أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - فيلم -الحب فى زمن الكولير- حكاية عن الحب الذي لا نهاية له















المزيد.....

فيلم -الحب فى زمن الكولير- حكاية عن الحب الذي لا نهاية له


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 6196 - 2019 / 4 / 9 - 23:11
المحور: الادب والفن
    


فيلم "الحب فى زمن الكولير" حكاية عن الحب الذي لا نهاية له
love in time of cholera

علي المسعود

يُعد الروائي الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيز من الأسماء الهامة في مسيرة الرواية والقصة القصيرة في العالم، حيث تتمتع هذه الأعمال بإقبال جيد من قبل مختلف شرائح القراء، ذلك أن القارئ يستمتع بالدخول إلى عالم هذا الروائي، وبالتالي يتعرف على جمالية المشاعر الإنسانية وهي تقاوم نزعات الشر التي يواجهها سواء من نفسه، أو من قبل الآخرين. وقد حظيت أعمال الروائي الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز باهتمام كبير من قبل السينما العالمية، حيث جسدت هذه الأخيرة معظم رواياته، حيث مكنت عشاق الفن السابع من الاستمتاع بخيال ماركيز وقوة أعماله، ولعلّ ميول ماركيز المبكر إلى السينما، من جهة، وإقبال السينمائيين على نصوصه، من جهة ثانية، جعلته يثق في قدراته التخييلية البصرية ومعارفه السينمائية، فانبَرى لكتابة السيناريو وبرع فيه، لم يخف ماركيز، مثلما يفعل الكثير من أهل الكتابة، حبه للسينما وسعيه خلفها، وإنما أعلن هذا الحب أمام الجميع، ولم يكتف بذلك، بل راح أمام الملايين من قراءه والمعجبين بأدبه، يتقدم بالهدايا والعطايا تقربا من معشوقته في محاولات شبه يائسة للوصول إلي قلبها ونيل وصالها، وفي حوار أجرته معه مجلة «باريس ريفيو» في العدد 82 الصادر في شتاء 1981 يقول: " هناك أوقات فكرت فيها أن أصبح مخرجاً سينمائياً، درست السينما في روما، وشعرت بأن السينما وسيط بلا حدود، وكل شيء ممكن فيها، ذهبت إلى المكسيك لأنني أردت أن أعمل في صناعة الأفلام، ليس كمخرج، لكن ككاتب سيناريو، لكنني وجدت أن هناك عائقاً كبيراً في السينما، وهو أنها فن صناعي، صناعة كاملة، من الصعب أن تعبر في السينما عما تريد التعبير عنه فعلا، مع ذلك لا زلت أفكر فيها، كرفاهية يمكن أن أقوم بها مع الأصدقاء من دون أن أطمع في التعبير عن نفسي فعليا، لهذا فقد أخذت أتباعد عن السينما، والآن علاقتي بها مثل زوجين لا يستطيعان الانفصال، لكنهما أيضاً لا يستطيعان العيش معا". تكلم الأديب الراحل وكتب عن السينما ربما أكثر من أي أديب آخر. لم يتكبر عليها يوما كعادة أهل الحرف علي أهل الصورة، أعطاها الكثير من اهتمامه ووقته وجهده، ومع ذلك لم تمنح السينما ماركيز فيلما عظيما واحدا يرقي ولو بعض الشيء إلي مستوي رواياته، علاقة ماركيز بالسينما لها أكثر من جانب. الأول يتعلق بتحويل رواياته وقصصه إلي أفلام، والثاني يتعلق بالسيناريوهات التي قام بكتابتها أو ساهم في كتابتها مباشرة للسينما، والثالث يتعلق بورش كتابة السيناريو التي أشرف