أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أفراح جاسم محمد - تطرَّف الشباب والسلام المفقود : محاولة للتفكيك















المزيد.....

تطرَّف الشباب والسلام المفقود : محاولة للتفكيك


أفراح جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6227 - 2019 / 5 / 12 - 19:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تطرَّف الشباب والسلام المفقود : محاولة للتفكيك
أ. د. أفراح جاسم محمد
جامعة بغداد ، كلية الآداب
قسم علم الاجتماع

الشباب راس مال المُجتمع
لما كان الشباب كفئة يمثلون القاعدة الاساس في بناء المجتمعات ، لذلك فان انتكاسة هذه الفئة يعود بالضرر والتراجع على المجتمع بحد ذاته ، فالشباب يمثلون قوى الدفع نحو التقدم والتطور وبناء معطيات الازدهار وتحقيق المستقبل المنشود .
ومن ذلك انطلقت وراهنت الكثير من المجتمعات على كيفية الاهتمام بهذه الفئة لئلا تنجرف عن الجادة وبالتالي تكلف المجتمع ضريبة اهمالها ، فعمدت هذه المجتمعات الى تحديد الاسس اللازمة لبناء مرتكزات تقدم الشباب وما يمكن ان يؤديه ذلك من انعكاس واضح على واقع المجتمع بالتطور والتقدم ، في حين ان عدم الوعي بالدور الهام لهذه الفئة يدفع بها الى انكار ما يجب توفيره لها وما يمكن ان يسهم به في الاعداد الصحيح لبناء مجتمع فعال .
ويمكن القول ان اختفاء فلسفة الوعي بأهمية هذه الشريحة المهمة يؤدي بها الى التطرف والجنوح والخروج عن ما هو مأمولاً منها كواجبات لبناء ذاتها ومن ثم الاسهام الاكبر في بناء السلام في المجتمع الذي يعيشون فيه ، وهناك امثلة عديدة لمجتمعات لم تعر اهمية قصوى للشباب وبالتالي انكفئت ولم تحقق اي ملامح للنهضة والازدهار .

