولا يصبح عبدا إلا في ظروف معينة؛ وآلة غزل القطن هي آلة لغزل القطن ولا تصبح رأسمالا إلا في ظروف معينة؛ وبدون هذه الظّروف، لا تكون رأسمالا...
في الإنتاج، لا يؤثر الناس في الطبيعة فقط، بل يؤثر بعضهم في البعض الآخر أيضا, فهم لا يستطيعون أن ينتجوا إلا بالتعاون فيما بينهم, ومن أجل أن ينتجوا، يدخل بعضهم مع بعض في صلات وعلاقات معينة... وتبعا لطابع وسائل الإنتاج، تختلف بالطبع هذه العلاقات الاجتماعية التي تقوم بين المنتجين.
مثال:
اكتشاف السلاح الناري، أدّى بالضرورة إلى تعديل كل التنظيم الداخلي للجيش ؛ وتغيرت العلاقات بين الأفراد بوصفهم جيشا، كما تغيرت أيضا علاقات مختلف الجيوش فيما بينها.
إذن؛ علاقات الإنتاج الاجتماعية , تتغير وتتحول مع تغير وسائل الإنتاج المادية وتطورها، مع تغير القوى المنتجة وتطورها.
الرأسمال إذن يُمثّل علاقات إنتاج اجتماعية؛ هي عبارة عن علاقات إنتاج برجوازية أي علاقات إنتاج في المجتمع البرجوازي... وهو لا يتألف فقط من وسائل المعيشة وأدوات العمل والمواد الأولية، لا يتألف فقط من المنتجات المادية؛ إنما يتألف أيضا من القيم التبادلية فجميع المنتجات التي يتألف منها هي بضائع , فليس الرأسمال إذن مجرد مجموعة من المنتجات المادية، بل هو مجموعة من البضائع ، أي من القيم التبادلية ...

