أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - كيف التصدي لصفقة القرن؟















المزيد.....

كيف التصدي لصفقة القرن؟


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 6206 - 2019 / 4 / 20 - 16:26
المحور: القضية الفلسطينية
    



بلغت القضية الفلسطينية في رحلة التردي مرحلة الحسم . من جانب يقف مركز الخطر في تحالف يميني فاشي ممتد بين إسرائيل والولايات المتحدة ودول اوروبية وأميركية لاتينية، تتزعمه إدارة ترمب . بالمقابل حركة المقاومة الشعبية الفلسطينية في إطار حراك شعبي ديمقراطي متصاعد باضطراد. بتعيين جاريد كوشنر ، كبير مستشاري الرئيس، وهو ربيب سياسي لنتنياهو، باتت جميع قرارات إدارة ترمب بشأن الشرق الوسط تخضع لمشيئة نتنياهو. جاريد كوشنر، الصهيوني المتطرف، هو الذي جلب بومبيو وبولتون الى الإدارة الأميركية ممثلين عن غلاة اليمين - المسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد. ونشأت علاقة خاصة بين نتنياهو وأسرة كوشنر بحيث كان نتنياهو يجد راحة المبيت في بيت جاريد كوشنر وعلى سريره أثناء زياراته للولايات المتحدة.
في ضوء هذه العلاقة صدرت قرارات إدارة ترمب بما يلبي رغبات نتنياهو : دفع عملاء أميركا بالمنطقة للتعاون جهارا مع إسرائيل، وبتحد للقرارات الدولية نقل السفارة الأميركية الى القدس ومنحها كاملة لدولة إسرائيل، أيد ضم الجولان لدولة إسرائيل، واعتبر الحرس الثوري منظمة إرهابية. اوقف ترمب المساعدات المقدمة للحكومة الفلسطينية وكذلك لوكالة الأونرا تمهيدا لإلغائها وشطب قضية اللاجئين؛ وفي الأمم المتحدة أفشلت مندوبة الولايات المتحدة كل القرارات الرافضة لإجراءات إسرائيل في الأراضي المحتلة؛ وفي صفقة القرن ، حسب تسريبات للإعلام، في تحدٍ للقرارات الدولية بإعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال وعضو بالأمم المتحدة، قرر ترمب للفلسطينيين حكما ذاتيا في كنف دولة الأبارتهايد الإسرائيلية. دفعت ترمب عنصريته المتزمتة لمهاجمة الملونين ، خاصة المسلمين ومنع دخولهم الولايات المتحدة ، خروجا على تقليد اميركي يشجع الهجرة ويستوعب المهاجرين. شرع ترمب يهاجم في تغريداته بضراوة إلهان عمر ، النائب في مجلس النواب لأنها انتقدت هيمنة اللوبي الإسرائيلي على السياسات الأميركية . وبعد خطاب ألقته إلهان ينتقد مشاعر العداء للمسلمين إثر تفجيرات نيويورك، هاجمها ترمب وحرف كلماتها متهما إياها بالإشادة بتفجيرات نيويورك . وعلى إيقاع تعليقات ترمب راحت التهديدات بالقتل تصل تباعا لهاتف إلهان، لدرجة ان بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، وعدد آخر من الديمقراطيين انتقدوا تهجمات ترمب واعتبروها خطيرة ومخزية ومثيرة للاشمئزاز، وطالبوه بالتراجع عنها. كما طالبت بيلوسي الكونغرس بتامين حماية امنية للنائب إلهان عمر.
