أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد عبدالكريم - الديمقراطية ليست حلا















المزيد.....

الديمقراطية ليست حلا


وليد عبدالكريم
(waleed abdulkarem)


الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 19 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرا ما أتفاجأ عندما أتحاور مع أصدقائي أو أحد المهتمين بالشأن العام في وطننا عن الأزمات والاضطرابات السياسية أو في المشاكل الاقتصادية أو الحالة الثقافية في الدول العربية بأجوبة شائعة و تصورات ضيقة بأن المفتاح لكل تلك الأزمات هي ترسيخ نظام الحكم الديمقراطي في البلدان العربية ولعل هذا الوهم في رأيي ناشئ عن تصور قاصر و سطحي لفلسفة ونظام الحكم الديمقراطي إضافة إلى أن وسائل الإعلام ما زالت تضخ في عقول الشعوب العربية هذه الخرافة الكبرى بأن الديمقراطية هي الوسيلة الوحيدة والطريق الحصري نحو التقدم والازدهار والتنمية

فالمراقب المحايد لأحوال الدول العربية يرى بوضوح ما آلت إليه الأوضاع بعد سقوط أنظمة الحكم العسكرية التي حكمت بعض الدول عقود طويلة من الزمن وانتهت إلى فوضى لم تخطر على بال أكثر المتشائمين فالجمهوريات العربية كلها تقريبا التي سقطت فيها أنظمة الحكم العسكرية لم ترى من التحول الديمقراطي سوى الخراب والحرب الأهلية فالعراق وبعد 18 عاما من سقوط الدكتاتورية ما زال يتخبط في بحر من الفساد والتناحر المجتمعي والإحتراب الأهلي وبقية الدول كاليمن و ليبيا ومصر والسودان والجزائر وتونس التي سقط فيها النظام السلطوي أو يكاد يسقط كما في سوريا تعاني من انهيار في مؤسسات الدولة وصراعات طائفية أو دينية أو جهوية أو مناطقية أو على الأقل كسادا اقتصاديا وارتفاعا في معدلات الفقر والبطالة والجريمة مقارنة بما كانت عليه سابقا تحت حكم الأنظمة السلطوية لكن بعد كل هذا ما زالت الجماهير ومعها كثير من المثقفين يراهنون على الديمقراطية ويعزون كل تلك المشاكل الآنفة إلى الهيمنة الأجنبية والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول العربية وهذا الرأي وإن كان فيه شيء من الواقع إلا أنه يتجاهل العامل الأهم برأيي وهي فلسفة الحكم الديمقراطي بحد ذاته وعوامل كثيرة حاسمة وأساسية هي السبب لما آلت إليه الأمور

ففلسفة الحكم الديمقراطي ابتداء تحمل في طياتها كثيرا من العيوب والمشاكل والتناقضات التي تحيلها إلى فكرة مثالية يستحيل تنفيذها في الواقع ولا أبالغ عندما أقول أنه ليست هناك دولة واحدة في التاريخ حتى الآن استطاعت إقامة نظام حكم ديمقراطي حسب المعنى الحرفي للكلمة وسأحاول في هذا المقال نقد فلسفة الحكم الديمقراطي من خلال مقاربتين المقاربة الأولى هي نقد الأسس النظرية لفلسفة الحكم الديمقراطي أما المقاربة الثانية هي محاولة لتمحيص واختبار الحكومات التي تدعي التزامها بالحكم الديمقراطي