عليها وساهم من خلالها في تخريج أجيال من السينمائيين الشباب في أمريكا اللاتينية والعالم، يفخر ماركيز بعشرات الأفلام القصيرة -30 دقيقة تقريبا- التي تم انتاجها داخل ورش عمل السيناريو التي أشرف عليها، بالرغم من أنها تحمل أسماء كتاب آخرين، ربما أكثر من افتخاره بالأفلام الروائية الطويلة التي صنعت عن رواياته وتحمل اسمه بوضوح. انتقال الروايات إلى شاشات السينما أمر مغرٍ، وخاصة إذا حظيت الرواية بالقبول وبالنقد الجيد، والأهم تكون قد حظيت بمبيعات عالية تجعلها في مصاف الروايات العالمية، وهذا الذي حدث مع ماركيز وروياته الذي يحاكي الخيال والخرافات في عموم رواياته، تلك القصص التي تزخر بها بلدان أمريكا اللاتينية ، أول نص أدبي لماركيز تحول إلي فيلم سينمائي هو "عزيزتي ماريا" إخراج خايم همبرتو همبرسيلو، المكسيك، عام 1979، وهو مأخوذ عن إحدي قصصه القصيرة، وقام ماركيز بكتابة سيناريو الفيلم بنفسه، بعدها توالت الاعمال حتى وصلت الى أكثر من ثلاثةَ عشرَ فيلما من الأفلام المقتبسة من قصص ماركيز، من هنا نتساءل، لماذا هذا الإقبال على أعمال ماركيز من طرف السينمائيين؟ ما الذي وجده المخرجون في نصوص "غابو" (لقب ماركيز)؟، السّر في ذلك، كما أبرزه الكثير من النّقاد، يتمثل في كون اللغة التي يكتب بها غارسيا ماركيز لغة بصرية، فاللغة الواصفة التي تنتج الخيال عنده أقربُ إلى المشاهدة والرؤية الحسية منها إلى الرؤية المجردة، الأمر الذي جعل نصوص هذا الكاتب مؤهلة بشكل تلقائيّ لتتحوّل وتصير أفلاما، رواية (الحب في زمن الكوليرا» للكاتب «جابرييل جارسيا ماركيز» رواية رقيقة جداً، ومفعمة بالمشاعر الإنسانية العنيفة تارة والعذبة تارة أخرى، ولعلّ أبرز عمل انتقل من الورق إلى عالم الصوت والصورة هو رواية "الحب في زمن الكوليرا"، التي تعد بمثابة الرواية الثانية لماركيز من حيث الشهرة والمبيعات التي حققتها، نشرت رواية الحب في زمن الكوليرا بالإسبانية عام 1985، وتصدرت الروايات الأكثر مبيعا، وقد حولت الرواية إلى عمل سينمائي عام 2007 يحمل نفس الاسم، وقام المخرج "مايك نويل" بإخراج العمل الذي قام ببطولته خافيير باردم، وجيوفانا ميزو جيورنو، الحب في زمن الكوليرا، تروي قصة حياة رجل وامرأة منذ المراهقة وحتى ما بعد بلوغهما السبعين، وتصف ما تغير حولهما وما دار من حروب أهليه في منطقة (الكاريبي) وحتى تغيرات التكنولوجيا وتأثيراتها على نهر (مجدولينا) العظيم والبيئة الطبيعية في حوضه. ولأن الرواية رواية "حب" كان اسمها حب، ولأنها قصة حزينة في وسط حزين كان لا بد لماركيز أن يضيف "في زمن الكوليرا" والحاضرة كبطل رئيسي في الرواية كوحش منتشر في منطقة (الكاريبي) ذات الحر الخانق والفقر المدقع، حاصدا البشر بشراسة لدرجة ترى فيها الجثث ملقاة في الشوارع ، ليبدأ ماركيز في قص أحداث الرواية عائدا بذاكرة الأبطال ما يزيد على نصف قرن، البطلان الرئيسيان هما (فلورنتينو اريثا) الذي يعشق (فيرمينا) وهي على مقاعد الدراسة، وتبادله الحب عبر الرسائل فتطرد من المدرسة الدينية