أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - قتلنا الفرعون.. اهرب بارك الله فيك!














المزيد.....

قتلنا الفرعون.. اهرب بارك الله فيك!


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 6071 - 2018 / 12 / 2 - 14:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عنوان المقال هو آخر ما سمعه أنور السادات وهو ينازع على أرض المنصة في العرض العسكري سنة 1981. وهي عبارة قالها المجرم خالد الاسلامبولي وهو يكاد يطير من الفرح للمجرم عطا طايل، وهما يتراجعان من امام منصة العرض الرئيسية، بعدما بدأ الحرس الخاص للرئيس بإطلاق النارعلى القتلة.
العبارة المتناقضة التي تحمل التشفي وانفصام شخصية الجهادي حين يمزج بين الإغتيال وبركة الله، تتوافق تماما مع ما كان يعتقده الاسلامبولي عن كل من يخالف عقيدة الجهاديين كافة ومشروعية قتلهم، والمرجح انه كان يحفّز بها نفسه طوال الكيلومترين من نقطة انطلاق قافلة المشاركين في العرض العسكري إلى منصة الرئيس والضيوف، وقد ترجم الاسلامبولي بإيجاز غير مخل عقيدته أيضا حين رفع عقيرته لحظة خروجه من باب الشاحنة التي تقطر المدفع، ووقف هو يتوعد الرئيس "المؤمن" الذي جعل الشريعة الإسلامية في البند الثاني في دستور مصر العلماني وصرخ فيه من على بعد عشرين مترا: يا فرعون.. يا كافر .. يا ابن الكلب".
من الصدف الغريبة أن يقتبس أحمد سمير، مذيع التلفزيون المصري الذي كان ينقل العرض العسكري مباشرة، من سورة الكهف آية "فتية آمنوا بربهم" ليصف جنود الجيش المصري، في اللحظة التي كان يغادر فيها الاسلامبولي كابينة الشاحنة ليغتال رئيساً كانت شخصيته تمثل سيناريو تناقضات ألادبيات الإبراهيمية، ونهايته تمثل من يريد أن يرفع شأن الاسلام ولا يتنازل عن السلطة للمستفيدين من الاسلام سياسيا. وهي النهاية نفسها التي إبتعلت اغتيالا الرئيس الباكستاني ضياء الحق والملك فيصل والرئيس القذافي الذي اغتصبوه قبل إغتياله، رغم انه حاول رشوة ليونيد برجنيف بملياري دولار نقدا ليعتنق الاسلام وكان يسعي لأسلمة أوروبا ويبشر بها علنا وخلف الابواب المغلقة.
كُتب الكثير عن أنور السادات، الذي تمر مائة سنة على ميلاده في كانون الاول هذه السنة، لكن ما كُتب لم يحاول إزاحة الطبقات التاريخية التي كانت تغطي فرعونيته الأصيلة، وقد حاول السادات صدقا أو كذبا "البحث عن الذات" في كتاب عنوانه الكلمات نفسها، فأعماه الدين/الكينونة* عن جذوره، رغم انه كان من رجال انقلاب 1952 الذين لم ينضموا بتاتا إلى الاخوان المسلمين، وبلغ خوفه من مواجهة حقائق جذور تاريخه أشده حين قاده إلى إزدواجية لقبّي "آخر فراعنة مصر" التي كان يقولها صراحة عن نفسه، و"الرئيس المؤمن" التي أوحى بها إلى الاعلام ليطلقها عليه.
وهي الازدواجية نفسها التي جعلت "فقهاء السلطان" يؤيدوه بما في القرآن من آيات منسوخة، خصوصا بعد زيارة إسرائيل، في الوقت الذي لعنه فيه "فقهاء الجهاد" المتمسكين بالنص الناسخ وليس المنسوخ، وهي إزدواجية النص تبعاً لظروف مكة والمدينة منذ 1440 عاما التي تسبب حالة الانفصام الشخصي العميق بسبب عدم التوافق بين ظروف "الآيات السياسية" آنذاك واليوم، وكان نتيجتها مصيبة على الإنسانية لأنها وأدت ثقافات ولغات منطقة الشرق الاوسط تحت سنابك الخيول وسياسة الغزو والسلب والرق، وستسبب في مواجهة لا يعرف أحد نهايتها بين الحداثة والعلمانية ومفاهيمهما، وبين الذين يصنفونهما زندقة.
كان أنور السادات أشهر مثال على ازدواجية الشخصية البحر متوسطية منذ أن تلاشت ملامحها بسبب إيديولوحية القمع، لكن تجلياتها تظهر احيانا عند من يبدؤون التفكير، والبحث بصدق عن الذات، وهم نجوم العلمانية اليوم الذين وهبهم الفضاء السيبراني مساحة أمل لينوروا الناس ويحرروهم.
من أشهر ازدواجيات شخصية السادات السعي إلى عقد صلح مع إسرائيل والتوجس من مسيحيي مصر الذين وقع البطش عليهم وصبغ سلكوكهم بالاستكانة.. التفكير في مُجمَّع يضم الاديان الإبراهيمية في سيناء والتفرغ لإدراته بعد إعتزال السياسة وقوله في خطاب في آيار سنة 1980 "انا رئيس مسلم لدولة إسلامية يقطنها بعض الاقباط".. إقحام شريعة فيها خمسة حدود مقتبسة كما هي من الادبيات الصحراوية في دستور دولة علمانية سنة 1972.. السخرية من الخوميني لأنه يبني دولة إسلامية وقوله حين استفحلت المواجهة بينه وبين المستفيدين من الاسلام سياسيا: "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين".
كُتب الكثير عن أنور السادات والكلمة الموجزة هنا ليست لترديد ما قيل أو تحليل سياساته بمناسبة مئوية ميلاده، بل للتركيز المكثف حول فكرة بحثه عن ذاته التي لم تكتمل، أو اكتملت وخشى إزاحة أتربة تاريخية عنها حجبت رؤيته كإنسان مصري صميم عن الواقع والمستقبل كما هما، فخرج سَفّاح من أتفه وأضعف صفحات التاريخ وأكثرها عدوانية وظلامية ليقول له في آخر لحظات حياته: "يا كافر يا فرعون يا ابن الكلب".
العبارة المقتضبة لم تكن موجهة لأنور السادات فقط بل لكل من كان في المنصة، وهي ضمنا موجهة لكل إنسان حداثي علماني مع تغيير طفيف بإحلال كلمة أشوري أو سرياني أو بريطاني مثلا بدلا من فرعون، وبالنتيجة كل من لا ينتمون إلى هذه الايديولوجية كفّار وأولاد كلب امام هذه اللاإنسانية التي بدأت تسيطر وتنتشر بسبب اموال النفط وتتهم العالم بأنه مصاب بفوبيا منها، ويصفون من يقاومها بأنه شعبوي.
من المعروف أن أنور السادات ولد في الخامس والعشرين من كانون أول سنة 1918، لكن بسبب الإيديولوجية إياها تجد عند بعض من يكتبون عنه انه مولود في 20 من كانون أول سنة 1918. تزوير واضح مقصود في التاريخ المكتوب فما بالك بما قيل شفاهة قبل ولادة الكافر يوهان غوتنبرغ.

