أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحي سيد فرج - البدائل المقترحة لتمويل التعليم















المزيد.....



البدائل المقترحة لتمويل التعليم


فتحي سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1585 - 2006 / 6 / 18 - 11:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يشكل موضوع الإنفاق على التعليم وتمويله المدخل الحاكم لمستوى منظومة التعليم ، وذلك باعتباره منظومة فرعية تؤثر وتتأثر بكل علاقات وتفاعلات المنظومة التعليمية الشاملة ، كما انه يتأثر بالظروف والملابسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع ، وهناك مجموعة من العوامل الأساسية ذات تأثير فعال على تمويل التعليم والإنفاق عليه يمكن الإشارة إليها فيما يلى :
أولأ : المستوى الاقتصادى
يشير د. حمدى عبد العظيم . رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية فى سياق رصده لبيانات تقرير التنمية البشرية لعام 2004 الى أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الاجمالى كان 963 دولار عام 2002 ، وهو معدل لا يخفى تواضعه بالمقارنة بالمعدلات المناظرة فى العديد من الدول النامية ، كما يوضح التقرير أن نسبة السكان تحت خط الفقر الذين يحصلون على دولار واحد فى اليوم 31 %
ومن المعروف أن معدلات النمو الاقتصادى كانت تتراوح ما بين 1% الى 3 % خلال السنوات الماضية ، يقال أنها ارتفعت لتصل الى 4 % خلال العام الأخير ، وأن العجز فى الموازنة العامة للدولة والذى بلغ 18 % عام 1992 قد تضاعف حتى وصل الى أربعة أضعاف ذلك عام 2003 و كان لابد إن ينسحب كل ذلك على تمويل الخدمات الاجتماعية وفى مقدمتها التعليم .
ثانيا : الموقف الديموجرافى
يتزايد سكان مصر بمعدلات مرتفعة ، واذا نظرنا الى الثروة البشرية باعتبارها أقوى عناصر الإنتاج ، فأن ذلك يمثل ميزة كان من المفروض أن تساهم فى ارتفاع معدلات الإنتاج القومى والنمو الاقتصادى ، ولكن تكمن المشكلة السكانية فى مصر بالأساس فى التكدس السكانى أى ارتفاع معدلات الكثافة السكانية فى مساحة ضيقة من الامتداد الجغرافى ، مما ينعكس على نوعية الحياة وتردى مستوى الخدمات الاجتماعية خاصة التعليم والصحة . وتشير الإحصائيات الدولية الى أن عدد السكان قد وصل الى 72 مليون نسمة الآن فى مصر ، ويتوقع أن يصل الى 90 مليون نسمة عام 2015 ، ومما يزيد من خطورة هذه المشكلة على الوضع التعليمى ان الهرم السكانى قاعدته عريضة حيث تبلغ نسبة السكان دون سن 15 سنة نحو 35 % ، وهذا يعنى أن الفئات العمرية التى تحتاج الى خدمات تعليمية فى ازدياد مستمر .
ثالثا : العرض والطلب على الخدمات التعليمية
كان عدد المسجلين بالتعليم الابتدائي 3,9 مليون تلميذ عام 72 / 73 ، ارتفع ليصل الى 7,2 مليون تلميذ عام 2002 /2003 بنسبة زيادة تصل الى 85 % ، وعلى الرغم من ارتفاع هذه الأعداد والنسب إلا أن نسبة الاستيعاب الكامل لم تتحقق ، فمعدلات الالتحاق الصافية وفقا لتقرير التنمية الإنسانية عام 2003 هى 10 % للحضانة ، و92 % للأبتدائى ، 79 % للاعدادى ، 59 % للثانوى ، 39 % فى التعليم العالى ، وهذه النسب تؤكد أن الخدمة التعليمية مازالت قاصرة عن استيعاب الطلب الفعال على التعليم .
وفى تقرير لتطوير التعليم صدر عام 2001 ظهرت الفجوة بين متطلبات مصر من المبانى المدرسة وما يمكن توفيره من اعتمادات , وقدرت الاحتياجات حتى عام 2017 بضرورة أنشاء 39,9 الف مدرسة ، أمكن يناء 9,9 الف مدرسة خلال السنوات المتبقية من الخطة الخمسية الرابعة ( 98 / 2004 ) بتكلفة اجمالية حوالى 12 مليار جنيها ، وأصبح المطلوب بناء 30 الف مدرسة حتى عام 2017 تحتاج وفقا لاقل التقديرات لحوالى 40 مليار جنيها ، هذا فقط لمواجهة قيول الأعداد الجديدة من التلاميذ مع ثبات مستوى الخدمة التعليمية كما هى الان .
رابعا : حالة التعليم فى مصر
من الواضح أن التعليم المصرى يعانى من تدهور وأزمة مستحكمة تجعله عاجز عن مواجهة متطلبات هذا العصر ، مما يهدد مستقبل مصر ، وتشير دراسة ميدانية لنادر فرجانى عام 1994 الى أن إتقان المهارات الأساسية فى القراءة والكتابة ، ومبادىء الرياضيات كنواتج للتعليم الأبتدائى كان بين 30 % الى 40 % وحتى اكتمال المرحلة الثانوية لا يصل مستوى الإتقان الى 80 % فى القراءة والكتابة والى 50 % فى مبادىء الرياضيات . ويستخلص نادر فرجانى من تحليل العلاقة بين الناتج الاجمالى للفرد ومتوسط الإنفاق الجاري على التعليم مجموعة من المقاربات يمكن تلخيصها على النحو التالى :
• يمكن تقسيم مستوى التحصيل التعليمى الى ثلاث مراحل يسميها الركود والانطلاق والتقدم ، ولا سبيل لبلوغ القيم الأعلى من الإنتاجية الا لمستويات التحصيل التعليمى أكثر من 10 سنوات فى ترابط مع معدلات الإنفاق الجارى أكثر من 5000 دولار للفرد .