لأن المدرسة ضبطتها تكتب رسالة حب، كما يرفض والدها التاجر هذا الحب لأنه يأمل لابنته بعريس من طبقة اجتماعية أعلى، فيسافر بها بعيدا عن المنطقة ويغيب فترة يظنها كافية دون أن يدرك أن ابنته كانت على اتصال مع حبيبها طيلة الوقت بوساطة التلغراف وتعلقت به إلى أن اعتبرته خطيبا لها، والمفارقة المدهشة والتي ستكون بداية المأساة أنها وبعد ثلاثة سنوات من حبها له عبر الرسائل شبه اليومية لم تقترب منه بدرجة كافية كما في حصل ذات مرة في السوق وهي تشتري أغراض الخطوبة لتفاجأ بان حبها مجرد "وهم"، وتذهل كيف أحبت ذلك "الطيف" المفتقر إلى الملامح المحددة فتنهي الأمر بقرار فردي، ثم تتزوج من طبيب جذاب خريج أوروبا والذي يحظى بمباركة والدها نظرا لمكانته الاجتماعية، وتعيش معه سعيدة طوال اثنين و خمسين عاما من عمرها، تسافر فيها معه إلى أغلب أنحاء أوروبا ، وتساهم مع زوجها الطبيب في النشاطات الاجتماعية والثقافية في البلاد وتنتقل إلى طبقته بتفوق، وتنجب منه وتنسى حبها الأول الذي لا ينساها للحظة ويعاهد نفسه على الزواج منها حتى لو أدى به الأمر أن ينتظر أو يتمنى وفاة زوجها!!، وبعد أن كان يرفض أن يعاشر غيرها رغم أنه يقضي وقته في فندق خاص بين عصافير الليل اللواتي يتكسبن عن طريق جسدهن دون أن يعيرهن اهتماما، إلا أنه بعد زواجها وتعرضه لحادثة (اغتصاب) من قبل امرأة لم يتح له معرفتها، يحاول أن يدفن نفسه في العلاقات الجنسية مع النساء بحثا عن الحب وكمحاولة للتعويض بطريقة الأخذ أكثر من العطاء ودون أن يذهب في أي علاقة إلى حد الالتزام لأنه يريد أن يظل حرا على أمل الاقتران بـ (فيرمينا). وفي الوقت ذاته يرتقي في عمله في شركة النقل النهري التي يملكها عمه بفضل اجتهاده وسعيه لمكانة ترضي حبيبته ، ورغم أنه كان يحب النساء اللواتي يعرفهن بطريقة ما ويحببنه إلا أنه كان يعتبر نفسه طوال الوقت زوجا لــ(فرمينيا) ويحافظ على سرية تلك العلاقات ويرفض أن تقاسمه أي منهن سريره في بيته والمعد فقط لها، ولم يكن يعذبه ضميره أو يحوله عن تصميمه شيء حتى حين كان سببا في قتل إحداهن من قبل زوجها بسببه، وكذالك حين انتحرت تلك الطفلة التي كان وصيا عليها وتصغره بستين عاما فيما كانت تشاركه سريره لأنه صدها بعد وفاة زوج (فرمينيا) أخيرا. أما زوج (فرمينيا) فقد كان طبيبا مثاليا، يحب زوجته دون أن يخلو الأمر من نزوة تعرض لها وضحى بالمرأة التي كانت دكتورة وتدرس اللاهوت في سبيل زوجته ودون أن تخلو حياة طولها نصف قرن من بعض الرواسب والخلافات لتظل سعيدة بمعظمها وحتى موته،لينكشف بعدها وعن طريق الصحف التي تترصد الطبقات العليا أنه كان على علاقة بصديقتها فتنقم عليه شاعرة بالإهانة حتى وهو متوفى، الأحداث كثيرة ويصعب عرضها كما يصعب إعطاء خط عام للشخصيات التي رسم ماركيز تفاصيلها بريشة متقنة، دون إطالة ولكن الخط العام للرواية يروي إصرار (فلورنتينو اريثا) على الوصول لهدفه في الزواج من فرمينا داثا وإخلاصه لهذا الهدف رغم أننا في مرحلة ما نظن ذلك شبه مستحيل فهو يتعجل ويسارع