أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الحركة الكسيرة الفلسطينية















المزيد.....

الحركة الكسيرة الفلسطينية


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6186 - 2019 / 3 / 29 - 02:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تفاجيء أحداث سجن النقب الصحرواي جميع متابعي آخر التطورات الجارية داخل معتقلات الاحتلال الاسرائيلي، وامعانُ المسؤولين في مصلحة السجون بتنفيذ سياسات الحكومة الاسرائيلية كما أعلنها وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان قبيل انتهاء العام المنصرم.

لقد كان الصدام مع سجّاني الاحتلال متوقعًا، وذلك بعد أن شهدت معظم السجون، على مدار شهور ، عمليات قمعية بحق الأسرى، وصلت في سجون عوفر وريمون والنقب إلى حد الانفلات غير المحتمل وتكرار عمليات تفتيش الأسرى الاستفزازية المذلّة، والمباشرة في وضع أجهزة تشويش الكترونية في تلك السجون على الرغم من تخطيرها على سلامة الأسرى وعلى صحتهم.

يعتبر اعلان لجنة أردان بشأن أوضاع الأسرى الفلسطينيين ومنظومة حقوقهم داخل السجون بمثابة تقويض شامل لواقع معيشي نجحت الحركة الأسيرة الفلسطينية بالوصول إليه وبتثبيته عبر مسيرة كفاح طويلة وصارمة، لامست في بعض محطاتها حدود المعجزات.

لقد أفشل أباء هذه الحركة ما كان الاحتلال يخطط لنيله ويتمنّاه، ونجحوا، بعد أن خاضوا أشرس المعارك ازاء قمع السجانين، بقلب المعادلة رأسًا على عقب؛ ففي حين حاول السجان الإسرائيلي تدجين المقاوم الفلسطيني ومعاملته كمجرم وكارهابي يعيش في ظل القانون الاسرائيلي ومِننهِ، أصرّ هؤلاء المناضلون على أنهم أسرى حرّية وجنود يضحّون في سبيل كنس الاحتلال ولأجل حق شعبهم في الاستقلال وبناء دولته أسوة بباقي شعوب الأرض.

لقد استوعبوا منذ البدايات، وبفطرة المقاومين الأنقياء، أنّ بناء الجماعة هو الضمانة الأكيدة لحماية الأفراد من خبث سجانيهم، والوسيلة الوحيدة لصدّ سياسات المحتلين الجدد، فأشدّ ما كان ذاك المحتلّ بحاجة إليه، وهو ما زال منتشيًا بسكرات نصره المظفّر ، هو ضفره بأرواح الفلسطينيين والتحكم فيها وراء القضبان، وابقاؤها تائهة كفرائس للخيبة وللهزيمة ولفقدان الأمل .

كانت السجون تستقبل أعداد المقاومين ببرودة الموت وكان هؤلاء يدخلونها قوافل تسير على دروب المجد والعزّة ؛ يجيئون فرادى و"خلايا" فيأتلفون، رغم فحمة الزنازين، زرافاتٍ وأجيالًا من البنّائين الأتقياء شيّدت أرواحُهم، على طريق النور والفَراش، ما صار يعرف في تاريخ الكرامة البشرية باسم "الحركة الأسيرة الفلسطينية".

لم يكن قرار الحكومة الاسرائيلية المذكور مجرد نزوة عابرة، ولا يمكن لأيّة جهة فلسطينية احتسابه كردّة فعل تأديبية ضد أي فصيل أو مجموعة من الأسرى جراء قيامها أو عدم قيامها بفعل ما ؛ فحكومة نتنياهو تعيش حالة من الاقتناع الذاتي بأنها باتت أقرب من مسافة قدم عن القضاء على مشروع التحرر الوطني الفلسطيني؛ فالضفة المحتلة جُزّئت إلى كانتونات يعيش معظم سكانها مع واقعهم الجديد بسلام وباكتفاء وبقبول ظاهرين، في حين تمضي غزة، بخطى واثقة ودعاء، نحو مجهولها المعروف على ضفة الحلم الثانية، وذلك بعد أن شاخت منظمة التحرير وتحوّلت إلى قوقعة تحاول جاهدة أن تحمي من يعتاشون على أثدائها.

هنا في بقعة هذه العتمة يجب أن نفتش عن الغاية الإسرائيلية الحقيقية القابعة وراء هذه الهجمة الشرسة على الأسرى الفلسطينيين، ووراء مخططات تجريدهم من جميع مستحقاتهم ومن حقوقهم المكتسبة وضرب وحدتهم، واعادتهم إلى مربع الصراع الأول حيث سيصر السجان على التعامل معهم كجناة وكإرهابيين وكأفراد لا يعترف بوجودهم الجمعي ولا بكونهم أبناء لحركة عريقة تجمعهم تحت جناحها.

لم تأتِ المحاولات الإسرائيلية الحالية من فراغ، فلقد استشعر القائمون على إعداد خطة سحق "الحركة الاسيرة الفلسطينية" بروز عدد من المحفزات والشروط التي وُظفت واستُغلّت في سبيل تسهيل المهمة المذكورة.