أدخل ترمب نهج الصفقات المالية في تعاملاته السياسية، يقايض بالمال الوطن وقيم الإنسانية المتعلقة بحق المواطنة والعيش على أرض الوطن. وصل ترمب البيت الأبيض على موجة سخط شعبي على سياسات الإفقار والبطالة الجماعيين بجرائر عولمة الليبرالية الجديدة. ممثلو الاحتكارات الامبريالية طرحوا الليبرالية الجديدة نهجا اقتصاديا وثقافيا يخدم الرأسمال الاحتكاري؛ثم بادرت الاحتكارات لاستثمار عواقب الليبرالية الجديدة في نهج يمين شعبوي متعصب قوميا ومشيعا للعنصرية تجاه غير البيض. يدرك نتنياهو ان اليمين الشعبوي العالمي يسانده، وان قادة الدول الأخرى مشغولون بمشاكلهم المحلية، ويحظى بدعم إدارة ترمب، خاصة الثالوت المسيطر ، كوشنر ، بومبيو وبولتون. توفر لنتنياهو الحرية المطلقة، محليا وإقليميا ودوليا، لتنفيذ برنامج يميني فاشي مفرط في عنصريته. لم يتحرج في التصريح ان الفلسطينيين المقيمين داخل إسرائيل كمواطنين غير مرحب بهم في دولة قومية لليهود حصرا. وبموجب قانون عنصري صارخ أقر الكنيست في الصيف الماضي مصادرة حقوق الفلسطينيين، واعتبر الاستيطان قيمة عليا تمارس باضطراد. وبعث نتنياهو حزب كاهانا العنصري، داعية طرد الفلسطينيين من ديارهم وأشركه في الانتخابات ويود إشراكه في الحكومة القادمة ، كي يغدو طرد الفلسطينيين من ديارهم سياسة رسمية في إسرائيل. ينتظر أن تمثل حكومته القادمة الأكثر يمينية وتعصبا وتمسكا بنهج الأبارتهايد ضد الفلسطينيين في تاريخ إسرائيل. وقد تستهل حكومة نتنياهو تحدياتها لللوجود الفلسطيني بمحاولات إضعاف الحكم في الضفة وإرباكه تمهيدا لتصفية الحكومة وتجريدها من وظائف التمثيل مع الخارج وإلغاء الأجهزة ذات العلاقة، وذلك كي تفرض ، ضمن صفقة القرن ، حكما ذاتيا محدودا يقطع الطريق على الدولة الوطنية ذات السيادة، ويحشر الفلسطينيين ضمن اوضاع صعبة عرضة لمضايقات واعتداءات تضطرهم للهجرة.
تفرض هذه المخاطر المحدقة على الفلسطينيين واجب الإٌقلاع حالا عن نهج اللهو والتشاطر واختلاق المناكفات، والشروع في الالتفاف حول حكومة الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال. على جميع الفصائل الفلسطينية، أيا كانت استراتيجيتها، التحرير الشامل او الجزئي، ان تعي ان كل شيئ ينطلق من وضع حد لقضم أراضي الدولة الفلسطينية واستشراف أفق التحرر الوطني وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية. ما من خلاف يجوز أن يحرف او يلهي عن مواجهة حكومة نتنياهو ونهجها الفاشي، وما من قضية تسمو على التصدي لصفقة القرن وإحباطها . يتوجب على جميع الفصائل أن تعيد النظر في سياسات سابقة أهدرت الطاقات في خلافات العقيمة، والارتفاع لمستوى المسئولية الوطنية وتكوين الجبهة الكفاحية للمقاومة الوطنية. على حركة فتح أن تكف عن وضع العراقيل بوجه توحيد القوى وقبول مبدأ المشاركة ؛ وعلى حماس اتباع نهج التحالف الوطني وإفشال خطة نتنياهو لعزل قطاع غزة عن الضفة.
الجهد الفلسطيني المقاوم تتنازعه خيارات ثلاثة: اتخاذ موقف مراقب يرفض أو يندد تاركا المجال رحبا لتنفيذ قانون قومية دولة إسرائيل ، او انتهاج خيار المقاومة العنفية وصولا لحرب إبادة إسرائيل كما تتوعد قوى مقاومة خارج فلسطين وداخلها. على أصحاب هذا التوجه أن يعوا اولا أن إسرائيل تنتظر عمليات العنف المسلح كي تبطش وتقمع بصورة عشوائية ضمن إرهاب دولة يطال مجموع الشعب داخل الضفة، وثانيا ان قوى اليمين الدولي لن تقف على الحياد وهي ترى إسرائيل منخرطة في حرب بمبادرة منها او مكرهة . اليمين الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، سيهب لنجدة إسرائيل مثلما تحركت الولايات المتحدة في حرب رمضان 1973 تنقل لإسرائيل عبر جسر جوي الأسلحة والنفط. راودت حكومة غولدا مائير بعد اجتياح خط بارليف فكرة استعمال السلاح النووي ، في واحدة من نوايا مبيتة لإبادة المنطقة باكملها في حال تعرض الدولة للخطر. وهذا يوضح كذب ادعاءات نتنياهو، إذ تشيع المخاوف من نوايا محو إسرائيل من جانب إيران او غيرها. فذلك إن توفرت أسبابه ومعداته يتحقق بإبادة منطقة الشرق الأوسط باكملها.
