أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد شحيمط - لبنان يصنع الحدث















المزيد.....

لبنان يصنع الحدث


احمد شحيمط
كاتب في مجالات عدة كالفلسفة والاداب وعلم الاجتماع

(Ahmed Chhimat)


الحوار المتمدن-العدد: 6393 - 2019 / 10 / 28 - 01:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من بلاد الشام يخرج الشعب اللبناني في وحدة نادرة وتكامل قل نظيره في بلد عاش ويلات الحرب الاهلية الضارية. بلد يتقابل فيه السلم والحرب. في لبنان تناقضات جمة في الفكر والدين والمذهب، وفي الطاقات والمؤهلات البشرية والطبيعية . ثورة الارز والغضب وحراك الجنوب والشمال، ومناطق متفرقة ضد الطائفية ورموز الفساد، واصحاب السلطة ونظام المحاصصة الطائفية الذي ظل جاثما ومفروضا بالقهر من خلال تحالفات مقياسها القوة ومكاسب الاحزاب . يمثل هذا النمط نقطة سوداء في عبور البلد نحو الديمقراطية، وعائقا في تنمية المجتمع المدني السليم. وفي فصل تام بين الدين والدولة. لبنان بلد الجمال والطبيعة والموسيقى والثقافة، يخرج من جديد بحلة مغايرة ويجسد أرقى تعبير بالكلمة والخطاب في الساحة العمومية ببيروت. لطالما عاش الناس هناك على مخاوف من العدو المشترك .ومخاوف من عودة الحرب الاهلية، وليس هناك مخاوف عكسية من سرطان الطائفية، ومن غلاء المعيشة والهشاشة الاقتصادية ،والمحسوبية والمفاضلة في ولوج المؤسسات على اسس مذهبية وطائفية، سبب البلاء والشرور في منطق الحكم ونظرية المؤامرة الشماعة التي يعلق الكل عليها أسباب تخلف وانحطاط الشرق. معالم الصراع وادارته واضحة للكل في تقوية الجبهة الداخلية والالتفاف مع المقاومة وصد كل اليات التطبيع. من يتأمل في الاسباب يعرف ان وحدة الكلمة في اتجاه اسرائيل تعني اصطفاف الشعب وراء الفكرة من زمن طويل، ولا يعني من جهة رغبة واحساس النخب السياسية بضرورة الاعتراف بحاجتها للانسحاب من المشهد السياسي، وبناء وحدة متكاملة للفعل السياسي الذي يوحد هذا الشعب في اقامة الدولة المدنية الحديثة بعيدا عن النخب التقليدية. اسرائيل عدو مشترك فكرة مشروعة ومقبولة بالإجماع، واقالة الحكومة والدعوة لانتخابات بعيدا عن الاستقطاب والمزايدات السياسية والخلفيات الايديولوجية قضية اساسية في نداء الجماهير .