فمن خلال المقاربة الأولى يتبن بأن الديمقراطية حسب المعنى الحرفي للكلمة اليونانية هي حكم الشعب وهذا المعنى عام وفضفاض وتستطيع من خلال هذا التعريف أي دولة أو نظام الإدعاء بأنها ديمقراطية لكن غالبا مايشير المتخصصون في العلوم السياسية بأن الديمقراطية هي حكم الأغلبية من خلال الاستفتاء المباشر لكل قرار أو قانون من قوانين الدولة وهي الديمقراطية المباشرة أو هي حكم أغلبية الشعب من خلال ممثليهم في البرلمان وهي الديمقراطية التمثيلية ولعل أول إشكال يظهر بعد تعريف الديمقراطية هو حكم الأغلبية وهذه أول مشكلة تواجه الديمقراطية فهذه المشكلة ستفح الباب على مصراعية لاستبداد الأغلبية وقمعها لبقية الشعب تحت شعار الديمقراطية فلا يحق لأحد الإعتراض فما دامت أغلبية الشعب اختارت أمرا معينا فعلى بقية الشعب القبول والرضا بنتائج الديمقراطية أما المشكلة الثانية فهي مشاركة كافة أفراد الشعب في تحديد و اختيار القرارات أو القوانين أو اختيار ممثليهم لكن عند التأمل والتفكير العميق سنعلم بأن أفراد الشعب متفاوتون ومختلفون فيما بينهم في مستوى التعليم والثقافة والمعرفة والوعي بأهمية القرارات التي يصوتون عليها أو الممثلين الذين يختارونهم ولعلي لا أبالغ إن قلت أن أغلب أفراد الشعب هم شبه أميين سياسيا في الدول المتقدمة ناهيك عن الدول النامية التي مازالت الأمية هي السمة الأساسية لأغلبية الشعب أما المشكلة الثالثة برأيي هي أن الديمقراطية ستنتج حكومة ضعيفة وغير مستقرة ومنعدمة الكفاءة بسبب الانتخابات المتكررة كل 4 سنوات والتي قد تغير أعضاء الحكومة بل قد تغير شكل الحكومة تماما ما سينعكس سلبا على قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها وكذلك يحد من قدرتها على وضع خطط وأهداف اقتصادية وتنموية أما المشكلة الرابعة فهي في قدرة أصحاب الشركات الضخمة والنفوذ والمال والإعلام على التلاعب بالرأي العام وتوجيه الناخبين من خلال سيل من الأخبار المضللة أو الكاذبة وتبني مرشحين محددين ودعمهم بالمال وبالحملات الانتخابية الضخمة والترويج الإعلامي المكثف وكذلك في شراء أصوات بعض المواطنين لصالح مرشحيهم خصوصا في البلدان الفقيرة في هذا المناخ وتحت ظل تلك المشاكل التي ذكرتها آنفا يستحيل أن تعبر الديمقراطية بشكل حقيقي عن إرادة الشعب بل يستحيل أن تبني الديمقراطية دولة مستقرة قادرة على بناء مؤسسات قوية بل ستنتهي غالبا إلى فوضى وعدم استقرار سياسي أو إلى حرب أهلية

أما المقاربة الثانية فهي أن الدول الديمقراطية المستقرة والمزدهرة التي تدعي أنها دول ديمقراطية انتهت إلى دولة ذات حكم ديمقراطي محدود ولا أحتاج لعناء كبير لإثبات ما أدعيه فأغلب الدول الديمقراطية المستقرة هي إما ديمقراطيات ليبرالية أو ديمقراطيات موجهة أما الديمقراطية الليبرالية فهي حكم الأغلبية مع حفظ حقوق الأقلية في ظل قانون يحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير والملكية الخاصة واقتصاد السوق وهذه الديمقراطية فرغت الديمقراطية من معناها عندما جعلت حقوق الأقلية واقتصاد السوق والملكية الخاصة وحرية التعبير وحقوق الانسان غير قابلة للمساس أو التغيير فلو أرادت أغلبية أفراد الشعب تأميم شركات معينة أو تغيير قوانين حقوق الإنسان فلن يسمح لها الدستور أو القانون بذلك وهذا يجعل الحديث عن حكم الأغلبية أو الشعب ضربا من الوهم والخيال بينما انتهت دول قليلة إلى الديمقراطية الموجهة وهي التي تنتخب فيها الأغلبية ممثليها في البرلمان وتنتخب أيضا الحكومة لكنها أي الحكومة محدودة السلطة وغير قادرة على إحداث تغييرات حقيقية أما بقية الدول التي حاولت تطبيق الديمقراطية بمعناها الحرفي فانتهت إلى حكومات فاشلة غير مستقرة أو اضطرابات وحروب أهلية كما حدث في الدول العربية بعد عام 2011 وما يزال يحدث


وأريد في نهاية هذا المقال بأن يفهم القارىء أن الشعارات البراقة ليست براقة كما نظن والوعود الجميلة بدولة ديمقراطية حرة ومستقرة ومزدهرة ليست إلا شعارات لخداع الجماهير والعامة لكن لا يعني هذا بأنني معادي لأي شكل من أشكال الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو غيرها بل كل ما أريده هو عدم إجبار الشعوب والمجتمعات على نظام سياسي محدد خصوصا من قبل الدول الغربية التي كانت وما تزال من أكبر عوامل الفوضى وعدم الاستقرار في الدول العربية وعدم فرض الديمقراطية واعتبارها النظام السياسي المثالي والأوحد لأن فرضها سيجلب المتاعب لنا ولمجتمعاتنا وماحدث في العراق عام 2003 عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطية على العراقيين ليست إلا مثالا بسيطا يبين بجلاء تهافت الخطب الرنانة والوعود المثالية ويوضح أن المخاوف من التحول الديمقراطي مشروعة ومبررة



#وليد_عبدالكريم (هاشتاغ)       waleed_abdulkarem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية ببساطة
- الأخلاق العواقبية بديلاً
- الدين في عصر العلم
- تأملات في أسس المعرفة


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد عبدالكريم - الديمقراطية ليست حلا