• يحكم المستوى الأدنى من التحصيل – اقل من 3 سنوات ، والإنفاق الجارى لأقل من 100 دولار للفرد على المجتمع بأفقر مستويات الإنتاجية الاقتصادية ولا يتخطى مرحلة الركود .
• يمكن الوصول الى مرحلة الانطلاق عند تخطى عتبة مزدوجة لمستوى تحصيل تعليمى 6 سنوات ، وإنفاق جارى يصل الى 500 دولار للفرد على التعليم .
• مرحلة التقدم لايمكن الوصول إليها إلا بعد تخطى متوسط تحصيل تعليم 9 سنوات و5000 دولار للأنفاق على الفرد فى سن التعليم .
ويشير تقرير التنمية الإنسانية لعام 2003 الى أن متوسط سنوات التحصيل التعليمى فى مصر كان 5 سنوات ، وبلغ معدل الإنفاق الجارى 100 دولار للفرد فى سن التعليم ، وهذا يدل على إننا لم نبرح مرحلة الركود وصولا الى مرحلة الانطلاق ، ناهيك عن مرحلة التقدم .

تمويل التعليم فى مصر الواقع والمشكلات
قدم د. ضياء الدين زاهر لمؤتمر إصلاح التعليم الذى انعقد بمكتبة الإسكندرية فى ديسمبر 2004 بحثا أشار فيه الى أن الإنفاق على التعليم يواجه بالعديد من المشكلات المزمنة ، والتى تؤثر على قدرته على تقديم خدمة تعليمية راقية تتناسب مع مكانة مصر الحضارية
المشكلة الأولى : عجز الموارد المالية عن تلبية متطلبات إصلاح التعليم
فالمدقق لابد أن يدرك أنه على الرغم من الزيادة الملحوظة فى الأنفاق الحكومى على التعليم خاصة خلال فترة التسعينات فان هذه الزيادات تظل قاصرة عن مواجهة أزمات التعليم ، ففى الوقت الذى كان الإنفاق الحكومى لا يتجاوز 4,6 مليار جنيه عام 90 /91 ارتفع ليصل الى 22,2 مليار عام 2003/2004 ثم الى 24,7 مليار جنيه عام 2004 /2005 وهذه زيادة ضخمة تصل الى أكثر من خمسة إضعاف ما كان ينفق عام 90 /91 الا أن هذه الزيادة لم تكن كافية لمواجهة متطلبات إصلاح التعليم فالتراكمات التى نشأت عن العجز الحاد فى تمويل التعليم خلال فترة السبعينات والثمانينات قد أثر على الكفاءة الداخلية والخارجية للتعليم . فالكفاءة الداخلية الكمية كانت قد وصلت الى مرحلة صعبة من التدهور أظهرتها مؤشرات عديدة منها نقص شديد فى إعداد المدارس الأمر الذى قاد الى تعدد الفترات الدراسية ، وارتفاع كثافة الفصول ، ونقص المدرسين فى بعض التخصصات ، وانخفاض معدلات الاستيعاب ، وارتفاع نسب التسرب والرسوب مما فاقم مشكلة الأمية ، كما أختل توزيع الخدمات التعليمية بين الحضر والريف ، وتقلصت معدلات الالتحاق بالتعليم الثانوى ، وكل هذا ساهم فى خفض سنوات التمدرس الى حدود غير مقبولة ، أما بالنسبة للكفاءة الداخلية النوعية فقد حدث تهافت فى المحتوى العام للتعليم وفقد قدرته عن ملاحقة المعارف الحديثة والتطورات التكنولوجية .
كما تدهورت الكفاءة الخارجية للتعليم فقد تضاءل المردود منه بحكم انه أصبح لا يخدم احتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية بما يشكل قيودا عليها، ويبدد مواردها فهو يقاوم حركات الإصلاح بما يملكه من قصور ذاتى ، وهذا يؤكد أن الارث الممتد من سياسات التعليم خلال عقدى السبعينات والثمانينات جعل الزيادات فى الموارد المخصصة للتعليم عاجزة عن إحداث إصلاح حقيقى وملموس فى مجمل أركان العملية التعليمية .
المشكلة الثانية : سوء توزيع الموارد المالية
يتجلى ذلك من خلال ثلاثة تحيزات أساسية هى :
• انحياز النفقات الجارية على حساب النفقات الاستثمارية : حيث استحوذت أجور المعلمين والإداريين على 83 % من جملة الموازنة الحكومية .
• انحياز للتعليم العالى على حساب التعليم قبل الجامعى : فبالرغم من أن نسبة طلاب التعليم العالى لم يتجاوز11 % من اجمالى المقيدين بالتعليم عام 2002 /2003 إلا أن نصيبه من الموازنة بلغ 27,7 % كما بلغ متوسط نصيب الطالب الجامعى 800 دولار فى مقابل 203 دولار لطالب التعليم الاساسى و310 دولار لطالب التعليم الثانوى .
• انحياز نحو الحضر على حساب الريف : حيث تستحوذ العاصمة والمحافظات الحضرية على غالبية أوجه التميز والنصيب الأوفر من الخدمات التعليمية .
المشكلة الثالثة : انخفاض كفاءة استغلال الموارد المالية .
ويتمثل ذلك فى المظاهر الآتية
• وجود هدر فى التكلفة الاقتصادية لإنشاء المدارس تصل الى حوالى 20 % من قيمة التكاليف .
• هدر بشرى حيث تؤدى نظم النقل والترقية الى ترك عدد من المهارات التعليمية لعملها فى التدريس ليتولو إعمال إدارية .
• غياب الرشادة فى طباعة الكتب المدرسية .
• سوء استخدام الهيئة العامة لمحو الأمية للموارد المخصصة لها .