فالخطاب الطائفي وتغلغل هذا النظام الطائفي في دواليب المؤسسات والافكار هي التي تغذي النفور والتفرقة، ونعتقد أن لبنان تركيب من السنة والشيعة والطوائف المسيحية وغيرها لا يمكن ان تلتقي في اهداف بذاتها. كلمة "ارحل" في العالم العربي خرجت من تونس وعبرت نحو بلدان عدة. من مصر الى اليمن والسودان والعراق وسوريا والجزائر. كلمة مضمونها كفى من القيادات العتيقة واللعب على اوتار الديني والقومي. العالم العربي القديم ينبغي ان يلعن عن موته بكل الادبيات التي انتجت الفكر والسياسة، والحقائق التي ظلت توهمنا بالخوف المترقب من المطالب المشروعة في اقامة انظمة تتلاءم والالفية الجديدة. ما كان لبنان ان يدخل في الحرب الاهلية وتصفية الناس على اساس الهوية لو كانت الديمقراطية نظام في الحكم والمواطنة فعلية. ومهما كانت الاسباب ودوافع الحرب فقد تركت جروحا عميقة في ذاكرة اللبناني سواء الذي بقي صامدا في بلده أو الذي هاجر منه، الهويات القاتلة كما قال أمين معلوف لم تترك مجالا للاختلاف واحترام المشترك في الوطن الواحد، الطاقات اللبنانية في الخارج حملت مشعل الفكر، ونالت الرضا والاستحسان في الغرب وامريكا اللاتينية واستراليا. وفي اللحظة الانية يخرج الناس للتعبير والرفص، عرس في لبنان ليس كالأعراس، وكرنفال من مشهد جميل يجسد صحوة شعب ضد الرموز القديمة في السياسة، وأجراس تسمع هنا وهناك، دبكة ورقص وموسيقى، تلك حالة من التعبير والاستقطاب الايجابي. حكومة لبنانية عاجزة عن تقديم الخدمات الاساسية، وأفواج كبيرة من العاطلين والناقمين على الاوضاع المزرية، وسرطان الفساد والمحسوبية التي يطال كل الفئات الشعبية والمؤسسات. الحق في التعليم والصحة وجودة الخدمات وتبوء المناصب في الدولة من الحقوق الاساسية . فلا أمل للمريض في حق التطبيب في مستشفيات الدولة. والحق في السيادة منتهك بفعل الوصايا من قبل اطراف خارجية. رجال الدين والوعاظ بصفة عامة يميلون وفق ما يشتهيه السياسي وما يتناسب وأهداف الطائفة. في الهاب المشاعر واللعب على العواطف في التحريض وتكريس خطاب فوقي يميل للتهدئة واستمالة الناس بأعمال ومنجزات الحكومة، ولا سبيل أو قدرة للشعب سوى الاذعان خوفا من الحرب الاهلية.
قطاعات حيوية تعاني من التصدع والازمة. ولا حل في الافق سوى التخويف من الماضي الاليم في عودة الحرب الاهلية وشماتة القريب والبعيد. وانقلاب الصورة الوردية عن لبنان بلد التمدن والتحضر. فالبيت الداخلي لا يعرفه الا من يسكن داخله. والاوهام العالقة في الفكر مردها لانطباعات اللبنانيون في الخارج عن بلدهم من عودة الحرب الاهلية . فسيفساء من المشاركون في الربيع اللبناني مختلطة. من نساء يعبرن عن صورة المرأة اللبنانية الحاملة للهم والقلق، يرفعن الاعلام ويطالبن بأصوات عالية . وشباب يافع مفعم بالحيوية والنشاط يحمل افكارا جديدة، وجماهير تنشد التغيير بأدوات محلية، وتدافع بقوة عن المشروع المجتمعي ضد الطبقة السياسية المحتكرة للسلطة والحكم من زمن بعيد. بالموسيقى والرقص والهتافات تنادي الجماهير لإزالة طابور من "التماسيح" وأصحاب النفود الذين لم يستطيعوا اخماد الحرائق في لبنان، ونهج سياسة القرب في تنقية الشوارع اللبنانية من النفايات. وفي حل الازمة الاجتماعية يلجأ هؤلاء الى الزيادة في الضرائب واستنزاف الجيوب من المواطن البائس. فهل من المعقول أن يتجرع هذا الشعب مرارة العيش خوفا من الحرب الاهلية وانقسام المجتمع الى طوائف تذمر بعضها البعض؟ وهل يمكن ان تقود الطائفية بلد حبران نحو الحرية والتنمية؟

سيناريوهات عدة مفتوحة عن مشروعية الحراك الشعبي في لبنان. تحييد الجيش الوطني وعدم الاذعان للأوامر الصادرة من قبل رجل السياسة، تأمين الساحات العمومية وترك الناس يعبرون عن حقوقهم. فلا قيمة للخطاب الشعبوي الذي يدغدغ عواطف الطوائف المنتشرة في مختلف مناطق لبنان . خطاب السيد حسن نصر عن الخطوط الحمراء لا تعدو ان تكون سوى استفزاز لإرادة جماعية في مخاض ولادة تجربة جديدة في لبنان عن مصداقية الدول المدنية . السيد حسن نصر الله ونظرا لمكانته في قلوب الناس مطالب بالاصطفاف الى جانب الشعب بعيدا عن لغة التهديد والوعيد. من هنا يتوقع البعض استقالة الحكومة اللبنانية وتفكيك النظام الطائفي بالرحيل الطوعي عن المشهد السياسي برموزه القديمة والجديدة . بوادر الامل تعني خطوات الشعب اللبناني في الالتفاف على الفكرة الصائبة التي تشير للعبور نحو دولة مدنية بكل الياتها ومضامينها. فرصة تاريخية لا مثيل لها في تاريخ لبنان المعاصر. عندما تخرج الجماهير في ملفات مطلبية واحدة، ويبدد الفكر الطائفي وانقسام الناس في طوائف مختلفة الرؤى خصوصا في جانب المعتقد ذلك دليل على الوعي الاجتماعي في بناء مشروع مجتمعي لكل الطوائف والتحرر من عقدة الحرب. ارادة الشعب اقوى من الرموز المهيمنة على السلطة، ومصداقية المقاومة وحدت الشعب اللبناني بكل اطيافه. ولذلك فالتلويح بخروج الحزب للشوارع وتخويف الناس بالحرب الاهلية ليست سوى مخاوف مبالغ فيها. الجيش يبقى على الحياد والناس في الجنوب يدركون ان الوضعية الراهنة في البلد تزداد تفاقما في ظل النقص في الخدمات العامة، وفشل الحكومة في تدبير الازمات، بات الخوف على المناصب والامتيازات واضح في ظل الانقسام، ومن تجليات الخطاب السياسي في لبنات تضارب الآراء وعدم الحسم في المواقف . والدعوة للحوار مشروطة بشروط الحراك الشعبي. ليست هناك زعامات وقيادات، لا من اصحاب العمائم أو من التيارات القومية واليسار. هناك بوصلة واحدة واهداف مشتركة تعي سياقات المرحلة، وحاجة لبنان للتغيير بدون الركوب على الشعارات القومية والدينية، والخوف المستمر من اسرائيل.

