أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسلام الجبالي - أعمال الفنانة التشكيلية أمل نصر: نسيج تجريدي تعبيري يجمع بين عفوية الآداء ونظامية صارمة في الفعل















المزيد.....

أعمال الفنانة التشكيلية أمل نصر: نسيج تجريدي تعبيري يجمع بين عفوية الآداء ونظامية صارمة في الفعل


إسلام الجبالي

الحوار المتمدن-العدد: 6257 - 2019 / 6 / 11 - 03:40
المحور: الادب والفن
    


تعتبر الفنانة أمل نصر واحدة من الفنانات المصريات التي تعتبر من أصحاب العلامات المؤثرة في الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة فقد شاركت في العديد من المعارض الخارجية والمحافل لقد اتجهت الفنانة أمل نصر في أعمالها التجريدية التعبيرية إلى اتخاذ اللون عنصرا هاما ورئيسيا في لوحاتها فخلقت منه عالما مليئا بالحركة والإيقاع والحيوية التي تجذب العين وتشد الانتباه فكانت من الأسماء البارزة في تاريخ ابداعات المرأة المصرية بوجه عام.
تسعى الفنانة امل نصر من خلال أعمالها المندرجة ضمن التيار التجريدي التعبيري الى محاولة اكتشاف الأشكال من صلب الألوان أي محاولة توليد الشكل من اللون الذي تطرحه على المحمل واستخراج ديناميكية وحركية من عمق الألوان والمواد الساكنة. فالأشكال والمفردات تتجلى في الكتل اللونية المشبعة بالخطوط والغرافيزمات المتداخلة في الزخم اللوني الذي في اللوحة الواحدة بين الألوان المكثفة والألوان الشفافة في آن واحد كما تتميز أعمال الرسامة بالتلقائية والعفوية التي تجعلها تتحرر من كل القيود في ممارستها لعملها الفني، فهي تنحو إلى تحميل الأشكال المجردة بمضمون انفعالي وآداء حر يجعلنا نستشعر الحالة العفوية اللحضية وقت ممارسة العمل وحركتها وطريقة تعاملها مع ملمس السطح مع اللون والفرشاة, فهي تستطيع التحكم في مسطح اللوحة، وفي كيفية وضع الألوان عليه، وفي أشكاله وفي الخربشات التي تضعها على اللوحة.
كما تقدم الفنانة أمل نصر في منجزاتها التصويرية مزيجا تقنيا سلسا من ألوان الأكريليك التي تمتزج فيما بينها فتثري به تضاريس السطح التصويري من زخرفة وخربشة وتنقيط و غلالات خطية لونية في مزيج من الألوان لتثري به الإيقاع البصري للوحة، إضافة إلى لجوءها إلى التنويعات بين الشفافية والإعتام وذلك من خلال التحكم في العجينة اللونية التي تكون كثيفة حينا ومميعة حينا آخر.
إن أعمالها الإبداعية نموذج للأسلوب الفني الذي يرتكز على روح التجريب واللغة الفنية العصرية وعلى الوعي الفني، كما أن أعمالها التجريدية لا تخضع للمقاييس النمطية ولا للصيغ الجاهزة.
فالبعد الجمالي في أعمالها يكمن في إحالتها على مصادر التجربة التي تتمثل في الزمان والمكان والطبيعة والإنسان، كما يستمد البعد الجمالي في أعمالها ركائزه من التقنية والشكل ومن الصدق الفني الذي تنقله إلى وجدان المتلقي بعد شحنه بتعبيرية فائقة تنتمي إلى رؤية تشكيلية تعبيرية تحمل في طياتها رمزية مستلهمة من روح التاريخ الفرعوني والإسلامي والقبطي تغمرها برموز وطلاسم غارقة في جو شديد التعبير والعمق لتصبح بمثابة حقل من الدلالات الوجدانية والحسية، تبدو تلك الرموز والأشكال والموتيفات في جعل المتلقي يحتاج إلى جهد حتى يستطيع أن يدرك دلالتها البصرية وأن يفك رموزها التي تقوده إلى العمق إلى أقصى أبعاد العمل التشكيلي وإلى دواخل المناخ الوجداني والروحي الذي وظفت فيه تلك المفردات.