وبصدد الخيار الثالث الواقعي والواعد، يتوجب إدراك ان بالامكان خوض مقاومة شعبية تنمو باضطراد لتبلغ نقطة الحسم مع نظام الأبارتهايد. يوجد في جنبات المعمورة ضمائر حية يؤرقها نظام الأبارتهايد، وهي مستعدة للتضامن مع النضال الشعبي، وتقديم المساعدات الممكنة للقضاء عليه. ظاهرة اليمين الشعبوي لن تدوم، وهجمتها قصيرة النفس وقريبا ترتد في عالم سريع التحول . اليمين الشعبوي، وتعصبه القومي خذل شرائح الطبقة العاملة الساخطة على نهج الليبرالية الجديدة ، وهي في دور الانفضاض عن اليمين والرجوع الى مواقعها المؤيدة لليسار. ادركت الخديعة بشعارات التعصب القومي ومكافحة الهجرة الى اوروبا وأميركا. الأزمة متجذرة في صميم النظام الرأسمالي. والشعب الأميركي باكثريته الساحقة يعارض سياسات ترمب وأسلوبه الفظ ؛ ولدى تسلم نجمة هوليوود، ميريل سكريب ، جائزة في حفل جولدن جلوب عرّضت بالرئيس الأميركي في كلمة ألقتها: " لدينا حقوق اعمق من أن تدفعنا غرائزه الكارثية الى شتاء نووي(تقصد حربا نووية تحرق كل شيئ مثيرة دخانا يحجب الشمس عن الكرة الأرضية) ، ولكن ينبغي أن نشكر هذا الرئيس حقا لأنه أيقظنا لندرك هشاشة الحرية لدينا". أدخل ترمب لغة غير مسبوقة في التخاطب تجافي اللغة الدبلوماسية، استفزت حتى اعضاء الكونغرس الأميركي. طالبت مجلة فورين أفيرز المتنفذة بإصلاح سياسة أميركا الخارجية، وطالبت كوريا الشمالية استبعاد بومبيو من المفاوضات الجارية معها نظرا "لعدم نضجه". الإدارة الأميركية باتت مختزلة في كوشنر وبولتون وبومبيو، ممثلي اكثر قطاعات المجتمع الأميركي يمينية وفاشية. وتهتز ثقة دول عديدة بالسياسات الأميركية المتعجرفة الاستعلائية وغير الأخلاقية.
في فترة اتساع رقعة اليمين اتسعت أيضا مقاومة نزعة التعصب القومي والتمييز العنصري، خاصة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي، وفي الولايات المتحدة بالذات، حيث تعجز الصهيونية واللوبي الإسرائيلي- إيباك- بأساليب الديماغوجيا ومماهاة انتقاد سياسات إسرائيل باللاسامية، عن إيقاف تصاعد المعارضة لنهج إسرائيل العنصري. التضامن يتصاعد مع العدالة لشعب فلسطين حتي بين الشبان اليهود. لكن التعصب العنصري للصهيونية ودولة إسرائيل لا ينحسر تلقائيا، وعلى المقاومة الشعبية الفلسطينية ان تكسر حدته وتضطره للتراجع. والتضامن يجيش ويضطرد ارتفاعه مع النضالات الجماهيرية.
يبقى ، إذن، خيار المقاومة الشعبية المتصاعدة مفتوحا ، لا يعوزه غير جماهير متحررة من ترسبات عهود الاستبداد وحاكمية النظام الأبوي. ومن اولى عوامل التمكين والاقتدار على مستوى الأفراد معرفة الإنسان خصوصية الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التاريخية التي تحكم وجوده وبقاءه. ويلقى على عاتق الفصائل الفلسطينية ، خاصة فصائل التغيير الديمقراطي، ان تستكمل أبعاد وأركان التمكين والاقتدار لدى الأفراد والمجموعات ، وذلك بالوصول الى الجماهير في مواقع سكنها او عملها والتعامل معها باحترام وتقدير لطاقاتها الكفاحية إن هي وعت ملابسات وجودها . نتيجة لظروف خلت، ومنها الركون للكفاح المسلح الذي يستقطب تلقائيا حماس الجمهور المقهور والمهدور، وهذا الجمهور يفرط في توظيف القوة التي بيديه مقلدا قاهره السابق، ومتحولا من طالب حرية الى قامع لحرية الآخرين . وكثيرا ما تورطت فصائل مقاومة فلسطينية في هذا الشرك.
