أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين يونس - يا طالع الشجرة















المزيد.....

يا طالع الشجرة


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 6286 - 2019 / 7 / 10 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


((أبوح يا ..أبوح .. كلب العرب مدبوح .. و أمة الغراب يتنوح
و تقول ياولدى .. يا طالع الشجرة .. هاتلي معاك بقرة.
تحلب و تديني .. بالمعلقة الصيني .. المعلقة إتكسرت .. يا مين يغدينى .))
مسرحيات بيكيت .. يونسكو .. أداموف ..ثم توفيق الحكيم 1962 كانت في ايامنا نسميها مسرح العبث .. أو اللامعقول.. أو المسرحية اللحن ..

فلنستمع إلي حوار المحقق مع الخادمة في (يا طالع الشجرة) : -
((المحقق : متي إختفت سيدتك ؟ .. ساعة عودة السحلية إلي جحرها ..تقصدين المغرب .. لم أبصر الشمس تغرب .. طيب متي تعود السحلية إلي جحرها .. عندما يظهر سيدى من تحت الشجرة .. و متي يظهر سيدك .. عندما تنادى علية سيدتي .. و متي تنادى سيدتك .. عندما يرطب الجو في الجنينة ..و متي يرطب الجو في الجنينة .. عندما أفرغ من عملي و أتأهب للعودة لمنزلي ))...
كلام لا معني له لا تخرج منه بأى نتيجة .... و إن بدى مترابطا و متسلسلا .

(( يا طالع الشجرة ))..مسرحية للوهلة الأولي .. يصعب فهم عنوانها ..والأغرب لا يمكن تتبع حوارها و بناء هيكلا منطقيا للأحداث منه .

و لكن هذا غير صحيح... فالفن الكسول الذى تتعاطاه بالمعلقة الصيني ..كحدوته ساذجة أو رواية متسلسلة تنتهي بإنتصار الحق و القيم العليا .. أو قصة لها أول و حركة و خاتمة .. .. لم يكن هو هدف الإبداع في خمسينيات القرن الماضي بأوروبا.

لقد فجر (سيجموند فرويد ) ثورة معرفية .. عن العقل الباطن و العقل الواعي .. و إسلوب نقل المعلومة بينهما ..و شرح أن الحلم أو الكابوس أو زلات اللسان أو أخطاء الكتابة أو حركات الوجه و اليدين (لغة الجسد ) أو فنون التراث تعبر كلها عن أفكار و أماني و رغبات مكبوته لصاحبها بسبب كونها تابوة فرضة المجتمع ،فتخرج للعلن متخفية .

العقل الباطن الجمعي يتنفس من خلال الأغاني و المواويل و الحواديت و الرسومات و التماثيل التلقائية .. و سائر الفنون الشعبية .

فلنتأمل الغنوة التي كنا نغنيها و نحن أطفال .. و نمثل بأيدينا أننا نرفع التراب من الأرض و نضعة علي رؤوسنا حتي نصل إلي الحديث عن المعلقة التي تم كسرها و ضياع فرصة الغذاء .. فنضحك ... و نحن لا ندرى لماذا نضحك .

(أبوح) .. صوت لا معني له .. و قد يكون من الفاظ لغتنا القديمة .. قريب من أبيح .. بمعني قليل الأدب .. أو سنكوح..أو شردوح ..أو يمكن بحبوح .. بمعني فرتاك لا يحافظ علي ما لدية .. إنه معني متخفي بكلمة غير دارجة .. و لكنها تعطي إنطباعا حميما .. لشخص من العامة (السناكيح) ..ينادى علية المغني ... أبوح .. يا أبوح .. ليبلغة بالخبر الجلل .

(هبا) ..كان الخبر

أن كلب العرب مدبوح .. يخرب بيتكم حتودونا في توكر ..أى الكلب الذى يتحرك مع العربان لحراسة قطيع الماشية .. و الذى يخيفها .. و يلمها .. قد ذبح ..

و لكن مع التسلسل التالي نكتشف أنه لم يكن كلبا بل أحد أفراد العربان أو العرب مذبوح و راح زى الكلب

أو كما نقول (كلب الحكومة ) أو (لم كلابك يا ممدوح ).. طيب عرفت منين ..لأن أمه الغراب .. ((غناها غراب رغم أنه ليس مؤنث .. فلم يقل أمه الحداية .. و عرفها بالف و لام (الغراب ) لأنه لا يعنية جنسها بقدر ما يريد التعبير عن شكلها )) ..

بمعني سيدة شبه الغراب لأنها تلبس سوادا يغطي كل جسدها .. تنعق و تنوح علية .. يعني اللي مات شخص و مهم يستحق إقامة مندبة .. و ليس كلبا ..

وهكذا تصبح كلمة ( الكلب) هنا صفة للمذبوح (تشي بأنه من الحراس ) فتقف الست والدته المتشحة بالسواد .. تنوح علية وتقول يا ولدى .