وغالبا ما تقوم تجربة الفنانة على التوفيق بين اندفاع الوزن النوعي والكمي للألوان الموزعة تلقائيا على سطح اللوحة وبين إيقاعها الخاص، فتتحاور أفعال الصدفة مع أفعال القصدية في توافق لوني وشكلي وفي عمق تعبيري مفعم بالرمزية.
إن عملية الالتقاء بين "قصدية الفعل" و"عفوية الحركة" في بناء الفضاء التشكيلي في أعمال الفنانة أمل نصر قد تقودنا إلى طرح تساءلات عديدة حول الأبعاد العلائقية التي تربط بين مختلف المعطيات البصرية المكونة للعمل والتي تتولد من أسلوبين مختلفين ومن حركتين مختلفتين في العمل الإنشائي لبناء السطح الإبداعي.
لا تحتوي جل أعمالها على موضوع واضح يؤطر العمل فهي تؤسس لبناء فضاء تشكيلي بصري ينفتح على الإرتجالية في التكوين ليكتسب بذلك السطح التصويري قواما تجريديا خاصا بها فيه طابع فريد يجعلها تتميز عن غيرها من الفنانين. فهذا النسيج التجريدي التعبيري الذي جمعت فيه بين عفوية الآداء والنظامية الصارمة في الفعل، فهي تطلق العنان لمشاعرها لتكون أداتها ووسيلتها الوحيدة هي اللون في بناء أعمال تتميز بتماسك وقوة تكويناتها الذي تبني داخله مجموعة من الخربشات والطلاسم الصغيرة التي توظفها داخل منجزها التصويري بحرفية قوية وروح مبدعة.
كما أن ما تحمله أعمالها من ألوان وأشكال وتقنية تترجم شحنة من طاقة انفعالية وحسية، فتتدخل على السطح التصويري بالإضافة والحذف والاختزال في مساحاتها اللونية مع استخدام مكثف للخطوط الانسيابية الرقيقة التي تؤكد على عفوية وطلاقة اليد المنجزة. إلا أن بعض التكوينات التي تظيفها الفنانة كالرموز والأشكال المتعددة والتي تدمجها داخل العمل بطريقة متماسكة ومتقنة وبخطوط مرنة تجعلها تتغلغل في مساحات اللون لتظهر بوضوح تارة وتكون غامضة تارة أخرى.
والمتأمل في أعمال أمل نصر يستشعر فيها تلك العواطف والانفعالات والرؤى فهي توحي للناظر أن بداخلها تفاصيل لحالة ما أو للحظة معينة أو مشهد يتخفى في طيات اللوحة التي تقف متأرجحة بين الوضوح والغموض، بين الصمت والبوح، بين الظهور والاختفاء
كما أن المتأمل في لوحاتها يستشعر عمق قدراتها التعبيرية وعمق انتمائها لمدينة الإسكندرية، فالناظر لأعمالها ولو بطريقة سريعة يستشعر سحر البحر وقوته وهدير أمواجه وارتطامها بالصخور والأحجار المتفاوتة الأحجام, كما نرى فيها طرقات ومسافات طويلة ومساحات وزخم حياة بأكملها تترجمها بخطوطها وألوانها التي تملأ المحمل فتختزل من خلاله الحياة الإنسانية بشوارعها وطرقاتها وأفرادها. فقد حاولت الفنانة أمل نصر من خلال أعمالها التجريدية ومن خلال لغتها التعبيرية الخاصة أن تلخص صخب حياة معاصرة.
هي لوحات متشابهة كأنها كل متجزئ أو جزأ من كل، رغم تنوعها واختلافها البسيط إلا أن الحالة والإيقاع والألوان والخطوط والحركة تتشابه تشابها شديدا.
كما تترجم في أعمالها زخما حضاريا كبيرا تختزله في إيقاع لوني باهر ونسق خطي جريء وواثق يجمع اللون بالخط في انسجام وتناسق وفي إيقاع موسيقي سريع ومفعم بالحركية التي تتولد داخل سنفونيتها البصرية، لتظهر خصوصية الفنانة ورؤيتها الحسية العميقة من خلال حسها المرهف حين يتحاور عقلها مع انفعالاتها الوجدانية، فهي تجمع بين صيغ تشكيلية متنوعة ومختلفة تروم الفنانة أمل نصر من خلالها التجديد والابتكار والتنويع في بناء نسيجها التجريدي الذي يتأسس على قيم تعبيرية معاصرة وعلى أشكال رمزية تستمدها من عمق التراث المصري الزاخر بالرمزية وهي بذلك تحاول تشكيل دراما بصرية تنقل من خلالها انفعالاتها وتصوراتها وأفكارها التي تعبر عنها بالمعالجة التقنية والأسلوبية المختصرة في الاستخدام اللوني الممزوج بالتعبير اللوني الحر.