إن أخطر جرائم الاستبداد هدر الطاقة الحيوية لدى الجموع، بحيث يتقبل الضحية طوعا ما يلاقيه من اضطهاد. الهدر الخارجي لا يقيض له النجاح التام إلا بمقدار ما يتحول، بفعل الاستمرارية، او تعاقب أنظمة الجور، إلى قوى هدر داخلية ذاتية. نتيجة لهذه الخاصية الخطيرة على المقاومة الشعبية تفتقد الفصائل الكوادر المؤهلة للالتصاق بالجماهير والعمل في أوساطها وتربيتها سياسيا وثقافيا كي تستطيع قيادة نهوضها في حراك شعبي ديمقراطي متصاعد حتى كسر هيمنة العسكرية الإسرائيلية. بفعل الهزائم وترسبات الاستبداد تستبد بالجموع حالة انعدام الثقة بالذات. وفي المناسبات الاجتماعية أو الوطنية ذات الشان، مثل يوم الأرض ، او ذكرى النكبة ، او يوم الأسير الفلسطيني، تحجم الجماهير عن المشاركة، مع انها تتعاطف مع المناسبة؛ ومرجع ذلك عدم الثقة بالذات؛ الجماهير اعتادت تهميشها ولا تثق ان قيمة التحولات الاجتماعية العميقة وانتصارات التحرر الوطني مرهونة بحجم الجمهور المشارك في إنجازها. حتى الجماهير الغفيرة قد تفقد الثقة بالقدرة على التأثير في مسار الأحداث. إنه تبخيس الذات، وهو ما نسمعه يتردد مرارا على الألسنة، تحقيرا للجماعة أو للعنصر العربي أو الإسلامي. أطلق عالم النفس الشهير، الدكتور مصطفى حجازي، على الظاهرة تسمية "الهدر"، هدر إنسانية الفرد أو الجماعة أو الشعب بأكمله. ويطلق عليها أيضا مفهوم "الاستلاب". وعندما يتقبل المجتمع واقع الهدر قدراً، ويرضخ له مستكينا، فذلك مؤشر على تغلب نزوة الموت على نزوة الحياة؛ ويغدو ترميم المجتمع مهمة معقدة لكنها حاجة ملحة.
جهلا بهذه الحقيقة الحيوية، وخلال التحركات السابقة انتهجت بعض الفصائل وما زالت تتبع أسلوب إكراه الجماهير على الإضراب او المشاركة في فعاليتها ؛ وترك هذا التصرف، المعوض عن غياب الكوادر الحزبية القادرة على التعامل الرفاقي مع الجماهير وتمكينها وإلهام حماسها للنشاط الوطني، آثارا سلبية على مجرى المقاومة الشعبية للاحتلال. ما من قوة في الزمن الراهن بمقدورها الصمود بوجه الجماهير المنتفضة في حراك شعبي ديمقراطي متصاعد. استطاعت الجماهير الأردنية المنتفضة عام 1955 ردع تمبلر وجهود دعاة الأحلاف العسكرية. غدا الأردن، وعدد سكانه المليونان آنذاك، مثالا ملهما لشعوب العالم .
واطاحت الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر بنظامي بن علي ومبارك. واطاح الحراك الشعبي في الجزائر واليمن بكل من بوتفليقة والبشير وتواصل الجماهير في البلدين حراكها لاجتثاث النظامين الفاسدين .
فالخطر أن تهجر الجماهير الساحات وتترك للصوص الانتفاضات جني الثمار. الهمت الجماهير المنتفضة بقية شعوب المنطقة ، مبرهنة ان الشعوب العربية زاخمة بأشواق الحرية والتقدم والحياة المتحضرة. والشعب الفلسطيني سبق أشقاءه العرب في خوض تجربة الانتفاض على الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة 1987-1923.كانت انتفاضة مجيدة اكتسبت التعاطف الدولي نظرا لطابعها الشعبي؛ لكن امكن إجهاضها ، حين انخرطت فصائل في منافسة على العنف المسلح. صدر تشريع إسرائيلي يجيز للجندي او المستوطن، بدون ضوابط ولا محاسبة، إطلاق النار إن أحس بخطر يتهدده من عربي . واشتط الجنود والمستوطنون في اطلاق النار على الفلسطينيين ، وسقط المئات ضحايا العنف الدموي العنصري.