المشكلة الرابعة : ضعف كفاءة الإنفاق التعليمى على المستويات المحلية
يظهر ذلك من خلال المؤشرات الأبية
• ضعف كفاءة الهيئة الإدارية بالمدريات التعليمية ، من حيث مستويات التأهيل العلمى وخبراتهم التدريبية والمهنية فيا يوكل أليهم من مهام تتعلق بعمل التقديرات الخاصة بالأنفاق على التعليم ، وكذلك الانصياع الكامل للتعليمات المركزية دون الأخذ فى الاعتبار العوامل البيئة و المحلية ، وطبيعة تأثيراتها داخل محافظته .
• ضعف كفاءة النفقات التعليمية نتيجة غياب المعايير التى يمكن الاسترشاد بها فى مسألة تقدير النفقات والقرارات المرتبطة بها .
• المبالغة فى تقدير الإنفاق الحكومى سعيا نحو تحقيق أهداف غير موضوعية .
• الاعتماد على مصدر وحيد للتمويل ، غالبا ما يكون الموازنة العامة للدولة دون الاستعانة بموارد المحليات الأخرى سواء كانت حكومية أو خاصة .



المشكلة الخامسة : تعاظم الإنفاق العائلى على التعليم
وهى مشكلة تشتبك مع باقى المشكلات سالفة الذكر ، إلا أنها فى التحليل النهائى تمثل مشكلة قومية تهدد ديمقراطية التعليم ، وتخل بمفهوم تكافؤ الفرص , ورغم رفع شعار مجانية التعليم فان الإنفاق العائلى فى تزايد مستمر ، ويؤكد معظم الاقتصاديين أن الدروس الخصوصية كانت العامل الرئيسي وراء التبدل فى السلوك الانفاقى للمواطن المصرى ، وفى دراسة حديثة لمركز المعلومات ودعم اتخازالقرار برئاسة مجلس الوزراء إشارة الى ان حجم ما تنفقه الأسر المصرية على الدروس الخصوصية يصل الى 15 مليار جنيه سنويا ، اى ما يعادل حوالى 20 % من ميزانية الأسر ، هذا بالإضافة الى حوالى 10 % تكاليف على باقى المستلزمات التعليمية من ملابس وكتب وأجور نقل ... الخ .
ولعله من المهم كذلك الإشارة الى أن الإنفاق قد زاد بالنسبة للأسر التى تلحق أبنائها بالتعليم الخاص ، حيث متوسط ما تنفقه على الفرد كرسوم لايقل عن ثلاثة آلاف جنيها ، هذا غير مصروفات الملابس والكتب وتكاليف الأنشطة وهو أمر لا يقل عن ألف وخمسمائة جنيها ، وإذا أضفنا الإنفاق على الدروس الخصوصية نجد أنه فى أقل الاحتمالات يبلغ ما تنفقه الأسر لايقل عن ستة آلاف جنيها أو أكثر .
المشكلة السادسة : وجود هدر فى مساهمة القطاع الخاص فى استثمارات التعليم
ففى مدينة الإسكندرية على سبيل المثال تبلغ نسبة عدد المدارس الخاصة 34.4 % من جملة مدارس المدينة ، و نسبة الفصول الدراسية بهذه المدارس تصل الى 23.5 % من جملة الفصول الدراسية بالمدينة وذلك فى العام الدراسى 2003 /2004 ، ومع ذلك لا تستوعب هذه المدارس فى فصولها سوى 18.8 % من جملة تلاميذ المدينة ، وهذا يدل على انخفاض كثافة هذه الفصول – وذلك قد يمثل ميزة تعليمية – ولكنه ينعكس على انخفاض العائد على الاستثمار فى التعليم خاصة فى حالة انخفاض الكثافة عن المعدلات النموذجية ، فالمتوسطات السابقة تخفى التباين بين المدارس حيث توجد مبانى مدرسية حديثة الإنشاء وجيدة التجهيزات لا يوجد بفصولها سوى إعداد لا تتجاوز أصابع اليد من التلاميذ ، وفى ظل الارتفاع الكبير فى كثافة الفصول الدراسية بالمدارس الرسمية فان الهدر يكون مزدوج فى موارد غير موظفة بشكل كامل فى بعض المدارس الخاصة ، وهدر ناتج عن الاستخدام الكثيف فى المدارس الرسمية وهكذا يدفع المجتمع الخسارة مرتين .
المشكلة السابعة:التباين فىعرض الخدمة التعليمية بين المناطق المختلفة وبين التعلم الرسمى والخاص
فى دراسة ميدانية لمدينة الاسكندرية ( فـتحى فـرج عام 1996) أتضح من خلال عرض المؤشرات السكانية والتعليمية وجود مفارقات صارخة بين وسط المدينة – حى وسط والجمرك – وبين المناطق الطرفية شرقا – حى المنتزة – وغربا فى - العامرية وبرج العرب - وذلك فى عرض الخدمة التعليمية ، وفى مستواها .
فبالرغم من انخفاض معدلات النمو السكانى والعمرانى فى وسط المدينة خلال العقود الماضية ، وتزايد هذا النمو بشكل متسارع فى إطرافها ، إلا إننا نجد أن وسط المدينة يستحوذ على خدمة تعليمية مختلفة بشكل ما عن الأطراف ، فنسبة المدارس والفصول أكثر ارتفاعا فى الوسط مما يؤدى الى انخفاض كثافة الفصول ، بينما ترتفع كثافة الفصول بشكل يعيق أداء الخدمة التعليمية فى أطراف المدينة .
كما توجد فوارق بين المدارس الخاصة والرسمية فى أداء العملية التعليمية تعود أيضا بشكل أساسى الى ارتفاع كثافة الفصول فى المدارس الرسمية ، وانخفاضها عن المعدلات النموذجية
فى بعض المدارس الخاصة ، سواء فى وسط المدينة وان كان بمعدلات أقل ، أو فى المناطق الطرفية حيث يتسع الفارق بشكل صارخ .
