أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - هل تدشن ايطاليا بداية النهاية لوجود الاتحاد الاوروبي؟















المزيد.....

هل تدشن ايطاليا بداية النهاية لوجود الاتحاد الاوروبي؟


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 2 - 18:19
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إعداد: جورج حداد*


الى جانب محنة وباء كورونا، يحوم اليوم فوق ايطاليا شبح ازمة فقدان ثقة تام بالاتحاد الاوروبي الذي كانت ايطاليا احدى الدول الرئيسية المؤسسة له. والمواطن الايطالي العادي او ما يسمى "رجل الشارع" اصبح اليوم يتهم الاتحاد الاوروبي بخيانة ايطاليا والتخلي عنها في اوج محنتها.
فالمعروف ان وباء كورونا تسبب لايطاليا باضرار اكبر من اي دولة اوروبية اخرى. وقد وقف الايطاليون وجها لوجه امام اكبر ازمة دراماتيكية تواجههم منذ الحرب العالمية الثانية. واصيب اقليم لومبارديا في شمال ايطاليا بوضع صعب جدا.
وبالرغم من جميع الحكايات حول "المواطنة العالمية" و"المواطنة الاوروبية" والتضامن، فإن الاتحاد الاوروبي خان عمليا الايطاليين.
ففي غضون بضعة ايام انتشر الوباء في ايطاليا اكثر من اي بلد اوروبي اخر، وتحول اقليم لومبارديا الى بؤرة للوباء. ولتجنب انتشار الوباء اعلنت الدولة عزل اقليم لومبارديا وغيره من الاقاليم الشمالية. ووضع تحت الحجر 17 مليون نسمة. وبعد بضعة ايام وبعد ان ساء الوضع تماما، أعلنت ايطاليا كلها "منطقة برتقالية" (ما دون المرحلة الاخيرة من الخطر). تم ايقاف جميع النشاطات الاقتصادية "غير الضرورية". وحددت حركة المواطنين بالذهاب لشراء حاجياتهم من مخازن المواد الغذائية والصيدليات، وكذلك بعض الاعمال التي اعتبرتها الدولة "حيوية".
وقد اتضح فورا ان العواقب الاقتصادية لفرض هذا الحجر الشامل ستكون مرعبة تماما.
وبالطبع طلبت الحكومة الايطالية من الاتحاد الاوروبي ان يبدي مرونة كبيرة تجاه ايطاليا والتزاماتها.
ووجه الايطاليون الى الاتحاد الاورروبي طلبا لاجل اتخاذ اجراءات سريعة لتقديم مساعدة للمواطنين وللشركات الايطالية.
وفي هذه الاثناء لم تكن الازمة قد شملت فرنسا والمانيا ـ اي البلدين اللذين يعتبران قاطرتي الاقتصاد الاوروبي.
وقد جاء رد بروكسل على طلبات ايطاليا بطيئا وغير فعال. ونتيجة ذلك بدأ الايطاليون يشعرون وكأن الاتحاد الاوروبي يتخلى عنهم ويتركهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم.
وفي 12 اذار فإن رئيسة البنك المركزي الاوروبي، كريستينا لاغارد، تجاوزت الخط الى النقطة التي لا رجوع عنها، بأن ألقت خطابا حول الاجراءات التي يعتزم البنك المركزي الاوروبي القيام بها، للتعامل مع عواقب ازمة فيروس كورونا. وقد قررت لاغارد عدم تخفيض نسبة الفائدة، بما يتعارض مع سياسة "المساعدة مهما كان الثمن"، التي اقترحها الرئيس السابق للبنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي. وبالنسبة للايطاليين فإن هذا الموقف اللامبالي من قبل البنك المركزي الاوروبي كان مساويا للخيانة.
وجاءت عواقب خطاب لاغارد سريعا، وكانت كارثية بالنسبة لرسملة المشاريع الايطالية. وحتى الرئيس الايطالي سرجو ماتاريلا، المؤيد للاتحاد الاوروبي، القى خطابا صارما حول هذه المسألة، طالبا من الاتحاد الاوروبي ان "يغير طريقة عمله" من اجل "المصالح العامة" لاوروبا.
وتجدر الاشارة الى ان الاتحاد الاوروبي عمد الى تغيير موقفه حيال ازمة وباء كورونا، ولكن... بعد انتشار الوباء في فرنسا والمانيا. اي بعد ان تعدى وباء كورونا كونه مشكلة ايطالية، وتحول الى مشكلة لهذين البلدين ايضا. ولكن في هذا الوقت، فإن الاضرار التي لحقت ثقة الايطاليين بالمؤسسات الاوروبية، كانت قد اصبحت غير قابلة للاصلاح. وحينما وجدت انه لم يعد يوجد امكانيات اخرى للتغلب على الازمة، توجهت الحكومة الايطالية الى الصناديق الاوروبية العاملة ضمن برنامج "انقاذ الدول". وكجزء من هذا البرنامج طلبت ايطاليا "افتداءها" من الوضعية الناشئة بتخصيصها بـ 500 مليار يورو بموجب "آلية الاستقرار الاوروبي". وكانت تلك خطوة خطرة من قبل روما، لانها كان يمكن ان تدفع ايطاليا للوقوع في شرك قرض طويل الامد، شبيه بالقرض اليوناني تجاه الاتحاد الاوروبي. ولكن الوضعية الاستثنائية لازمة وباء كورونا حالت دون تحقيق هذه الخطوة، وكشفت عيوب ونواقص الاتحاد الاوروبي، وسلطت الضوء على الدور الهام للطابع القومي للدول.
