أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - نقد الثورات العلمية؟














المزيد.....

نقد الثورات العلمية؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6200 - 2019 / 4 / 13 - 10:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1. الثورة الطبيّة
ارتفع متوسط العمر بفضل الوقاية والرعاية الصحية ونقصت الوفيات وزادت الولادات، لكن نحن نعرف أيضاً أن هذه النتائج المشهدية (من المشهد حسب تعبير ڤي دي بور) هي بمثابة الشجرة التي تُخفي الغابة: احتكار الأدوية وأمصال التلقيح من قِبل بعض الشركات متعددة الجنسية، وارتفاع أسعار الأدوية والعمليات الجراحية، وتخلي الدول عن مسؤوليتها في ضمان مجانية العلاج، والمضارّ الجانبية لكل الأدوية مثل مضادات الالتهاب أو المضادات الحيوية، وبعض مساوئ الطب الغربي الميكانيكي الذي همّش عمداً كل أنواع التطبّب التقليدي مثل الطب الصيني و الطب العربي و الطب الإفريقي، مستعيناٌ بحجة القوة لا بقوة الحجة والمنطق والعلم.

2. الثورة الفلاحية
كثر الإنتاج حتى صار الغربيون يسكبون الحليب في الساحات، ويرمون القمح في البحر، ويتلفون التفاح في الطرق السيارة، ويحرقون محصول الذرى احتجاجا على انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية، وفي نفس هذا الزمن الردئ يموت جوعاً ملايين الهنود والبنڤلاديشيين والباكستانيين والأفارقة. استنزفوا التربة ولوّثوا المائدة المائية والجو بأسمدتهم ومبيداتهم الكيميائية ونباتاتهم المعدّلة جينيا. جنّنوا الأبقار بهرموناتهم المسرطِنة وعلفهم المتكون من بقايا اللحم عوض العشب (الغذاء الطبيعي للبقر)، وجنّنوا البشر بفرض نظام غذائي غربي مستورد يعتمد على لحم البقر والخنزير والدجاج المسمَّن على عجلٍ. سرق الغرب البذور الأصلية المتلائمة مع البيئة المحلية من العالم الثالث، واحتكر بيعنا بذوراً معدّلة جينيا لا تُنتج إلا مرة واحدة، وربطنا إليه بحبل التبعية الاقتصادية والغذائية والتكنولوجية كما تُربط البهائم في الإصطبل. أتلفوا عمداً البذور وساهموا في انقراض الحيوانات الأصلية المتأقلمة مع المناخ المحلي في الهند والعالم الثالث وأجبرونا على استيراد بذور غربية وبقر هولندي مرفقا إجباريا بتقنيّين وأدوية وأسمدة وهرمونات أجنبية باهظة الثمن وحرّموا علينا بالقوة الناعمة والسائلة تصنيعها وطنيا.

3. الثورة التكنولوجية الصناعية
طبق الغربُ العلوم وأخرجها عن أهدافها ومقاصدها النفعية وطوّر تكنولوجيا الطائرات المدنية والحربية والسيارات والدبابات والصواريخ والقنبلة النووية والمبرّدات والغسّالات الكهربائية. ماذا جنينا نحن؟ جنينا من هذه التكنولوجيا الخير الكثير وأصابنا من شرورها أكثر. أثقلت كاهلنا بالحروب والاستعمار والاستيطان وكانت تكنولوجيتهم العسكرية والمخابراتية عوناً للحكام المستبدين والصهاينة الجدد، عوناً على الضعفاء المساكين من مواطنينا ومواطنيهم.

4. الثورة المعلوماتية
أتاحت لنا فرصة للحاق بركب التقدم العلمي، أسأنا استخدامها ولم نحسن استعمالها فعادت علينا بالوبال، وبال يتمثل في تفسخ أخلاقي وانبتات حضاري وغزو ثقافي وكسل فكري وهروب من المطالعة وترويج للثلب والسخافات والتفاهات وعشنا في جوّها الافتراضي سكارى دون خمر، لا حمراء ولا صفراء.