ومن المثير للدهشة والاستغراب أن توزيع الاعتمادات والمدرسين الجدد يحابى منطقة وسط المدينة على حساب الإطراف مما يفاقم فى مستوى تدنى التعليم فى المناطق الطرفية

بدائل مقترحة لتميل التعليم
يعتمد التعليم فى الدول النامية أساسا على التمويل المقدم من جانب الحكومات ، وذلك على عكس الحال فى البلدان المتقدمة حيث يلعب التمويل الخاص دورا مؤثرا ، ومن العوامل التى ساعدت على ذلك . ارتفاع مستوى المعيشة مما مكن الكثيرين من تغطية تكاليف تعليم أبنائهم ، وازدياد دور المؤسسات الصناعية والمالية وغيرها فى تمويل التعليم بفضل ما تحققه من أرباح وما تحصل عليه من حوافز وإعفاءات بسبب مشاركتها فى تقديم الخدمات الاجتماعية ، كما ساهم فى تقليل الأهمية النسبية للتمويل العام بطء معدل النمو السكانى مما قلل الضغط على المؤسسات التعليمية من الحضانة الى الجامعة .
إما بالنسبة لمعظم الدول النامية فان دور الحكومات يعتبر اساسى حيث ما يزال دور القطاع الخاص محدود ، وقد اخذت هذه الدول بمبدأ مجانية التعليم ، كما حدث فى مصر منذ عام 1952 . ولكن بعض هذه الدول تقصر المجانية على التعليم الاساسى نظرا لما تعانيه من عجز كبير فى موازنتها .
ومع ارتفاع الطلب على الخدمات التعليمية ، وارتفاع نفقات التشغيل برزت الحاجة الى تصميم سياسات فعالة لإدارة أصلاح التمويل وإعادة التوازن بين النفقات والاحتياجات التعليمية ، وبين الموارد المتاحة فى سبيل تحقيق اعلى قدر من الرشادة الاقتصادية والفوائد الاجتماعية ، لذا أصبح من المهم التصدى لتوفير مثل هذه السياسات التى تستهدف الارتقاء بكفاءة الإنفاق فى النظام التعليمى من ناحية ، ومن استجلاب موارد إضافية وجديدة وتوظيفها من اجل خدمة المجتمع التعليمى .
ويرى د . زاهر ضرورة التأكيد على عدة منطلقات أساسية سابقة على أية سياسات تمويلية ، مثل أهمية وجود دعم سياسى وشعبى للتعليم ، واستبدال العلاقة التقليدية بين التعليم والحكومة بعلاقة تقوم على أساس " الشراكة " أو التعاون حيث تصبح من منظور وطنى ، وفى إطار هذه العلاقة تتجذر مشاركات المجتمع المدنى والأهلى فى دعم الجهود الحكومية وضرورة إدماج المؤسسات التعليمية والأكاديمية ضمن مسيرة التنمية وربطها باحتياجات المجتمع فى شقها الثقافى والمعرفى ، وفى هذه الحدود يقترح سياسة تؤدى الى تحسين تمويل التعليم وإصلاحه على النحو الأتى :
أولا: سياسات لتحسين كفاءة الإنفاق على التعليم
تنطلق هذه السياسات من قناعة أن الإدارة المالية الرشيدة يمكنها أن تعوض النقص فى الموارد ، بل تكون قادرة على تعظيم هذه الموارد ، هذا ما تؤكده الدروس المستفادة من تجارب دول جنوب شرق أسيا ، وتأسيسا على ذلك يمكن اقتراح مجموعة من الفاعليات منها
• تقليل الهدر المتزايد فى النفقات الحكومية من خلال إتباع أساليب حديثة فى بناء المدارس – وهنا يجب الإشادة بتجربة الهيئة العامة للمبانى التعليمية وجهودها فى أنشاء آلاف المدارس بنظم وتصميمات جديدة مع الاستفادة من وفورات المشروع الكبير وتوظيفها لخبرات عالية فى التصميم والتنفيذ وتجهيز المدارس ، وقدرتها على الوصول للمناطق النائية ، وحل العديد من المشاكل المتعلقة بحيازة الأراضي المخصصة للمباتى المدرسية - .
• استخدام تكنولوجيا المعلومات المتقدمة فى التدريس بما يعمل على تخفيض الكلفة التدريسية ، مع الاهتمام يرفع القدرات المهنية والعلمية للقيادات التعليمية وهيئات التدريس ، والحد من التضخم الوظيفى والعمالة الزائدة فى الوظائف الإدارية .
• التفكير جديا فى البحث عن مؤسسات خاصة تقوم بطباعة الكتب التعليمية تتنافس فيما بينها لتقليل تكاليف الطباعة وتحسين جودة المنتج .
• العمل على تحسين توزيع الموارد المالية بما يعيد التوازن ، بين النفقات الجارية والنفقات الاستثمارية ، وبين المراحل التعليمية وفقا لأدوارها التنموية ، وبين الريف والحضر بما يحقق تكافؤ الفرص بين الجميع .
• ايلاء أهمية خاصة للدراسات الاقتصادية والتخطيطية والفنية من خلال أنشاء وحدات اقتصادية تتولى مسئولية القيام بدراسات وبحوث ميدانية وتحليلية واستراتيجية وتقديمها لمتخذي القرار وصولا لقرارات سليمة اقتصاديا ، وتحقق الأهداف بشكل علمى .
ثانيا : السياسات اللازمة لتدبير موارد إضافية
وتنطلق هذه السياسات من كون التعليم هو " المشروع القومى لمصر " الذى ينبغي أن تتضافر كل جهود المصريين حوله ، وفى هذه الحدود يصبح من المهم النظر فى الإجراءات الآتية :
• إعادة النظر فى تحديد الخيارات ، وتنمية الوعى بتشجيع الأفكار الجديدة لتطوير التعليم من خلال المبادرات الشعبية للمشاركة .
• إزالة العوائق أمام إسهامات رجال الأعمال فى مجال أنشاء مؤسسات تعليمية تتنافس فيما بينها على تقديم خدمة متميزة ، لتخريج قدرات عالية تخدم التنمية المحلية ، وتكون قادرة على المنافسة العالمية .
