أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تركيا تبتز العراق: البيض مقابل المياه؟!















المزيد.....

تركيا تبتز العراق: البيض مقابل المياه؟!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 6359 - 2019 / 9 / 23 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تنصلت تركيا قبل أيام من التوقيع على اتفاقية لتقاسم مياه الرافدين مع العراق ضمن اتفاقية التعاون الشاملة بين البلدين. يأتي هذا التطور مترافقا مع حدث تجاري استجد قبل فترة حيث توقف العراق عن استيراد عدد من المنتجات الغذائية وفي مقدمتها بيض المائدة لأنها باتت متوفرة عراقيا بعد تحقق الاكتفاء الذاتي منها، ما أدى إلى إفلاس شركات تركية عديدة تنتج تلك المواد وتصدرها إلى العراق. فهل من علاقة للتنصل التركي بهذا التطور؟
مساء الخميس 12 أيلول 2019، قال مهدي رشيد مدير عام السدود والخزانات في وزارة الموارد المائية العراقية لقناة "العراقية" الرسمية، إن تركيا تنصلت من وعود سابقة قدمتها للجانب العراقي بالتوقيع على اتفاقية رسمية لتقاسم مياه الرافدين بين البلدين. وكان معاون مدير المعهد الوطني لإدارة الموارد المائية في وزارة الموارد المائية العراقية حسن الصفار، قد أعلن في شهر آذار- مارس الماضي، أن وفدا عراقيا كان يقوده وزير الخارجية السابق إبراهيم الجعفري قد نجح في "إقناع" الجانب التركي بالتوقيع على اتفاقية التعاون بين البلدين التي تشترط على تركيا توقيع اتفاقية رسمية لتقاسم المياه دأبت تركيا على رفضها طوال عقود. وقال الصفار إن الوفد العراقي، وإزاء رفض وتعنت الجانب التركي، هدد بعدم التوقيع على اتفاقية التعاون الاقتصادي والتي تعود على الجانب التركي بمبالغ طائلة تصل إلى 16 مليار دولار سنويا في حال رفض الجانب التركي عدم وجود الفقرة الخاصة بتقاسم المياه بين البلدين فوافق الأتراك، وهاهم اليوم يتنصلون من توقيعهم بالموافقة. حرفيا، قال السيد حسن الصفار، واصفا ما حدث آنذاك (لأول مرة، منذ ثلاثين سنة، اعترفت تركيا بوجود حقوق للعراق في مياه الرافدين دجلة والفرات. وقد ضغطنا في المفاوضات التي جرت في اللجنة العراقية التركية المشتركة التي عقدت في العام الماضي بتركيا، واستمرت مفاوضاتنا مع الجانب التركي اثنتي عشرة ساعة، والجملة التي طالبنا بإدراجها في البيان تقول (إن للعراق حقوقا في مياه نهري دجلة والفرات). ولكن الأتراك رفضوا، وأخيرا قلنا لهم إن هذه الجملة هي مقابل معاهدة التبادل التجاري البالغ 16 مليار دولار كلها، فإما أن تُدرَج هذه الجملة وإما أن تلغى معاهدة التبادل التجاري كلها، ولن نوقعها! فرضخوا ووافقوا على كتابتها في الوثيقة. كما تم الاتفاق على أن الوزيرين العراقي والتركي المعنين سيجتمعان لتحديد نسب المياه لكل دولة من الدول المتشاطئة على النهرين).