قلنا أنّ كل رأسمال هو عبارة عن مجموعة من البضائع أي من القيم التبادلية ، ولكن العكس غير صحيح, إذ ليس كل مجموعة من البضائع ، من القيم التبادلية ، تعتبر رأسمالا.
- كيف؟
- تصبح كميّة معينة من البضائع ، أي من القيم التبادلية رأسمالا بوصفها قوة اجتماعية مستقلة، أي بوصفها قوة تابعة لقسم من المجتمع، تبقى وتنمو عن طريق مبادلتها بقوة العمل المباشرة, الحيّة...
- ماذا يجري عند التبادل بين الرأسمالي والأجير ؟
- العامل يتلقى من الرأسمالي قسما من وسائل المعيشة الموجودة.
- لأيّ غرض تفيده وسائل المعيشة هذه؟
- للاستهلاك المباشر؛ وما إن يستهلك العامل وسائل المعيشة هذه، حتى تضيع منه إلى الأبد، وعليه أن يعمل مرّة أخرى لكي يحصل على وسائل عيش جديدة، عليه أن يبيع قوّة عمله؛ هذه القوة الخلاقة النبيلة التي يتنازل عنها العامل للرأسمالي مقابل وسائل العيش التي يتلقاها! - وعلى ماذا يحصل الرأأسمالي؟
- الرأسمالي يحصل مقابل ما قدّمه من وسائل المعيشة هذه، على العمل, على نشاط العامل المُنتِج، على القوة الخلاّقة التي لا تردّ له خسائره فقط بل ضعفها.
مثال:
مُزارِع يُعطي عامله المياوم 20 درهما في اليوم, ومقابل هذه الدراهم ، يشتغل هذا العامل كل النّهار في حقول المزارع ويُؤمِّن له على هذا النحو دَخلا قدره 40 درهما. وهكذا فالمزارع لا يسترد فقط ما تنازل عنه للعامل المياوم، بل ضعف ذلك اشترى بال 20 درهما قوّة عمل العامل المياوم التي تَسْتَنْبِتُ منتجات زراعية ذات قيمة مضاعفة... أمّا العامل المياوم، فإنه يتلقى مقابل قوّته المُنتِجة التي تنازل عنها للمزارع، 20 درهما يبادلها بوسائل معيشة يستهلكها على أشكال مختلفة من السرعة أو البطء. وهكذا فقد استهلكت العشرين درهما بصورة مزدوجة:
بصورة مُنتِجة بالنسبة للرأسمال: مقابل 20 درهم حصل على الضّعف؛ وبصورة غير منتجة بالنسبة للعامل: مقابل 20 درهما سيحصل على مواد سيستهلكها.
من هذا كله نستطيع أن نستنتج بأنّ الرأسمال يفترض العمل المأجور، والعمل المأجور يفترض الرأسمال، فكل منهما شرط للآخر؛ وكل منهما يخلق الآخر... إذ أنّ الرأسمال لا يمكن له أن يتكاثر إلاّ إذا بودل بقوة العمل، وقوة عمل العامل المأجور لا يمكن مبادلتها بالرأسمال إلاّ إذا كانت تزيد الرأسمال، وتعزز بالضبط تلك السيطرة التي تستعبدها... وهكذا فإن تكاثر الرأسمال هو بالتالي تكاثر البروليتاريا، أي الطبقة العاملة.
إذن مصلحة الرأسمالي والعامل واحدة – هكذا يزعم البرجوازيون واقتصاديوهم-.
حقّا!!!!!
إنّ العامل سيُهلَك إذا لم يُشغِّله الرأسمالي, والرأسمالي سيزول إذا لم يستثمر قوة العمل، ولكي يستثمرها، لا بد له أن يشتريها. وبقدر ما يتكاثر الرأسمال المعد للإنتاج، وبقدر ما تزدهر الصناعة، تغتني البرجوازية، وتتحسن الأحوال، وبقدر ما يحتاج الرأسمالي إلى مزيد من العمال، يبيع العامل نفسه بمزيد من الأجر. فالشّرط الضروري الذي لا غنى عنه لكي يكون العامل في وضع مقبول، إنّما هو إذن نمو الرأسمال المنتج نمواً سريعا قدر الإمكان.
ما يعني نمو الرأسمال المنتج؟
إنّه يعني نمو سيطرة العمل المكدس على العمل الحي ، إنّه يعني نمو سيطرة البرجوازية على الطبقة العاملة ؛ فحين يُنتِج العمل المأجور ثروة الآخرين التي تسيطر عليه، القوة التي تعاديه، الرأسمال، فإن وسائل تشغيله أي وسائل معيشته، تعود من الرأسمال إليه، شرط أن يصبح، من جديد، قسماً من الرأسمال، المحرّك الذي يقدف بالرأسمال من جديد إلى حركة نمو متسارعة.
إن الادعاء بأن مصالح الرأسمال ومصالح العمال واحدة لا يعني في الحقيقة إلاّ أنّ الرأسمال والعمل المأجور هما طرفا علاقة واحدة, يشترط كل واحد منهما الآخر, فما دام العامل المأجور عاملا مأجوراً، ظل مصيره رهينا بالرأسمال؛ تلك هي وِحدة مصالح العامل والرأسمالي المزعومة.



#سمية_العثماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلخيص مبسّط لكتاب لينين الدولة والثّورة (الجزء السادس والأخي ...
- تلخيص مبسّط لكتاب لينين الدولة والثّورة (الجزء الخامس)
- تلخيص مبسّط لكتاب لينين الدولة والثّورة (الجزء الرابع)
- تلخيص مبسّط لكتاب لينين الدولة والثّورة (الجزء الثالث)
- تلخيص مبسّط لكتاب لينين الدولة والثّورة (الجزء الثاني)
- تلخيص مبسّط لكتاب لينين الدولة والثّورة
- يا عمّال العالم اتّحدوا
- النضال على المستوى الايديولوجي


المزيد.....




- رفح.. العدو على أبواب مصر
- “أمن الدولة” تجدد حبس معتقلي “بانر التضامن مع فلسطين” 15 يوم ...
- طلاب العالم اتحدوا ضد الصهيونية وداعميها الرأسماليين
- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...


المزيد.....

- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمية العثماني - تلخيص مبسّط لكتاب كارل ماركس رأس المال والعمل المأجور (الجزء الأول)