• السعى لنقل الجامعات المصرية الى نموذج الجامعات المنتجة ، من خلال تحويل وحداتها الأكاديمية الى وحدات بحوث إنتاجية فى مجالات العمل والخدمات المختلفة ، و تقديم المشورة الفنية والخبرة العلمية الى كافة قطاعات المجتمع بما يوفر موارد إضافية .
• تعظيم الاستفادة من المنح والقروض الدولية لاسيما المقدمة من المنظمات الدولية ، على أن يتم ذلك وفقا لضوابط محكمة تتيح الاستفادة منها ، وبما لا يقود الى الوقوع فى شرك أغراض تتعارض مع أهداف المجتمع .
• النظر فى الاعتماد على صيغ جديدة ، كالتعليم عن بعد ، والتعليم المفتوح ، والجامعات الافتراضية .

وفى مجال اهتمام الخبراء وأساتذة التخطيط التربوى واقتصاديات التعليم بموضوع الإنفاق على التعليم وتمويله ، يمكن عرض بعض الاطروحات على النحو الأتى :
فى مؤتمر " مستقبل الخدمات التعليمية " الذى انعقد بمدينة السكندرية عام 2003 قدم د . شبل بدران . عميد كلية التربية . جامعة الإسكندرية بحثا حول " نحو تفعيل الجمعيات التعاونية التعليمية فى تطوير التعليم " ابرز فيه : أن سياسة التعليم المصرية ورؤيتها المستقبلية هى : توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية ، وهى تعنى فى التحليل الأخير مساهمة الهيئات والمنظمات و مؤسسات المجتمع المدنى فى التعليم ، وقد ترتب على ذلك زيادة المدارس الخاصة من 2723 مدرسة عام 91 / 92 الى3921 مدرسة عام 2000 /2001 بنسبة زيادة 44 % ، كما زادت الفصول بنسبة 53 % والطلاب بنسبة 36 % ، ولاشك أن تلك زيادة غير مسبوقة فى التعليم الخاص خلال عشر سنوات ، وحينما نتحدث عن التعليم الخاص فنحن نقصد ذلك النوع من التعليم الذى يدفع فيه ولى أمر التلميذ مصروفات ، ولو حاولنا تصنيف هذا النوع من التعليم سنجد أنه ينقسم الى العديد من الصيغ والأشكال منها :
• مدارس المعاهد القومية ، وهى تخضع لأشراف الجمعيات التعاونية التعليمية ، وغالبية هذه المدارس كانت فى الأصل مدارس خاصة تتبع انجلترا وفرنسا ، ولكنها الآن تخضع للقانون 1 لعام 1990 ومصروفاتها لا تتجاوز 3 آلاف جنيه فى المتوسط .
• تعليم خاص استثماري يخضع لأفراد أو مؤسسات تسعى للربح .
• مدارس أجنبية ( إنجليزية ، فرنسية ، ألمانية ، إيطالية ) تقبل الطلاب المصريين بمصروفات عالية ، مناهجها ومقرراتها – عدا اللغة العربية والدين والدراسات الاجتماعية – تأتى من الدول التابعة لها .
• مدارس تقدم شهادات مثل ، الشهادة الإنجليزية ، والشهادة الأمريكية ، وهى تخضع بشكل كامل لانجلترا وأمريكا ، تشرف عليها بعض الجهات مثل جامعة كامبريدج ، والجامعة الأمريكية ، ومصروفاتها غالية للغاية .
• مدارس خاصة خاضعة لبعض الجمعيات الإسلامية والمسيحية ، تقدم تعليما مصبوغا بالصبغة الدينية .
• المدارس التجريبية ، وهى مدارس رسمية متميزة بمصروفات لا تتجاوز ألف جنيه .
وطالما أن سياسة التعليم تسعى جاهدة نحو تفعيل وتوسيع المشاركة المجتمعية فى التعليم فنحن نعتقد أن صيغة المدارس التعاونية هى أنسب الصيغ وأفضلها وأقلها ضررا اقتصاديا واجتماعيا ، من أجل ذلك فلابد من أعادة النظر فى القانون رقم 1 لعام 1990 الذى ينظم عمل هذه المدارس الخاصة بما يحقق استقلال وفاعلية الجمعيات التعاونية التعليمية ويرفع عنها وصاية الجهة الأعلى والتى لا تستند الى شىء سوى أنها صيغة عليا للتنسيق والإشراف ، حتى تصبح تلك الصبغة مشجعة للقطاع الخاص والأهلي فى الاحتذاء بها
وفى نفس المؤتمر شاركت كاميليا حجازى . وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية بورقة بحثية حول " التعليم والتنمية البشرية بين الواقع والمستهدف " ذكرت فيها : أن تنامى وتزايد الطلب على التعليم واستهداف رفع كفاءة المؤسسة التعليمة يتطلب البدء بالتخطيط لإقامة مدارس متميزة على أساس تعاونى ، يستند الى مشاركة أولياء أمور التلاميذ القادرين فى التمويل الذاتى للمدرسة مقابل حصولهم على عائد تعليمى متميز وجودة تعليمية عالية ، وبحيث تتفرغ الدولة لتحمل تكاليف تعليم متميز لغير القادرين ، و رغم انها تتفق مع د . شبل الا أنها تضيف فكرة جديدة لتطوير الصيغة التعاونية فى التعليم حيث تقول : من المتوقع أن يتحمل الطالب فى هذا النظام دفع مبالغ مالية فى حدود 8 آلاف جنيه كصك يسترد قيمته عند التخرج ، وتتحول هذه الصيغة مع الوقت الى قيمة مضافة للنظام التعليمى من خلال تنمية وتطوير البنية المؤسسية للتعليم التى يتوقع أن تزيد الى 27 ألف مدرسة جديدة بمعدل 2000 مدرسة سنويا ، مما يقضى خلال عشر سنوات على أهم المشكلات للمؤسسة التعليمية من ارتفاع كثافة الفصول وتعدد الفترات الدراسية وغيرها
وأيضا فى نفس المؤتمر قدمت د. عايدة عباس أبو غريب دراسة حول " تفعيل دور الشراكة المجتمعية فى تحسين جودة التعليم ذكرت فيها : أن ما ينفق على التعليم فى مصر من الدولة يبلغ 18 مليار جنيه – تقصد فى عام 2001 – والطلاب نحو 18 مليون طالب فى جميع المراحل ، وهو ما يعنى أن متوسط ما يخص الطالب 1000 جنيه ، يتفاوت هذا المبلغ من مرحلة الى أخرى ، ومن نوع تعليم الى آخر ، يتضمن هذا المبلغ ما ينفق على كافة الوجوه بما فى ذلك التخطيط التعليمى وتطوير المناهج والرقابة والتفتيش والإنشاءات والرواتب ... الخ .