الجديد، إذن، هو ما أعلنه مهدي رشيد حين قال إنَّ الوفد العراقي الذي زار تركيا مؤخرا انسحب من المفاوضات بعد تنصل الجانب التركي ورفضه مناقشة موضوع تقاسم مياه النهرين اللذين يستمد العراق وجودة الكياني واسمه وتاريخه من وجودهما والذي بدأ شعبه بإدارة وترويض النهرين قبل أن تظهر "تركيا" إلى الوجود بألاف السنوات. وأضاف رشيد أن العراق كان ينتظر توقيع الاتفاقية على إطلاقات المياه المقررة والمصادقة على الاتفاقية خلال زيارة أردوغان المرتقبة الى بغداد، خصوصا وأن ملف المياه هو تحت الإشراف الشخصي للرئيس التركي. ولدى سؤاله عن أية إجراءات سيتخذها العراق لمواجهة التنصل التركي تهرب رشيد من الإجابة الواضحة واكتفى بالقول إن الجانب العراقي لن يجامل أحدا على حساب حقوقه.
وبعد يوم من تصريحات رشيد، تحرك الوسط البرلماني، وأعلن رئيس لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب سلام الشمري عن وجود ضغوط تركية على العراق في ما يخص ملف المياه. وحمل الشمري تركيا مسؤولية التنصل عن التزاماتها الخاصة مع العراق بملف المياه. وقال في بيان صحافي إنه تم الاتفاق مع فيصل آر أوغلو، مبعوث الرئيس التركي الخاص بالمياه مع العراق حول قيام وفد عراقي مختص بزيارة تركيا والتوقيع النهائي على اتفاقية المياه بين البلدين. واضاف الشمري (ولكننا تفاجأنا بعدم استقبال الوفد، والغاء جميع الاتفاقات التي تم التحاور معها مع الجانب التركي وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا) الشمري اكتفى من جانبه بالتأكيد على (رفض اللجنة لهذا العمل السياسي، ونحمل الجانب التركي المسؤولية الكامل لخرقه البنود المتفق عليها خلال زيارة الوفد الى بغداد قبل أقل من شهرين).
يأتي هذا التنصل والرفض التركيان من الاتفاقية بعد توقف العراق عن استيراد كميات ضخمة من المنتجات التركية وفي مقدمتها بيض المائدة وبعض أنواع الفاكهة والخضار، فهل من علاقة لهذا التنصل التركي بوقف استيراد هذه المنتجات التركية من قبل العراق، وهل تريد تركيا أن تبقي العراق سوقا لمنتجاتها الزراعية من مياه العراق المصادرة وإلا فإنها ستعاقب العراق بقطع المياه؟ لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال تماما سيما وأن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد استهل عهده بالكثير من القرارات الاقتصادية المضرة بالاقتصاد العراقي ومنها إلغاء التعرفة الكمركية على السلع المستوردة من عدد من دول الجوار وفتح مناطق تجارة حرة على الحدود مع الأردن والسعودية والكويت.
وفي المقابل، وفي حال تأكد التنصل التركي وترسخ، فهل ستعمد حكومة عبد المهدي إلى تطبيق الشرط الذي وضعه الوفد العراقي برئاسة الجعفري وهو وقف التعامل التجاري بالكامل مع تركيا لأنها خرقت الاتفاق الموقع معها؟ لا أعتقد أنها ستجرؤ على ما هو أقل من ذلك، وقد تبادر الى فتح أسواق العراق على مصاريعها كلها للبضائع التركية السيئة دون قيد أو شرط ليسمح أردوغان بعد ذلك بإطلاق بعض المياه العراقية المصادرة والمحجوزة خلف سدوده!