رغم أن أعمال الفنانة أمل نصر تندرج كلها ضمن إطار التجريد التعبيري, إلا أن هذا لا ينفي تعلق الفنانة بالرموز القديمة والحديثة والحفريات، والكتابات القديمة والطلاسم, فتجدها تحتفظ ببعض هذه العناصر في لوحاتها التجريدية التي نجد فيها كل مقومات العمل التجريدي الذي يقوم على الخط واللون والمساحة، فهي تحمل هذه العناصر المضافة طابع تجريدي فتحملها ببعض الإيحاءات والسمات ولكن من خلال لغة الشكل فقط وبشكل وطابع تجريدي، فهي فنانة لا تميل إلى التجريد المطلق بل تميل إلى التجريد الذي يحمل في ثناياه الرمز ويجعلنا نفتش عن حقيقة لا نستطيع الامساك بها وسط زخم من الخطوط والألوان. كما تحتفظ الفنانة ببعض العناصر والمفردات كالرموز والكتابات القديمة والحديثة وتحاول صياغتها في مجال قادر على استحضار المعني الانسانية والعاطفية التي تظهر في أعمالها باستحياء شديد.
فأعمالها إن كانت كبيرة الحجم أو صغيرة فكلها تستفزك وتجعلك تتأملها تأملا دقيقا وكأنك تدقق النظر في منمنمة صغيرة وذلك لتشابك المرئي بالمخفي والشفافية بالإعتام ذلك كله على سطح إبداعي واحد.
فمن خلال تجربتها الذاتية في المضمون والشكل على حد سواء التي تصوغها برؤية مستقلة تمتد جذورها في الحقل التراثي الإنساني الذي تشحنه بلغتها التشكيلية وبرموزها البصرية الموحية التي تتفرد بها والتي تمثل توجهها الفني وطابعها الخاص الذي اختارته لتجسيد رؤيتها وتوجهاتها وأفكارها وإبداعها القائم على القيم الفنية الخالصة. فهي تضيف في بعض أعمالها علامات رمزية تومئ بمرجعيتها، فالرمز بما هو نقل جاهز لإشارات وعلامات استخدمت قبل ذلك لكن يتم معالجتها بأسلوب جديد خاص ومبتكر فيه من روح الفنانة المبتكرة المبدعة، وهذا الرمز يؤكد على عودة الفنانة إلى ينابيعها القديمة وأحيانا تكون هذه الرموز والعلامات شديدة التلميح بأشكال بصرية هي قريبة كل القرب من المفردات الكتابية وأبجديات حضارات البحر الأبيض المتوسط وأحيانا ونحن نتأمل السطح التصويري للوحاتها تباغتنا أشباه مفردات الأبجدية اليونانية فهذه العلامات الموظفة هي عبارة عن علامات كتابية مسافرة عبر تاريخ ومخزون وركام حضاري للبحر الأبيض المتوسط.
فأعمال الفنانة أمل نصر تفتح تأويلات متعددة وتفتح مجالا يحتمل قدرا كبيرا من التأمل يتجاوز حدود الرؤية ويحملنا إلى التعمق في المعاني والإيحاءات الغامضة التي تتولد من حولها عديد الترديدات الشفافة التي تغلف الإطار العام للوحة، كما تترجم أعمالها انغماس الفنانة بين التعبير اللوني والتجريد الشكلي الذي تنوع فيه بين التلقائي والقصدي.



#إسلام_الجبالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن التجريدي في مصر:مراوحة بين التجريد الحديث والمعاصر وبين ...
- الصوفية والتجريدية : تحرر من المادة وانسياق نحو المطلق


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسلام الجبالي - أعمال الفنانة التشكيلية أمل نصر: نسيج تجريدي تعبيري يجمع بين عفوية الآداء ونظامية صارمة في الفعل