وهى ترى إن إعداد الطلاب ورعايتهم مسئولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع ، ولا يمكن غيبة أى من هذه المؤسسات عن المهمة القومية للنهوض بالتعليم ، إلا إن الواقع يشير الى عزلة المؤسسات التعليمية عن باقى مؤسسات المجتمع ، وتطالب بضرورة الوصول الى نقطة توازن فى إطار الشراكة المجتمعية يتقاسم فيها الشركاء الأدوار والمسئوليات والمصالح ، حيث من الواضح أن جهود الدولة الرسمية لا تفى بالاحتياجات التعليمية المتزايدة ، ومع الاعتراف بأهمية هذه الجهود ، إلا أنها ماتزال عاجزة عن الوفاء بمتطلبات هذه العملية ، الأمر الذى يجعل هناك ضرورة ملحة لتكاتف الجهود الرسمية وغير الرسمية ، حكومية وأهلية لتدعيم العملية التعليمية ، خاصة وأن مركز مصر قد أخذ يتدهور خلال السنوات الماضية فى تقارير المنظمات الدولية بسبب تدهور التعليم .
فتقرير التنمية البشرية لعام 2000 أشار الى تراجع مصرفى الترتيب من 112 الى 119 بسبب انخفاض نسية المكون المعرفى / الناتج المحلى الى أقل من 1 % ( يرتفع الى 9 % فى اسرائيل والى حوالى 20 % فى الدول المتقدمة ) كما تراجع مركز مصر فى تقرير التنافسية الدولية من 25 عام 97 الى المركز36 عام 98 ثم تدهور الى المركز 49 فى عام 1999 لأسباب تتصل بشكل مباشر وغير مباشر بقصور التعليم ، من هنا فأن ضخامة المطالب الاجتماعية وتراكم المشكلات الناجمة عن قصور التمويل تتطلب من الآن اعتمادات هائلة ، وضرورة توفير مصادر تمويل جديدة وغير تقليدية ، فإذا كان هدفنا تقديم خدمة تعليمية ذات مستوى عال ومتطور فان التعليم الجيد يتطلب انفاقآ عاليا .
ثم استعرضت د. عايدة تجارب بعض البلدان المتقدمة والنامية فى مجال الشراكة المجتمعية ، ودور القطاع الخاص فى تمويل التعليم،:فعن التجربة الأمريكية ذكرت : أن المجتمع القائم على العقل يكون بحاجة الى أولئك الذين يمتلكون ناصية الفكر ، ومن هذا المنطلق نجد التعليم فى الولايات المتحدة نشأ أهليا ، حيث لم يكن يمول من الأموال العامة واستمر كذلك حتى منتصف القرن التاسع عشر ، والآن لدى الأمريكيين قناعة بأن التعليم الجيد هو الذى يحافظ على تقدمهم ، من هنا برزت فكرة المشاركة وتنظيم الجهود التطوعية لدعم التعليم ، فمثلا منظمة التربية الوطنية وهى منظمة خاصة بمثابة اتحاد للمعلمين تنفق سنويا أكثر من 100 مليون دولار على التعليم ، والجمعية الوطنية للتربية تهدف الى تطوير التعليم بجهود تطوعية ، والجمعية الدولية لتكنولوجيا التعليم تقدم دعما خاصا للمعلمين الذين يستخدمون الكمبيوتر فى التدريس ، كما قامت بوضع المعايير الأساسية لبرامج إعداد المعلم . وفى المملكة المتحدة يضطلع قرابة 23 مليون من الكبار بأعمال تطوعية متنوعة ، ويقدر المجلس الوطنى للمنظمات التطوعية بأن 230 ألف الى 300 ألف منظمة تطوعية يقوم اغلبها بدعم التعليم بشكل أساسي .
