أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سليمان سعيد الشمري - اعادة تقييم نظرية مالتوس للسكان والواقع العراقي















المزيد.....

اعادة تقييم نظرية مالتوس للسكان والواقع العراقي


محمد سليمان سعيد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 6571 - 2020 / 5 / 22 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعد المفكر توماس روبرت مالتوس الذي عاش بين الاعوام (1766 - 1834) باحث سكاني واقتصادي سياسي إنجليزي، تخصص في علم الرياضيات لكنه درس أيضا عدة علوم اخرى، ولكنه اشتهر بنظريته المؤثرة حول التكاثر السكاني، التي ضمنها في مؤلفه (بحث في مبدأ السكان)، ويشير فيها الى إن وتيرة التكاثر الديمغرافي "السكاني" متتالية هندسية، بمعنى أن الزيادة في عدد السكان يكون بشكل (1 ، 2 ، 4 ، 8 ، 16) وهي بذلك أسرع من وتيرة ازدياد المحاصيل الزراعية وكميات الغذاء المتوفرة للاستهلاك والتي تكون الزيادة فيها على شكل متتالية عددية (2، 4 ، 6 ، 8 ، 10)، وهذا من شأنه أن يؤدي في المحصلة النهائية إلى اختلال التوازن بين عدد السكان من جهة وإنتاج الغذاء اللازم لإطعامهم من جهة أخرى، ما ينذر بمشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة من فقر وجوع، وبروز لظواهر مجتمعية سيئة كالتشرد والتسول والسرقة.
جوبهت هذه النظرية بانتقادات شديده لكثير من الكتاب والأدباء والاقتصاديون، واستندوا في نقدها إلى العديد من الحقائق، إذ توقع (مالتوس) تردي الأوضاع الاقتصادية للأجيال القادمة في دول أوروبا الغربية، وهو ما لم يحصل، إذ لم يزد العدد بالسرعة التي تنبأ بها، وفي الوقت نفسه ارتفع إنتاج الغذاء بشكل كبير بسبب التقدم السريع في مجال التكنولوجيا واستخدام التقنية، الأمر الذي أدى لارتفاع مستويات المعيشة للشعوب الأوروبية بدلاً من انخفاضه كما توقع.
وبهذا فأن ما أكده (مالتوس) في نظريته عن السكان اصبحت غير واقعية ولم تدخل ضمن الامور ذات الفائدة او الاهمية العلمية، بل اصبحت نظرية من التراث فقط وانطفأ بريقها وتدرس من باب العلم بالشيء.
الى هذا الحد تتوقف نظرية (مالتوس) لدى الاغلبية من الباحثين والمفكرين، إذ أنه وبسبب عيشة في عصر القرن الثامن عشر اغفل اهمية تطور استخدام التقنية في مسالة إنتاج الغذاء مستقبلا، او انه لم يتوقع حدوث ثورة تكنلوجية كبيرة غيرت الكثير من المفاهيم، الا ان هذا التقييم للنظرية ليس عميقاً بما يكفي، لأن لهذه النظرية آفاق اخرى، وجوانب غاية في الأهمية، فلم يغفل (مالتوس) عن الترابط بين الاثر السكاني في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهنا تكمن القيمة العلمية لنظريته، فالعامل السكاني عامل مهم وكبير وذو اثر عظيم، وبهذه الالتفاتة قد سبق الكثيرين بتحديد الجانب السلبي لزيادة عدد السكان، ولكن اخفق بتركيزه على الجانب الاقتصادي وعدم التركيز على المشاكل الاخرى الناجمة من الزيادة في عدد نفوس العالم، لذا من واجب الباحثين والمفكرين في الوقت الحاضر الالتفات الى هذه الزيادة السكانية الكبيرة ودراسة ابعادها واعطاء تصور الى صانعي القرار لوضع الخطط والسياسات لتفادي المساوئ الحاصلة من تلك الزيادة، وخصوصا بعد ما اصبح عدد نسمات العالم (7.8) مليار، بعد ما كان (1) مليار فقط في عام (1804م)، أي بزيادة (6.8) مليار خلال (216) عام فقط، ومن المتوقع أن يزداد عدد سكان العالم في عام 2050 إلى (9.7) مليار نسمة.
إن في هذه الظاهرة من الزيادة السكانية الكبيرة تحديات جمة، يمكن اختصارها بأنها تقوض جميع مقومات التنمية المستدامة، وفي مقدمتها التلوث الكبير للبيئة من خلال الانبعاثات الملوثة للبيئة الناتجة من الإنتاج الكبير، ومن جانب آخر فإن استغلال الاراضي للسكن واتساع المدن بسبب هذه الزيادة الكبيرة سوف يكون على حساب اعداد الغابات والحيوانات ومالها من اثر على مجمل الحياه الطبيعية، فضلاً عن الاستغلال المفرط للموارد الناضبة من باطن الارض من المعادن والمواد الاولية سيؤثر على مستقبل الأجيال القادمة.
وفي الجانب الاقتصادي فإن زيادة عدد السكان يؤدي الى انخفاض في مستوى دخل الفرد ما يؤدي إلى انخفاض في الادخار والاستثمار، ومن ثم انخفاض في معدل النمو الاقتصادي، بسبب تراجع خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية، والنتيجة زيادة في اعداد الفقراء في العالم.
أما المشكلة الأكبر التي يعاني منها العالم اليوم هي الأثر على المستوى الاجتماعي والسياسي، إذ يسبب ارتفاع السكان بزيادة البطالة وما تفضي إليه من تهديد للأمن والسلم المجتمعي والاستقرار الدولي لما يرافقها من مشاكل سياسية واجتماعية، كما لا يخفى اثر الزيادة السكانية بشكل قوي على التعليم، وسوء خدمات المؤسسات التعليمية وتراجع مستوى التعليم.