ففي الحقبة الاخيرة نشأت سلسلة من الاحداث التي تشير الى نهاية نماذج الدول القومية. وفجأة ها هي الحدود يتم اغلاقها. وقد قامت بذلك اولا النمسا وسلوفينيا، دون اي تشاور مع ايطاليا. وهذا التصرف من قبل النمسا وسلوفينيا كان له معنى رمزي: فإيطاليا لم يتم عزلها فقط، بل ألقيت جانبا كي تواجه مآسيها بقواها الخاصة.
ان العولمة لها افضلياتها الخاصة. ولكن النظام الصحي التوى امام الضربة المفاجئة لأزمة وباء كورونا. وبدا هذا النظام معدوم الثقة بسبب العولمة بالذات ـ فإن اجهزة التنفس الحيوية والبذلات الواقية للاطباء لا تتم صناعتها في ايطاليا. ولا تتم حتى صناعة كمامات الوجه البسيطة. فالتطــور العــولمي لـ "سلاسل" الانتاج افضى الى توزيع وتصدير الانتاج بين مختلف البلدان. وصار من الضروري استيراد السلع الحيوية من المنتجين في الخارج. وهكذا اصبح كل بلد تابعا لاستيراد السلع الرخيصة من الخارج. وبوقوع ازمة وباء كورونا، فإن العديد من البلدان منعت تصدير التجهيزات الطبية. وقد منعت تركيــا تسليم ايطــاليا طــلبية بـ 200 الف كمامة للوجه سبق لايطاليا ان اوصت عليها ودفعت ثمنها. والان يجاهد الايطاليون لمكافحة وباء كورونا. وقد نجحت بعض الشركات في تطوير انتاج "منزلي" للتجهيزات الطبية. والمصنع الوحيد لاجهزة التنفس الايطالي يعجز الان عن تلبية حاجات البلاد.
وتجد الامة الايطالية نفسها مضطرة ان تعمل كل ما بوسعها لكي تكتفي ذاتيا، بالرغم من كل الحكايات عن العولمة. ونرى بأم العين كيف ان قطاعات استراتيجية مهمة، كالصحة، النقل، الدفاع والاتصالات تناضل الان للاستمرار انطلاقا من وجهة نظر الامن القومي، وليس فقط من وجهة نظر فوائد البيزنس والتقسيم العولمي للانتاج.
ويظهر ذلك الان كمفهوم جديد لا سابق له، وهو يوحد ايطاليا اليوم. انها العودة نحو الوطنية. وقد بدأ المواطنون الايطاليون يرفعون الاعلام الوطنية فوق نوافذ بيوتهم، وتعلو اصواتهم بالاناشيد الوطنية. فالطريقة الوحيدة لمواجهة التحدي الراهن هو الدولة الوطنية، التي تحمي حدودها وتدير شؤونها.
ومتى وضعت الازمة الراهنة اوزارها فإن شرعية وفائدة وجود مؤسسات الاتحاد الاوروبي ستوضع بالتأكيد تحت الاستفهام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صندوق النقد الدولي وفيروس ترامب
- خطر العدوان على الابواب والخاصرة الرخوة للمقاومة في لبنان
- انهيار اسعار النفط والبورصات وانقلاب السحر على الساحر
- لبنان بيضة القبان وتركيا ستخسر معركة النفط والغاز
- النزاع التركي اليوناني والنفط والغاز في شرقي المتوسط
- فينزويلا شوكة في حلق الامبريالية الاميركية
- البحر الاسود والبلقان في المواجهة الستراتيحية بين الناتو ورو ...
- سقوط النظام العالمي -الليبيرالي- لاميركا
- تغييرات مهمة في تركيبة النظام السياسي الروسي
- ترامب يقود اميركا من هزيمة الى هزيمة
- تدهور العلاقات بين اميركا والاتحاد الاوروبي
- رغم العقوبات الاميركية الغاز الروسي يشق طريقه الى اوروبا
- ميلاد السيد المسيح وبعض ما رافقه من احداث كبرى
- حلف الناتو يحشرج قبل الموت
- كوريا الشمالية تستأنف تسلحها واميركا تبتز كوريا الجنوبية
- سقوط المشاعية البدائية بتدمير قرطاجة، وظهور المسيحية
- ضرورة تأسيس الجبهة الشعبية اللبنانية للانقاذ الوطني
- -ربيع الأميركان- في لبنان
- فتور كبير في العلاقات الاميركية ـ الالمانية
- الهندسة المالية تأخذ النظام الرأسمالي العالمي الى الاحتضار


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - هل تدشن ايطاليا بداية النهاية لوجود الاتحاد الاوروبي؟