أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - ألحكمة ألتاوية ووحدة ألوجود -1















المزيد.....

ألحكمة ألتاوية ووحدة ألوجود -1


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 20:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


للتعريف بالحكمة التاوية سأستعين بمؤلف الكاتب الرائع فراس السواح " ألتاو تي – تشينغ، إنجيل الحكمة ألتاوية في الصين " بعد ذلك سأتطرق إلى عقيدة وحدة الوجود لأجل ألمقارنة بينهما.
كتاب " ألتاو تي – تشينغ، إنجيل الحكمة ألتاوية في الصين " ألفه الحكيم الصيني ألغامض لاو – تسو ألذي عاش حياته خلال الفترة الواقعة بين أواسط القرن السادس وأواسط القرن الخامس قبل الميلاد وقام الكاتب فراس السواح بالصياغة العربية للنص والتقديم له مع شرح وتعليق.
تاريخ الحياة الروحية للإنسان كان وما زال إحدى هواجس الكاتب فراس السواح، ففي كتابه " دين الإنسان – بحث في ماهية الدين ومنشأ ألدافع الديني " طرح مبدأ ألقوة ألسارية لتفسير الدافع الديني المتغلغل في كيان الإنسان منذ إكتسابه الوعي ، في هذا المؤلف يذكر فراس السواح أنّ المعتقدات كلها على تنوعها ذات وحدة تتبدى على شكل إحساس بانقسام الوجود إلى مستويين، المستوى الطبيعي والمستوى القدسي، وأن المستوى القدسي يرتبط بالمستوى الطبيعي من خلال قوته السارية، ويؤكد أنّ :
"الدين ليس وهما ، والمؤمن ليس واهما في إحساسه بوجود قوة أعظم منه تضم الوجود إلى وحدة متكاملة. لأن الخبرة الدينية قد ارتكزت عبر الأزمان على تجربة حقيقية صلبة، وعلى شرط معطى للوجود الإنساني ".
ولكن ما هي هذه القوة السارية في الكون؟
هي الطاقة التي تسري فيه، وفي الإنسان بما أنه مادة.
يقوم التفكير الصيني منذ اقدم الأزمنة على النظر إلى الحياة والإنسان، والوجود بأكمله،على أنّه نتاج حركة قوتين ساريتين في كل مظاهر الوجود هما ال "يانغ وال "ين" : الموجب والسالب، المذكر والمؤنث. وهاتان القوتان على تعارضهما متعاونتان ولا قيام لأحدهما في معزل عن الأخرى، فهما أشبه بالقطب السالب والقطب الموجب في قضيب المغناطيس وفي التيار الكهربائي. فإذا غلب اليانغ في دوارانه على الين نجم عن ذلك كل ما له صفة الموجب، وإذا غلب الين نجم عن ذلك كل ما له صفة السالب.
وهكذا تقف الأقطاب في تقابل: الخير والشر، النور والظلام، الحياة والموت، الحظ الطيب والحظ العاثر... الخ. هذه الأقطاب ليست في صراع مع بعضهما من أجل سيادة واحدهما على الآخر وإلغائه ( كما هو الحال في الفكر الثنوي الشرق أوسطي، حيث يتصارع الحياة والموت، الخير والشر، الرحمن والشيطان، سيت وحورس، بعل وموت، أهورا مزدا وأهريمان.. ). بل إنّهما تنشأن معا ويتخذ كل ضد معناه من ضده، حيث لا نور بلا ظلام، ولا خير بلا شر، ولا حياة بلا موت، وحيث الوجود وكل مظاهره في حالة تناوب تلقائي.
من هنا، فإنّ الحكيم هو الذي يدرك قطبية وجوده ووجود العالم، وصيرورة الأحداث فيه، ويرى في كل مظهر لليانغ بذرة ين تنمو في أعماقه، وفي كل مظهر للين بذرة يانغ.
لايتطابق مفهوم التاو مع أي مفهوم نعرفه عن الألوهة المفارقة، الخالقة للعالم والمتحكمة به عن بُعد، ولا مع أي قانون مفروض على العالم من خارجه، بل هو الخميرة الفاعلة في الكون من داخله، والنظام الضمني الذي يدفع صيرورة عمليات الطبيعة. إنّ التاوية الحكموية التي اسس لها لاو- تسو تخلو من العبادات ومن الطقوس بشكلها المتعارف عليه، وفيما عدا التأمل الباطني الذي يحاول الإنسان من خلاله التواصل مع منبع الحقيقة، فإنّ التاوي حر من أية فروض طقسية أو تشريعية.
لإلقاء الضوء على الحكمة التاوية يتوجب التعرف على معاني بعض الكلمات الواردة في الحكمة التاوية، فالتاو هو المبدأ الضمني الذي يفعل من داخل مظاهر الكون والطبيعة. يقول لاو تسو :
هناك شيء بلا شكل
موجود قبل السماء والأرض
قائم بنفسه لا يحول
شأنه الدوران بلا كلل
مؤهل لأمومة هذا العالم
لا أعرف إسمه فأدعوه : ألتاو
لا أستطيع وصفه فأقول : العظيم
عظمته إمتداد في المكان
الإمتداد في المكان يعني إمتدادا بلا نهاية
الإمتداد بلا نهاية يعني العودة إلى نقطة المبتدأ

