أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 4














المزيد.....

الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6130 - 2019 / 1 / 30 - 17:58
المحور: الادب والفن
    


كذلك كان في خلال بضعة أشهر، أعقبت احتفاله بالعام الجديد، المدشن عقد الثمانينات، الكئيب. إلى أن رأى نفسه ذات يوم في الرانج روفر، وكان متجهاً من مقر شغله إلى لقاء أصدقاء في ‘ بار 68 ‘؛ وهوَ المقصف، الذي سبقَ أن امتلكه في مستهل أعماله التجارية بالمدينة الحمراء، ثم باعه لأحد المستثمرين من أجل جمع المال الكافي للبدء بتشييد الإقامة الفندقية، الفخمة. السيارة، كانت إذاً تشق طريقها بين زحام الطريق المتصل بين باب دُكالة وغيليز، عابرة عشرات الوجوه، المتجهمة والمشرقة على حدّ سواء. كان النهارُ حاراً، مع أن الوقت بداية الربيع، فطلب من السائق أن يشغل المكيّف. قبل دقائق، كان قد أمره بوقف المكيف على أثر جلاء الرائحة الكريهة، المنبعثة من القمامة المتراكمة في جرف وادي إيسيل. ثم استدارت السيارة عند منعطف الشارع، المحاذي للحديقة الحاملة اسم مواطنه، " ماجوريل "، المنهمرة على أسوارها شلالات عرائش المجنونة بألوان أوراقها الفاتنة، المسحورة. هنالك، على الرصيف المظلل بأشجار النخيل، لفتت إحداهن نظرَه. كانت فتاة ذات حُسن محليّ، على الرغم من شعرها الأشقر الطبيعيّ، ترافقها امرأة مسنّة نوعاً.
" أنتَ تقضي جلّ النهار في وظيفتك، ثمة في الحميدية. ألم يصلك خبرٌ ما عن الفتاة تلك، الشريفة؟ "، سأل السائقَ بنبرة تتكلّف قلة الاكتراث. التفت إليه الرجل في لمحة، قبل أن يجيبَ: " لا، يبدو أنها لا تقيم في منزل أسرتها.. أو ربما تكون مسافرة لمدينتهم الأولى، الصويرة "
" ها أنتَ على معرفة، أيضاً، بمدينتهم الأولى؟ "، عاد يسأل ولو في شيء من الارتياب. إذ لحظ ما اعترى مستخدمه من ارتباك، لدى تلقيه السؤال الأول، وكما لو أنه أُخذَ به على غرّة. ولكن " سيمو "، وكان على جانب كبير من المكر والدهاء، ردّ هذه المرة بضحكة مجلجلة: " وأنا على معرفة كذلك بأمرٍ سيدهشك، كما أظن؛ وهوَ أن أمها حاملٌ في شهورها الأخيرة "، قالها وما فتأ يقهقه.

***
" مسيو غوستاف "، كان على غير مألوف مسلك معظم المستثمرين النصارى، ممن يضعون جداراً صلباً من التحفظ بينهم وبين مرؤوسيهم.. بله أن يكون المخدوم مثل " سيمو " هذا؛ المتعهد عدة أعمال في الإقامة الفندقية غير كونه سائقاً. أهم تلك الأعمال، البحث عن فتيات ( وأحياناً غلمان! ) يكن على موهبة بإمتاع ضيوف معلّمه سواء بالرقص أو المؤانسة. إلى ذلك، كان ينتقي بعضهن لمتعة المعلم الشخصية، غير السوية. ذات مرة، سأل الملكُ سليمان هدهدَهُ، القائم بمقام القوّاد، عن كيفية تمكنه إقناع تلك الفتيات بقبول ممارسة تعد محرمة دينياً علاوة على ما فيها من انتهاك للكرامة.
فقال ببساطته المألوفة: " ثمة أبواب كثيرة لجر فتاة غرة إلى المطلوب، وقد أثبتت تجارب بعضها أنها ناجعة. مثلاً، قلتُ لإحداهن أنها حينَ تشعر بألم في دبرها وتريد أن تطلب استشارة طبيب؛ فماذا يفعل هذا: إنه يطلب من الممرضة تعرية كفلكِ، ومن ثم يبدأ بإدخال إصبعه الوسطى في الكهف المقدس بحجة تحسس ما لو كانت هنالك دمامل كي يستنتج أن الأمر يتعلق بالبواسير. هذا، على الرغم من حقيقة أن دمامل البواسير تكون ظاهرة للعين المجردة. هكذا وبينما الممرضة تلهيكِ بالكلام، يكون معلمها في غاية الاستمتاع فيما يستمني نفسه باليد اليسرى! ".