العالم العربي لأول مرة في تاريخه يخرج في العلن، ويرفع شعارات الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية بعد سنين طويلة من الاوهام والحقائق المزيفة عن ماضي الامجاد والبطولات، وادعاء رجل السياسي بالحرص على الامن والسلم افضل من العيش في الحرب الطاحنة. فالنظام الطائفي والنزعة الاستئصالية من الاسباب التي اشعلت نيران الحرب الاهلية في لبنان . والانقسام الايديولوجي عود ثقاب في اشعال نار الفتنة وتأجيج الهويات القاتلة. الاسماء القديمة في الحرب عادت من الابواب الواسعة للسياسة وبقيت في السلطة لا تبرح مكانها. وغنيمة الاحزاب التهمت نصيب الاسد والشعب يكابد الصعوبات من غياب التنمية، واستفحال ظواهر الفساد بأنواعه التي تنخر هذا المجتمع. عوض الرحيل والمغادرة من لبنان يجب العودة اليه من جديد. فالبلد يتوفر على طاقات بشرية متنورة وقادرة في العبور نحو بناء تجربة ديمقراطية رائدة في بلاد الشام. لبنان بلد الشعراء والادباء والموسيقى. بلد الارز ضحية اجندات داخلية وخارجية . يمكن تحويله الى سويسرا الشرق أو سنغافورة العرب في حالة التحرر من الطائفية والمذهبية. من قبل تخلص لبنان من النفود السوري، ويسعى جاهدا للتخلص من التبعية لكل الجهات عندما تتمكن الارادة العامة للشعب في ارغام كل القوى للامتثال للحقيقة النابعة من الشوارع التي يرفع الناس شعارات مدنية ودولة للكل، بدون طائفية أو وصايا من قبل اشخاص. لا مفر من الرحيل الطوعي عن السلطة بالنسبة للحاكم الذي انتهت صلاحيته من مدة طويلة عندما انتهت الحرب الاهلية بتوافق جميع الاطراف من خلال اتفاق الطائف 1989 . نهاية الحرب بالخسائر الكبيرة في البنية التحتية والبشرية، والفرار القسري من لبنان . من الان لا يمكن للشعب اللبناني الانجرار للحرب الساذجة، والقرارات الاحادية لأنه ببساطة فهم قواعد السياسية الطائفية، وتشكلت قناعات من البدائل في المدنية والحكم المشترك . فالوطن للجميع والسياسة قواعد والاشخاص ذوات يمكنها صناعة الممكن في عالم يعيش اختلالات وصراعات ظاهرة وكامنة .



#احمد_شحيمط (هاشتاغ)       Ahmed_Chhimat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أمل في الخلود بفضل الثراء
- الانسان في الفلسفة الوجودية
- هل يعود المكبوت التاريخي من جديد ؟
- في مفهوم السلطة
- نوال السعداوي ضد شهريار
- في التفلسف والعودة للذات
- الاقتراب من العلوم الانسانية
- الانا والاخر في الرواية العربية
- الانوثة والذكورة في عالم السرديات العربية
- اسئلة الراهن وتحديات المستقبل


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد شحيمط - لبنان يصنع الحدث