أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - السياسة العدائية لاميركا تدفع روسيا والصين الى التحالف ضدها















المزيد.....

السياسة العدائية لاميركا تدفع روسيا والصين الى التحالف ضدها


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6321 - 2019 / 8 / 15 - 21:57
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إعداد: جورج حداد*


بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية عصر القطبين الدوليين: اميركا والاتحاد السوفياتي السابق، فشلت اميركا فشلا ذريعا في الاضطلاع بدور الزعامة الدولية، بوصفها القطب العالمي الاوحد. لا بل ان سمعة اميركا ونفوذها السياسي الدولي تدنيا اكثر من اي وقت مضى، بسبب الحروب الظالمة والاضطرابات التي افتعلتها اميركا في شتى انحاء العالم.
الا ان اميركا، مستندة الى قوتها العسكرية والاقتصادية وخاصة الى الوضع المميز الذي تشغله في النظام المالي والبنكي الدولي باعتبار الدولار الورقي البدون تغطية ذهبية انه العملة الدولية الاولى لجميع بلدان العالم، وللدول الصديقة وغير الصديقة لاميركا على السواء، ـ نقول ان اميركا، مستندة الى هذا الوضع لم تستسلم، وانتهجت سياسة رعناء تهدف الى فرض زعامتها بالقوة والاكراه. وتجلى ذلك بوضوح في العلاقة الاميركية الاستعلائية والاذلالية مع اصدقائها التقليديين: الاتحاد الاوروبي ودول حلف الناتو وكندا والمكسيك والدول النفطية العربية الذليلة اصلا.
ولكن ابشع ما تجلت به المشهدية السلبية لاميركا هو سياستها المنهجية الاستكبارية والعدائية ضد القطبين العالميين العظيمين: روسيا والصين، ضاربة عرض الحائط بالتاريخ المجيد والدور الحضاري الكبير لهذين البلدين والشعبين العظيمين.
فمنذ عشرين سنة ـ اي منذ مجيء بوتين الى السلطة وتمسكه باقامة علاقات متوازنة مع الغرب ووقف نهب بلاده من قبل الرأسمال الاحتكاري الاجنبي تحت غطاء "اقتصاد السوق" ـ بدأت اميركا تمارس سياسة عدائية شديدة ضد روسيا. فعملت على توسيع حلف الناتو نحو الشرق للاقتراب اكثر من الحدود الروسية لاهداف عسكرية عدوانية، وعملت على نشر منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية لتعطيل القدرات الدفاعية لروسيا، واخذت تحرض بلدان الاتحاد الاوروبي لانتهاج سياسة معادية لروسيا، واثارت الثورة الملونة في كل من اوكرانيا وجورجيا وافتعلت الازمات بين هذين البلدين وبين روسيا. وحرضت الانظمة الموالية للغرب في دول البلطيق ضد المواطنين الروس العائشين في تلك البلدان والذين كان لهم الفضل الاول في تحريرها من الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية وفي اعادة بنائها بعد الحرب. وعملت اميركا بشكل محموم على عرقلة تسويق الغاز الروسي في اوروبا. كما عملت على طرد روسيا من الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في اوروبا وحصرها في اسيا. وطبقت بشكل متصاعد فرض العقوبات الاقتصادية الشديدة ضد روسيا لتدمير الاقتصاد الروسي وتجويع الشعب الروسي بذرائع واهية وكاذبة ومفبركة مثل:
ـ استخدام النظام السوري الاسلحة الكيماوية ضد المدنيين، بتغطية روسية.
ـ مسرحية تسميم الجاسوس البريطاني سكريبال وابنته في بريطانيا.