***
" الشريفة "، كان من الممكن أن تغدوَ واحدة من هاته الفتيات، اللواتي دفعتهن الحاجة إلى بيع أجسادهن في سوق الرقيق. ولكنها، بالرغم من كون أسرتها فقيرة حدّ البؤس، قاومت التيارَ مستخدمة ذكاءها. وفي الوسع التقكير، فوق ذلك، بما في عروقها من دم المكر والدهاء. ليسَ جمالها من ذاك النوع النادر، المقدّر له استعباد الرجال واحداً بأثر الآخر. وإنما هيَ طبيعتها، المتسمة بالبساطة الآسرة، الخالية من التكلّف والمداهنة، فضلاً عن تعاليها عن استجداء أيّ منفعة أو حتى مجرد هدية عادية. ولا ريبَ أنها ذات نفسية مركّبة، طالما أن المرء يذكر كيفَ أدت دوراً إجرامياً في مسألة موت حاميتها، " مدام هيلين "، بهدف ضمان تنفيذ الوصية المتعلقة بنقل ملكية منزل الضاحية.
في أحد لقاءاته بالفتاة قبيل اختفائها، وكانت علاقتهما السرية آنذاك قد فترت نوعاً، تطرق إلى موضوع الوصية. وإذا عشيقته الصغيرة، تجيبه كالعادة بكلام يتجاوز عُمرها: " تلك النصرانية، لم تنجب للمسيو أطفالاً. فالمنزل كان من حقي أنا، لأنني الوارثة الوحيدة! "
" كانت مدام هيلين طيبة، وتعدك كابنتها، ومع ذلك لم تلقَ منك سوى الجحود والحقد "، قالها بأسلوب مستفز كي يرى ردة فعلها. لم تبادر للرد فوراً، كما توقع. رمقته بنظرة باردة، خليقة بأفعى مرعبة، قبل أن تجيب: " لم تكن مدام هيلين كذلك، إلا بعد تحولها للإسلام بفضل والدتي.. "
" بهذه الحالة، فإنك تعتبرينني طيباً كوني صرتُ بدَوري مسلماً؟ "، قالها مقاطعاً وما انفكّ يبغي إثارتها. إلا أنها أكملت كلامها، كأنما لم تسمعه: " بعدئذٍ تقربت المدام من الخالق بوساطة تلك الوصية، فأعادت إليّ جزءاً من حقي "
" لو أن مسيو جاك والدك فعلاً، مثلما تتوهمين، لكان من الطبيعي أن تنتقل أملاكه لك بعد وفاته؟ "
" إنه شخصٌ شرير، أنانيّ، لا يفكّر سوى بنفسه. وأظنه سيكتبُ أخيراً أملاكه لدور الأيتام والعجزة، دونما أن يحسب حساباً لقريب أو صديق "
" كأنكِ كنتِ تتحدثين عن نفسك، لما قلت مرةً على لسان شخصٍ آخر، أنّ مسيو جاك كان يضاجع امرأته كأنها غلام؟ "، قذف سؤاله وهوَ يرتد بجسده إلى وراء مثلما يفعل جنديّ حينَ يرمي قنبلة يدوية. وكان توقعه بمحله، هذه المرة. إذ انقضت عليه، فجأة، مثل النمر، لتنشب أظافرها بصدره العاري.
" أيها الكَاوري، الملعون..! "، نطقتها وكانت في غاية الغضب. دفعها عنه، متألماً، حتى كاد يلقيها من على السرير. خاطبها دونما وعي، فيما كان يتحسس آثار أظافرها على لحمه: " تباً لكِ من يهودية، مسعورة ".
على الأثر، طفق ساعة كاملة يخفف عنها ويلاطفها، بسبب نوبة بكاء هستيرية دهمتها، بينما كانت تكرر من حين لآخر: " لستُ ابنة زكرياء، لستُ ابنة ذلك اليهوديّ.. إنني ابنة مسيو جاك؛ إنني فرنسية مثلك.. ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 3
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 2
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 1
- المزحة
- تورغينيف وعصره: القسم الأخير
- الصراطُ متساقطاً: بقية فصل الختام
- الصراطُ متساقطاً: تتمة فصل الختام
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 14
- عصيرُ الحصرم ( سيرة أُخرى ): 71
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 13
- الشرفة
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 12
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 11
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 10
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 9
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 8
- إحسان عبد القدوس؛ الصورة النمطية للكاتب/ 2
- إحسان عبد القدوس؛ الصورة النمطية للكاتب
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 7
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 6


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 4