في الحكمة التاوية لا وجود لعلة خارجية لكل مظاهر حركة الكون والطبيعة، لأنّ العلة والمعلول وجهان لحقيقة واحدة هي ألتاو. في الحكمة التاوية العمليات الطبيعية تعمل وفق تلقائية كونية شمولية يتبادل خلالها كل عناصر الكون الأثر والتأثير في سلسلة مترابطة لا يوجد فيها علة ومعلول. ولكن هذه التلقائية الكونية ليست بحال من الأحوال نوعا من الميكانيكية التي تقول بها المذاهب المادية، لأنّ كل مظاهر الحركة وتبادل التأثير في عناصر الكون، إنّما تقوم على الخلفية الثابتة، والقاع الخفي الساكن الذي تقوم به كل حركة.
إنّ ما يُميز هذه الميتافيزيكا التاوية عن ميتافيزيكا الأديان والفلسفات الإلهية (أي التي تؤمن بوجود إله مفارق للطبيعة) هو وحدة المبدأ الضمني مع مضاهره المتنوعة. التاو هو نوع من الفعل التلقائي الذي يصفه المعلم لاو تسو في أكثر من موضع بأنّه اللافعل:
ألتاو ليس من شيمته الفعل
ومع ذلك لا يترك شيئا بحاجة إلى إتمام
إنّ نظرة التاوي إلى المظاهر في نشوئها التزامني، وإلى وحدة الثنائيات وتماثل الأضداد، تقوده إلى رؤية الكثرة في الوحدة، والكل في الأجزاء. فالتاو يحل في المظاهر المتنوعة ويوجد خارجها في آن معا. إنّه الخفي الذي يصدر عنه ما لا يُحصى من الأشياء في كثرتها وفي ثنائيتها.
عندما سأل تونغ كاو تزو تشوانغ تزو: أين يوجد ذاك الذي تدعوه بالتاو؟ فأجاب تشوانغ تزو: إنّه في كل مكان، في النملة، في بلاطة الأرض، حتى في الروث، لأنّه لا وجود لأي شيء بدون ألتاو.
إنّ الفرق شاسع بين مهمة العلم ومهمة الحكمة، فبينما يهدف العلم إلى معرفة مِمَّ يتكون العالم وكيف يعمل، فإنّ الحكمة تهدف إلى معرفة كيف نستطيع العيش في هذا العالم. المعرفة العلمية مكتفية بذاتها والعرفان الحكموي يؤدي إلى موقف وإلى سلوك. وهذا ما يتضمنه المعنى اللغوي لكلمة التاو، فالتاو في اللغة الصينية يعني الطريق. ولكن ليس بالمعنى الضيق المحدود الذي يرى في الطريق خطا يصل بين مكانين محددين، وإنّما بالمعنى الشمولي ألذي يُدِل جوهر صيرورة عمليات الكون والطبيعة. إنّه الطريق الخفي الذي يطرقه كل حركة في تناوبها، وكل سلوك إنساني في سعيه للتناغم مع منبع الحقيقة.
كما تؤدي كلمة تي المرتبطة بالتاو ( تاو – تي – تشينغ ) معنى مكملا لمعنى كلمة التاو، فال "تي" هي التاو متحققا في الكون وفي الإنسان. وعندما يُدرك الفرد صلته العضوية بالتاو، إدراكا حدسيا لا ذهنيا، فإنّ ذلك الإدراك ينعكس على سلوكه العام الذي يتخذ طابع التلقائية والعفوية، والإنسجام مع طريق السماء بدلا من الزوغان عنه.
مصادر البحث :
- ألتاو تي – تشينغ، إنجيل الحكمة ألتاوية في الصين...... فراس السواح.
- دين ألإنسان – بحث في ماهية الدين ومنشأ ألدافع الديني...... فراس السواح.
- هتك الأسرار – تحولات فكرية في العلاقة بالدين والمقدس ....... سعدون محسن ضمد.
- تأريخ ألمعتقدات وألأفكار ألدينية...... ميرسيا إلياد- ألمترجم: ألمحامي عبدألهادي عباس.
- مدارات صوفية ... هادي العلوي.
- الأخلاق مبرهناً عليها على النهج الهندسي..... باروخ سبينوزا.
للبحث صلة
نلتقيكم في مدارات تنويرية أخرى



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألاديان وتطورها – 8 – أطوارألدين الإسلامي
- ألاديان وتطورها – 7 – أطوارألدين المسيحي
- ألاديان وتطورها – 6 - أسطورة الولادة من عذراء والإله المُخَل ...
- ألاديان وتطورها – 5 - أسطورة ولادة لنبي موسى
- ألاديان وتطورها – 4 – تطور أسطورة ألطوفان:
- ألاديان وتطورها - 3
- ألاديان وتطورها - 2
- ألاديان وتطورها - 1
- أسباب تأليف بعض آيات ألقرآن
- نزول ألوحي
- الاوهام وإله سبينوزا
- لعنة ألذهب ألأسود - 34 - ألهروب نحو تركيا وإيران
- لعنة ألذهب الأسود - 33 - مجزرة آلتون كوبري
- كتاب لعنة ألذهب ألأسود-32 - الجزء ألثاني
- ألنسيئ
- هل موسى أسطورة أم نبي؟
- هل ألمسيح أسطورة أم نبي أم إله؟
- رحلة ألنبي محمد من ألتصوف إلى إلى ألنبوة
- لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم
- تأملات في ألوجود وألدين - ألجزء ألأول


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - ألحكمة ألتاوية ووحدة ألوجود -1