ـ وحتى اكذوبة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية التي فاز فيها ترامب سنة 2016.
واخيرا لا آخر: انسحبت اميركا من اتفاقية الغاء وعدم انتاج الصواريخ قريبة ومتوسطة المدى، وعادت لانتاج مثل هذه الصواريخ التي تهدد عن قرب الامن الروسي.
اما حيال الصين فقد استقبلت اميركا بعداء شديد البرنامج الصيني العالمي العظيم المسمى "حزام واحد ـ طريق واحد" والهادف الى خلق مدى عالمي مفتوح لانتقال السلع والناس والافكار، والذي انضمت اليه حتى الان 60 دولة في اسيا والشرق الاوسط واوروبا وافريقيا، وعلى رأسها روسيا.
ورفعت اميركا بوجه الصين ستار الحماية الجمركية وفرضت رسوما اضافية على السلع الصينية المستوردة بقيمة تبلغ مئات مليارات الدولارات. وشنت ضدها الحرب التجارية بصورة غير مبررة. وشرعت في تطبيق العقوبات الاقتصادية ضدها. وكل ذلك بقصد عرقلة تقدم الصين نحو ازاحة اميركا واخذ مكانها في مرتبة اكبر "اقتصاد وطني" في العالم. وتشجع اميركا جزيرة تايوان على اعلان الانفصال والتحول الى دولة مستقلة مما يعتبر تحديا كبيرا للصين وتهديدا لوحدتها الوطنية. ولهذه الغاية تزود اميركا تايوان بكل انواع الاسلحة وتحشد حولها الاساطيل لحمايتها.
كل ذلك دفع ويدفع روسيا والصين الى تسوية واستبعاد اي اختلاف فيما بينهما، والى التقارب الى درجة التحالف الوثيق دون ان يوجد الى اليوم حلف رسمي يجمعهما.
واخذت روسيا والصين تتعاونان وتنسقان المواقف فيما بينهما، سياسيا وماليا واقتصاديا وعسكريا. ونشير بشكل خاص الى التنسيق شبه الكامل في مواقف البلدين في الامم المتحدة وفي مجلس الامن الدولي.
وقد دعمت الصين السياسة الروسية في سوريا واوكرانيا. ومن المرجح ان تضطلع الصين بدور رئيسي في اعادة اعمار سوريا بعد نهاية الحرب.
واصبحت روسيا المصدّر الاول للنفط الى الصين اكثر من السعودية. كما ازداد استيراد الصين من الغاز الروسي اكثر من الدول الاوروبية مجتمعة.
وتطبق الدولتان معا السياسة المالية القائمة على التعامل بالعملات الوطنية ونزع الدولرة او الغاء التعامل بالدولار dedolarization. وتزيد روسيا احتياطاتها ليس فقط من الذهب، بل ومن اليوان الصيني ايضا. وارتفعت نسبة الاحتياطي الروسي من اليوان سنة 2018 من 3% الى 14%، فيما انخفضت نسبة الاحتياطي الروسي من الدولارات من 50% الى 23%. وقد ادخلت 60 دولة في العالم اليوان الصيني في احتياطاتها بالعملات الاجنبية، وبينها المانيا، فرنسا وايطاليا. وهذا يمثل صفعة للدولار وللنظام المالي العالمي لاميركا.
وقد انضمت روسيا الى نظام المدفوعات البنكية الذي انشأته الصين بمعزل عن النظام الاميركي ويسمى (Cross-border Interbank Payment System)، وهو يخدم 900 بنك خارج الصين ويغطي اراضي 162 بلدا ومنطقة.
وفي النطاق العسكري من المعلوم ان اميركا حشدت بكثافة اساطيلها البحرية في القطاع الاسيوي من المحيط الهادي، وفي جميع البحار المحيطة بالصين، والاساطيل الجوية وقوات الانزال الخاصة البحرية والجوية في كل من اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، من اجل احكام الطوق تماما حول الصين، بحرا وبرا وجوا، استعدادا لتوجيه ضربة خاطفة وكاسحة ضدها في الوقت المناسب.