وعن الشراكة المجتمعية فى بعض الدول النامية تذكر د . عايدة : أن خبرات بعض الدول الأفريقية وعلى وجه الخصوص إثيوبيا وكينيا وزيمبابوي وأوغندا والسنغال قد تمثلت فى تأسيس نظام من الشراكة بين الحكومة والمجتمع بحيث تحدد مسئوليات الحكومة فى : دفع رواتب المعلمين ، ودفع نسبة مالية لكل تلميذ لشراء الأدوات المدرسية ، وتوفير تدريب للمعلمين ، وأنشاء مدارس ابتدائية لا تبعد عن سكن التلاميذ بأكثر من 5 كم ، والثانوية 11 كم . أما مسئولية المجتمع فتتمثل فى اختيار وتعين المعلمين ، وتشكيل لجان مسئولة عن تأسيس المدارس الجديدة وتطويرها ، والتحكم فى صرف المنح والمصاريف المدرسية بما يحقق جودة التعليم ، وفد ساعد ذلك فى دعم زيادة الاستيعاب ، وضمان الحضور المنتظم للطلاب ، وتقديم الإسهامات العينية والتى تمثلت فى توفير الأراضى والقوة العاملة ونسبة من الاحتياجات المالية لبناء المدارس ، وقدمت المجتمعات فى كينيا نموذجا لكيفية أسهام المجتمع فى توسيع وتطوير التعليم الثانوى ، فيوجد نظام يسمى " الهارامبى " وتعنى " دعتا نضع مصادرنا معا لتطوير مجتمعنا " ويتم إدارة هذه المدارس من خلال تعبئة المصادر ، وذلك بمساهمات أولياء الأمور ومساعدة المنظمات غير الحكومية ، ويسهم المجتمع بنسبة 60 % ، بينما تقدم الحكومة 40 % تتمثل فى دفع رواتب المعلمين
وفى كتابه عن " اقتصاديات التعليم " الذى صدر عام 1993 ضمن سلسلة كتاب الأهرام الاقتصادى ، عرض د . محمد محروس اسماعيل عميد كلية السياحة والفنادق – جامعة الإسكندرية . مجموعة من الاقتراحات المثيرة للجدل والجديرة بالاهتمام والمناقشة ، فهو رغم تاكيده على أن دعم الحكومات للتعليم يعتبر أمرا ضروريا لتحقيق العدالة والكفاءة والاستفادة من وفورات واقتصاديات الحجم الكبير ، الا أنه يطرح تساؤل حول نصيب التمويل الحكومى ونصيب التمويل الخاص وفى هذا الصدد يرى أهمية أن يكون تمويل التعليم مشتملا على مجموعة من الوسائل ويستحسن أن يكون من خلال حزمة من الأساليب منها
فرض رسوم دراسية لتغطية جزء من تكاليف التعليم
نظرا لأن معظم الدول النامية تعانى من عجز كبير فى موازنتها ، ومن ثم قلة الأموال المتاحة للأنفاق على التعليم ، مما يؤدى الى تدهور الخدمات التعليمية ، وجدير بالذكر أن بعض الدراسات اثبتت أن فرض رسوم تعليمية من شأنه ان يزيد الطلب على التعليم ويجعله أكثر جدية وجدوى ، وكذلك يؤدى الى توفير أماكن فى المدرسة لممارسة جميع الأنشطة ، ومزيد من الرعاية ، والافلال من الرسوب والتسرب والحاجة الى الدروس الخصوصية والتى جعلت التعليم الحكومى أكثر كلفة على الأسرة والمجتمع ، وجعلت مبدأ التعليم المجانى يدعو الى السخرية ، لكل ذلك يرى أن فرض رسوم – طالما أنها معقولة – سوف يكون له أثار ايجابية .
تقديم قروض للطلبة ( بنك الطلبة )
خلال العقود الثلاثة الماضية انتشرت برامج اقرض طلبة الجامعات سواء فى الدول المتقدمة أو الدول النامية ، ويتم تقديم هذه القروض بواسطة الوكالات الحكومية أو البنوك والمؤسسات المالية ، أو بإنشاء بنك متخصص – بضمان الحكومة أو أسرة الطالب – وذلك بسعر فائدة منخفض أو بدون فائدة ، ويتم السداد بعد التخرج وعلى فترات زمنية طويلة ، وهو يرى أن هذا النظام أكثر عدالة من النظام المجانى المتاح للجميع من الأغنياء والفقراء ، ويستفيد منه القادرين أكثر من غير القادرين بمعنى تحويل الدخل من الفقراء الى الأغنياء . ويوجد هذا النظام فى 18 دولة منها دول فى أمريكا اللاتينية ، مثل دول البحر الكاريبى ، وأفريقيا مثل كينيا ونيجيريا ، وفى أسيا مثل الهند وباكستان وسريلانكا .
ويقترح د. محروس أنشاء بنك للطلبة فى مصر على غرار بنك العمال أو بنك القرية ، ويفرق بينه وبين نظام الإعانات الموجود فى الجامعات المصرية الذى يقدم منحا لاترد ، ولكن بعد تقديم مستندات وقيام الاخصائى بعمل بحث اجتماعى والتأكد من صحة البيانات ، وكلها أمور صعبة ومعقدة وغير كريمة بالنسبة للطالب وأسرته .
تمويل التعليم الفنى والتدريب المهنى
يرى أن هذا النوع من التعليم يجب أن يتم تمويلة جزئيا بواسطة الحكومات ، ولكن معظم التمويل يجب أن يأتى من الجهات المستفيدة ، وهذا من شأنه أن يعطى المستفيدين دورا هاما فى إعداد برامج الدراسة والتدريب بما يحقق متطلبات سوق العمل ,
مساهمة المجتمع العينية فى دعم التعليم
تشجع الكثير من الدول النامية عملية اشتراك المجتمع المحلى فى دعم العملية التعليمية ، وذلك فى ضوء ألازمات المالية التى تعانى منها ، فبعض العائلات الثرية تقوم بالتبرع بالأرض ، وأخرى بتقديم مواد البناء ، وغير القادرين ماديا التبرع بعملهم وجهودهم ، وفى دولة نيبال نجد أن كل المدارس الابتدائية ، والكثير من المدارس الثانوية قد تم أقامتها وصيانتها بواسطة المجتمعات المحلية
و فى نهاية الكتاب يفرد د . محروس ثلاثة فصول لشرح نظم التعليم المفتوح ، وتقديم نماذج لبعض الدول التى تأخذ به ، وطبيعة اقتصادياته وتمويله ، والتى يرى أنه يتيح فرصة التعليم الجامعى أمام طلاب قد يكونوا من العاملين ، حيث يقومون بدفع المصروفات بالكامل مما يخفف العبء الملقى على بنود ميزانية الدولة وتمكين المسئولين من إعادة توزيع الاستثمار على مراحل التعليم المختلفة وذلك بتقليل نسبة ما يخصص للتعليم العالى وزيادة ما بوجهة للتعليم الاساسى والفنى والتكنولوجى . وبالرغم من ارتفاع التكاليف الثابتة للتعليم المفتوح ، فان التكاليف المتغيرة له تكون منخفضة ، كما يوفر هذا النوع من التعليم على الطالب تكاليف الإقامة والمعيشة والانتقال والدروس الخصوصية ، ويتميز بشيوع ظاهرة الحجم الكبير ، ومن ثم فان متوسط التكلفة الخاص بتعليم الطالب يأخذ فى الانخفاض كلما زاد عدد الطلاب المسجلين ، وذلك لتوزيع عبء التكلفة الثابتة على عدد أكبر من الطلاب
وفى المؤتمر الرابع والثلاثون عام 1998 لجماعة الإدارة العليا الذى ينعقد سنويا بمدينة السكندرية قدم د . جمال الدين أحمد مختار . رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والتنقل البحرى دراسة علمية عرض فيها اقتراح " لتطوير الكفاءة النوعية للتعليم العالى فى مصر " وللأسف لم تأخذ هذه الدراسة حقها من الاهتمام والمناقشة خلال المؤتمر ، رغم جدية الموضوع وصلاحية الفكرة للتنفيذ .