لتقديم عهد الحب لــ(فرمينيا) ، الفيلم مليء بالاحداث المتسارعة والمناظر الماساوية لمرض الكوليرا وضحاياه، وتمر السنون ويتوفى زوجها وهي في السبعين من العمر، في مشهد وهو اروع مشاهد الفلم، حين رجعت فرمينا عائدة من مراسيم دفن زوجها لتفأجأ بوجود (فلورنتينو) في بيتها حاملا قبعته بين يديه قائلا لها، ("لقد انتظرت هذه اللحظة ، أنتظرت واحداً وخمسين عاماً، تسعة أشهر، وأربعة أيام. لأقول لكِ لم انساكِ أبدأ")، فتطرده من بيتها، لكنها في نفس الوقت هرعت الى دولابها واخرجت منه صندوق قديم يحوي جميع رسائله اليها، وكذلك خصله من شعره كان قد اعطاها اياها قبل ان ياخذها والدها ويتركوا المدينه ليبعدها عنه، كانت محتفظه بكل شئ يخصه، ولكنه لا يفقد الأمل ويستمر في محاولة كسب صداقتها بطريقة عقلية حيث لم تعد الرسائل العاطفية لها من تأثير مع امرأة في السبعين، يرسل لها رسائل عبارة عن تأملات في الحياة والزواج والشيخوخة تنال رضاها وتساعدها على تقبل الشيخوخة والموت بطريقة أفضل وتقبله شيئا فشيئا كصديق من عمرها تتبادل معه الأحاديث والتأملات ، فيما لا زال هو يرى فيها الحبيبة رغم تبدل مظهرها وذبولها وتجاوزهما العقد السابع، ويتصادقان مع تشجيع ابنها الذي يفرح لأن أمه وجدت رفيقا من عمرها يتفاهم معها ومع نقمة ابنتها التي ترى الحب في هذه السن (قذارة)، مما يؤدي بالأم لطردها من بيتها، في أحداث الفيلم الأخيرة تدور في سفينة نهرية حيث يدعو (فلورنتينو اريثا) حبيبته لرحلة نهرية على سفينة تمتلكها شركته فتوافق، وهناك يقترب منها أكثر وتدرك بأنها تحبه رغم شعورها بأن عمرها لا يصلح للحب ولكن هذا ما كان يمنع ألارملة (فلورنتينو اريثا) من الاستمرار بالأمل والسعي لراحتها فيتخلص من المسافرين الآخرين بخدعة أن السفينة عليها وباء الكوليرا لكي لا تنتهي الرحلة ويكون الفراق ويثبت أنها خدعة غير موفقة مع الحجر الصحي وتدخل السلطات، وتنتهي الرواية وهي نهاية الفيلم نفسها، والسفينة تعبر النهر ذهابا وإيابا رافعة علم الوباء الأصفر دون أن ترسو إلا للتزود بوقود فيما تضم عش الحبيبين الذين لا يباليان بكبر عمرها ويقرران أنهما الآن في مرحلة أفضل لوصول مرحلة ما وراء الحب وهي الحب لذات الحب. فيلم "الحب في زمن الكوليرا" إنتاج عام 2007، ومن إخراج البريطاني مايكل نيويل، مخرج هاري بوتر ولعب بطولته النجم الأسباني خافيير بارديم والجميلة جيوفانا ميزوجيورنو، في هذا فيلم «الحب في زمن الكوليرا»، حاول المخرج " مايك نيويل " في ألامساك بالرواية في كل تفاصيلها، لم يحرف في صناعه الأحداث ولم يقامر بإضافة أو حذف أياً من الخطوط الدرامية الأساسية، بل نقل مشاهد بكاملها من الرواية دون أي إضافات أو حذف، ورغم أن الرواية المكتوبة تختلف تماماً عن المرئية إلا أن الفيلم استطاع أن يجعل المشاهد لا يشعر بذلك الاختلاف بل عزز كل جماليات الرواية ببراعة، مع الملاحظة في أن بداية المخرج مايك نيويل لفيلم «الحب في زمن الكوليرا» من لحظة موت الدكتور خوفينال أوربينو (بنيامين برات)، زوج فيرمينا