وفي الجناب الصحي، فإن أزمة انتشار فايروس كورونا (كوفيد_19) اوضحت ما يمكن ان يسببه زيادة عدد السكان، إذ أن زيادة اعداد المرضى يؤدي الى تردي الخدمات الصحية، وصعوبة تقديم خدمات تشمل جميع السكان وما حدث في الأزمة الأخيرة رغم ان عدد المصابين في بعض الدول في العالم لا يمثل نسبة (0.001)، الا انه اصاب الخدمات الصحية بالشلل والفشل بسبب كثرة الاعداد التي يجب ان تتلقى العلاج في المستشفيات التي لم تستطيع استيعاب المرضى، ولو ازدادت النسبة الى (1%) لرأينا عجز كامل، كما أوضحت أزمة فايروس كورونا جانب سلبي آخر للزيادة السكانية، ألا وهي التقارب الاجتماعي للمواطنين الناتج عن الكثافة السكانية، الأمر الذي شكل تهديدا ورعب للدول.
وفي الرؤية المستقبلية لمواجهة مثل هذه الأزمات، لابد من تصميم مدن غير مكتظة بالسكان، لأن المناطق المكتظة معرضة لانتشار الاوبئة مستقبلا بصورة اكبر.
وعندما نبحث في الحالة العراقية، سوف نجد انفسنا امام زيادة سكانية مفرطة، إذ نشر الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة الداخلية جدولا بتقديرات تخمينية لأعداد سكان العراق لغاية عام (2030)، بين فيه، أن نفوس العراق المقدرة خلال العام الحالي (2020) بلغ أكثر من (39) مليون شخص، وان نفوس العراق في حال بقاء نفس معدل الخصوبة والولادات والوفيات لغاية عام (2030) سوف تبلغ أكثر من (51) مليون شخص، وقد بلغ نسبة النمو السكاني في العراق الى (2.4) سنويا، وهذه النسبة مرتفعة جدا قياسا لدول الجوار الاقليمي، فقد اشارت البيانات الرسمية لمعدل النمو في ايران الى (1.7) فقط للاعوام من 2012 ولغاية 2018، كما اشارت نسبة معدل النمو السكاني في تركيا الى (1.3) عام 2016، كذلك اذا قارنا النمو السكاني للعراق مع دولة مصر العربية نرى إن معدل النمو السكاني في مصر (1.8) وهي اقل بكثير من دولة العراق، وبهذا فأن بعد تحليل نسب معدل النمو نجد العراق في مقدمة دول الشرق الاوسط والدول العربية في نسبة الزيادة السكانية، كما يتمتع العراق بأحد أكثر المجموعات السكانية شبابا في العالم، إذ ُيقدر عدد السكان الذين تقل اعمارهم عن(19) سنة بحوالي (50 %) من نسبة السكان، ما يفرض على الحكومة العراقية توفير (7) مليون فرصة عمل في عام (2030)، وهذا يجعل العراق امام تحدي سكاني كبير جدا، وسيزيد هذا الأمر من الضغط على الموارد الاقتصادية التي هي نفسها سوف تصبح أكثُر ندرًة من اي وقت مضى، بما في ذلك الغذاء والماء والبنية التحتية والخدمات العامة.
وبهذا فإن الحكومة العراقية مجبرة على اتباع سياسات الحد من النسل والتزايد السكاني من خلال استخدام شتى الوسائل، ويمكن اقتراح السياسات الاتية:
1. تفعيل دور الاعلام لتوعية المواطنين والاسر بالاضرار الاقتصادية والبيئية الناجمة من زيادة عدد افراد العائلة.
2. توفير ادوية موانع الحمل بانواعها كافة وتوزيعها بالمجان.
3. انشاء هيئة مختصة بشؤون السكان تابعة الى وزارة الداخلية او مجلس المحافظة تقع على عاتقها متابعة الامور الخاصة بالحد من زيادة عدد نفوس المواطنين في العراق ووضع الخطط والاستراتيجيات بالعدد المطلوب للزيادة عن طريق التنسيق مع الوزارات المختصة مثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة المالية والتخطيط وباقي المؤسسات الحكومية.
3. تشريع قوانين للحد من ظاهرة كثرة الولادات للاسر على سبيل المثال (يسمح للمتزوجين من انجاب طفلين فقط، بمقابل تقديم دعم صرف مبالغ معينة للأطفال مع ضمان مجانية التعليم والرعاية الصحية في حال التزام الاسرة بهذا العدد من الاطفال، وحرمان الأسر من هذا الدعم في حال تجاوزت هذا العدد، أو أن تفرض على الأسرة عقوبات رادعة مثل فرض غرامات مالية كبيرة.
ادركت بعض المجتمعات حقيقة خطر الزيادة في السكان ما دفع بعض الاسر وبشكل ذاتي من تقليل الانجاب، الا ان المجتمع العراقي مايزال غافل عن هذه المسألة، كما ان اصحاب القرار في العراق قد اغفلوا عديد من المشاكل ومن اهمها وضع الخطط والاستراتيجيات للتعامل مع هذه المشكلة، لذا وجب على الكتاب والمفكرين تسليط الضوء على الازمة السكانية خلال العقد القادم، والدفع باتجاه تقليل عدد افراد المجتمع والاهتمام بنوع الفرد (التنمية البشرية) في الجانب العلمي والثقافي ما يساهم لبناء مجتمع متقدم.



#محمد_سليمان_سعيد_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انواع نظم إنتخابات الاغلبية المستخدمة في دول العالم
- تقسيم الدوائر الانتخابية في العراق


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سليمان سعيد الشمري - اعادة تقييم نظرية مالتوس للسكان والواقع العراقي