5. الثورة البيولوجية
قفزت قفزة عملاقة ونوعية منذ تطوّر البيولوجيا الجزيئية والجينات أو المورّثات (La biologie moléculaire). منتجو هذه البيولوجيا لم يلتزموا بالموضوعية ولا بالأخلاق (L`éthique)، بل على العكس فقد كانت انتقائية ومنحازة لمنتجيها الغربيين الاستعماريين الجدد. استفاد منها حصرا الغرب الرأسمالي الاحتكاري وصنع بفضلها جينات وأدوية وأمصالا وقنابل جرثومية وقنابل كيميائية، أحرقنا بها في العراق وأفغانستان والباكستان وفيتنام وفلسطين ولبنان.

خاتمة: البديل؟
لا أملكه ولا يملكه أحد غيري بمفرده. البديل ملكية مشاعة بين عقول البشر، كل البشر متعلمين وغير متعلمين، مواطنين عادين أو خبراء مختصين. قد ينبثق هذا البديل من تفاعلنا مع بعضنا ومع الغير في جو من التسامح وعدم الإقصاء وقبول الآخر مهما كان هذا الآخر وممارسة الديمقراطية التشاركية وحرية التعبير وحرية المعتقد.
أقترح تعويض مفهوم "الثورة" الفجائية أو العنيفة أو الدموية بمفهوم جديد، أسميته "تغيير المفاهيم والتصورات غير العلمية في المجتمع" (Le changement conceptuel progressif). يتجسم هذا المفهوم الأخير في محاولة تغيير القيم والممارسات الاجتماعية عبر سيرورة فكرية علمية بطيئة ورصينة، وليس تحت تهديد سيف الإيديولوجيات الإقصائية كالشيوعية أو الإسلام السياسي أو القومية المتعصبة.

Conclusion générale: Et pourtant, je ne -dir-ai jamais que c`était mieux avant



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل غيّرت الثورات وضعَنا إلى الأفضل أم أخذت السلطة وأبقت أمور ...
- متعة عشتها الليلة في المسرح البلدي لأول مرة في حياتي: حضور ح ...
- مقارنة بين الصين وأمريكا، ولكلٍّ نصيبُه من الشكر والذم؟
- مَن كان منكم ينتظرُ خيراً من العسكر فمَثله كمَثل مَن ينتظرُ ...
- مقالٌ علميٌّ غيرُ مطوّلٍ: جدليةُ مصيرِ الإنسانِ العربيِّ بين ...
- مقالٌ علميٌّ مطوّلٌ (وسْعوا بالكم): الطب العلمي والطب المواز ...
- المجازر الفضيعة التي ارتكبتها محاكم التفتيش المسيحية ؟
- تعريف علوم الإبستمولوجيا؟
- مقارنة بين السلفيين والستالينيين
- أيهما أفضل؟ النقد البنّاء أو النقد الهدّام؟
- في الجزائر، -حكّام الظل- حجبوا الشمس عن الشعب!
- قائمة غير شاملة في نهايات تصورات معينة حول بعض المفاهيم، فرض ...
- الأحزابُ اليسارية ترى في المجتمع التونسي ما تريد هي أن ترى، ...
- كيف أفهم ديني ؟
- أمريكا ومنذ 1940 وهي تتدخل في انتخابات دول كبرى، تؤثر في الن ...
- حركات الإسلام السياسي (أو الصحوة الإسلامية بمتطرّفيها ومعتدل ...
- التربية الصحية بين الممكن والمطلوب ؟
- حوارٌ بيني وبين صديقِ يساريٍّ ماتَ عامْ سبعينْ !؟
- التلميذُ أمْ مدرّسُه، مَن مِنهما الفاشلُ الكسولُ الجاهلُ؟
- فرحات حشاد: -أحِبُّكَ ياشعبْ-. يوسف الشاهد: -أكرَحِبُّكَ يا ...


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - نقد الثورات العلمية؟