داثا (جيوفانا ميزجيورنو)، عقب سقوطه عن السلّم، وهذا يعني أنّ الفيلم يبدأ من الصفحة 50 في الرواية ربما لإعلان القطيعة مع زمنين مفصليين في الفيلم، هو زمن موت الحب الثاني وبداية العودة للحب الأول الذي ظل يرافق البطل طيلة 53 عاما برغم ارتمائه في أحضان 622 امرأة، محاولا أن يعيش جسد حبيبته في أحضان الأخريات، لكن "روحه تحتفظ بعذريتها". وقد نجح المخرج بادارة الممثلين باقتدار، والاجمل أنه جعل الممثل «خافيير بارديم» المعروف بوسامته شاباً قبيح المنظر ثم عجوزاً أقبح، كانت التيمة الأساسية لشخصية «فلورينتينو أريثا» في الرواية هي القبح، ربما هذا ما جعله في نظر حبيبته بائساً، وشب وهو يعرف هذا عن نفسه وربما أيضاً كان هذا هو السبب الذي جعله متمسكاً بحبه المستحيل المنتهية قصته منذ البداية، كانت تلك أحد أهم مميزات الفيلم، فبغض النظر عن قدرات «بارديم» التمثيلية وقدرته على تقمص الشخصيات فقد استطاع صناع الفيلم أن يقنعوا المشاهد أنه قبيح، وقد كان الماكياج والرتوش المضافة متقنة جداً، ويمكنك أن ترى هذا الإتقان في مشهد زواج العجوزين في الربع الأخير من الفيلم عندما خلعت «فيرمينا داثا» ثوبها ليبدو جلدها المتهدل ، حتى أنه ليمكنك أن تشم رائحة جلد العجائز عبر الشاشة، يبقى أن ننوه بأغاني الفيلم التي حملها صوت شاكيرا الجميل، فالأغاني التي رافقت رحلة " فلورينتينو" قد تكون أجمل ما في الفيلم، ومن المشاهد المؤثرة في الفيلم، مشهد " النهاية " حيث يريد البطل أن يختلى بحبيبته على المركب الذى يعبر بهما نهرا متدفقا مثل عمرها دون إزعاج من أحد فيضطر للجوء إلى حيلة رفع العلم ( الأسود و الأصفر ) دلالة على وجود وباء الكوليرا مما يدفع الجميع للإبتعاد عن السفينة و ينامان بعدها متقابلان ،النظرة بالنظرة والضحكة بالضحكة واحب بالحب، وبينما تمخر المركب النهرية عباب النهر الذهبى تحت أشعة الشمس، تتبعها الجملة الأخير لبطل الفيلم الذى يجد سعادته فى الحياة " بعد53 سنة و 7 اشهر و 11 يوم وليلة، اصبح قلبي في النهاية راضيا، واكتشفت لفرط سعادتي ان الحياة وليس الموت، هي مالانهاية لها"،
اعتبر بعض النقاد ما فعله فيلم مايك نيويل برواية غابرييل غارسيا ماركيز لا يتعدى محاولة تلخيص أحداثها بعمومية لا تعبأ كثيراً بالتفاصيل الغنية لتجربة العشق والغرام التي تدور حولها الحكاية والمشاعرالرقيقة التي لاحقها داخل نفوس شخصياته، والتي بنى عبرها ماركيز الأجواء السحرية لعمله، وخلق المبررات الدرامية الروحية لأفعال شخوصه ، إن العنصر المفقود الأساسي ، والذي لا يمكن أن يحل محل أي مشهد من أجزاء الفيلم ومن مناظره الخصبة ، هي لغة "الحب في زمن الكوليرا" وهي شريان الحياة. أثناء قراءة الرواية، يمكنك أن تشم رائحة الرائحة الكريهة للمرض والموت فضلاً عن الزهور وخصوصية الحياة في مناخ استوائي. عندها تغلفك الرواية بشعور مخيف، في حين ينكمش الفيلم عند تجسيد خيال غارسيا ماركيز. لأن تركيز الروائي ماركيز كان على الحب في معناه الروحي كعنصر فاعل في بعث الحياة وتجاوز الأزمات، استعمل فيها ماركيز كل اسلحته الابداعية بما فيها ، الروائح والموسيقى والألوان والأشياء وحتى الطبيعة في رسم أقدار شخصياته التي عجز سيناريو (رونالد هارود) في إخراج كل مكوناتها الداخلية لكل شخصية. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها المخرج مايك نويل لتحويل الرواية إلى مشاهد حية، إلا أن غالبية النقاد سجلوا على أن الفيلم كان بعيدا كل البعد عند تحويل تفاصيل الرواية ، التي تبقى إحدى أهم التحف الأدبية في العالم لما تضمنته من أسلوب وقوة في النص الروائي، إلى فيلم يعكس المستوى الفني الراقي للقصة وللمشاهد النصية الراقية التي تعكس المستوى الراقي للروائي غابرييل غارسيا ماركيز، وحتى مشاهد الفيلم الذي بدأ تصويره سنة 2006 بمدينة قرطاجة الإسبانية، بمشاركة ممثلين إسبان كانت بعيدة كل البعد عن السحر والتشويق الذي زرعه ماركيز في نص الرواية، وعجز المخرج مايكل نويل عن تحويله إلى مشاهد بصرية، تعكس حالة المفارقة في حياة الحب والعشق في زمن الكوليرا والحروب الأهلية الدامية، رغم أن صوت موسيقى أمريكا اللاتينية وصوت غناء شاكيرا المميز لمقاطع الفيلم أضفى على الفيلم تلك النكهة اللاتينية المحببة المطعمة بطعم الثورة و الأمل والحياة التى وجد فيها البطل سعادته .


علي المسعود



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم (انفصال نادر وسيمين).. صرخة ينبه فيها المجتمع الإيراني ...
- مأساة أمرأة في مواجهة جريمة دينية مفزعة في فيلم ( فيلومينا) ...
- البحث عن رواية العار الوطني في الفيلم الدنماركي ( أرض الالغا ...
- فيلم-هذه انكلترا- صرخة تحذير عن اخطار التطرف العنصري ضد المه ...
- فيلم -مانديلا: طريق طويل نحو الحرية-، قصة شعب جسدته حياة رجل
- -شجرة الحياة- فيلم يغوص كثيراً في الوجود والحياة
- فيلم- نيرودا -فيلم ينتصر للحرية والإبداع
- الفيلم الكندي -حرائق - فيلماً سينمائياً متمردأ على نيران الط ...
- فيلم “سافرجت”، نابض بالحياة ويؤرخ لحق المرأة في التصويت .
- السينما الشعرية في فيلم المخرج الايراني الراحل عباس كياروستم ...
- فيلم ( حياة الاخرين) : كشف عن تأثير الرقابة البوليسية على ال ...
- -بلاد فارس - (( بيرسيبوليس )) فيلم رسوم متحركة يحكي قصة طفول ...
- محمد حمام --صوتك زى ابتسامة الطفل ف القلب اليسارى
- أطفال صغار يحملون هموم واثقال الكبار في الفيلم الكردي ( زمن ...
- (الاحتجاج الهادئ)، في افلام المخرج الكردي - بهمن قبادي-
- فيلم ( حرب خاصة ) قصة الصحفية ( ماري كولفين ) الجريئة والباح ...
- فيلم (على بوابة الخلود) يعيد الرسام -فنسيت فان كوخ من جديد . ...
- فيلم ( الزوجة ) يناقش فكرة: هل مازال الرجال منحازون بشكل أو ...
- نائب- فيلم أمريكي يعكس السياسية الامريكية وجهل مراكز القرار. ...
- إضاءة جديدة لفيلم ( الفراشة ) ألذي جسد قيم الحرية والاصرار و ...


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - فيلم -الحب فى زمن الكولير- حكاية عن الحب الذي لا نهاية له