تطرَّف الشباب
ان تطرف الشباب معناه الخروج عن كلِ ما هو متفق عليه قانونياً وعرفياً وشرعياً ، بمعنى التعرض للإقصاءِ القصدي من خلال عدة مسببات دفعتهم لذلك منها ، اغلاق الفرص المتاحة لهم واختلال التوازن بين الحقوق والواجبات وضرب مفهوم المواطنة ، وتغييب وتهميش ادوارهم الحقيقية وعدم المبالاة والاعتراف بهم كقوة جادة يمكن ان تغير المجتمع جذرياً .
وانطلاقاً من عبارة المفكر العربي د. محمد جابر الانصاري (نقد الواقع) ، الواقع الذي افرز ويفرز البنى الذهنية والفكرية ، والذي يمثل احدى الاولويات الملحة التي لابد منها للثورة المعرفية المنشودة ، والتي تهدف الى التنوير الذي طال انتظاره. فالواقع الذي تحدث عنه الانصاري ليس الواقع الآني المتقلب الظاهر للعيان ، وانما هو الواقع التاريخي المجتمعي الممتد في الزمان والمكان والمؤثر في الحياة السياسية والعامة في يومنا هذا (1) .
اي ما لحق المجتمعات من ان تكون اسيرة للماضي والحوادث التاريخية بايجابياتها وسلبياتها ، والثقافة التي نقلت العديد من اوجه التطرف الى الواقع وجعلت الافراد يعتادون عليها كمعطيات حياة ، والعديد من الامور التي هي ليست وليدة اليوم بقدر ما هي متوارثة ومتعارف عليها من الماضي لكن اصبحت كأشياء متداولة وجزءاً مهماً في ثقافة الكثير من الافراد ، فضلاً عن البيئة المُعاشة والتي تؤدي لاستفحال موجات التطرف .
لذلك يمكن القول ان ما يعيشه المجتمع العراقي اليوم من واقع مأزوم ، هو نتيجة تراكم تاريخي لما مر به المجتمع فضلاً عن ما تبلور واقعاً واصبح امتداداً للقديم ، وعليه فان ما ينتج من تطرف وعنف وارهاب قد لا يحسب على ارهاصات حصيلة اليوم وانما تراكم عوامل عدة خارجية وداخلية ابتلي بها الافراد وبضمنهم الشباب .
وهناك رأي أخر يرى بان التطرف ليس مقولة ذهنية او كما يقال هو الخروج عن المألوف، وانما هو اسلوب مغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة في تقبل اي معتقدات او قيم تختلف عن الاخرى للجماعة(2) .
صور التطرَّف
ولا ينحصر التطرف في الجانب الديني والانغلاق حول قيم ومعتقدات الطائفة او المذهب وتفضيلها على طوائف ومعتقدات وطقوس الغير ، وانما يشمل انواع عدة منها التطرف في الحياة الاجتماعية بالخروج عن عاداتها وتقاليدها وقيمها او التطرف في الايديولوجيات بتبني ايديولوجية وعدها الافضل او التطرف لعرق او لون او لغة او قومية وغيرها ، والاهم من ذلك كله انها الخروج عن ما هو متفق عليه والسير على عكس اتجاه ما يريده المجتمع .
وعلى اعتبار ان الشباب يمثلون رأس مال اجتماعي مهم ممكن ان يعتمد عليه المجتمع ، فبناء او تمكين رأس المال هذا يعد مكسباً للشباب انفسهم ومن ثم للمجتمع حاضراً ومستقبلاً ، وعند توافر الاسباب التي تؤدي الى نكران ادوار الشباب وبالتالي تطرفهم ، ينهار رأس المال هذا وتحوله الى رأس مال اجتماعي سلبي ، يؤول الامر الى تقزَّمه وبالتالي انهيار المجتمع .
فتطرف الشباب قد يؤدي الى جنوحهم وما قد يشكله ذلك من الدخول في مديات عنفية كبيرة ، وبالتالي الوصول الى الموجاتِ الارهابية التي تطالهم وتكون انعكاساتها على المجتمع .
وتشهد المجتمعات البشرية موجات من العنف الكبيرة والممتدة من التاريخ الى الآن ، كانت من اسبابها موجات الغلو والتطرف التي انتابت افرادها ومن ضمنهم الشباب ، والتي تكونت بفعل عدة عوامل اجبرت الكثير من الافراد للانخراط في القوالب التطرفية والوصول الى العنف الذي اصبح ارهاباً فيما بعد .
ومن صور تطرف الشباب الاخرى التي تصبح ملازمة لهم الانضمام للجماعات الدينية المتطرفة والتي تناقض او تتمرد على الواقع وتفسر الحياة وفق مقتضيات مصلحتها وربطها بالأصول والنصوص الدينية ، وما يمكن ان يؤديه ذلك من خراب كبير وانهيار مستقبل المجتمع وضياع فئة مهمة كان من الممكن لو تم الاهتمام بها والوعي بأهميتها ان لا تتطرف ولا تندفع لمحاولة الانتقام من الواقع وشخوصه .
لذلك فعوامل تطرف الشباب في العراق جاءت من مسببات عدة منها ما يتعلق بالواقع المجتمعي الذي نعيش فيه والذي لم يحقق توازن للفرص بالنسبة للشباب للإفصاح عن مكنونات حياتهم وعوامل الفقر والبطالة والتهميش والاستبعاد والتشظي ، فضلاً عن آثار الثقافة وما تحمله من انطباعات تطرفية تدفعهم للخروج عن ما هو مألوف والانجرار نحو ما يخالف حياة المجتمع. والامور التي تؤدي الى الطائفية وما ينجم عنها من فصل الفرد عن المجتمع والتخندق حول الدفاع عن معتقدٍ ما يميل اليه من جماعته، لا لأغراضٍ سلمية وانما لأغراضٍ هدفها التحطيم والتطرف(3) .
حلول للخلاصِ من تطرفِ الشباب
في عرضهِ لشروطِ النهضة عام 1948 اعتبر المفكر العربي مالك بن نبي ان من شروط النهضة هي الانسان ، لذا فان للإنسان دوراً مهماً في نهضةِ المجتمع ، حيث ان تحصينه من الوقوعِ في شباكِ الفكر المتطرف هو اصلاً حماية لرأسِ المال الاجتماعي للمجتمع.
ومن هنا ننطلق لحماية رأس المال هذا من خلال تفعيل دور الموجَّه داخل المجتمع العراقي والموجَّه هنا هي المؤسسات ، فنحن بحاجة ماسة الى تفعيل أدوار المؤسسات الاجتماعية لتحصين الشباب من الوقوع في التطرف حتى لا يكونوا رأس مال سلبي للمجتمع وليس ايجابياً ، والذي يتعرض لكتاب لماذا تفشل الامم يجد جواباً على ذلك .
وللسعي لتحقيقِ التوازن والسلام والابتعاد عن التطرف بالنسبة للشباب ، فلابد من وجود مرتكزات اساسية ممكن البناء عليها ، والتي يتم تحقيقها من خلال عدة منطلقات ، منها الاهتمام بتخليص ثقافة المجتمع من كل ما من شأنه ان يؤدي الى اجترارِ مُخلفات الماضي والداعية الى التطرف ، مع ضرورة تحقيق مبدأ المواطنة الذي يضمن الحقوق للأفراد وبضمنهم الشباب ، والوعي بأهمية هذه الفئة وما يمكن ان تؤديه من خلال جعلهم المرتكز الاساس لبناء ذواتهم ومن ثم المجتمع ، والاعتماد عليهم بشكلٍ اكبر في الاعداد للمستقبل ، دون اشعارهم بانهم فئة مستضعفة ولا اهمية لها ، وللأسرة الدور الكبير والمهم في حماية هذه الفئة من التطرف من خلال اصول التنشئة الصحية وما يمكن ترسيخه في اذهانها ، فضلاً عن المؤسَّسات الاجتماعية الاخرى من تربوية ودينية وثقافية والمنبر الاعلامي وكيفية اسهامه في تحصين الشباب من الوقوع في مزالق التطرف والذي قد تكون نهاياته الوصول للعنفِ والارهاب ، الذي عندما يطال المجتمعات يلحق الضرر الكبير في اساساتها .
الهوامش :
1. د. محمد جابر الانصاري ، تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية ، مدخل الى اعادة فهم الواقع العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ط3 ، بيروت ، 2000 ، ص7 .
2. سمير نعيم احمد ، المحدَّدات الاقتصادية والاجتماعية للتطرفِ الديني ، بحث منشور في كتاب الدين في المجتمع العربي ، مجموعة مؤلفين ، مركز دراسات الوحدة العربية والجمعية العربية لعلم الاجتماع ، ط2 ، بيروت ، 2000 ، ص217-218 .
3. د. مازن مرسول محمد ، سوسيولوجيا الازمة : المجتمع العراقي انموذجاً دار العارف ، ط1 ، 2008 ، ص121 .



#أفراح_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في متاهاتِ الذكورة
- طفولةٌ في خطر


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أفراح جاسم محمد - تطرَّف الشباب والسلام المفقود : محاولة للتفكيك