إن هذا الواقع الذي يكرس ارتهان مياه الأنهار العراقية خلف السدود التركية يعني بكل وضوح أن العراق يشتري مياهه بأموال نفطه التي تنفق على سلع تركية سيئة ليس بحاجة لها، أو من الممكن ألا يكون بحاجة لها. إن النظام القائم حاليا في العراق لا يمكن ان يخاطر باتخاذ إجراءات مضادة لتركيا أو لتأمين مصادر الغذاء لشعبه بشكل مستقل كما تفعل شعوب صغيرة وفقيرة وبلدان محاصرة مثل إيران لأنه ليس مستقلا أصلا! فعلى سبيل المثال، عانت إيران من شحة في المياه وجفاف لمدة عقدين تقريبا ولكنها ورغم الحصار الغربي المفروض عليها نجحت في تأمين ما نسبته 82 % من المؤن الغذائية للاستهلاك في الداخل، و90 % من المواد الغذائية الأساسية للصناعات. وتحتل إيران الدرجة الرابعة في العالم من ناحية تنوع منتجات المحاصيل الزراعية. كما أنها تحظى بالمرتبة الاولى في زراعة الفستق والزعفران/ د. أيمن عمر –النهار 29 أيلول 2018، فلماذا يستورد العراق الذي يحكمه من يزعمون أنهم حلفاء إيران أكثر من 80% من غذاء شعبهم من الخارج؟
إن واقع تركيا الاقتصادي اليوم أسوأ من أية فترة مرت بها منذ عقود فهو على وشك الانهيار والعملة التركية في تراجع مستمر ويمكن للعراق أن يفرض عليها التوقيع على اتفاقية دولية بشروطه وشروط ما يسمونه "القانون الدولي" لتحرير المياه العراقية والتوقيع على اتفاقية دولية لتقاسم المياه، فليس من المستبعد أن يكون أردوغان قد قام بهذه الخطوة وتنصل من الاتفاق مع الجعفري قبل زيارته القريبة الى العراق ليضغط هو على حكومة عبد المهدي ويخرج منها بصفقات ضخمة جديدة.
إن أردوغان يريد أن يصعد بالتبادل التجاري وحيد الجانب مع العراق وباستعمال الابتزاز المائي من 16 مليار دولار الى ثلاثين أو أربعين مليار، ولا توحي مواقف الحكومة لعراقية بأنها في وارد الرفض والتصدي لهذا المخطط الذي يشكل خطرا وجوديا ماحقا على وجودة وعلى مستقبل شعبه! أما الموقف الوطني الاستقلالي العراقي المنشود فهو ما يوجب رفض الابتزاز التركي وقطع ووقف تصدير النفط عبر تركيا وتحويله ليكون عبر سوريا والسعودية بانتظار الانتهار من ميناء الفاو الكبير، ويوجب أيضا وقف استيراد أي سلع أو بضائع والعمل على توفير البديل المحلي لها خلال فترة زمنية مناسبة!
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدنية نقيض البذاءة أيها المدافعون عن البذيء فايق دعبول!
- تحالف -الإنقاذ والتنمية- لا جديد تحت سماء الطائفية!
- حول اقتباسات المالكي عن الإمام علي دفاعا عن بقاء حكومة عبد ا ...
- بين العراق والكويت: الحل بجدار عازل؟
- رداً على الرد الكويتي على الشكوى العراقية المتأخرة: تلفيقات ...
- القوائم السوداء شيء و-معهد صحافة الحرب والسلام- شيء آخر!
- ج2/الفساد في إدارة الوقف الشيعي: علاء الموسوي مدلل نظام المح ...
- ج1/قصة الفساد في الوقفين السني والشيعي، ولا في الأفلام!
- نظرية -الكلب الأسود- في نظام المحاصصة الطائفية!
- خرافة انتصار الحضارة الغربية النهائي
- العربدة الإسرائيلية على الحشد ورد الفعل البائس عليها!
- ج3/مطار كربلاء الدولي في دوامة الفساد
- ج2/ مطار كربلاء الدولي في دوامة الفساد
- ج1/ مطار كربلاء الدولي رأس جبل الفساد
- ما قصة عشرات الجثث المجهولة في منطقة -جرف الصخر-؟
- العفاريت الثلاثة: الفساد ابن المحاصصة الطائفية بنت الاحتلال ...
- -لاس فيغاس حجي حمزة- والأسئلة الحرجة!
- ملعب كربلاء: القداسة في بلد منتهك السيادة!
- الجينولوجيا تحرج دعاة الفينيقية بلبنان!
- رفات عسقلان: الجينولوجيا كسلاح بيد الخطاب الصهيوني العنصري!


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تركيا تبتز العراق: البيض مقابل المياه؟!