لن أعدّد تلك العوامل، فلقد تناولتها مرارًا، لكنني سأؤكد على أن الانقسام بين غزة والضفة، بين فتح وبين حماس، كان أخطرها وأقواها على الاطلاق، خاصة بعد أن "استوردت" قيادات الحركة الأسيرة مضامين ذلك الانقسام وقبلت به واقعًا يحدّد هوامش معيشتها داخل السجون. لقد غيّر هذا الانقسام أبجديات الصمود الفلسطيني؛ ونسف، عمليًا، ميراثًا نضاليًا ذهبيًا ما زال نثاره يتطاير على جهات الريح، ونحن نرقب ذلك بحسرة وبوجع وبخيية.

يعيش الأسرى الفلسطينيون، في هذه الأيام، حالة من الاحتقان الخطير، وهم مهدّدون بشكل حقيقي بتنفيذ عمليات انتقامية ضدهم، فالترويج الرسمي لما حصل في سجن النقب مؤخرًا، ووصفه بعملية ارهابية نفذها مجموعة من الأسرى، يشي بما يبيّته السجّان؛ ويعكس نقل مهمة التحقيق في تفاصيل ما حدث إلى وحدة الجرائم الخطيرة في شرطة اسرائيل، طبيعة النوايا الحقيقية المبيّتة ضد من اشتُبهوا كمشاركين في الاعتداءات على السجانين ومن سيقف أو سيتضامن معهم.

لقد استغلت الأحزاب اليمينية كلها حادثة سجن النقب وحرّضت على جميع الأسرى وعلى تنظيماتهم وعلى القيادة الفلسطينية المتهمة بدعم هؤلاء "الارهابيين" وبتشجيعهم ؛ ومن المنتظر أن تستأنف الحكومة الجديدة، بعد انتخابات الكنيست المقبلة، ما بدأته حكومة نتنياهو وأردان. ولن يمضي وقت كبير حتى نشهد حملات "ثأر" غير مسبوقة ستستهدف تفتيت أواصر الحركة الأسيرة وذلك كخطوة تمهيدية ضرورية، ستتبعها عملية "السحق النهائية"، التي ستضمن، كما يخطط منفّذوها، ابقاء ألاف الأسرى ككائنات بائسة تسعى وراء جوعها وتنام على أهدابها وتستأنس"بساعة الشمس" الحزينة.

لا أعرف على ماذا يراهن أسرى هذا العصر الرمادي، خاصة أسرى "فتح" و"حماس" ؛ فأوضاع الوطن، بشكل عام، مأساوية، ومدد الأشقاء لا يتعدى كونه أمنية لا يعوَّل عليها، والشعب منهك منهمك، ينطنط من خيمة للتضامن إلى سرادق عزاء ومنه إلى مسيرة متعبة.



أنتم أبناء "الحركة الأسيرة" فلا تقبلوا أن تصيروا أبناء "الحركة الكسيرة". وحدكم في بطن الحوت. قد تسمعون ذبذبات حجر هنا ونواح حنجرة هناك، لكن لا تراهنوا على خز الوتر ولا على اشتعال الحنين في القصب، فإمّا أن تهدموا أسوار الفُرقة وتغادروا "مواكير" التحزّب وتستعدّوا لمعركة الكرامة المقبلة، وإمّا أن تهِنوا آحادا وتتكسّروا أحزابا.

قريبًا ، وبعد أن ينقشع دخان الانتخابات المقبلة، سيضطرم جمر الحكومة الجديدة مجددا، وستلعلع نارها، فلا تراهنوا على أحبال سرركم البالية. زنازينكم أوطانكم ونحن عشاق السراب وأبناء المنافي. ليس مثلكم من يعرف قراءة أبجديات الدم ومن يجيد تفكيك الطلاسم؛ فلا تجازفوا بالقوافي، بل قفوا وحطّموا مراياكم، فلطالما مات الجنود، من قبلكم، وفازت "المسارح" والشاشات بالمراسيم وبالعلا وبجنى المواسم.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرتان والطريق الى النجاة
- لا تتركوا الصناديق وخيدة
- الانتخابات، هواجس من اجازة مرضية
- القائمة المشتركة، بقايا نيزك
- أوقاف القدس في رعاية ملكية وحماية رئاسية
- القائمة المشتركة، نهاية مغامرة
- القائمة المشتركة: الحزب في مواجهة - النجم-
- ويكفي الناخب شر تجربة واحدة
- بين مسيح حيفا وعذراء فاطمة
- هل تطلّق القائمة المشتركة النائب أحمد الطيبي
- هل ينجح الوزير اردان بتوحيد اسرى فلسطين؟
- رسالة الى محمد صلاح
- خواطر جليلية من - الراين-
- قتل النساء وأزمة الهوية
- شرف العربي معلق على خاصرة وردة
- فتشوا عن - المشترك- وليس عن -المشتركة-
- اتركونا نحن العرب في اسرائيل لنحيا
- ياسر عرفات .. ذكرى
- انتخابات المجالس المحلية:ماذا قالت الجماهير العربية في اسرائ ...
- القدس بين سلطان ودير


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الحركة الكسيرة الفلسطينية