إختيار لفظ (يا ولدى ) كاشف لما قبله ..فمن يطلق علي الإبن في اللغة العربية (ولدى ) هم العرب أو العربان .... بمعني أن إختيار اللفظ هو إشارة ( إرتباط شرطي منعكس ) تجعل المستمع لا شعوريا يحدد .. شخصية المجني علية .. و السيدة والدته ... وصفاته

علاقة سيئة للغاية .. مطمورة تظهر في أغنية للأطفال بصورة إنتقامية لانها صيغت بحيث ينطقونها بلحن فرايحي مرح سعيد بان كلب العرب(الحارس ) و أمة الغراب المنتظرة حلب البقرة تم الإنتقام منهما .. دون أن تمس شعرة للذى يعلن النبأ .

طيب ...ولدها ..دة كان رايح فين .. ((طالع الشجرة )).. و المصرى يطلق علي التوته و النخلة و التينة و الجميزة و كل المثمرات شجرة .. أما من يتسلق الشجرة ليحصل علي ثمارها فكعادة أهل الريف لم يكن الفلاح بل الجنايني اللي هو غالبا .. من الغفر .. الحراس ... حيث يحصل الفلاح علي غلته من الحقل قرب الأرض دون الإضطرار لصعود الشجر العالي .

لكن في حالتنا طالع الشجرة كان سيحضر بقرة .. و هو ما يخرجها .. عن كونها شجرة حقيقية .. بقدر ما تصبح رمزية تمثل وادينا الأخضر .. طيب إشمعني بقرة .. مش فرخة ، بطة ،غنمة .. و لاجاموسة .. و لا حتي ناقة .. لان البقرة عند المصرى مقدسة هي (النترت ) حتحورالمتصلة بالخير والأمومة والجمال والحب و الموسيقي و الطرب و لها علاقة خاصة بشجرة الجميز المقدسة أيضا .

بمعني أن كلب العرب هذا المذبوح كانت مهمته أن يطلع فوق الشجرة اللي هي وادينا .. و يحضر (حتحور ) التي يرمز لها بالخيرالذى تنتجه .

في نفس الوقت كانت مصر بالنسبة للمحتل البدوى (لقحة ) بقرة عليه حلبها ..وهومستعد لفعل المستحيل من أجل ذلك و لو بمعلقة صيني غير وارد صنعها محليا .

ثم يضحك الراوى .. أو المغني و يسخر من الغراب أم الكلب لأن المعلقة إتكسرت و خاب ظنها و كأنه يقول ((غورى جاتك البلة إرجعي لمطرح م كنت مش حتلاقي عندنا غداك)) .

علاقة متشابكة بين المضطهد المسروق الذى تنهشة كلاب العرب (فيذبحها في الحلم .. كما ذبحوا أهله في الواقع) .. لأنها تجمع خير الوادى وترسله للست والدتها المتشحة بالسواد .. ثم كيف إنتقم منهما المغني في الخيال بكسر المعلقة وسيلة حصولهما علي حليب البقرة لتنام الهانم الغراب بسلامتها جوعانة .

لا أعرف متي تم استخدام مثل هذه الأغنية كخط شعبي مقاوم.. للسلب و الإضطهاد الذى صاحب الإحتلال العربي (البدوى ) .. و لكن من الواضح أنها في زمن ..كانت لازالت اللقحة .. تدر .

هل فكر الحكيم في الحدوته التي خلف الأغنية وإختارها عنوانا للمسرحية ..أم في الأغلب الأعم كان يرى الجانب العبثي في اللغة دون التحليل المنطقي .

تستطيع أن تغير ما تشاء من مفردات الحكي السابق لتصبح لك حدوتك الخاصة .. و هذه هي المتعة الحقيقية للفن اللامعقول أو السريالي أو الذى يشبه اللحن .. فالمتعة تأتي من التأمل الذاتي ..و خلق عوالمك الخاصة فيما بعد التعرف علي العمل .. و ليس أثناؤه .ليخرج عشرات القراء بعشرات القصص مختلفة الحكي .

هيا ...منتظر إعتراضتكم يا عربان .. و إحتجاجتكم يا مثقفين .. و تفسيراتكم يا فنانين .. و تفهمكم يا أولي الألباب .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة أمام صندوق الإقتراع
- السقوط في خية صندوق النقد.
- هؤلاء علموني
- ماذا نفعل..هل سنبقي هكذا مستسلمين.
- يناير 2011 بين ( الحلم و العلم )
- يد تبني .. و يد تحمل السلاح
- متي نرتقي بسلوكنا إلي مستوى العقلاء ؟؟
- أبينك فرق و بين الحمار .
- هل ينجح الحكم الفردى.
- إعادة تدوير الأحلام .. عودوا لثكناتكم
- العروسة للعريس
- ولا كل من لبس العمامة يزينها.
- رجع أكتوبر .. ورجع معه النقار
- اللهم إيمانا كإيمان العجائز .
- زحمة يا دنيا زحمة (1972 - 2018.)
- مسرور السياف و أخوته
- بدرنا لم يعد ينير بين الامم
- خارج حسابات القوى ..أصبحنا
- مواطنة منقوصة رغم أحضان الكهان.
- أوهام مهدرة..لديكتاتورعادل


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين يونس - يا طالع الشجرة