وتنبع الفكرة من التجربة المتميزة للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى كمؤسسة تعليمية لا تستهدف الربح ، وهى ذات ملكية عامة ، وإدارة خاصة ، وتعمل بأسلوب التمويل الذاتى ، وتتركز أهم سمات التميز فى النقاط الآتية :
• التطوير المستمر للمناهج الدراسية .
• الاقتراب من الصناعة وتقديم برامج لخدمة المجتمع .
• الاقتراب المستمر من معدلات التقييم العالمية ، والوصول الى تطبيق نظم الجودة الشاملة المتعارف عليها عالميا فى مجال التعليم والتدريب .
• استخدام التقنيات الحديثة مثل الحاسبات وشبكات المعلومات كأدوات فعالة فى العملية التعليمية والإدارية .
• أتباع أسلوب إدارة النتائج وليس الأنشطة .
• الاهتمام بأن يكون الطالب أو المتدرب ( المنتج النهائى ) هو أساس العملية التعليمية .
• الاهتمام بالطلاب بعد تخرجهم وذلك بإنشاء صندوق رعاية الخريجين بالاشتراك مع المؤسسات الصناعية بهدف إيجاد فرص عمل للخريج يتحمل الصندوق جزء من الراتب مع المؤسسة لمدة سنة يتقرر بعدها استمرار الخريج أو حصوله على شهادة تؤهله للعمل فى مكان أخر .
• منح خصم على المصروفات الدراسية لأبناء ضباط الفوات المسلحة والشرطة والعاملين بالحكومة ، ومنح دراسية للمتفوقين .
• عدم رفع الرسوم على الطلاب منذ التحاقهم وحتى تخرجهم .
وبعد تعريف الجامعة الخاصة بأنها : مؤسسة ذات ملكية خاصة وإدارة خاصة تبغى الربح ، والجامعة الأهلية بأنها مؤسسة ذات ملكية عامة وإدارة خاصة لاتبغى الربح وهو النمط الأمثل الذى تجسده الأكاديمية ، وفى ضوء ما تقدم نشأت فكرة التطوير والتى تقوم على الأسس التالية :
أولا : الحفاظ على الكيانات الحالية للجامعات المصرية الحكومية والتى تقوم على تقديم خدماتها
المجانية لقطاعات عريضة من الشعب ، واعتبارها ركيزة سياسية مستقرة ويلزم الحفاظ
عليها والعمل على تطويرها .
ثانيا : إنشاء كيانات تعليمية تخرج من الجامعة الحكومية وتتمثل فى جامعات أهلية مصغرة
تكون أعدادها بنسبة 10 % من الجامعات الحكومية .
ويمكن وضع مقترح شبكات الجامعات الحكومية والجامعات الأهلية بحيث تخضع للنظام التالى :
• يتم اختيار عدد من الجامعات الحكومية يراعى فيه التوزيع الجغرافى على مستوى الجمهورية .
• تنشأ فى نطاق كل جامعة حكومية أخرى أهلية يتولى رئاسنها والتدريس بها أعضاء من هيئة تدريس الجامعة الحكومية ,
• يكون مقر الجامعة الأهلية بعيد بقدر الامكان عن الجامعة الحكومية .
• تقبل الجامعة الأهلية طلابها بمصروفات مقاربة ومنافسة للجامعات الخاصة ، وتقدم 15 % منحا دراسية كاملة للمتفوقين .
• يتم التنسيق بين الجامعات الأهلية بغرض التنميط من خلال أدار المشروع ( المجلس الأعلى للجامعات الأهلية .
وفيما يتعلق بالمشكلات الخاصة بمدينة الاسكندرية ، والتى تم عرضها كمثال على وجود هدر فى مساهمة القطاع الخاص فى استثمارات التعليم نرى ضرورة العودة الى صيغة المدارس المعانة والتى كانت موجودة حتى فترة قريبة فى مجال الخدمة التعليمية ، حيث كان الأفراد أو المؤسسات تقوم ببناء مبانى مدرسية وتسلمها للحكومة ليدرس بها تلاميذ المدارس الرسمية نظير أعانة سنوية أوايجار للمبنى المدرسى ، كما يمكن تطوير الفكرة فى أطار تقديم دعم لعدد من التلاميذ للأتحاق بالمدارس الخاصة لتخفيف كثافة الفصول فى المدارس الرسمية .
اما فيما يختص بالتباين فى عرض الخدمة التعليمية بين المناطق المختلفة وبين التعليم الخاص والرسمى ، فلأمر يحتاج الى مرونة فى مواجهة التطورات والعمل على الاستفادة من جميع الإمكانيات المتاحة بما يحقق فائدة على المجتمع ككل ، و توازن بين المناطق المختلفة فى إطار تكافؤ الفرص ، وارتقاء بالخدمة التعليمية فى جميع أنواع ومراحل التعليم .



#فتحي_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة واحدة ...ام لغات متعددة
- لغة واحدة 00أم لغات متعددة
- الاتجاهات الفكرية للإبداع فى مصر
- بينالى الاسكندرية الثالث والعشرون لدول البحرالمتوسط
- مرصد الإصلاح العربى
- العلم والنظرة الى العالم
- تفكيك الثقافة العربية
- إشكالية النهضة عند الطهطاوى
- قراءات ورؤى حول مشروع النهضة


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحي سيد فرج - البدائل المقترحة لتمويل التعليم