أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل عيدان - الثقافة أو الدور المتبقي لنا














المزيد.....

الثقافة أو الدور المتبقي لنا


عقيل عيدان

الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


لا ريب من أن الأمم الساعية إلى أن يكون لها دور هام ومشرّف في التاريخ البشري هي الأمم التي تنظر إلى الأمام بعين استشرافية ، الأمر الذي يعني وضع استراتيجيات مستقبلية للتنمية الشاملة، استراتجيات تعي الماضي وتعرف ما فيه من علامات وثغرات، وتدرك الراهن ومتطلباته، وتستقدم الآتي عبر مجسات شديدة الحساسية والأبصار.
ولعل التنمية الثقافية هي من أبرز وجوه التنمية المجتمعية التي تسعى الأمم والشعوب إلى بلورتها واستدامة حيويتها ومركزيتها لأنها هي التي تصوغ التراث عبر وجوهه الأنقى والأكثر إنسانية وشفافية من جهة، وهي التي ترعى الراهن وتحتفي به باعتباره المرآة التي تضبط حراكها الاجتماعي الكلي من جهة ثانية، وهي التي ترسم الحياة المتوقّعة لمستقبل مقروء بذهنية لا تعرف التجميل والتلوين من جهة ثالثة. وذلك لأن الثقافة تشكل "الرواية" الأولى لحياة أي شعب من الشعوب، أو أية أمة من الأمم، بعبارة أخرى هي الاستهلال الأول الذي يأخذ الآخر إليه تعريفاً، وإدراكاً، للماضي والراهن، وتجسيداً لعتبات أولى موصلة إلى المستقبل المنشود . لا بل قل إن الثقافة، وبعيداً عن ضرورات التعريفات وصرامتها، هي الصبغة الأساسية لشعب من الشعوب أو أمة من الأمم بعد معرفةٍ وإدراك القيم والعادات، والأعراف، وأنماط السلوك، والنوازع، والإسهامات على اختلاف أنواعها وأزمانها، أي أنها المرجعية الحقيقية، أو البنك الأزلي لذلك الشعب أو تلك الأمة .
لكل هذا، تجتهد الأمم وتحرص في الوقت ذاته على إيلاء التنمية الثقافية الاهتمام كله دراسة وبحثاً، وتنقيباً، وتطويراً ، ليس لأن الثقافة عنوان الأمم وكتَابها الأبرز وحسب، وإنما لأن الثقافة هي الوعاء الحاضن لكل دوران الأمة وحراكها البشري من جهة، ولأنها هي قوة شديدة الأهمية من قوى الإنتاج للأمة نفسها من جهة ثانية، ثم لأنها هي كتاب الماء الذي يوحّد المشتركات ليس بين الكيانات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد (الفرد، الجماعة، المجتمع) وتفعيلها من أجل تعزيز المشاركة في الحراك العام للمجتمع وحسب، وإنما من أجل إيجاد المشتركات وتعميمها بين المجتمعات الإنسانية كافة طلباً لإذابة الفوارق أو تقريب المسافات بينها مع الاعتراف بسطوة الأفكار وتعددها، وكثرة المذهبيات والتوجهات وتنوعها، وتباين القيم وأنماط السلوك واختلافها، واصطراع التيارات السياسية والاقتصادية والدينية من جهة ثالثة .‏
وفي تقديري، أن الاهتمام الكبير بالتنمية الثقافية يتبدى من خلال إدراكنا للدور الهام الذي تقوم به الثقافة والمتمثل في صياغة إنسان المستقبل . فالثقافة هي الكفيلة بالإجابة عن هذا السؤال: أي إنسان مستقبلي نريد ؟
إن تحديد ماهية هذا الإنسان الذي نريده ، هو الذي يرسم لنا الاستراتيجية التي ستعمل الثقافة بموجبها لصياغة هذا الإنسان في زمن متسارع في مراحله، متزايد في معارفه، متطوّر في تقنياته ووسائل اتصاله، مليء بتحدي الثقافات وصراعها، متنوّع في البيئات والأعراف والفنون والتقاليد وأنماط السلوك. وبذلك تصير الثقافة، من وجهة النظر المستقبلية، هي "المؤاخي" الأهم والجوهري بين الأفراد والمجتمعات والثقافات .
إن استراتيجيات التنمية الثقافية، لأي شعب من الشعوب، أو لأية أمة من الأمم، ولدى فحصها وكشف مستبطناتها، هي التي تحدّد غايات تلك الشعوب والأمم من حيث قبولها للآخر كشريك لها في مجتمع بشري واحد، يقرُّ بالاختلاف والتعدّد والتنوّع أو تجاوزه تحييداً، وإقصاءً، ومحواً .. طلباً للتفرّد والسيادة ، في آن معاً.‏
إن أبرز التعريفات التي وضعت للثقافة، ذلك التعريف الذي اختزله إدوارد تايلور في كتابه (الثقافة البدائية) والذي يقول: "الثقافة هي كل مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات، والفنون والأخلاق، والقانون والعرف، وغير ذلك من الإمكانيات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع".
إن قراءة هذا التعريف وتحليله ينتجان معاً التوكيد على تماهي الفرد والجماعة في صناعة خصوصية مميزة تسم الفرد والمجتمع معاً بميسمها الذي يعطيهما معاً هوية ذات أبعاد وصفات تغني التفاعل الاجتماعي وتعلي من شأنه، فالفنون والأخلاق، والعادات، والأعراف، وأنماط السلوك، والمعتقدات وغيرها لا هواء لها خارج التفاعل الاجتماعي .
وهناك أيضاً، تعريف آخر للثقافة أشير إليه لأهميته، قدمه روبرت بيرستد يقول فيه: "الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه، أو نقوم بعمله، أو نتملكه كأعضاء في مجتمع" . هذا التعريف يؤكد على اجتماعية الفرد، وأهميته المستلّة من تفاعله الاجتماعي، ودوره المشخص كفرد في مجتمعه.‏
من هذا المنظور إلى تعريف الثقافة تصير المشاركة الثقافية ضرورة إنسانية لا بد من إتباعها واللوذ بها، كما تصير صبغة إنسانية لا بد من التحلِّي بها، أو السعي للتحلِّي بها لاكتساب الميزات والخصوصية.
إن الثقافة فعالية يتعاون على إيجادها وتفعيلها ثلاثة أطراف أساسية، أولها: منتج الثقافة ومخرجها إلى حيزها الاجتماعي؛ وثانيها: متلقي الثقافة والمتعامل معها سلباً أو إيجاباً؛ وثالثها: المجتمع باعتباره مرآة عاكسة للتفاعل الاجتماعي بين المنتج والمستهلك، وبين المرسل والمرسل إليه أو المتلقي، وعيناً راصدة لقبول الثقافة أو رفضها.‏



#عقيل_عيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب العقول .. من العقل التنويري إلى العقل المحاصر
- أي حوار ديني نريد؟
- هل من طبقية بين البشر؟
- النقد وتأسيس العقلانية
- الوعي الاجتماعي وعناصر الزمن الثلاثة
- الجامعة فضاء النشاط التنويري
- ما هي العدالة ؟
- في العلاقة بين الشرق والغرب - في ذكرى انا ماري شيمل
- حدود الحرية
- التسامح الديني مطلب إنساني
- في مفهوم الثقافة العربية
- الاجتهاد .. وراهنية التغيير
- تأسيس المجتمع المدني .. وصراع المجتمع والدولة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل عيدان - الثقافة أو الدور المتبقي لنا