قبل اكثر من قرن كتب المنور الفلسطيني، عضو مجلس المبعوثان التركي ، محمد روحي الخالدي، اننا ذاهبون إلى كارثة إن بقيت الأوضاع المختلة على حالها . بحكم مكانته النيابية جال داخل المستعمرات اليهودية المشيدة هنا وهناك في أرجاء فلسطين ، عاين مدى التقدم المتاح لساكنيها اليهود الوافدين مستلهمين فكرة الاستيطان الكولنيالي الإحلالي ، وما بحوزتهم من معدات زراعية وخدمات صحية وتعليمية وإرشاد، وما يتمتعون به من استقلالية الإدارة وموارد لرشوة أصحاب النفوذ في الإدارة العثمانية . جال وعاين وقارن كل ذلك بتخلف الفلاح الفلسطيني وعجزه حيال عوامل الطبيعة والتباسات الحياة الاجتماعية؛ تحقق من انقطاع الفلاح الفلسطيني تماما عن معطيات الحضارة ومعالم التمدين؛ فخلص الخالدي الى النذير اطلقه يحث على ضرورة التغيير وإدخال مستحدثات التحضر في الحياة الاجتماعية العربية بفلسطين. لم يتم الإصغاء للنذير وتوفي الخالدي في سن مبكرة عام 1913. حدثت النكبة التي تناسلت نكبات في ظل المراوحة في وحول البدائية والتخلف. فمن المحال أن تصمد البدائية امام هجوم احتكر ادوات القوة ومنجزات العلم، وسياسات التحضر في الداخل واسترشد بذهنية همجية انطوت على عنصرية هوجاء يواجه بها الفلسطينيين تفرز نوايا الإقصاء ومرامي الاقتلاع.
تتالت العقود، حملت انكسارات المقاومة المدججة بعواطف وطنية وهبّات ارتجالية وسخاء في التضحية، استدرجت الى مواجهات عنفية غير متكافئة لم تستكمل أبعاد وأركان الجهد المقاوم، عدتها هتافات الشهادة أو النصر. تعذر النصر ليتقدم المشروع الاستيطاني الإحلالي ويتطور عبر انتصاراته في مواجهات تفوق فيها بالتخطيط والتنظيم والتسلح بأدوات الإبادة والتدمير . بنفس العواطف الجياشة والمقاومة المستدرجة الى مواقع اللاتكافؤ، بدون تخطيط او تنظيم أوالتثقيف، جرى و يجري التصدي لنفس الذهنية ومنطوياتها التدميرية الاقتلاعية في مواجهة يقدر لها ان تحسم الصراع على فلسطين.
فهل تنجز همجية العنصرية أهدافها ام تحدث معجزة التغيير في أسلوب ونهج المقاومة ، بحيث تواجه الهمجية بالتنظيم والتفكير الاستراتيجي والتخطيط لتضرب نظام الأبارتهايد في نقطة ضعفه ؟!




#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنصرية إسرائيل وعنصرية اليمين الشعبوي_داء مزمن وعرض زائل
- فاشية الليبرالية الجديدة -2
- جريمة إرهابية جسدت فاشية الليبرالية الجديدة
- القدس عاصمة عربية عبر التاريخ -الخرافات تتحطم على صخرة العلم
- القدس عاصمة عربية سياسية وثقافية
- مظلة اللاسامية لم تعد تؤمن الحماية لإسرائيل
- محترفو التحريض على الكراهية العنصرية - الحلقة الأخيرة
- محترفو التحريض على الكراهية العنصري-2
- من يحرض على الكراهية العنصرية. -1
- التخلف العربي أعراضه ومصادره
- حزيران انعطافة نحو صفقة القرن- الحلقة الأخيرة
- هل تعي الفصائل الفلسطينية ما يدبر على المكشوف؟_4
- هل تعي الفصائل الفلسطينية ما يدبر على المكشوف؟-3
- هل تعي الفصائل الفلسطينية ما يدبر على المكشوف؟-2
- هل تعي الفصائل الفلسطينية ماذا يدبر على المكشوف؟-1
- جرس إنذار
- لن تامن إسرائيل من جانب الفلسطينيين ولن تهادنهم
- ألقهر يحطم الروح والترياق في الفن
- بخطايانا لا بقوة إسرائيل
- اغتيال صحفي .. الملابسات والدلالات


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - كيف التصدي لصفقة القرن؟