وللوقوف بوجه هذه المخاطر بدأت روسيا والصين بإجراء مناورات تدريبية مشتركة في بحر الصين والمحيط الهادي والمحيط المتجمد الشمالي وفي بحر البلطيق وعلى الحدود المشتركة بين البلدين. وفي السنة الماضية جرت في بحر الصين مناورات ضخمة جدا تحت اسم "الشرق ـ 2018" حضرها الرئيسان الروسي والصيني ووزيرا الدفاع لكلا البلدين، وشارك فيها مئات ألاف الجنود والضباط الروس والصينيين، من جميع الاسلحة، ومئات السفن الحربية والغواصات والطائرات المقاتلة والقاذفات الستراتيجية والطائرات الرادارية ـ التجسسية، ووحدات الصواريخ من جميع الابعاد، والوف القطع الحربية الاخرى.
ونشير هنا الى الحدث البارز التالي، الذي يكتسب اهمية خاصة في التاريخ العسكري وسيكون له تداعياته في الجيوستراتيجية العالمية برمتها:
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والاساطيل الاميركية تحتشد في القسم الاسيوي من المحيط الهادي وتجوب بحرية هذا القطاع البحري الواسع وشديد الاهمية بالنسبة للشرق الاقصى برمته، بدون ان يشاركها فيه اي مشارك او يزاحمها اي مزاحم. وفي 23 تموز الماضي ذهل الاميركيون وهم يشاهدون اسرابا مكثفة من الطيران الحربي الروسي والصيني، وهي تقوم بدورية استطلاع مشتركة فوق رؤوسهم في المحيط الهادي، بما فيها القاذفات الستراتيحية العملاقة التي تحمل صواريخ جو ـ بحر ومنها الصواريخ المخصصة لابادة حاملات الطائرات والغواصات التي تسير بالوقود النووي. ومنذ ذلك التاريخ وهذه الدوريات الروسية ـ الصينية لا تتوقف. والاميركيون لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا، وقد ادركوا ان اساطيلهم في هذا القطاع فقدت قيمتها العسكرية ولم تعد اكثر من توابيت عائمة للجنود والضباط الاميركيين المسلوخين عن عائلاتهم والمرسلين اكثر من عشرة الاف كيلومتر بعيدا عن بيوتهم والمهددين بالموت الزؤام دفاعا عن الاحتكارات الرأسمالية للامبريالية الاميركية واليهودية العالمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظهور المسيحية وانشقاقها من منظور اجتماعي قومي تاريخي
- العثمانو اتاتوركية الجديدة المأزومة تبحث عن دورها الضائع
- المبادرة الصينية الكبرى وتقويض الدور الاميركي
- الصين الشعبية تتقدم لاحتلال مركز الصدارة في الاقتصاد العالمي
- الصراع بين كارتيلات صناعة الاسلحة لاميركا والاتحاد الاوروبي
- السياسة الاستفزازية الاميركية ستؤدي الى تدمير الاقتصاد الامي ...
- التحالف الستراتيجي الروسي الصيني سيغير وجه العالم
- افريقيا: من صيد البشر الى نهب الذهب والموارد الطبيعية
- الابعاد الجيوستراتيجية للمواجهة المصيرية بين اميركا والصين
- اوكرانيا على عتبة تحول مصيري جديد
- فشل سياسة العقوبات الاميركية
- تصدع العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ودول اوروبا الشرقية
- العلاقات الصينية الاوروبية الى أين؟
- آفاق المواجهة بين اميركا والغرب وبين روسيا والشرق
- تباطؤ الاقتصاد العالمي وحرب تجارية اميركية ضد اوروبا
- بدأ زمن العد العكسي لهيمنة الدولار
- روسيا تعمل بثبات لنزع السيادة السياسية الدولية لاميركا
- روسيا قوضت السيادة العسكرية العالمية لاميركا
- -صراع البقاء- بين روسيا واميركا
- -اسرار- الهيمنة العالمية للدولار


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - السياسة العدائية لاميركا تدفع روسيا والصين الى التحالف ضدها