*الدين/الكينونة مصطلح يعني أن الدين هو القابض على كل شيء، فهو الانتماء والهوية والثقافة والفن والايمان والسياسة والسلوك الاجتماعي والصحة ووصفة الطعام والعلاقة الجنسية، وكل ما يقع خارج سطوره لا يعتد به حتى الحقائق والوقائع والقوانين والدول والعِلم والتاريخ والمستقبل والجغرافيا.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التستر على القاتل نفاقاً
- حرب نصف الألفية الاولى
- رسالة إلى حامد عبد الصمد
- ما المانع أن يكون مسلماً كاهنا؟!
- الملاك الذي طار من البلكون
- كتاب -امام العرش مرة أخرى-
- الخطر ليس في تآكل الديموقراطية بل زوال التنوير
- نظرية الثقب الاسود الدينية
- مانديلا: وقائع وراء الاسطورة
- العقوبات بأثر رجعي ومفعول ابدي
- الدعوات لم تشفع لخير الفرق
- -عوالم خفية- وراء صناعة الفساد
- ولهم في علمانية أوروبا مآرب أخرى
- إقامة جهادي وترانزيت طفل
- دموع محي إسماعيل
- مطربة ورسالة وبتر ثقافي
- ساعة محمد رشدي وربابته
- مستقبل مملكة ومصير قارة
- قدِّس اسطورتك واحترم اساطير الاخرين
- اليوم العالمي للمواطنة


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - قتلنا الفرعون.. اهرب بارك الله فيك!